المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٨

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(25) كتاب الآداب

- ‌1 - باب السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الاستئذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب المصافحة والمعانقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب القيام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب العطاس والتثاؤب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب الضحك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الأسامي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب البيان والشعر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الوعد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب المزاح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌13 - باب المفاخرة والعصبية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب البر والصلة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الحب في اللَّه ومن اللَّه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب ما ينهى عنه من التهاجر والتقاطع واتباع العورات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الحذر والتأني فى الأمور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب الظلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(26) كتاب الرقاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب فضل الفقراء وما كان من عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْل الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الأمل والحرص

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب التوكل والصبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الرياء والسمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب البكاء والخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب تغير الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الإنذار والتحذير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(27) كتاب الفتن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الملاحم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب أشراط الساعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب قصة ابن صياد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌5 - باب نزول عيسى عليه السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب قرب الساعة وأن من مات فقد قامت قيامته

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

5410 -

[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، تَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعَوَاهُمَا وَاحِدَةٌ، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ،

ــ

المسلمين بأعيانها، وذكر مواضع مخصوصة وبلاد معينة وقع فيها القتال، فافهم.

الفصل الأول

5410 -

[1](أبو هريرة) قوله: (دعواهما واحدة) أي: كل واحد يدعي الإسلام، إذ كل واحد يدعي أنه على الحق على زعمه واعتقاده، قالوا: المراد علي ومعاوية وأتباعهما، لكن الحق كان على يدي علي، وقد روي عنه رضي الله عنه أنه قال: إخواننا بغوا علينا، وقد روي أيضًا أنه جيء برجل من فئة معاوية على علي فقال رجل من شيعة علي متأسفًا على حاله: إني لأعلم أنه كان مؤمنًا محسنًا في إيمانه، فقال علي رضي الله عنه: هو الآن مؤمن أيضًا، وفي الحديث دليل على بطلان قول الخوارج في تكفيرهم كلتا الطائفتين، وبطلان قول الروافض: إن مخالفي علي رضي الله عنه كفرة.

وقوله: (دجالون) أي: كذابون مموهون، وأصل الدجل: الخلط، دجل: إذا لبس وموه، وفي الحديث: أن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (وعدتها لعلي ولست بدجال) أي: لست بخداع ولا ملتبس عليك.

وقوله: (قريب) بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: عدوهم قريب، وبهذا الاعتبار وحد، وقد سبق في آخر (الفصل الثاني) من (كتاب الفتن):(كذابون ثلاثون)، ولعل المراد منه أيضًا القريب منه مسامحة، أو يقال: كوشف عليه صلى الله عليه وسلم أولًا هكذا مبهمًا ثم عين العدد، واللَّه أعلم.

ص: 624

كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ، وَهُوَ الْقَتْلُ، وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ. . . . .

ــ

وقوله: (ويتقارب الزمان) قد مرّ معناه مكررًا أولًا في (كتاب الرؤيا) وثانيًا في (كتاب الفتن).

وقوله: (ويكثر الهرج) قد سبق أن (الهرج) بفتح الهاء وسكون الراء معناه الفتنة والاختلاط، فتفسيره بالقتل تفسير بالمسبب، و (المرج) محركة بمعناه، وإذا ذكر مع الهرج أُسْكِنَ.

وقوله: (فيفيض) بفتح ياء بمعنى يكثر زائدًا في الكثرة، في (القاموس) (1): فاض الماء يفيض فيضًا: كثر حتى سال كالوادي.

وقوله: (حتى يهم رب المال من يقبل صدقته): (يهم) بضم ياء وكسر هاء، و (رب المال) مفعوله، و (من يقبل) فاعله، أي: يقلق صاحب المال طلب من يأخذ منه زكاته وصدقته لفقد المحتاج، ويروى بفتح الياء وضم الهاء، من هم: إذا قصد، و (رب) فاعله و (من) مفعوله، أي: يقصده فلا يجده فيقلق، وروي (رب) بالنصب، من همه الشيء: إذا أحزنه، كذا في (مجمع البحار)(2)، وفي (القاموس) (3): الهم: الحزن، همه الأمر همًا: حزنه، كأهمه.

وقوله: (وحتى يعرضه) بفتح أوله، وهو عطف على مقدر، أي: حتى يجده

(1)"القاموس المحيط"(ص: 585).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(5/ 183).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 1056).

ص: 625

فَيَقُولُ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أَرَبَ لِي بِهِ، وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ، وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَت وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، فَذلِكَ حِينَ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158]،

ــ

ويعرضه عليه، كذا قالوا، قيل: مضى ذلك في زمن الصحابة، كان يعرض عليهم الصدقة فيأبون قبولها، ولكن كان هذا حال زهادتهم لعدم الرغبة في الدنيا لا لفيض المال، وسياق الحديث يدل على أن ذلك لفيض المال، والصحيح أن ذلك في زمان المهدي عليه السلام.

وقوله: (يا ليتنى): (ليت) كلمة تمنٍّ، تنصب الاسم وترفع الخبر، وتتعلق بالمستحيل غالبًا وبالممكن قليلًا، وقد تُنَزَّلُ منزلة وجدتُ، فيعديها إلى مفعولين، نحو ليت زيدًا شاخصًا، ويقال: ليتني وليتي، كما يقال: لعلي ولعلني، وإنما يتمنى الموت مكانه لوجود الفتن والمحن في الدين، فيتمنى الموت لينجو منها، وأما تمني الموت لمحنة الدنيا فلا يجوز، ومع ذلك هو واقع.

وقوله: (وحتى تطلع الشمس من مغربها) سيجيء بيانه في (باب اشتراط الساعة).

وقوله: (فذلك حين {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ}) إشارة إلى قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} ، وحمله المفسرون على حالة الاحتضار، وتمسك به المعتزلة على عدم نفع الإيمان بدون العمل كما هو مذهبه، وأجاب عنه أصحابنا بما لا يخلو عن دقة وخفاء، والكل مذكور في (الكشاف) و (البيضاوي) وحواشيهما، ويفهم من الحديث أن المراد

ص: 626

وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ فَلَا يَسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أَكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 7121، م: 157].

5411 -

[2] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ، وَحَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ صِغَارَ الأَعْيُنِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ،

ــ

من يومئذ يوم طلوع الشمس من مغربها، فتدبر.

وقوله: (ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما) إلى آخر الحديث، المقصود من هذه الفقرات الأربعة أن الساعة تأتي الناس بغتة وهم في أشغالهم بعد وجود أشراطها، والمراد منها نفخة الصعق، و (اللقحة) بالكسر اللَّقُوح، وهي الناقة الحلوب، أو التي نتُجت لقوحٌ إلى شهرين أو ثلاثة، ثم هي لبون، ولاط الحوض: طينه.

5411 -

[2](وعنه) قوله: (نعالهم الشعر) الظاهر أن المراد أن نعالهم من شعر مضفور، وقيل: المراد بيان طول شعرهم حتى يصير أطرافها في أرجلهم موضع النعال، (ذلف الأنوف):(ذلف) بضم الذال وسكون اللام في آخره فاء جمع أذلف، كأحمر وحمر، الذلف محركة: صغر الأنف واستواء الأرنبة، أو صغره في دقة، أو غِلْظٌ واستواء في طرفه، ورجل أذلف، وقد ذلف كفرح، وهي ذلفاء، وفي (مجمع البحار) (1): الذلف محركة: قصر الأنف وانبطاحه، وقيل: ارتفاع طرفه مع صغر أرنبته،

(1)"مجمع بحار الأنوار"(2/ 248).

ص: 627

كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ". مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2928، م: 2912].

5412 -

[3] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَكِرْمَانَ مِنَ الأَعَاجِمِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ،

ــ

وروي بمهملة أيضًا، أي: صغير الأنف مستوي الأرنبة.

وقوله: (كأن وجوههم المجان) بفتح الميم وتشديد النون على وزن (مفاعل)، جمع مجن بكسر الميم وفتح الجيم، وهو الترس، و (المطرقة) بسكون الطاء وتخفيف الراء على اللغة الفصحى، وقد يفتح الطاء وبشدد الراء، و (الطرق) بكسر الطاء: جلد بقدر الدرقة، ثم يلصق عليها ويجعل طاقة فوق طاقة كالنعل المخصوفة، أطرقت الترس: إذا فعلت به ذلك، ومنه طارق النعلَ: إذا صيّرها طاقًا فوق طاق، ورَكَّب بعضها على بعض، والمراد تشبيه وجوه الترك في عرضها ونتو وجناتها وغلظها وكثرة لحمها بالترس المطرقة.

5412 -

[3](وعنه) قوله: (خوزًا) بضم الخاء وبالزاي، و (كرمان) بكسر الكاف: بلدان، والخوز جبل معروف، وفي (القاموس) (1): الخوز: الجيل من الناس، واسم لجميع بلاد خوزستان، وهكذا الخوز (2) بأصبهان، وكرمان بلد معروف، ويروى بكسر الكاف وفتحها، وقال في (القاموس) (3): وقد يكسر، أو لحنٌ: إقليم بين فارس وسجستان، وقال الكرماني شارح (البخاري): المحدثون يروونه بالفتح، ونحن أعلم باسم بلدنا، هو بكسر الكاف لا غير، انتهى، ولا يبعد أن يكون هو على لسان الأعاجم

(1)"القاموس المحيط"(ص: 460).

(2)

"وهكذا الخوز" كذا في الأصل، وفي "القاموس":"وسكة الخوز".

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 1040).

ص: 628

فُطْسَ الأُنُوفِ، صِغَارَ الأَعْيُنِ، وُجُوهُهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ، نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 3590].

5413 -

[4] وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ: "عراض الْوُجُوه". [خ: 2927].

5414 -

[5] وَعَنْهُ (1) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ وَالشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

بالكسر وبلفظ العرب بالفتح على نحو من التعريب.

وقوله: (فطس الأنوف) جمع أفطس، والفطس بالتحريك: تطامن قصبة الأنف وانتشارها، أو انفراش الأنف في الوجه، فطس كفرح، والنعت أفطس وفطساء، والاسم الفطسة محركة.

5413 -

[4](أبو هريرة) قوله: (عمرو بن تغلب) بكسر التاء وفتحها.

5414 -

[5](وعنه) قوله: (إلا الغرقد) نوع من شجر العضاه، وبه سمي مقبرة المدينة المنورة بقيع الغرقد، وفي (مجمع البحار) (2): هو نوع من شجر الشوك معروف ببلاد بيت المقدس، واحده غرقدة، وهناك يكون قتل الدجال.

(1) في نسخة: "وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ".

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(4/ 30).

ص: 629

5415 -

[6] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3517، م: 2910].

5416 -

[7] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَذْهَبُ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْجَهْجَاهُ". وَفِي رِوَايَةٍ: "حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي يُقَالُ لَهُ: الجَهْجَاهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2911].

5417 -

[8] وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لتُفْتَحَنَّ. . . . .

ــ

5415 -

[6](وعنه) قوله: (حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه) وفي حديث آخر: (سيكون ملك من قحطان يسوق الناس)، وقحطان هو أبو اليمن، وسوق الناس بعصاه هو كناية عن استقامة الناس وانقيادهم إليه واتفاقهم عليه، ولم يرد نفس العصا، وإنما ضربه مثلًا لاستيلائه عليهم وطاعتهم له، إلا أن في ذكرها دليلًا على عسفه بهم وخشونته عليهم، وقال الكرماني: هو حقيقة أو مجاز عن القهر والضرب، وقال الطيبي (1): سوق العصا عبارة عن التسخير كسوق الراعي.

5416 -

[7](وعنه) قوله: (يقال له: الجهجاه) وير وى (جهجا) بترك الهاء و (جهجاء)، وفي (مجمع البحار) (2): ويروى (الجهجل)، ويقال لها: الجهجاهة بفتح جيمين وسكون هاء بينهما، وبهائين بعد ألف.

5417 -

[8](جابر بن سمرة) قوله: (لتفتحن) بفتح التاء والحاء على صيغة

(1)"شرح الطيبي"(10/ 75).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(1/ 410).

ص: 630

عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَنْزَ آلِ كِسْرَى الَّذِي فِي الأَبْيَض". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2919].

5418 -

[9] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلَكَ كِسْرَى فَلَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَرُ لِيَهْلِكَنَّ ثُمَّ لَا يَكُونُ قَيْصَرُ بَعْدَهُ، وَلَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، وَسَمَّى الْحَرْبَ خَدْعَةً. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3027، م: 2918].

ــ

الغائبة، وفي رواية:(لتفتتحن) بالتاءين.

وقوله: (في الأبيض) هو حصن بالمدائن كانت تسميه العجم: سفيد كرشك، والآن بني مكانه مسجد المدائن، وقد أخرج كنزه زمن عمر رضي الله عنه، وفي (مجمع البحار) (1) عن النووي: أي في قصره الأبيض أو دوره البيض. وفي (القاموس)(2): الأبيض: قصر للأكاسرة، وكان من العجائب إلى أن نقضه المكتفي، وبنى بشرافاته أساس التاج، وبأساسه شرافاته، فتعجب من هذا الانقلاب، وبلد باليمامة، وحصن باليمن.

5418 -

[9](أبو هريرة) قوله: (هلك كسرى. . . إلخ)، إخبار بالغيب وعبر بالماضي لتحقق وقوعه.

وقوله: (وسمى الحرب خدعة) عطف على (قال)، أي: قال هذا الحديث وسمى الحرب خدعة، وكأنه جرى في مجلسه صلى الله عليه وسلم ذكر عن الحرب والسؤال عنه، فالراوي نقل جميع ما جرى ذكره في المجلس، و (خدعة) مثلثة، وكهمزة، وروي بهن

(1)"مجمع بحار الأنوار"(1/ 244).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 573).

ص: 631

5419 -

[10] وَعَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ،

ــ

جميعا، كذا في (القاموس)(1)، وفي بعض الشروح:(خدعة) بضم أو بفتح مع سكون، وبضم مع فتح، والثاني أفصح، قيل: معناه على الإسكان: أن الحرب تخدع أهلها، من وصف الفاعل بالمصدر، ويروى (خدعة) بالفتح فيهما جمع خادع؛ أي: أهلها، وأصل الخدع: إظهار أمر وإضمار خلافه، واتفقوا على جوازه ما لم يكن فيه نقض عهد وأمان.

5419 -

[10](نافع بن عتبة) قوله: (جزيرة العرب) اعلم أن عبارات الناس اختلفت في تحديد أرض العرب، فقال صاحب (التبيين) (2): حدّها طولًا ما وراء ريف العراق إلى أقصى صخر باليمن، وعرضًا من جُدّة وما والاها من الساحل إلى حد الشام، وقال الزاهدي شارح (القدوري): حدّها من العذيب إلى مكة، ومن عدن إلى أقصى حجر باليمن بمهرة إلى حد الشام، وقال الإمام خواهر زاده: من عدن أبين إلى ريف العراق، ومن رمل يبرين إلى منقطع السماوة، وهي تهامة والحجاز ومكة واليمن والطائف والعمان والبحرين، وقال محمد رحمه الله: وأرض العرب من العذيب إلى مكة، ومن عدن أبين إلى أقصى حجر باليمن بمهرة، وقال صاحب (مواهب الرحمن): هي ما بين العذيب إلى أقصى حجر باليمن بمهرة طولًا، وما بين الدهناء ويبرين ورمل عالج إلى حد الشام عرضًا، وقال شارح (الوقاية): هي ما بين العذيب إلى أقصى حجر باليمن بمهرة إلى حد الشام، وهذه العبارة موافقة لما في (ملتقى الأبحر).

(1)"القاموس المحيط"(ص: 641).

(2)

"تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق"(3/ 271).

ص: 632

ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحَهُ اللَّه". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2900].

ــ

وقال في (مجمع البحار)(1): جزيرة العرب اسم صقع من الأرض، وهو ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول، وما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة في العرض، سميت به لأن بحر فارس وبحر السودان أحاط بجانبها، وأحاط بالشمال دجلة والفرات، وقال الأصمعي: جزيرة العرب ما لم يبلغ ملك فارس من أقصى عدن إلى ريف العراق، وعرضها من جُدّة وما والاها إلى ساحل البحر إلى أطوار الشام، قال صاحب (القاموس) (2): جزيرة العرب ما أحاط به بحر الهند وبحر الشام، ثم دجلة والفرات، أو ما بين عدن أبين إلى أطراف الشام طولًا، ومن جُدّة إلى ريف العراق عرضًا، قال في الشُّمُنِّي: هي ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول، وما بين أرض يبرين إلى منقطع السماوة في العرض، وقال البخاري (3): قال يعقوب بن محمد: سألت المغيرة بن عبد الرحمن عن جزيرة العرب فقال: مكة والمدينة واليمامة واليمن، وقال يعقوب: والعرج أول تهامة، وفي (شرح الوافي): هي أرض الحجاز وتهامة واليمن ومكة والطائف والبرية، انتهى.

نقلت هذا من مجموعات سيدي الشيخ الإمام عبد الوهاب المتقي روح اللَّه روحه، وأوصل إلينا فيوضه وفتوحه.

وقوله: (ثم تغزون الروم) بالضم، قيل: من ولد روم بن عيصو، والرومي نسبة

(1)"مجمع بحار الأنوار"(1/ 355).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 329).

(3)

"صحيح البخاري"(3053).

ص: 633

5420 -

[11] وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: "اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ،

ــ

إليهم، أي: واحد منهم، كاليهودي والزنجي، فليس بين الواحد والجمع إلا الياء المشددة، كذا في (الصحاح)(1)، وصار الروم الآن اسم بلادهم، وإليها ينسب.

5420 -

[11](عوف بن مالك) قوله: (في غزوة تبوك) هي اسم موضع من أرض الشام، وقال في (القاموس) (2): تبوك أرض بين الشام والمدينة، وفي (الصحاح) (3): تبوك اسم غزوة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي تفعل من البوك، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم قومًا من أصحابه يبوكون حِسْي تبوك بقدح، أي: يدخلون فيها القدح ويحركونه ليخرج الماء، فقال:(ما زلتم تبوكونها)، فسميت تلك الغزوة غزوة تبوك، وفي (النهاية) (4): والبوك: تثوير الماء بنحو عود ليخرج من الأرض، و (الحسي) بكسر الحاء وسكون السين المهملتين: العين.

وقوله: (موتي) بيان لقوله: (ستًّا)، أي: الأمور الستة هذه.

وقوله: (ثم فتح) صححوه بالرفع وإن كان يحتمل النصب بدلًا عن قوله: (ستًّا).

وقوله: (بيت المقدس) كمجلس ومعظم، فكأنه من إضافة الموصوف إلى الصفة

(1)"الصحاح"(5/ 1939).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 841).

(3)

"الصحاح"(4/ 1576).

(4)

"النهاية"(1/ 162).

ص: 634

ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ. . . . .

ــ

بتأويل: بيت المكان المقدس، وقد يقال: البيت القدس، سمي به لأنه مكان يتقدس ويتطهر فيه من الذنوب.

وقوله: (ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم) في (النهاية)(1): الموتان بوزن البطلان: الموت الكثير الوقوع، وفي (القاموس) (2): موتان بالضم: موت يقع في الماشية ويفتح، وكأن المراد به ما وقع في زمن عمر رضي الله عنه، ويسمى طاعون عمواس، وعمواس قرية من قرى بيت المقدس كان معسكر المسلمين حينئذ، قالوا: مات في ثلاثة أيام سبعون ألفًا من المسلمين، و (قعاص) بضم الفاف آخره صاد: داء في الغنم لا يُلبثها أن تموت، وداء في الصدر كأنه يكسر العنق.

وقوله: (فيظل ساخطًا) أصل (ظل) اقتران مضمون الخبر بالنهار، فمعنى ظل زيد سائرًا: أنه ثبت له ذلك في جميع نهاره، ويجيء بمعنى صار، والظاهر أن المراد هنا هذا المعنى، أي: يصير ساخطًا؛ استقلالًا للمال المذكور، وتحقيرًا له لكثرة المال عنده.

وقوله: (بينكم وبين بني الأصفر) المراد بهم الروم، وسمي الروم بني الأصفر؛ لأن أباهم الأول -وهو روم بن عيصو بن إسحاق- كان أصفر في بياض، كذا في (النهاية)(3)، وقيل: لأن جدهم روم بن عيص تزوج بنت ملك حبشة، فجاء ولده بين

(1)"النهاية"(4/ 370).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 148).

(3)

"النهاية"(3/ 37).

ص: 635

فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 3176].

5421 -

[12] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ،

ــ

السواد والبياض، وقيل: إن [جيشًا من] الحبشة غلب على بلادهم في وقت، فوطئ نساءهم فولدت كذلك، وقيل: نسبوا إلى الأصفر بن روم بن عيصو، والوجهان الأخيران مذكوران في (القاموس)(1).

وقوله: (تحت ثمانين غاية) الغاية: الراية، ويقال: غييتها وأغييتها: نصبتها، وروي (غابة) بموحدة بمعنى أجمة، شبه كثرة رماح العسكر بها.

5421 -

[12](أبو هريرة) قوله: (تنزل الروم بالأعماق أو بدابق): (أعماق) بلفظ الجمع: اسم موضع من أطراف المدينة، وليس بجمع، و (دابق) بفتح الباء: اسم سوق بها، وكلمة (أو) للشك من الراوي كما هو الظاهر المتعارف في أمثال هذه العبارة، ولا يحسن الشك منه صلى الله عليه وسلم، إلا أن يقال: لم يوح إليه هذا معينًا بل على الإبهام، ومثله يوجد في الأحاديث، وهنا احتمال أن كلمة (أو) بملاحظة الاختيار الذي هو ثابت للروم عند إرابتهم (2) في النزول بأي موضع منهما شاءت، فافهم فإنه لا يخلو عن دقة.

وقوله: (سبوا منا) ببناء الفاعل، أي: الذين غزوا بلادنا وسبوا ذرياتنا، يريدون

(1)"القاموس المحيط"(ص: 384).

(2)

أراب الأمر: صار ذا ريب.

ص: 636

فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا وَاللَّهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطُنْطِينيَّةَ،

ــ

به تفريق كلمة المؤمنين، وروي ببناء المجهول، فالمراد الموالي الذين صاروا مسلمين.

وقوله: (فينهزم ثلث) أي: من المسلمين، (ويقتل ثلثهم) أي: ثلث المسلمين، وكتب (ثلثهم) متصلًا (هم) بـ (ثلث) المرفوع من غير تنوين مضافًا إلى (هم)، فيكون (أفضل) بدلًا من (ثلثهم)، أو خبر محذوف، ويرى في الظاهر أن يكون (ثلث) منونًا، و (هم) مبتدأ، و (أفضل) خبره.

(قسطنطينية) بضم القاف وسكون السين وضم الطاء الأولى وكسر الثانية، وبعدها ياء ساكنة ثم نون، ونقل بعضهم زيادة ياء مشددة بعد النون، وقد تخفف الياء، وقال في (القاموس) (1): قسنطينية: حصن بحدود إفريقية، وقُسْطَنْطِينَة أو قُسْطَنْطِينِيّة بزيادة ياء مشددة، وقد تضم الطاء الأولى منهما: دار ملك الروم، وفتحها من أشراط الساعة، وتسمى بالرومية بُوزنطيا، وارتفاع سورها أحد وعشرون ذراعًا، وكنيستها مستطيلة، وبجانبها عمود عال في دور أربعة أبواع تقريبًا، وفي رأسه فرس من نحاس، وعليه فارس، وفي إحدى يديه كرة من ذهب، وقد فتح أصابع يده على الأخرى مشيرًا بها، وهو صورة قُسْطَنْطِينَ بانيها.

وقال القاضي عياض في (مشارق الأنوار)(2): قسطنطينة بضم أوله وسكون السين المهملة وضم الطاء الأولى وسكون النون وكسر الطاء الثانية، كذا قيدناها، وكذا

(1)"القاموس المحيط"(ص: 614).

(2)

"مشارق الأنوار"(2/ 199).

ص: 637

فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاؤُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهُمْ دَمَهُ. . . . .

ــ

قيدها أهل هذا الشأن، قال ابن مكي: ولا يقال: بفتح الطاء الأولى ولا بطاء واحدة، وفي رواية السجزي: قسطنطينية بزيادة ياء مشددة، ونقل الطيبي (1) عن الترمذي: قد فتحت قسطنطينية في زمان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وتفتح عند خروج الدجال.

وقوله: (إن المسيح) أي: الدجال، وأكثر ما يطلق المسيح عليه مع ذكر الدجال، والمطلق يطلق على عيسى عليه السلام، وأطلق هنا بناء على وضوح القرينة.

وقوله: (وذلك) أي: هذا الخبر (باطل) أي: كاذب، (فإذا جاؤوا) أي: المسلمون، (الشأم) بالهمزة، وقد لا يهمز: بلاد عن مشأمة القبلة، وسميت بذلك لأن قومًا من بني كنعان تشاءموا إليها، أي: تياسروا، أو سميَّ بسام بن نوح، فإنه بالشين بالسريانية، أو لأن أرضها شامات بيض وحمر وسود، وعلى هذا لا تهمز.

وقوله: (ذاب) أي: شرع في الذوبان.

وقوله: (لانذاب) أي: بتمامه، وكلمة (لكن يقتله اللَّه بيده) فيه تصريح بأن فعل العبد مخلوق للَّه تعالى وكسبه للعبد.

(1)"شرح الطيبي"(10/ 78).

ص: 638

فِي حَرْبَتِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2897].

5422 -

[13] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "إِنَّ الساعةَ لَا تقومُ حَتَّى لَا يُقْسَمَ ميراثٌ وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ"، ثُمَّ قَالَ: "عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لِأَهْلِ الشَّامِ وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الإِسْلَامِ -يَعْنِي الرُّومَ-، فَيَتَشَرَّطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْحِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَتَشَرَّطُ الْمُسْلِمُونَ. . . . .

ــ

وقوله: (في حربته) الحربة: رمح صغير.

5422 -

[13](عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (ولا يفرح بغنيمة) الفرح: محركة السرور والبطر، فهو فرح ومفروح وفارح وفرحان، وهم فراحى وفرحى، وامرأة فرِحة وفرحى وفَرحانة، وأفرحه وفرحه.

وقوله: (ثم قال) أي: في بيان ذلك ووقوعه: (عدو) أي: أعداء، لأن العدو اسم جنس يقع على الواحد والجمع، وهو مبتدأ مخصص بالصفة، و (يجمعون) خبره، أي: عدو كثير عظيم يجمعون لمقاتلة أهل الشام، و (أهل الإسلام) هم أهل الشام.

وقوله: (يعني الروم) بيان للمراد من العدو، أي: يعني بالعدو الروم، وهم النصارى، والظاهر أنه من كلام الراوي.

وقوله: (فيتشرط المسلمون) بالياء التحتانية قبل الفوقانية من باب التفعل، ويروى (فيشترط) من الافتعال، و (الشرطة) بضم الشين وفتح الراء وسكونها: واحد الشرط كصرد، وهم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت، أي: يأخذ المسلمون نخبة وخيارًا من جيشهم ليقاتلوا ويستعدّوا للموت، ولا يرجعوا إلا غالبين، أي: لا يرجعون مغلوبين، بل إن رجعوا رجعوا غالبين، وليس معناه أنهم يرجعون البتة

ص: 639

شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَتَشَرَّطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابعِ نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الإِسْلَامِ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَبَرَةَ عَلَيْهِمْ، فَيَقْتَتِلُونَ مَقْتَلَةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا، حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنْبَاتِهِمْ فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيِّتًا،

ــ

غالبين حتى ينافي قوله: (تفنى الشرطة)، والمراد بقوله:(فيفيء) أي: يرجع (هؤلاء) أي: المسلمون والعدو، يعني معظم الجيش لا الشرطة، فلا يشكل بأنه لما فنيت الشرطة فقد غلب فيه العدو، وحجز يحجز من ضرب ونصر.

وقوله: (فإذا كان يوم الرابع) هكذا في نسخ (المصابيح) و (المشكاة)، وفي نسخ (صحيح مسلم)، وكأنه من إضافة الموصوف إلى الصفة، أو الإضافة بيانية من إضافة العام إلى الخاص، كشجر الأراك، وقد كتب في هامش نسخة من (صحيح مسلم) مصححة مقروءة على الشيخ مجد الدين الفيروزآبادي:(يوم الرابعة، صفة الليلة، أي: يوم الليلة الرابعة)، وفي نسخة من (المصابيح) لا يعتمد عليها ذاك الاعتماد جعل الألف واللام على (الرابع) بالحمرة، وكان في أصل النسخة بدونهما، واللَّه أعلم.

وقوله: (نهد) كمنع ونصر: نهض وقصد، و (الدبرة) محركة: الهزيمة في القتال، ونقيض الدولة، والعاقبة، و (الجنبات) بفتحات جمع الجنبة محركة، والجنب والجانب: شق الإنسان وغيره، (فما يخلفهم) بالتشديد من التفعيل، أي: يجاوزهم، من الخلف نقيض قدام، (حتى يخر ميتا) إما لنتنهم، وإما لطول مسافتهم التي وقعوا فيها قتلى، فلا يستطيع قطعها فيقع ميتًا.

ص: 640

فَيُتَعَادُّ بَنُو الأَبِ كَانُوا مِئَةً فَلَا يَجدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ، أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقْسَمُ؟ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ أَنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ، فَيَبْعَثُونَ عَشْرَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً"، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ -أَوْ مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ- عَلَى ظَهْرِ الأَرْض يَوْمئِذٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2899].

ــ

وقوله: (فيتعاد) بضم الياء وفتح التاء وتشديد الدال المرفوعة، أي: يعد بعضهم بعضًا، أي: كان يعد الأقارب الحاضرون في تلك الحرب فلا يجدون من مئة إلا واحدًا، يعني كان كثرة القتلى إلى هذا الحد بقي من كل مئة واحد، وفي رواية:(بنو الأم فلا يجدونه) أي: المئة بتأويل العدد، وفي رواية:(فلا يجدون) بدون الضمير.

وقوله: (فبأي كنيمة يفرح، أو أيّ ميراث يقسم) هذا بيان معنى قوله: (حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة)، و (الباس) العذاب والشدة في الحرب، (فجاءهم الصريخ):(الصريخ): المغيث والمستغيث كالصارخ، وفي (الصراح) (1): صريخ: آواز فرياد خواه، وفرياد كننده، وفرياد رس، وهو من الأضداد، (فيبعثون عشر فوارس طليعة) الفارس: راكب الفرس وصاحبه كلابس، والجمع فوارس شاذ، وإنما جرد (عشر) عن التاء نظرًا إلى أنهم طلاح، ويحتمل -واللَّه أعلم- أن يكون فوارس جمع فارسة، أي: جماعة فارسة، فيكون المبعوث عشر جماعات من الفارسين، وطليعة الجيش: من يبعث ليطلع على عدد العدو، (فعيلة) بمعنى (فاعلة)، يستوي فيه الواحد والجمع، والجمع طلائع.

(1)"الصراح"(ص: 116).

ص: 641