المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٨

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(25) كتاب الآداب

- ‌1 - باب السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الاستئذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب المصافحة والمعانقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب القيام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب العطاس والتثاؤب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب الضحك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الأسامي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب البيان والشعر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الوعد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب المزاح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌13 - باب المفاخرة والعصبية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب البر والصلة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الحب في اللَّه ومن اللَّه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب ما ينهى عنه من التهاجر والتقاطع واتباع العورات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الحذر والتأني فى الأمور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب الظلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(26) كتاب الرقاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب فضل الفقراء وما كان من عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْل الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الأمل والحرص

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب التوكل والصبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الرياء والسمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب البكاء والخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب تغير الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الإنذار والتحذير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(27) كتاب الفتن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الملاحم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب أشراط الساعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب قصة ابن صياد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌5 - باب نزول عيسى عليه السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب قرب الساعة وأن من مات فقد قامت قيامته

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

4795 -

[13] عَنْ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ فِي الشِّعْرِ مَا أَنْزَلَ،

ــ

الفصل الثاني

4795 -

[13](كعب) قوله: (عن كعب بن مالك) أحد شعراء المسلمين، وكان شعراؤهم: حسان بن ثابت، وعبد اللَّه بن رواحة، وكعب بن مالك، وقيل: كان كعب يخوفهم بالحرب، وحسان بن ثابت يقبل على الأنساب، وعبد اللَّه بن رواحة يعيرهم على الكفر، وقيل: إن دوسًا إنما آمنت ورقّت من قول كعب حيث قال:

قضينا من تهامة كل وتر

وخيبر ثم أغمدنا السيوفا

نخيّرها ولو نطقت لقالت

قواطعهنّ دوسًا أو ثقيفًا

فقالت دوس: انطلقوا وخذوا لأنفسكم لا ينزل بكم ما نزل بثقيف، كذا في (أسد الغابة)(1).

وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال لحسان بن ثابت: (تقبل على أنسابهم وتهجوهم بها ولي فيهم نسب، فاحذر أن تقع في نسبي)، قال: أخرجك يا رسول اللَّه منهم كما يخرج الشعر من الخمير، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(شاور في ذلك أبا بكر)، وكان رضي الله عنه أعلمهم بالأنساب وأيام العرب.

وقوله: (إن اللَّه قد أنزل في الشعر ما أنزل) يعني قوله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224]، فأجاب صلى الله عليه وسلم بأنه ليس على إطلاقه، بل للهائمين في أودية

(1)"أسد الغابة"(2/ 439).

ص: 126

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنَّمَا تَرْمُونَهُمْ بِهِ نَضْحَ النَّبْلِ". رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 3409].

وَفِي "الِاسْتِيعَابِ" لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَاذَا تَرَى فِي الشِّعْرِ؟ فَقَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهد بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ".

4796 -

[14] وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ". . . . .

ــ

الضلال، والذين يقولون ما لا يفعلون، وقد استثنى سبحانه المؤمنين بقوله:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} الآية [الشعراء: 227].

وقوله: (لكأنما ترمونهم به) أي: بالشعر الذي تهجونهم به، و (النضح) بمعنى الرمي، يقال: نضح فلانًا بالنبل، أي: رماهم.

فقوله: (نضح النبل) مفعول مطلق أو مفعول به، أي: ترمونهم به النبل المنضوحة، والمراد أن هجاءكم إياهم يؤثر فيهم كتأثير النبل، وفي هذا إثبات كونه جهادًا باللسان.

4796 -

[14](أبو أمامة) قوله: (الحياء والعي شعبتان من الإيمان) أما كون الحياء شعبة من الإيمان فقد سبق تحقيقه في (كتاب الإيمان)، وأما العي بكسر العين وإدغام الياء فهو العجز والحصر في الكلام، ضد البيان، عَيِي في منطقه عِيًّا كرضي رضا: حَصِر، وَعييٌّ على وزن (فعيل)، وعيٌّ أيضًا على (فَعْل) صفة منه، والجمع أعياء وأعيياء، والعِيُّ أيضًا: عدم الاهتداء بالأمر، عَيِي كرضي وعيَّ، والإدغام أكثر، وتعايا واستعيا: لم يهتد لوجه مراده، أو عجز عنه، ولم يطق إحكامه، والظاهر أن المراد هنا المعنى الأول بقرينة قوله:(والبذاء والبيان شعبتان من النفاق) والبذاء:

ص: 127

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2027].

ــ

الفحش في الكلام، وقال في (القاموس) (1): البذاء: الكلام القبيح، والبذي كرضي: الرجل الفاحش، وفي (الصراح) (2): البذاء: بيهوده كَفتن، وأصله بذاءة فحذفت الهاء، مثل كرامة وصلابة، والبيان عرف معناه، وإنما كان العي شعبة من الإيمان، والبذاء والبيان شعبة من النفاق؛ لأن المؤمن لحيائه وانكساره ومسكنته وشغله بالعبادات وإصلاح الباطن وهمّ الآخرة وعدم تشدقه باللسان لا يقدر على التقرير والبيان، ويعجز عن ذلك، بخلاف المنافق؛ فإنه بذيء فاحش جريء على البيان والتشدق، ويؤول معنى هذا الحديث إلى معنى قوله صلى الله عليه وسلم:(المؤمن غر كريم، والمنافق خب لئيم)، ويمكن حمل العي على المعنى الثاني، وهو عدم الاهتداء في الأمور والعجز عن أحكامها، فيكون أقرب معنى إلى هذا الحديث.

وقال الطيبي (3): إن الإيمان يكون باعثًا على الحياء والتحفظ في الكلام والاحتياط فيه، وهو علامة الإيمان، وما يخالفها من النفاق، وعلى هذا يكون المراد بالعي ما يكون بسبب التأمل في المقال والتحرز عن الوبال، لا لخلل في اللسان، وبالبيان ما يكون سببه الاجتراء وعدم المبالاة بالطغيان وعدم التحرز عن الزور والبهتان، ولعله إنما قوبل العي في الكلام مطلقًا بالبيان الذي هو التعمق في المنطق وإظهار التقدم على الناس مبالغة في ذم البيان، وإن هذه النقيصة ليست بمضرة للإيمان مضرة ذلك البيان، فتدبر.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1161).

(2)

"الصراح"(ص: 544).

(3)

"شرح الطيبي"(9/ 90).

ص: 128

4797 -

[15] وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَسَاوِئُكُمْ أَخْلَاقًا، الثَّرْثَارُوْنَ الْمُتَشَدِّقُونَ المُتَفَيْهِقُونَ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 4616].

4798 -

[16] وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ عَنْ جَابِرٍ، وَفِي رِوَايَتِهِ قَالُوا: يَا رَسُول اللَّه! قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُوْنَ. . . . .

ــ

4797 -

[15](أبو ثعلبة الخشني) قوله: (إن أبغضكم إلي) الظاهر أن الخطاب للمؤمنين، ولا شك أن فيهم محبوبين ومبغوضين من جهات مختلفة، وإن كانوا جميعًا محبوبين، ثم هم يتفاوتون في مراتب المحبة والبغض، فبعضهم أحب وبعضهم أبغض، فلا إشكال في هذه العبارة، ولا حاجة إلى التمحلات والتكلفات التي ذكروها كما يظهر بالنظر في كلام الطيبي (1)، فتأمل.

وقوله: (مساوئكم) الظاهر أنه جمع سوء، كمحاسن جمع حسن بالضم على غير قياس، كما في (القاموس)(2) وغيره، فهو مصدر وصف به ثم جمع، وفي رواية:(أساوئكم) جمع أسوأ، كأحاسن جمع أحسن، وهذه الرواية أظهر وإن كانت الأولى أقوى.

4798 -

[16](جابر) قوله: (الثرثارون) في (الصراح)(3): ثرثرة الكلام: كثرته

(1) انظر: "شرح الطيبي"(9/ 90).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 54).

(3)

"الصراح"(ص: 165).

ص: 129

وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: "الْمُتَكَبِّرُوْنَ". [ت: 2018].

4799 -

[17] وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ قَوْمٌ يَأْكُلُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ. . . . .

ــ

وترديده، يقال: ثرثر فهو ثرثار، أي: مكثار مهذار، وفي (القاموس) (1): الثرثرة: كثرة الكلام وترديده، والإكثار من الأكل وتخليطه.

وقوله: (المتشدقون) في (القاموس)(2): الشدق بالكسر ويفتح، والدال مهملة: طِفْطَفَةُ الفم من باطن الخدين، والجمع الأشداق، والشَّدق محركة: سعة الشدق، وخطيب أشدق: بليغ، وامرأة شدقاء، وتشدق: لوى شدقَه للتفصح.

وقوله: (المتفيهقون) في (القاموس)(3): فهق الإناء كفرح فهقًا ويحرك: امتلأ، والفهيق: الواسع من كل شيء، وبئر مفهاق: كثيرة الماء، وأفهقه: ملأه، وتفيهق في كلامه: تنطع وتوسع كأنه ملأ به فمه، وفي (الصراح) (4): فلان يتفيهق في كلامه، أي: يتوسع فيه ويتنطع، وأصله فهق، وهو الامتلاء، كأنه ملأ فمه، ولا يخفى أن هذا من التكبر والرعونة، ولهذا فسره في الحديث بالمتكبرين.

4799 -

[17](سعد بن أبي وقاص) قوله: (يأكلون بألسنتهم) أي: يجعلون ألسنتهم وسائل أكلهم، فيمدحون الناس ويذمونهم بالباطل، ويكذبون ويتشدقون، ويلقون الكلام بألسنتهم في ذلك حتى يحصل لهم شيء من الدنيا وشهوات نفوسهم

(1)"القاموس المحيط"(ص: 336).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 826).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 848).

(4)

"الصراح"(ص: 389).

ص: 130

كَمَا تَأْكُلُ الْبَقَرَةُ بأَلْسِنَتِهَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 1/ 184].

4800 -

[18] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ كَمَا تَتَخَلَّلُ الْبَاقِرَةُ بِلِسَانِهَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 2853].

ــ

(كما تأكل البقرة) الحشيش (بألسنتها) وتلف، فلا تميز بين الرطب واليابس، والجيد والرديء، ولهذا سميت بقرة، لأن البقر هو الشق والتوسع، ومنه سمي الإمام محمد ابن علي بالباقر، لتبقره في العلم وتبحره فيه، بخلاف سائر الحيوانات التي تأكل بأسنانها، فهؤلاء أيضًا لا يميزون بين ما ينبغي من القول وما لا ينبغي، ولا بين ما يحصل بسببه من الحلال والحرام.

4800 -

[18](عبد اللَّه بن عمر) قوله: (يتخلل بلسانه) أي: من يتشدق في الكلام ويفخم به لسانه ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفًّا، هكذا فسروه، وأصل التخلل الدخول في خلال الشيء، يقال: تخلله: ثقبه ونفذه، ومنه الخلال يتخلل بين الأسنان، شبه إدارة لسانه في الفم حال التكلم تفاصحًا بما تفعل البقرة بلسانها، وأما من يخطب ويفصح من غير تكلف فلا يدخل فيه، فلا يكره.

و(الباقرة) جمع بقر، وأكثر استعماله بدون التاء، قال في (القاموس) (1): وأما باقر والبقير والبيقور والباقور وباقروة فأسماء للجمع، هذا وأما البقرة فالظاهر أن التاء للوحدة كما في تمرة، ومع ذلك جمع اللسان في قوله:(كما تأكل البقرة بألسنتها)، وقال:(الباقرة بلسانها)، وأما الثاني فيظهر وجهه بإرادة الجنس، وأما الأول فلا يظهر له وجه إلا أن يقال: إن التاء للنقل دون الوحدة، فتدبر.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 331).

ص: 131

4801 -

[19] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِقَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنَ النَّارِ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (1) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

4802 -

[20] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَعَلَّمَ صَرْفَ الْكَلَامِ لِيَسْبِيَ بِهِ قُلُوبَ الرِّجَالِ أَوِ النَّاسِ. . . . . .

ــ

4801 -

[19](أنس) قوله: (هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون) ومن هذا الوجه ورد: (إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنّة من فقهه)(2).

4802 -

[20](أبو هريرة) قوله: (من تعلم صرف الكلام) صرف الحديث: أن يزاد فيه ويحسن، من الصرف في الدراهم، وهو فضل بعضه على بعض في القيمة، وكذلك صرف الكلام، وله عليه صرف، أي: شرف وفضل، وهو من صرفه يصرفه؛ لأنه إذا فضل صرف عن إشكاله، وقال الطيبي (3): صرف الكلام: فضله، وما يتكلف الإنسان من الزيادة فيه وراء الحاجة، يدخله الرياء ومخالطة الكذب ويحوله عن موضعه بلسان إرادة التلبيس والتخليط، وبهذا الوجه شبه بالسحر الذي أصله الصرف، وقيل: صرف الكلام: إيراده على وجوه مختلفة.

وقوله: (ليسبي به قلوب الرجال أو الناس) شك من الراوي، والسبي: الأسر،

(1) الحديث غير موجود في "الترمذي" ولا في "الشمائل"، نعم أخرجه أحمد في "مسنده"(12211)، وأبو يعلى في "مسنده"(3992)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(2127).

(2)

أخرجه مسلم (869).

(3)

"شرح الطيبي"(9/ 81).

ص: 132

لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 5006].

4803 -

[21] وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا، وَقَامَ رَجُلٌ فَأَكْثَرَ الْقَوْلَ. فَقَالَ عَمْرٌو: لَوْ قَصَدَ فِي قَوْلِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَقَدْ رَأَيْتُ -أَوْ أُمِرْتُ- أَنْ أَتَجَوَّزَ فِي الْقَوْلِ، فَإِنَّ الْجَوَازَ هُوَ خَيْرٌ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 5008].

ــ

سبى العدو سبيًا وسباء: أسره كاستباه، فهو سبي وهي سبي أيضًا، والجمع سبايا، والمراد هنا الإمالة والصرف، والمراد التعلم بتحصيل الجاه، فإن الجاه تملك القلوب.

وقوله: (صرفًا ولا عدلًا) الصرف: التوبة، والعدل: الفدية، أو الصرف النافلة، والعدل الفريضة، أو بالعكس، أو الصرف الوزن، والعدل الكيل، أو الصرف الاكتساب، والعدل الفدية أو الحيلة، ومنه {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا} [الفرقان: 19] معناه ما يستطيعون أن يصرفوا عن أنفسهم العذاب، ذكر ذلك كله في (القاموس)(1).

4803 -

[21](عمرو بن العاص) قوله: (لو قصد في قوله لكان خيرًا) في (القاموس)(2): القصد: استقامة الطريق وضد الإفراط، كالاقتصاد (لقد رأيت) أي: علمت (أو أمرت) بلفظ المجهول، شك من الراوي.

وقوله: (أن أتجوز في القول) تجوز في الصلاة: خفف، وفي الكلام: تكلم بالمجاز، والمراد هنا الإسراع والتخفيف، وفي (الصراح) (3): الجواز رواني وروان شدن، وكَذشتن از جائ وراهي، وسبك كَزاردن نماز، وسخن بمجاز كَفتن.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 762).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 294).

(3)

"الصراح"(ص: 223).

ص: 133

4804 -

[22] وَعَنْ صَخْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَن أَبِيهِ عَن جَدِّه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا، وَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ جَهْلًا، وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حُكْمًا،

ــ

4804 -

[22](صخر بن عبد اللَّه) قوله: (وإن من العلم جهلًا) قال الطيبي نقلًا عن (النهاية)(1): هو أن يتعلم من العلوم ما لا يحتاج إليه، كالنجوم وعلم الأوائل، ويدع ما يحتاج إليه من القرآن والسنة فيجهله، وقيل: هو أن لا يعمل بعلمه فكأنه جاهل، انتهى. ويمكن أن يقال: إن من يدعي لنفسه بزعمه علمًا وليس كذلك في نفس الأمر لبطلان زعمه فهو جهل، أو المراد من يتوغل في ذات اللَّه وصفاته بالكنه ويريد أن يعلمه بالكنه، وذلك العلم جهل في الحقيقة، إذ لا سبيل إلى العلم بالكنه، أو المراد أن الاعتراف بالجهل في بعض المواضع علم؛ لكونه مما لا يعلم، فيكون هذا فرد العلم، وهو جهل، فيكون بعض العلم جهلًا، فافهم.

وقوله: (وإن من الشعر حكمًا) وفي رواية: (لحكمًا)، أي: كلامًا نافعًا يمنع من الجهل والسفه، قيل: أراد بها المواعظ والأمثال التي ينتفع بها الناس، والحكم: العلم، والفقه، والقضاء بالعدل، وهو مصدر حكم، ويروى (لحكمة)، وهو بمعنى الحكم، كذا ذكر في (مجمع البحار)(2) نقلًا عن (النهاية).

والحاصل أن الحكم والحكمة يجيء بمعنى واحد، ففي رواية وقع فيها الحكمة يجوز أن تحمل على معنى الحكم، وفي رواية جاء فيها الحكم يحمل على معنى الحكمة.

(1)"شرح الطيبي"(9/ 93).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(1/ 534).

ص: 134