الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
5515 -
[7] عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ هَذِهِ الدُّنْيَا مَثَلُ ثَوْبٍ شُقَّ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فَبَقِيَ مُتَعَلِّقًا بِخَيْطٍ فِي آخِرِهِ، فَيُوشِكُ ذَلِكَ الْخَيْطُ أَنْ يَنْقَطِعَ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 9759].
* * *
7 - باب لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
5516 -
[1] عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الأَرْضِ: اللَّهُ اللَّهُ". وَفِي رِوَايَةٍ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 148].
ــ
الفصل الثالث
5515 -
[7](أنس) قوله: (فيوشك ذلك الخيط أن ينقطع) إشارة إلى قلة بقاء مدة الدنيا وقرب الساعة.
7 -
باب لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس
بإضافة (باب) إلى الجملة، ويمكن أن ينون (باب)، وهذا كثير في تراجم البخاري، وقد صحح بالوجهين.
الفصل الأول
5516 -
[1](أنس) قوله: (حتى لا يقال في الأرض: اللَّه اللَّه) أي: لا يذكر ولا يعبد، وقد صحح (اللَّه اللَّه) بالرفع، وقيل في توجيهه: إن الأول مبتدأ والثاني خبر،
5517 -
[2] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ". رَوَاهُ مُسلم. [م: 2949].
5518 -
[3] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ حَوْلَ ذِي الْخَلَصَةِ". وَذُو الْخَلَصَةِ: طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 7116، م: 2906].
ــ
أي: أنه المعبود، أو على العكس، أي: المعبود هو، وبالنصب، أي: احذروا اللَّه واعبدوه، هذا ويحتمل أن يكون بالوقف كما يقال في حالة الذكر، وفيه أن بقاء العالم ببركة ذكر اللَّه، فإذا ارتفع فني وخرب.
5517 -
[2](عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (إلا على شرار الخلق) الظاهر أنهم الكفار وهم المرادون من شرار الناس، إذ شرار الناس شرار الخلق كلهم.
5518 -
[3](أبو هريرة) قوله: (حتى تضطرب أليات) بفتح الهمزة وسكون اللام جمع ألية بفتح الهمزة وسكون اللام: وهي اللحمة المشرفة على الظهر والفخذ، كذا في (مجمع البحار)(1)، وفي (القاموس) (2): الألية: العجيزة، أو ما ركب العجز من شحم ولحم، وفي (المشارق) (3): الألية بفتح الهمزة: لحمة المؤخر من الحيوان، وهي من ابن آدم المقعدة، وجمعها أليات بفتح اللام كما في حديث:(حتى تضطرب أليات دوس) ودوس بفتح الدال وسكون الواو: قبيلة من اليمن.
و(ذو الخلصة) بفتح الخاء واللام وبضمتين: بيت كان يدعى الكعبة اليمانية
(1)"مجمع بحار الأنوار"(1/ 79).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 1134).
(3)
"مشارق الأنوار"(1/ 32).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لخثعم كان فيه صنم اسمه الخلصة، أو لأنه كان بيت الخلصة، والخلص محركة: شجر كالكرم، يتعلق بالشجر، فيعلو، طيب الريح، واحدته بهاء، كذا في (القاموس)(1).
وقال الطيبي (2): ذو الخلصة بيت كان فيه صنم لدوس وخثعم وبجيلة وغيرهم، وقيل: هو الكعبة اليمانية التي كانت باليمن، خربها جرير بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، والخلصة: اسم صنم، ويخدشه اختصاص ذو باسم الجنس، وفيه أنه قد يضاف إلى غيره كما ذكر في النحو، فليكن هذا من ذلك القبيل، أو صح ذلك لكون هذا العلم منقولًا من اسم الجنس، وفي (مجمع البحار) (3) من (الكرماني): ذو الخلصة بفتحات على الأشهر: بيت صنم ببلاد فارس، وهي الكعبة اليمانية شابهوا بها الكعبة المشرفة، وفي جعله ببلاد فارس نظر، ولعله باعتبار أن البلاد اليمانية كانت داخلة في ملك فارس في أهل كسرى، أو باعتبار أن البلاد الفارسية كانت في جانب اليمن، واللَّه أعلم.
وقد وقع في عبارة البخاري: ويقال له: الكعبة اليمانية والكعبة الشامية، وهذا مشكل لأن الكعبة الشامية هي الكعبة المشرفة، ووجهوه بأن التقدير كان يقال له: الكعبة اليمانية، والتي بمكة: الكعبة الشامية، وقد يروى ترك الواو بمعنى كان يقال هذان اللفظان، أحدهما لموضع والآخر لآخر، هذا وقد فسر في الحديث أن ذا الخلصة طاغية دوس؛ أي: صنمهم الذي كانوا يعبدونه في الجاهلية، فعلى ما ذكروا يكون فيه مسامحة، أي: بيت طاغية، واللَّه أعلم.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 555).
(2)
"شرح الطيبي"(11/ 3484).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(2/ 83).
5519 -
[4] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33] أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا (1). قَالَ: "إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتُوُفِّيَ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِين آبَائِهِم". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2907].
ــ
والمراد باضطراب ألية نساء دوس حول ذي الخلصة مجيء نساء دوس إلى طواف ذي الخلصة بالارتداد وشيوع الكفر، وفي لفظ الاضطراب إشارة إلى سمنهن وفراغهن وتنعمهن بالملاذ والشهوات، وقيل: كناية عن كثرتهن حين الطواف، يعني: كثرتهن يلتصق ألية بعضهن ببعض.
5519 -
[4](عائشة) قوله: (اللات والعزى) اسمان لصنمين مشهورين، الأول لثقيف والثاني لغطفان وسليم.
وقوله: (إن كنت لأظن) مخففة من المثقلة.
وقوله: (أن ذلك تامًا) سادٌّ مسدّ مفعولي (أظن)، و (تام) يروى بالرفع، أي: كنت أظن أن عبادة الأصنام قد تمت وانقضت، ولا يكون بعده أبدًا، وبالنصب إما على الحالية، وخبر (ذلك) محذوف، أو خبر (كان) المقدر.
وقوله: (إنه سيكون من ذلك ما شاء) كان تامة وما شاء اللَّه فاعله، أي: مقدار
(1) في نسخة: "تام".
5520 -
[5] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ" لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ عَامًا "فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ فِي النَّاسِ سَبْعَ سِنِينَ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّامِ، فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ
ــ
شاءه اللَّه تعالى، أو ظرف فاعله (من ذلك)، أي: سيكون شيء من ذلك مدة مشيئة اللَّه تعالى، وذلك آخر الزمان الذي أراد اللَّه تعالى فيه إهلاكهم.
5520 -
[5](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (لا أدري. . . إلخ)، هذا من كلام عبد اللَّه، أي: لا أدري أيًّا من هذه الثلاثة أراد صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في بعض الأحاديث: يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة، وفي بعضها: أربعين يومًا، وقد سبق وجه تطبيق بينهما أيضًا فتذكر.
وقوله: (كأنه عروة بن مسعود) هو أبو مسعود، وقيل: أبو يعفور عروة بن مسعود بن معتب بن مالك الثقفي، وليس مسعود هذا أبا عبد اللَّه بن مسعود، وليس عروة أخاه، فإنه عبد اللَّه بن مسعود بن غافل الهذلي.
وقوله: (يمكث في الناس سبع سنين) هذا المكث بعد إهلاك الدجال، فلا ينافي ما سبق في (باب نزول عيسى) من أن عيسى يمكث خمسًا وأربعين سنة، كذا في الحاشية.
وقوله: (في كبد جبل) الكبد: الجوف بكماله، ووسط الشيء ومعظمه، كذا في (القاموس)(1).
(1)"القاموس المحيط"(ص: 284).
لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ" قَالَ: "فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ، لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا"
ــ
وقوله: (في خفة الطير وأحلام السباع) أي: يكونون في سرعتهم إلى الشرور وقضاء الشهوات والفساد كالطير، وفي ظلم بعضهم على بعض والسفك والقتل في أخلاق السباع، كذا في (مجمع البحار)(1)، ولعل الأحلام هنا جمع حلم بالكسر بمعنى العقل والأناة، والمراد به التثبت والتمكن من القتل والإهلاك.
وقوله: (ألا تستجيبون) يردعهم عن الفسق والفساد تلبيسًا عليهم ودعوة على عبادة الأوثان وإلى ما هو أشد وأشنع من الفسق وهو الشرك.
وقوله: (دار رزقهم) من الدرور وهو الصب والسيلان. (إلا أصغى ليتًا ورفع ليتًا)، الليت بالكسر: صفحة العنق، والإصغاء: الإمالة، أي: يصعق السامع خوفًا ودهشة، فيسقط رأسه قواه فيميل ليتًا ويرفع ليتًا، والإسناد مجازي إن كان للنفخ، وإن كان لأحد فحقيقي، وقيل: إن هذا عبارة عن تطلب المستمع حقيقة ما ورد على سمعه من الصوت، وتعقب بأن هذا إنما يوجد في استماع الأصوات التي يبقى من الإنسان عند استماعها حس أو شعور، والأمر في استماع النفخة أعظم وأهون من ذلك، وإنما المراد أن السامع يدهش ويسقط عقله أو يموت وينشق قلبه، فيظهر أثر
(1)"مجمع بحار الأنوار"(2/ 74). وانظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (9/ 304).
قَالَ: "وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ فَيَصْعَقُ وَيَصْعَقُ النَّاسُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ، فَيَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إِلى رَبِّكُمْ قِفُوهُمْ إِنَّهم مَسْؤُولُونَ فَيُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ. فَيُقَالُ: مِنْ كَمْ كَمْ؟
ــ
ذلك في سقوط رأسه إلى أحد شقه.
وقوله: (يلوط حوض إبله) أي: يطينه ويصلحه ليسقيه فيه، في (القاموس) (1): لاط الحوض: طينه.
وقوله: (هلم) أي: تعالوا وارجعوا، خطاب للناس يستوي فيه الواحد والجمع، والخطاب في (قفوهم) للملائكة وضمير المفعول للناس، أي: احبسوهم، وفي بعض النسخ:(وقفوهم) بواو العطف، فقال الطيبي (2): عطف على (يقال) على سبيل التقدير، أي: يقال للناس: هلم، ويقال للملائكة: قفوهم، انتهى، ويمكن أن يكون حكاية لنظم القرآن كما هو، وهو قوله:{مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: 23 - 24]، وهو هناك عطف على قوله:{فَاهْدُوهُمْ} وهو أيضًا خطاب للملائكة.
وقوله: (أخرجوا بعث النار) أي: من يبعث إليها، وفي (القاموس) (3): البعث وبحرك: الجيش والجمع بعوث.
وقوله: (من كم كم؟ ) أي: كم نفسًا من الموقوفين؟ كم نفسًا من المبعوثين
(1)"القاموس المحيط"(ص: 617).
(2)
"شرح الطيبي"(11/ 3486).
(3)
"القاموس المحيط"(ص: 152).
فَيُقَالُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ" قَالَ: "فَذَلِكَ يَوْمٌ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا، وَذَلِكَ يَوْمٌ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2940].
ــ
يخرج؟ ، (فيقال: من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين)، وقد فسر به قوله تعالى حكاية عن الشيطان:{لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 118]، وهم الذين استوجبوا النار بذنوبهم يتركون فيها بقدر ذنوبهم، ويجوز أن يصرفوا عن طريق جهنم، أو يخرجوا منها بالشفاعة.
وقوله: (فذلك يوم يجعل الولدان شيبًا) كناية عن طول ذلك اليوم وشدة المحنة فيه.
وقوله: (ذلك يوم يكشف عن ساق) أي: يوم يشتد الأمر ويصعب الخطب، وكشف الساق مثل في ذلك، يقال: كشفت الحرب عن ساقها على المجاز، (أو يوم يكشف) عن أصل الأمر وحقيقته بحيث يصير عيانًا مستعار عن ساق الشجر وساق الإنسان، وفي (مجمع البحار) (1): هو لغة: الأمر الشديد، وكشف الساق مثل في الشدة ولا ساق هناك ولا كشف، كما يقال للأقطع الشحيح: يده مغلولة، وأصله أن من وقع في أمر شديد يقال: شمر ساعده وكشف عن ساقه للاهتمام به، وقال الطيبي (2): هو مما يجب التوقف فيه عند السلف، أو يأوَّل بالكشف عن أمر فظيع، وهو إقبال الآخرة وذهاب الدنيا، وفي (القاموس) (3):{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] أي: عن شدة، {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} [القيامة: 29]: آخر شدة الدنيا بأول شدة الآخرة، يذكرون
(1)"مجمع بحار الأنوار"(3/ 149).
(2)
"شرح الطيبي"(10/ 147).
(3)
"القاموس المحيط"(ص: 806).
وَذُكِرَ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ: "لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ" فِي "بَاب التَّوْبَة".
ــ
الساق إذا أرادوا شدة الأمر والإخبار عن هوله، انتهى، ويروى:(يكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن) أي: يكشف عن شدة يرتفع بها سواتر الامتحان فيتميز عنده أهل اليقين بالسجود من أهل الريب، وقيل: المراد النور العظيم، وقيل: جماعة الملائكة، والمراد يوم القيامة أو وقت النزع، وتمامه في تفسير قوله تعالى:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} الآية [القلم: 42].
وقوله: (وذكر حديث معاوية: لا تنقطع الهجرة) وفيه ذكر طلوع الشمس من مغربها، وهذا الباب خال عن الفصل الثاني، ولم يذكره المؤلف نسيانًا، ولم يورد الفصل الثالث أيضًا.
تم بحمد اللَّه وتوفيقه المجلد الثامن ويتلوه إن شاء اللَّه تعالى المجلد التاسع وأوله: (كتاب أحوال يوم القيامة).
وصلَّى اللَّه تعالى على خير خلقه سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا كثيرًا.
* * *