الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
5268 -
[1] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطُطًا صِغَارًا. . . . . .
ــ
الأمل، ويدل عليه تفسير القاضي عياض إياه في (مشارق الأنوار) (1) بقوله: الأمل بفتح الميم: هو ما يحدث به الإنسان نفسه مما يدركه من أمور الدنيا ويبلغه ويحرص عليه، فتدبر.
والحرص فرط الشره والإرادة، كذا قال الطيبي (2)، وفي (الصراح) (3): شره آزناك وحريص شدن، وشره آزمند، وقال في (القاموس) (4): الحرص بالكسر: الجشع، كضرب وسمع، فهو حريص، والجشع محركة: أشد الحرص وأسوأه وأن تأخذ نصيبك وتطمع في نصيب غيرك، جشع كفرح فهو جَشِعٌ.
الفصل الأول
5268 -
[1](عبد اللَّه) قوله: (خطًّا مربعًا) أي: شكلًا يحيط به أربع خطوط.
وقوله: (خطًّا في الوسط) محمول على ظاهره، وكذلك البواقي.
وقوله: (وخطّ خططًا) الظاهر أنه جمع خط، ولكنه لم يذكر في كتب اللغة فيما نعلم، بل ذكر أن جمع خط خطوط وأخطاط، وذكر في (مجمع البحار) (5): خططًا
(1)"مشارق الأنوار"(1/ 38).
(2)
"شرح الطيبي"(9/ 345).
(3)
"الصراح"(ص: 535).
(4)
"القاموس المحيط"(ص: 552)(ص: 638).
(5)
"مجمع بحار الأنوار"(2/ 64).
إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ، فَقَالَ:"هَذَا الإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهَذِهِ الْخُطُطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَسَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَسَهُ هَذَا". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 6417].
ــ
بضم الخاء وكسرها جمع خط، ولا يظهر وجهه.
نعم هو جمع خطة بمعنى الأرض التي يختطها الإنسان لنفسه، بأن يعلم عليها علامة ليعلم أنه قد احتازها، ولا يناسب هنا، واللَّه أعلم.
وقوله: (من جانبه الذي في الوسط) متعلق بقوله: (وخط خططًا)، والضمير في (جانبه) إلى الخط الوسط الخارج الذي بعضه في الشكل المربع وبعضه خارج منه، وهو المراد بجانبه الذي في الوسط.
وقوله: (هذا الإنسان) مبتدأ وخبر، أي: هذا الخط الذي في الوسط الإنسان.
وقوله: (وهذا أجله) أي: الخط المربع المحيط بالخط الوسط.
و(الأعراض) الآفات والعاهات العارضة للإنسان، كالأمراض وغيرها من أسباب الموت مكتنفة من جميع جوانبه متصلة به، والأطباء يطلقون العرض على ما يحدث من المرض، والمراد هنا أعم من ذلك، وعبر عن عروض آلافة بالنهس -وهو لدغ ذات السم- مبالغة في الإصابة وتألم الإنسان بها، واكتفى بذكر الأعراض وآلافات؛ لأن الغالب موت الإنسان بالأمراض والآفات، وإن تجاوز عنه هذه الآفات المهلكة كلها، ولم يمت بالموت الأمراضي لا بد أن يموت بالموت الطبيعي، والمقصود من الحديث أن الإنسان يظن أني أصل إلى أملي قبل الأجل، وظنه خطأ، بل الأجل أقرب إليه من الأمل، ويموت قبل أن يصل إلى أمله، وقالوا: الأمل مذموم إلا للعلماء، فإنه
5269 -
[2] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خُطُوطًا فَقَالَ: "هَذَا الأَمَلُ وَهَذَا أَجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الْخَطُّ الأَقْرَبُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 6418].
5270 -
[3] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَيَشِبُّ مِنْهُ اثْنَانِ: الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6421، م: 1047].
ــ
لولا أملهم وطوله لما صنفوا واجتهدوا في تحصيل الكتب ونحوها، ولا حاجة إلى هذا الاستثناء؛ لأن المذموم طول الأمل على سبيل الجزم والاعتقاد، وأما بطريق الظن والاحتمال فلا، إذ الأمر محتمل لا يجزم بوجوده ولا بعدمه، والمقصود أن هذا الظن والعمل بهذا الاحتمال والاعتماد عليه مستحسن منهم، لكون عملهم حسنًا ومقصدهم صحيحًا بخلاف غيرهم من الناس، فتدبر.
فإن قيل: ذكر في الحديث الثاني خطوطًا في مجمله وذكر اثنين في مفصله؟
قلت: فيه اختصار بعدم ذكر الخط الآخر الذي هو الإنسان، والخطوط الأخر التي هي الآفات، و (هذا الأمل) إشارة إلى الخط الأطول الخارج.
5269 -
[2](أنس) قوله: (وهذا أجله) إشارة إلى الخط الأقرب من بين الخطوط إلى الإنسان الذي به هلاكه وموته، وكذلك لم يذكر الخط المربع المحيط.
هذا والأظهر أن محمل هذا الحديث ما يجيء في حديث أبي سعيد في (الفصل الثاني).
5270 -
[3](وعنه) قوله: (ويشب منه اثنان) وإنما لم تنكسر هاتان الخصلتان؛ لأن الإنسان مجبول على حب الشهوات، كما قال اللَّه سبحانه: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ
5271 -
[4] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَيْنِ: فِي حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الأَمَلِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6420، م 1046].
5272 -
[5] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 6419].
ــ
الشَّهَوَاتِ} الآية [آل عمران: 14]، والشهوة إنما تنال بالمال والعمر، وإنما تتقوى في الهرم؛ لأن قوته العقلية تضعف، وهي الزاجرة عن القوة الشهوية، وقد صارت ملكة راسخة.
5271 -
[4](أبو هريرة) قوله: (في حب الدنيا وطول الأمل) المراد بحب الدنيا الحرص على المال، وبطول الأمل الحرص على العمر، كما قال في الحديث السابق.
5272 -
[5](وعنه) قوله: (أعذر اللَّه إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة) في (النهاية)(1): أي لم يبق فيه موضعًا للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدة ولم يعتذر، أعذر: إذا بلغ أقصى الغاية في العذر، والعذر لا يتوجه على اللَّه بل على العبد، فأريد به نفي اعتذاره مجازًا، وقيل: همزته للسلب، أي: أزال عذره؛ فإذا لم يتب إلى هذا العمر لم يكن له عذر؛ فإن الشاب يقول: أتوب إذا شخت، والشيخ ماذا يقول، وقيل: أقام اللَّه عدره في تطويل عمره فما له إلا الاستغفار والطاعة والإقبال إلى الآخرة، كذا في (مجمع البحار)(2)، وقد سبق شرح هذا اللفظ في (الفصل الثاني) من (باب الأمر بالمعروف).
(1)"النهاية في غريب الحديث والأثر"(3/ 196).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(3/ 552).