المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٨

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(25) كتاب الآداب

- ‌1 - باب السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الاستئذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب المصافحة والمعانقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب القيام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب العطاس والتثاؤب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب الضحك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الأسامي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب البيان والشعر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الوعد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب المزاح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌13 - باب المفاخرة والعصبية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب البر والصلة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الحب في اللَّه ومن اللَّه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب ما ينهى عنه من التهاجر والتقاطع واتباع العورات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الحذر والتأني فى الأمور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب الظلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(26) كتاب الرقاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب فضل الفقراء وما كان من عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْل الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الأمل والحرص

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب التوكل والصبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الرياء والسمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب البكاء والخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب تغير الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الإنذار والتحذير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(27) كتاب الفتن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الملاحم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب أشراط الساعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب قصة ابن صياد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌5 - باب نزول عيسى عليه السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب قرب الساعة وأن من مات فقد قامت قيامته

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

5339 -

[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 6637].

5340 -

[2] وَعَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ الأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَاللَّهِ لَا أَدْرِي وَاللَّهِ لَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 1243].

ــ

الفصل الأول

5339 -

[1](أبو هريرة) قوله: (لو تعلمون ما أعلم) من أحوال القيامة وأهوالها، وحقيقة المبدأ والمعاد، وصفات الباري تعالى ما يورث الخوف والهيبة، فيعرض من أجل ذلك غم على قلبه الشريف لأجل الأمة، وهذا حث منه صلى الله عليه وسلم للأمة على كثرة البكاء واستحضار ما يورثه من خوف اللَّه وخشيته، واستشعار عظمته وهيبته تعالى، والاجتناب عن الضحك، فإنه دأب الجاهلين الغافلين عما ذكر وإن كان رجاء العفو والمغفرة أيضًا متصورًا في الجملة.

5340 -

[2](أم العلاء الأنصارية) قوله: (واللَّه لا أدري واللَّه لا أدري وأنا رسول اللَّه ما يفعل بي ولا بكم) قيل: مورد الحديث أنه لما مات عثمان بن مظعون، وهو أول من مات من المهاجرين بالمدينة، فحضر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم موته، وقبل بين عينيه، فقالت امرأة: هنيئًا لك الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم هذا القول زجرًا لها على سوء الأدب بالحكم على الغيب والجزم به، فكان خلاصة المقصود الكناية عن عدم التصريح بعلم الغيب تأدّبًا، أو مراده صلى الله عليه وسلم بنفي الدراية ليس ترددًا في عاقبة أمره؛ فإنه منفي

ص: 539

5341 -

[3] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، فَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ لَهَا رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا،

ــ

بالدلائل القطعية، وإنما المراد الدراية التفصيلية، إذ لا علم له بالغيب إلا بتعليم اللَّه تعالى، وقيل: لا أدري أموت أو أقتل، وقيل: هو في الأمور الدنياوية، وقيل: هو إشارة إلى فتح مكة وعزته عند اللَّه وهوان المشركين فيه، وهو لا يلائم المورد على ما قيل، وقيل: قاله قبل نزول قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} [الفتح: 2]، وهو الأظهر.

5341 -

[3](جابر) قوله: (خشاش الأرض) الخشاش بالكسر: ما لا دماغ له من دواب الأرض، ومن الطير، مثلثة: حشرات الأرض، والعصافير ونحوها، كذا في (القاموس)(1)، وفي (الصراح) (2): خشاش حشرات زمين، وبالفتح أيضًا خشاشة مكي، وفي (مجمع البحار) (3) عن (النهاية): خشاش الأرض، أي: هوامها وحشراتها، وروي (خشيشها) بمعناه، ويروى بحاء مهملة، وهو يابس النبات، وهو وهم، وقيل: إنما هو خشيش مصغر خشاش على الحذف، أو خشيش بتشديد الياء وبتركه، وعن النووي: فتح خاء (خشاش) أشهر الثلاثة، وإعجامه أصوب، وهي الهوام، وقيل: ضعاف الطير، وقال الكرماني: في الحديث أن بعضهم معذب في جهنم اليوم، انتهى. ويمكن أنه صلى الله عليه وسلم كوشف وأريت له الأحوال الآتية وتمثلت، واللَّه أعلم.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 532).

(2)

"الصراح"(ص: 257).

(3)

"مجمع بحار الأنوار"(2/ 40).

ص: 540

وَرَأَيْت عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 904].

5342 -

[4] وَعَنْ زينَبَ بْنَتِ جَحْشٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ يَوْمًا فَزِعًا يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،

ــ

وقوله: (عمرو بن عامر) وفي بعض الروايات عمرو بن لحيٍّ، ولعلهما واحد، أحدهما أبوه والآخر جده، كذا قيل.

وقوله: (يجر قصبه) بالضم وسكون الصاد المهملة: المعى، كذا في (القاموس)(1)، واختلف أنه اسم للأمعاء كلها أو لما كان أسفل البطن من الأمعاء.

وقوله: (وكان أول من سيب السوائب) أي: وضع تحريمها، والسائبة: الناقة يدرك [نتاج] نتاجها فتسيب، أي: تهمل وتترك ولا تركب، وكانت تسيب في الجاهلية لنذر ونحوه، أو كانت إذا ولدت عشرة أبطن على التوالي كلهن أناث سيبت، أو كان الرجل إذا قدم من سفر بعيد أو برئ من مرض أو نجت دابته من مشقة أو جرب قال: هي سائبة، أو كان ينزع من ظهرها فقارة أو عظمًا، وكانت لا تُمنع من ماء أو كلأ، ولا تركب ولا تحلب، وكان ذلك تقربًا منهم إلى أصنامهم، وكان أول من فعل هذا عمرو المذكور، والسائب: العبد الذي يعتق ويترك ولا يكون للمعتق ولاء، ويقال: إن عمرًا أول من سن عبادة الأصنام بمكة وحمل أهلها بالتقرب إليها.

5342 -

[4](زينب بنت جحش) قوله: (فزعًا) يروى بكسر الزاي، أي: خائفًا، وقال النووي: وجوز فتحها أيضًا، أي: خوفًا.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 116).

ص: 541

وَيلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمٍ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ" وَحَلَّقَ بِأُصْبَعَيْهِ: الإِبْهَامَ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنُهْلَكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: "نَعَمْ إِذا كثُرَ الخَبَثُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3346، م: 2880].

ــ

وقوله: (ويل للعرب من شر قد اقترب) أي: قرب خروج جيش يقاتل العرب، قيل: أراد به الفتن الواقعة في العرب أولها قتل عثمان رضي الله عنه واستمرت إلى الآن، وقيل: كثرة الفتوح والأموال والتنافس فيها، ثم التنافس في الإمارة، كذا قال الشيخ ابن حجر (1).

وقوله: (ردم يأجوج ومأجوج) بفتح الراء، ردم الباب والثلمة يردمه: سدّه كله أو بعضه، أو هو أكثر من السد، وخص العرب لأن معظم شرهم راجع إليهم، أو أنه صلى الله عليه وسلم أعلم أن تلك الثقبة علامة ظهور الفتن في العرب، وقيل: إن المراد من يأجوج ومأجوج في هذا الحديث هو الترك، وقد أهلكوا المعتصم باللَّه، وجرى منهم ببغداد وسائر بلاد الإسلام ما جرى. وقيل: المراد أنه لم يكن في ذلك الردم ثقبة إلى اليوم، وقد انفتحت فيه، وانفتاحها من علامات قرب الساعة، فإذا اتسعت خرجوا، وذلك بعد خروج الدجال، كذا في (الحواشي).

وقوله: (وحلق بأصبعيه) تمثيلًا لبيان مقدار ثقبة الردم.

وقوله: (أفنهلك) بلفظ المضارع المتكلم مع الغير، من الهلاك معلومًا ومجهولًا، والأول أقوى وأشهر.

وقوله: (الخبث) بضم الخاء وسكون الباء، أي: الفسق والفجور، وفي بعض

(1)"فتح الباري"(13/ 107).

ص: 542

5343 -

[5] وَعَنْ أَبِي عَامِرٍ أَوْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ. . . . .

ــ

النسخ بفتحتين كذا فسره الجمهور، وقيل: الزنا، وقيل: أولاده، والظاهر أنه المعاصي مطلقًا، أي: إذا كثر فقد يحصل الهلاك، لكنه طهارة للمطيعين عن الذنوب، فإن قلت: لم لا يعكس، فإن الأبرار لا يشقى جليسهم؟ قلت: ذلك في القليل، وإذا غلب الخبث يغلبهم، كذا في (مجمع البحار)(1) عن الكرماني.

5343 -

[5](أبو عامر) قوله: (أبي عامر أو أبي مالك الأشعري): (أبو عامر) عم أبي موسى الأشعري، واسمه عبيد بن وهب، وقيل: ابن سليم الأشعري، كان من كبار الصحابة، قتل يوم حنين أميرًا على طلب أوطاس، فلما أخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقتله رفع يديه يدعو له أن يجعله فوق كثير من خلقه، روى عنه ابنه عامر وأبو موسى الأشعري.

و(أبو مالك الأشعري)، ويقال الأشجعي، اسمه مختلف، وهو كعب بن عاصم على المشهور المختار، وقيل: اسمه عبد اللَّه، وقيل: عمرو، وقيل: عبيد، مات في خلافة عمر بن الخطاب، وأخرج البخاري حديثه بالشك، فقال: عن أبي مالك الأشعري أو عن أبي عامر، قال ابن المديني: والأول هو الصواب، كذا في (جامع الأصول)(2).

وقوله: (يستحلون الخز) في (القاموس)(3): الخز من الثياب معروف، والجمع

(1)"مجمع بحار الأنوار"(2/ 4).

(2)

"جامع الأصول"(12/ 812).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 459).

ص: 543

وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ. . . . .

ــ

خزوز، وفي (مجمع البحار) (1): كان الخز أولًا ثيابًا تنسج من صوف وإبريشم، وهي مباحة، وقد لبسها الصحابة والتابعون، فيكون النهي عنها لأجل التشبه بالعجم وزي المترفين، وإن أريد بالخز ما هو المعروف الآن فهو حرام؛ لأن جميعه من إبريشم، وعليه يحمل حديث:(يستحلون الخز والحرير)، ولم يكن في عصره صلى الله عليه وسلم، فهو معجزة للإخبار بالغيب، انتهى.

وعلى هذا يكون عطف الحرير عليه من باب التعميم بعد التخصيص.

و(المعازف) الملاهي، كالعود والطنبور، والواحد عزف أو مغزف كمنبر، والعازف: اللاعب بها والمغني، سمي به لأنه تعزف به الجن، والعزف والعزيف: صوت الجن، وهو جرس يسمع في المفاوز بالليل، وعزف الرياح: أصواتها، كذا في (القاموس)(2)، وفي (مجمع البحار) (3) عن (النهاية): كانت الجن تعزف الليل كله بين الصفا والمروة، وعزيف الجن: جرس أصواتها، وقيل: هو صوت يسمع بالليل كالطبل، وقيل: إنه صوت الرياح في الجو فتوهمه أهل البادية صوت الجن، وعزيف الرياح: ما يسمع من دويها.

وقوله: (ولينزلن أقوام. . . إلخ)، هذا خبر آخر بوقوع العذاب من الإهلاك والمسخ في أمته من جهة منعهم السائل وذا الحاجة، ودفعهم إياه بالمطل والتسويف في قضاء حاجاته والاستهزاء به، وكذبهم وخلف وعدهم مع وفور الثروة وظهورها،

(1)"مجمع بحار الأنوار"(2/ 34).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 753).

(3)

"مجمع بحار الأنوار"(3/ 587).

ص: 544

يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ رَجُلٌ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ. . . . .

ــ

وشرحه: (لينزلن أقوام إلى جنب علم) أي: يكون منزلهم ومقامهم عند جبل، والتعبير عنه بالعلم إيذان بأن المكان مشهور معلوم يقصده ذوو الحاجات، فيكون تخييبهم أشد وأقبح.

وقوله: (يروح عليهم بسارحة لهم) قيل: سقط من صاحب (المصابيح) فاعل (يروح)، وقد وجد في الروايات، أي: يدخل وقت الرواح الذي هو وقت مجيء المواشي ملأى البطون حافلة الضروع رجل بسارحة لهم تسرح، والسارحة والسارح والسرح: الماشية تطلق لترعى، كما قال تعالى:{وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل: 6]، فسقط (رجل) وهو فاعل (يروح)، وهو الراعي، وقيل: الفاعل ضمير رجل مفهوم من السياق، أي: يأتيهم راعيهم، وقيل: الباء في (بسارحة) زائدة، وهو الفاعل، وقد تزاد الباء في الفاعل كما قوله:{وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79]، والتذكير للفصل، وقد يروى:(تروح) بالتاء المثناة الفوقانية، و (سارحة) بالرفع بدون الباء كما نقله المؤلف عن الحميدي والخطابي، فتعين القول بزيادة الباء توفيقًا بين الروايتين.

وقوله: (يأتيهم رجل لحاجة) هو السائل يلتمس منهم قوتًا فيمنعونه بالمطل والتسويف.

وقوله: (فيبيتهم اللَّه ويضع العلم) بيان للعذاب النازل عليهم، (يبيتهم) أي: يرسل عليهم العذاب بياتًا، ويضع الجبل على بعضهم حتى يهلكوا فلم يحيى منهم أثر، ومن هنا قيل بسقوط كلمة (عليهم)، ولا حاجة إلى القول بسقوطها بل هي مرادة.

ص: 545

وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ "الْمَصَابِيحِ": "الْحِرَ" بِالْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْخَاءِ وَالزَّاي الْمُعْجَمَتَيْنِ نَصَّ عَلَيْهِ الْحُمَيْدِيُّ وَابْنُ الأَثِيرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ،

ــ

وقوله: (ويمسخ آخرين قردة وخنازير) دل على وقوع المسخ في هذه الأمة على خلاف قول من زعم أن مسخها بقلوبها، كذا قيل، وفيه ما فيه.

وقوله: (إلى يوم القيامة) إما حال من (قردة وخنازير)، أي: باقين على هذه الصورة إلى يوم القيامة، وهذا أقبح وأشنع من موتهم بعد المسخ بعد حين، أو متعلق بالمجموع، أي: يقع هذا التعذيب على معاصيهم إلى يوم القيامة على أقوام بعد أقوام، هذا شرح الحديث وتنقيح ما ذكره الطيبي فيه.

وقوله: (وفي بعض نسخ المصابيح: الحر بالحاء والراء المهملتين) في (القاموس)(1): الحر بكسر الحاء وفتح الراء مع التخفيف: الفرج، والمراد الزنا، أصله حرح حذف الحاء للتخفيف، والدليل على أنه يجمع الحر على أحراح، وقد يجمع على حِرون وينسب بِحِرِيّ، كذا في (القاموس)(2).

وقوله: (وهو تصحيف وإنما هو بالخاء والزاي المعجمتين) قال التُّوربِشْتِي (3): بل الرواية بالخاء والزاي المعجمتين تصحيف، صحفه بعض الرواة من أصحاب الحديث، وذلك رواية من لا يعلم، والجواب أنه قد ذكر الحميدي وابن الأثير في هذا

(1)"القاموس المحيط"(ص: 337).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 197).

(3)

"كتاب الميسر"(3/ 1120).

ص: 546

وَفَي كِتَابِ "الْحُمَيْدِيِّ" عَنِ الْبُخَارِيِّ وَكَذَا فِي "شَرحه" للخطابي: "تَرُوحُ سَارِحَةٌ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ لحِاجَةٍ". [خ: 5590].

5344 -

[6] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 7108، م: 2879].

ــ

الحديث: والحر بالحاء والراء المهملتين إنما هو في حديث آخر غير حديث البخاري، أخرجه أبو داود وغيره، كما ذكره الطيبي (1)، وقد أشار المؤلف إلى ذلك بقوله:(في هذا الحديث).

هذا ولكن قال الشيخ ابن حجر (2): وقع في معظم روايات البخاري بالحاء والراء المهملتين، فعلى هذا يكون كلا الروايتين صحيحة، واللَّه أعلم.

وقوله: (وفي كتاب الحميدي عن البخاري، وكذا في شرحه) أي: شرح البخاري (للخطابي: تروح عليهم سارحة) أي: بالتاء المثناة الفوقية ورفع (سارحة) على أنه فاعل (تروح) كما ذكرنا في شرح الحديث، و (لهم ياتيهم لحاجة) أي: بتقديم قوله: لحاجة على رجل أو بدون ذكر رجل، وعلى هذا كان الضمير راجعًا إلى رجل يفهم من سياق الكلام كما في يروح عليهم بسارحة على بعض الوجوه.

5344 -

[6](ابن عمر) قوله: (من كان فيهم) أي: صالحًا كان أو طالحًا، هكذا جرت السنة الإلهية في بعض الذنوب، وفي بعض الأحيان، وقد يحفظ من يريد، واللَّه عليم حكيم.

(1)"شرح الطيبي"(10/ 22).

(2)

"فتح الباري"(10/ 55).

ص: 547