الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21 - باب الظلم
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
5123 -
[1] عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2447، م: 2579].
ــ
21 -
باب الظلم
في (القاموس)(1): الظُّلْم: وضع الشيء في غير موضعه، والمصدر الحقيقي: الظَّلْم بالفتح، انتهى.
وجميع معانيه وموارد استعماله يتضمن هذا المعنى، ويجمعها ما قال الطيبي (2): وضع الشيء في غير موضعه المختص به، إما بنقصان أو بزيادة، وإما بالعدول عن وقته أو مكانه، انتهى.
ولو تأملت لوجدته أعم مما ذكر بأن يكون التجاوز عن طريقه ووضعه، وعما عهد فيه من الصفات والأحوال والشرائط واللوازم والخواص وأمثال ذلك، والمتعارف استعماله في الظلم على الناس، والاعتداء في حقوقهم من الدم والمال والعرض.
الفصل الأول
5123 -
[1](ابن عمر) قوله: (الظلم ظلمات) كما أن العمل الصالح سبب لنور يسعى بين أيدي المؤمنين كذلك الظلم سبب للظلمة وإحاطتها بالظالمين، وقيل: المراد بالظلمات الشدائد كما في قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1045).
(2)
"شرح الطيبي"(9/ 260).
5124 -
[2] وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِم حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ" ثم قَرَأ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} الآيَة [هود: 102]. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 4686، م: 2583].
5125 -
[3] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا مَرَّ بِالْحِجْرِ قَالَ: "لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ"، ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ، وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى اجْتَازَ الْوَادِيَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 4419، م: 2980].
ــ
[الأنعام: 63]، ثم جمع الظلمات إما لأن المراد بالظلم الجنس أو بالنسبة إلى المواد، فالظلم لكل ظالم ظلمة، أو لكل واحد ظلمات؛ لشدة هذه الشنيعة، أو لأن الظلمة لما كانت تسعى بين أيديهم وبأيمانهم جعلت كأنها متعددة، فافهم.
5124 -
[2](أبو موسى) قوله: (لم يفلته) من الإفلات، أي: لم يتركه ولم يخلصه، من أفلتت الدابة: إذا نفرت.
5125 -
[3](ابن عمر) قوله: (لما مر بالحجر) بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم -وقيل: وبكسرها-: اسم لأرض ثمود قوم صالح [عليه السلام]، قال تعالى:{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} [الحجر: 80].
وقوله: (إلا أن تكونوا باكين) أي: معتبرين ومتذكرين لحالهم، وهو مفض إلى البكاء.
وقوله: (ثم قنع رأسه) التقنع: أخذ القناع على الرأس وستره بالطيلسان، والحمل على المجاز؛ بأن يكون مبالغة، أي: أطرق فلم يلتفت يمينًا وشمالًا مما لا يدعو إليه دليل، اللهم إلا أن يدعى أن هذه العبارة متعارفة في هذا المعنى، واللَّه أعلم.
5126 -
[4] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلِمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 2449].
5127 -
[5] وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ " قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: "إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ،
ــ
والكلام في جواز التقنع وعدمه طويل مذكور في موضعه، وليس هذا فرارًا من قدر اللَّه كما يتمسك به بعض الفارين من الطاعون في عصرنا، بل هو عبرة وتنبيه للحاضرين على التجنب من معصية اللَّه، وتمثيل لحالة العذاب؛ فإن البلاء والعذاب لم يكن نازلًا حينئذ، وهو ظاهر.
5126 -
[4](أبو هريرة) قوله: (مظلمة) قد مرّ ضبطه ومعناه في آخر (الفصل الثالث) من (باب الرفق والحياء).
وقوله: (فليتحلله) أي: يجعله في حلّ بالاستعفاء عن صاحب الحق؛ فإن لم يمكن التحلل ففي الغيبة يتوب ويستغفر اللَّه ويستغفر للمغتاب له كما مر، وفي الأموال مجملًا أو مفصلًا قولان.
5127 -
[5](وعنه) قوله: (ما المفلس؟ ) أي: ما حقيقته ومعناه، وفي بعض