الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
5509 -
[1] عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ". قَالَ شُعْبَةُ: وَسَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ. . . . .
ــ
والقيامة الوسطى هي موت الطبقة من الناس الذين هم قرناء كما سيأتي في حديث عائشة رضي الله عنها، والقيامة الكبرى هي موت الناس كلهم أجمعين، وقد أثبت في القيامة الصغرى أنموذج جميع ما يكون في القيامة الكبرى من الأحوال والأهوال بالنسبة إلى الشخص الميت، وقد فسر ذلك في (إحياء العلوم)، فلينظر ثمة.
الفصل الأول
5509 -
[1](شعبة) قوله: (بعثت أنا والساعة) بالرفع والنصب من باب جئت أنا وزيدًا، والنصب هنا أنسب معنى.
وقوله: (كهاتين) وزاد في حديث مسلم بعده: (وقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى)، وربطه بما قبله على تقدير أن يراد تقدم بعثته على قيام الساعة كنسبة فضل إحدى الأصبعين على الأخرى، إذ بالقران تظهر هذه النسبة في الرأي عند الناظرين، وإلا فالتقدم المذكور ثابت قرن أو لم يقرن، لا يقال: المعية تنافي الفضل؛ لأنا نقول: تلك معية مخصوصة غير حقيقية بتفاوت قليل وفضل مذكور، فافهم، وكذلك على الوجه الآخر أيضًا، وهو أن يكون المراد ارتباط دعوته بالساعة واتصالها بها بحيث لا يتخلل بينهما نبي، كما أن السبابة لا يفرق عن الوسطى ولا يتخلل بين الأصبعين أصبع أخرى، فيكون القرآن لإظهار ذلك المعنى وتأكيده، وإلا فهو ثابت في نفس الأمر، ثم رجح المعنى الأول بتصريح الراوي بذلك في تفسيره، ويأتي في حديث المستورد مصرحًا، وفي هذا الحديث المقصود منه بيان قرب الساعة بتعين هذا المعنى،
فِي قَصَصِهِ كَفَضْلِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى، فَلَا أَدْرِي أَذَكَرَهُ عَنْ أَنَسٍ أَوْ قَالَهُ قَتَادَةُ؟ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6504، م: 2951].
ــ
فإن اتصال الدعوى وارتباطها بالقيامة بالمعنى المذكور لا يقتضي قربها كما لا يخفى، وأما في حديث:(أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا)، وأشار بالسبابة والوسطى، فقد قيل: إن الحمل على معنى الاتصال والمقارنة أنسب وأبلغ، فإن كونه تلو النبي صلى الله عليه وسلم ومتأخرًا منه في دخول الجنة بهذا المقدار فضل عظيم.
وأما اتصاله ومقارنته معه صلى الله عليه وسلم فأفضل وأكمل، والمقام يقتضي المبالغة حتى إن الكرماني نقل في (شرح صحيح البخاري) عن بعضهم على تقدير الحمل على المعنى الأول أنه لما قال صلى الله عليه وسلم هذا الكلام استوى السبابة والوسطى منه صلى الله عليه وسلم حينئذ عيانًا، ثم عاد إلى حالها وطبيعتها الأصلية تأكيدًا لإثبات فضيلة كفالة اليتيم، والظاهر من عبارته أن ظهور المساواة في تلك الحالة كان بطريق المعجزة تقريرًا وتأكيدًا للمقصد، وأما ما ذكر في بعض الكتب الفارسية أن السبابة والوسطى منه صلى الله عليه وسلم كانتا متساويتين بحكم الطبيعة فلم نجد له أصلًا، وكلام شراح الحديث بل متن الحديث يخالفه.
وقوله: (في قصصه) بفتح القاف مصدر قص الخبر: أعلمه، قال تعالى:{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 3] نبين لك أحسن البيان، كذا في (القاموس)(1)، وفي (مجمع البحار) (2): القصص بالفتح الاسم وبالكسر جمع قصة، انتهى، وصحح في الحديث بالفتح، وفي الحواشي: قصصه بكسر القاف والضمير لقتادة، فتدبر.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 563).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(4/ 281).
5510 -
[2] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِشَهْرٍ: "تَسْأَلُونِّي عَنِ السَّاعَةِ؟ وَإِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ يَأْتِي عَلَيْهَا مِئَةُ سَنَةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ يَوْمَئِذٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2538].
ــ
5510 -
[2](جابر) قوله: (تسألوني عن الساعة؟ ) أي: تسألوني عن القيامة الكبرى وعلمها عند اللَّه، والذي أعلم هو الوسطى والصغرى.
وقوله: (أقسم باللَّه ما على الأرض من نفس. . . إلخ)، بيان لهما، فإن موت كل شخص قيامة صغرى، وموت مجموع هذه الطبقة الباقية إلى مئة سنة قيامة وسطى.
وقوله: (من نفس منفوسة) أي: مولودة من النفاس بمعنى الولادة، والظاهر أن معنى الحديث أنه ما من نفس مولودة موجودة الآن تبقى إلى مئة سنة منذ اليوم، وقد وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم فإنه لم يبق من الصحابة أحد إلا إلى مئة سنة أو شيء زائد من الهجرة، ولكن هذه الأخبار بعد عشر سنين منها، فلا ينافي هذا ما ثبت أنه قد عاش بعض الصحابة أكثر من مئة سنة، ولا حاجة إلى أن يقال: إنه بحسب الأكثر والأغلب، وهذا مبني على أن يكون المراد لا يعيش أحد من الموجودين اليوم مئة سنة، ويلزم منه موت الخضر عليه السلام، وبه تمسك من يذهب إلى موته من بعض أكابر المحدثين، وإن كان الصواب خلافه، ونقل عن محيي السنة أن أربعة من الأنبياء في الحياة: الخضر وإلياس في الأرض وعيسى وإدريس في السماء، وهم مخصوصون من الحديث، أو أراد من على وجه الأرض من أمته، وقيل: لا تمسك لموت خضر فلعله كان على البحر يومئذ أو على الهواء، وقد تواترت الأخبار بوجوده بعد ذلك، واللَّه أعلم، وإن أريد