المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٨

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(25) كتاب الآداب

- ‌1 - باب السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الاستئذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب المصافحة والمعانقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب القيام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب العطاس والتثاؤب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب الضحك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الأسامي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب البيان والشعر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الوعد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب المزاح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌13 - باب المفاخرة والعصبية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب البر والصلة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الحب في اللَّه ومن اللَّه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب ما ينهى عنه من التهاجر والتقاطع واتباع العورات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الحذر والتأني فى الأمور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب الظلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(26) كتاب الرقاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب فضل الفقراء وما كان من عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْل الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الأمل والحرص

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب التوكل والصبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الرياء والسمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب البكاء والخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب تغير الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الإنذار والتحذير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(27) كتاب الفتن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الملاحم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب أشراط الساعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب قصة ابن صياد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌5 - باب نزول عيسى عليه السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب قرب الساعة وأن من مات فقد قامت قيامته

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

4911 -

[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: "أُمُّكَ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمُّكَ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ "أُمُّكَ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أَبُوكَ"،

ــ

الفصل الأول

4911 -

[1](أبو هريرة) قوله: (بحسن صحابتي) الصحابة بالفتح مصدر بمعنى الصحبة، في (القاموس) (1): صحبه كسمعه صحابة ويكسر، وصحبه: عاشره، وهم أصحاب وأصاحيبُ وصُحبانٌ وصِحاب وصِحابة وصَحْبٌ.

وقوله: (قال: أمك) بالرفع، وهو ظاهر، وقد يروى منصوبًا؛ لأن من أحق بحسن صحابتي في معنى من أبره، وهو خلاف الظاهر، استدل به من قال للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، وذلك لصعوبة الحمل، ثم الوضع، ثم الرضاع، وهذه تنفرد بها الأم، ثم تشارك الأب في التربية، كذا ذكر السيوطي، أخذ ذلك من تكرار حق الأم ثلاث مرات، والظاهر أن يكون تأكيدًا ومبالغة في رعاية حق الأم وكونه أعظم من حق الأب، وذلك لتهاون أكثر الناس في حقها بالنسبة إلى الأب، ولا يكون تعيينًا لحق الأم بكونه ثلاثة أضعاف ما للأب، وذلك لأن التربية من الأب أكثر وأشد كما لا يخفى، والمذكور في كتب الفقه أن حق الوالد أعظم من حق الوالدة، وبرها أوجب، كذا في (شرعة الإسلام)، قالوا: وإذا تعذر عليه جمع مراعاة حق الوالدين؛ بأن يتأذى أحدهما بمراعاة الآخر يرجح حق الأب فيما يرجع إلى التعظيم والاحترام، وحق

(1)"القاموس المحيط"(ص: 110).

ص: 206

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: "أُمَّكَ، ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثم أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ"(1). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5971، م: 2548].

4912 -

[2] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَغِمَ أَنْفُهُ، رَغِمَ أَنْفُهُ، رَغِمَ أَنْفُهُ"، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا ثمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2551].

4913 -

[3] وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي. . . . .

ــ

الأم فيما يرجع إلى الخدمة والإنعام، كذا في (القنية).

وقوله: (وفي رواية: أمك، ثم أمك، ثم أمك) في هذه الرواية منصوبة، وكذا (ثم أباك) بتقدير الناصب.

وقوله: (ثم أدناك أدناك) أي: أقربك، وكرره تأكيدًا واهتمامًا.

4912 -

[2](أبو هريرة) قوله: (أحدهما أو كلاهما) بالرفع في أكثر الأصول، وقد يروى بالنصب، وهو الأظهر، أي: أدرك عند الكبر أحدهما أو كليهما، ووجه الرفع أنه فاعل الظرف، أو التقدير بكبر، أو المدرك أحدهما أو كلاهما، أو يبلغ الكبر أحدهما أو كلاهما، وهذا أوفق بنظم القرآن، و {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} [الإسراء: 23] وإن كان أبعد في الحديث، وفي رواية الترمذي:(رغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة).

4913 -

[3](أسماء بنت أبي بكر) قوله: (قدمت عليّ أمي) اسمها قيلة بنت عبد العزى، وأسماء وعائشة أختان من أب، وأم عائشة أم رومان رضي الله عنهما.

(1) في نسخة: "فأدناك".

ص: 207

وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ: "نَعَمْ صِلِيهَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2620، م: 1003].

4914 -

[4] وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ آلَ أَبِي فُلَانٍ لَيسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ. . . . .

ــ

وقوله: (في عهد قريش) أي: في المدة التي عاهدهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ترك القتال، وهو صلح الحديبية، والقصة مشهورة.

وقوله: (وهي راغبة) في أكثر الروايات بالباء الموحدة أي: ترغب في الإسلام أو عن الإسلام، وهذا أنسب بالمقام وأوفق بالرواية الأخرى:(وهي راغمة)، أي: كارهة ساخطة للإسلام، وقيل: راغبة وطامعة في مال، وراغمة، أي: ذليلة ومحتاجة، فمعنى الروايتين واحد، واللَّه أعلم.

وفي الحديث دليل على وجوب نفقة الأب والأم الكافرين على الولد المسلم، وأن الإحسان إلى الكفار جائز.

4914 -

[4](عمرو بن العاص) قوله: (إن آل أبي فلان) هكذا جاء في الرواية، وقالوا: إنه صلى الله عليه وسلم صرح باسم فلان وكنى الراوي خوفًا من الفتنة وحذرًا من ترتب المفسدة عليه، وفي بعض الأصول ترك بعد (أبي) بياضًا، ولم يذكر الاسم للعلة المذكورة، وقيل: المراد بأبي فلان أبو لهب، وقيل: أبو سفيان، وقيل: حكم بن العاص، وهذا أقرب، ولعل عمرو بن العاص لم يرد أن يذكر نفي الولاية والصلاح عنهم صريحًا وأن يظهر عيوب قومه، واللَّه أعلم.

وقوله: (بأولياء) أي: لا أوالي أحدًا ولا أحبه لقرابة، وإنما أحب اللَّه والصالحين من عباده.

ص: 208

وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبِلَالِهَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 599، م: 215].

4915 -

[5] وَعَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ،

ــ

وقوله: (وصالح المؤمنين) الظاهر أن المراد الجنس، وبه فسر قوله تعالى:{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: 4].

وقوله: (ببلالها) بكسر الباء وفتحها وقد يضم، بمعنى البلة، وقد جعل بعضهم الكسر جمع بلل، كجمل وجمال، في (القاموس) (1): البلل محركة، والبلة والبلال بكسرهما، والبلال بالضم: الندوة، وككتاب: الماء، ويثلث، وكل ما يبل به الحلق، ولما كانت الرطوبة والبلة سبب اتصال الأشياء، واليبوسة والجفاف موجب افتراقها، استعاروا البل لصلة الرحم واليبس لقطعها.

وقال بعض الشارحين: شبه القطيعة بالحرارة والصلة بالماء الذي يطفئ تلك الحرارة، والمراد إعطاء شيء قليل يكفي للضرورة.

4915 -

[5](المغيرة) قوله: (إن اللَّه حرم عليكم عقوق الأمهات) تخصيص الأمهات بالذكر إما لقوة حقوقها وغلبتها كما عرفت، أو لضعف قلوبهن، فيتأثرن ويتأذين بأدنى إيذاء، فالتوجيه في ذلك أهم وأوفر، أو لتقصير الأولاد في حقوقها، فالنهي عنه أهم وأعم، أو من جهة أن الكلام لعلة اتفق فيها، ولهذا جمع بين أشياء متفرقة غير متناسبة في الظاهر، واللَّه أعلم.

وقوله: (ووأد البنات) الوأد: دفن البنات حية كما كانوا يفعلون في الجاهلية،

(1)"القاموس المحيط"(ص: 891).

ص: 209

وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرَّهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ،

ــ

ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8 - 9].

وقوله: (ومنع وهات): (منع) على صيغة الماضي، ويروى بلفظ المصدر عبارة عن البخل والإمساك، و (هات) بمعنى آت -أمر من الإيتاء بمعنى الإعطاء- عبارة عن السؤال من الناس، وقيل: المراد المنع عن أداء الحقوق الواجبة في الأموال وأخذ ما لا يحل من أموال الناس، وقيل: بل منع جميع الحقوق الواجبة في الأموال وغيرها، وتكليف الناس بما لا يجب عليهم من الحقوق، وطلب ذلك منهم، ورعاية طريقة (1) الإنصاف والاعتدال فيها.

وقوله: (وكره لكم قيل وقال) الرواية بتشديد الراء، وذكر الحرمة في الأول والكراهة في الثاني لشدة الإثم وقوته في الأول، ومع ذلك نبه بتشديد الراء على الشدة والكراهة قريبًا من الحرمة، على أنه قد تجيء الكراهة بمعنى الحرمة، ففي العبارة تفنن، واللَّه أعلم.

و(قيل وقال) بفتح اللام على حكاية صيغة الفعل الماضي مع تضمنه الضمير على ما هو طريقة حكاية الجملة، وهي الرواية في الحديث، وقد يجري (2) مجرى الأسماء بعدم اعتبار الضمير، فينونان أو يعرفان بالألف واللام، والمراد النهي عما هو عادة الناس في المجالسة من التحدث بفضول الكلام وأراجيفه من غير قصد إلى بحث وتحقيق، وقيل: المراد النهي عن الإكثار في الكلام المتجاوز عن الحد؛ فإنه يقسي القلب ويضيع الوقت.

وقوله: (وكثرة السؤال) أراد بها كثرة السؤال عن أحوال الناس وتفتيشها والتجسس

(1) كذا في الأصل، والظاهر:"عدم رعاية طريقة. . . ".

(2)

كذا في الأصل، والظاهر:"يجريان".

ص: 210

وَإِضَاعَةَ الْمَالِ". متَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2408، م: 593].

4916 -

[6] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5973، م: 90].

ــ

عن أمورهم، أو كثرة السؤال في العلم للامتحان وإظهار الفضيلة والخصومة والجدال، أو كثرة سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الموجب لمشقته وتأذيه، والباعث على التضييق والتشديد في الأحكام، وقيل: أراد كثرة مسألة الناس أموالهم، ولا يفيد على هذا الوجه قيد الكثرة؛ فإنها منهي عنها مطلقًا كثيرة كانت أو قليلة من غير ضرورة، اللهم إلا أن يراد بالكثرة إشاعتها وتكثيرها؛ بأن تكون لضرورة أو لغيرها، وأيضًا النهي عن هات بإطلاقه شامل لهذا المعنى، فيلزم التكرار.

وقوله: (وإضاعة المال) وهي إهلاك المال وإنفاقه على وجه الإسراف؛ فإن كان على وجه الحرام فظاهر، ويشمل عند التحقيق بعض المباحات أيضًا، كتشييد الأبنية وتزيينها وزخرفتها، ولبس الثياب الناعمة والأطعمة الشهية، وتزيين الأواني والسيوف بالفضة والذهب والجواهر، والانهماك في اللذات المباحة من غير اكتراث ومبالاة خارجًا عن حد الاعتدال، فإنها وإن كانت ترى مباحة في ظاهر الحكم لمن له وسعة ولا يضيع بها حقًّا واجبًا، لكنها توجب القساوة وغلظ الطبع.

4916 -

[6](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (فيسب أباه) فيلزم منه كأنه سب أباه بنفسه باعتبار السبب، وسب الأب كبيرة بأي وجه كان؛ لكونه عقوقًا، والعقوق كبيرة وإن لم يكن سب ذلك الرجل كبيرة؛ لكونه مما لم يوجب الحد، فافهم.

ص: 211

4917 -

[7] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2552].

4918 -

[8] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ؟ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5986، م: 2557].

4919 -

[9] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوَي الرَّحْمَنِ،

ــ

4917 -

[7](ابن عمر) قوله: (بعد أن يولي) على صيغة المعلوم من التفعيل من ولى تولية: إذا أدبر، كتولى، وذلك إما بالموت أو الغيبة.

4918 -

[8](أنس) قوله: (وينسأ له في أثره) نسأه: أخره نسأ ومنسأة، كأنسأه، فقوله: ينسأ على صيغة المجهول من النسأ أو الإنساء، و (الأثر) بقية الشيء وأثر الأقدام، والمراد هنا مدة العمر لبقائه؛ لأن أثر الأقدام إنما يكون للحي، فإذا مات لم يبق له أثر، وتأخير الأجل بالصلة إما بمعنى حصول البركة والتوفيق في العمر وعدم ضياع العمر فكأنه زاد، أو بمعنى أنه سبب لبقاء ذكره الجميل بعده، أو وجود الذرية الصالحة، كما يقال: الأولاد ولادة ثانية للرجل، والتحقيق أنها سبب لزيادة العمر كسائر أسباب العالم، فمن أراد اللَّه زيادة عمره وفقه لصلة الأرحام، والزيادة إنما هي بحسب الظاهر بالنسبة إلى الخلق، وأما في علم اللَّه فلا زيادة ولا نقصان، وهو وجه الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم:(جف القلم بما هو كائن)، وقوله تعالى:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39].

4919 -

[9](أبو هريرة) قوله: (بحقوي الرحمن) الحقو معقد الإزار، وقد يطلق على الإزار أيضًا، وهو على عادة المستجير بأخذ ذيل المستجار، وإذا اشتد المراد

ص: 212

فَقَالَ: مَهْ؟ قَالَتْ: هَذَا مقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ! قَالَ: فَذَاكِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 4830، م: 2554].

4920 -

[10] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 5988].

ــ

وأراد أن يضطر المستجار لإجارته أخذ بإزاره، أو معقد إزاره، شبهت الرحم بذلك الشخص المستجير، وقيل: أراد عظمة اللَّه كما جاء في الحديث: (العظمة إزاري) أي: تتمسك بعظمته تعالى وكبريائه.

وقوله: (فقال: مه؟ ) يحتمل أن يكون اسم فعل بمعنى اكفف، لكنهم حملوه على (ما) الاستفهامية أبدلت ألفه هاء، ولعل هذا أنسب بالمقام، فافهم.

4920 -

[10](عنه) قوله: (الرحم شجنة) الشجنة بتثليث المعجمة وسكون الجيم وبنون: عروق الشجر المشتبكة، والمعنى هنا أنها أخذ اسمها من اسم الرحمن فلها علقة به، كذا قال السيوطي (1)، كما جاء في حديث آخر:(أنا اللَّه وأنا الرحمن، خلقت الرحم وشققته اسمًا لها من اسمي)، ولا يخفى أنه يمكن حملها على المعنى من غير إرادة الاسم واشتقاقه، فالمعنى أن الرحم مشتبكة ومتصلة بالرحمن تعالى، كما أشار إليه الطيبي (2) في آخر الكلام حيث قال: والمعنى الرحم أثر من آثار رحمته مشتبكة بها، فافهم.

(1) انظر: "التوشيح شرح الجامع الصحيح"(8/ 3638).

(2)

"شرح الطيبي"(9/ 155).

ص: 213

4921 -

[10] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّه". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5989، م: 2555].

4922 -

[12] وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5984، م: 2555].

4923 -

[13] وَعَنِ ابْنِ عَمْرٍو (1) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ،

ــ

4921 -

[11](عائشة) قوله: (الرحم معلقة بالعرش) قالوا: للرحم درجات بحسب القرب والبعد، فالأول: وهو الأخذ بحقوي الرحمن لأخص الأرحام، وهي التي تكون بواسطة الولادة؛ إذ الأخذ بحقوي الرحمن أبلغ في القرب، والثاني: وهو كونها شجنة من الرحمن دونها كالإخوة والأعمام، والثالث: دونها لأن التعلق بالعرش دون التعلق بالرحمن وبحقويه.

4922 -

[12](جبير بن مطعم) قوله: (لا يدخل الجنة قاطع) أي: قاطع الرحم، وقد تعارف إطلاق القطع في قطعها كالصلة في وصلها، وهذا تشديد وتهديد، وله تأويلات ذكرت في موضعه.

4923 -

[13](ابن عمرو) قوله: (ليس الواصل) أي: الواصل للرحم الذي

(1) قال القاري (7/ 3086): بالواو، وفي نسخة بلا واو. قال ميرك: الصحيح أن راوي هذا الحديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص لا ابن عمر، واللَّه أعلم.

قلت: وكذا أسنده السيوطي في "الجامع الصغير" إلى ابن عمرو.

ص: 214

وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 5991].

4924 -

[14] وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي قَرَابةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِم وَيُسِيْئُونَ إِلَيَّ، وأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ:"لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2558].

ــ

يكافئ ويجزي إحسانًا فعل به، (ولكن الواصل) الكامل (الذي إذا قطعت) بالتشديد، وقيل: بالتخفيف (وصلها) كما ورد في مكارم الأخلاق: (صل من قطعك، واعف عمن ظلمك، وأعط من حرمك).

4924 -

[14](أبو هريرة) قوله: (لئن كنت كلما قلت) أي: كنت تفعل كما تقول، وفيه: إشارة إلى أن ذلك أمر بعيد.

وقوله: (فكأنما تسفهم) بضم تاء وكسر سين وتشديد فاء، أي: تطعمهم (المل) بفتح الميم، وهو الرماد الحار الذي يحمى، من سَفِفت الدواء وأسففته غيري، وهو السفوف -بالفتح- أي: قمحته، أو أخذته غير مَلتُوتٍ، كذا في (القاموس)(1).

ونقل عن (المغرب)(2): سف الدواء والسويق وكلَّ شيء يابس: أَكَلَه، من باب علم، شبه ما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكله من الألم، أي: إحسانك إليهم كالملّ تحرق أحشاءهم، وقيل: عبارة عن التحقير والإخزاء، أي: أنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم، فصاروا كمن سف المل، وقيل: معناه إذا لم يشكروا

(1)"القاموس المحيط"(ص: 756)، وانظر:"النهاية"(2/ 375).

(2)

"المغرب"(3/ 54).

ص: 215