الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
4783 -
[1] عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ. . . . .
ــ
بيدا وكشاده كَفتن وفصاحت، ويقال: فلان أبين من فلان، أي: أفصح وأوضح كلامًا، تبين: بيدا شدن وكردن، وقال البيضاوي (1): البيان: الكشف عما في الضمير وإفهام الغير، وقال الطيبي (2): إظهار المقصود بأبلغ لفظ، وقيل: هو المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير، والكل متقارب في المعنى، والكلام في أن المراد بالفصاحة والبلاغة في تعريفه هو المعنى اللغوي لهما أو الاصطلاحي، فتدبر.
و(الشعر) في اللغة: العلم والفطنة، شعر به كنصر وكرم: علم به وفطن له وعقله، ومنه قولهم: ليت شعري، والشاعر: العالم والفطن، وفي الاصطلاح: كلام موزون مقفى قصد القائل موزونيته، والشاعر بهذا المعنى كتامر ولابن، أي: صاحب شعر، اللهم إلا أن يفسر بانشاء كلام كذلك.
الفصل الأول
4783 -
[1](ابن عمر) قوله: (قدم رجلان من المشرق) نقل الطيبي (3) عن الميداني أن الرجلين أحدهما الزبرقان بن بدر بكسر زاي وسكون موحدة وكسر راء وبقاف، وثانيهما عمرو بن أهتم بفتح الهمزة وسكون الهاء وفتح الفوقية، وفي (القاموس) (4): زبرق ثوبه: صبغه بحمرة أو صفرة، والزبرقان بالكسر: القمر والخفيف
(1)"تفسير البيضاوي"(5/ 170).
(2)
"شرح الطيبي"(9/ 81).
(3)
"شرح الطيبي"(9/ 81).
(4)
"القاموس المحيط"(ص: 820).
فَخَطَبَا، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 5767].
ــ
اللحية، ولقب الحصين بن بدر الصحابي؛ لجماله أو لصفرة عمامته، أو لأنه لبس حلة وراح إلى ناديهم، فقالوا: زبرق حصين.
والأهتم لقب سنان بن خالد؛ لأن ثنيته هتمت يوم الكلاب، أي: كسرت، وقصتهما أن الزبرقان تفاخر وتكلم في فضائله بكمالات (1) فصيحة، فأجابه عمرو ونسبه إلى اللؤم بكلام بليغ، وقال الزبرقان: واللَّه يا رسول اللَّه! إنه قد علم مني غير ما قال، وما منعه أن يتكلم بذلك إلا الحسد، فأجابه عمرو ثانيًا بما هو أبلغ من الأول.
وفي (إحياء العلوم)(2): مدحه يومًا ثم ذمه يوما آخر، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(ما هذا؟ ) قال: لقد صدقت فيما قلت أولًا وما كذبت فيما قلت ثانيًا، هو أرضاني أمس فقلت أحسن ما علمت فيه، وأغضبني اليوم فقلت أقبح ما وجدت فيه، فقال صلى الله عليه وسلم:(إن من البيان لسحرًا) يعني بعض البيان بمثابة السحر في صرف القلوب وإمالتها إلى الباطل، وظاهر سياق المقصد أنه ذمه على تشدق اللسان وتلون الكلام تارة فتارة، لكنهم اختلفوا في تأويله، فمنهم من حمله على الذم في التصنع في الكلام والتكلف لتحسينه ليشتمل به قلوب السامعين ويصرفها إلى قبول قوله، وإن كان غير حق، ويتكلف بزيادة ما لا يعني، ويخلط بالتلبيس، ويذهب بحق الغير، كحديث:(لعل بعضكم ألحن بحجته)، وذهب آخرون أن المراد منه مدح البيان والحث على تحسين الكلام وتحبير الألفاظ، ولفظ الحديث على ما رواه المؤلف محتمل للوجهين، فالحاصل
(1) كذا في الأصل، والظاهر:"بكلمات".
(2)
"إحياء علوم الدين"(2/ 26).
4784 -
[2] وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 6145].
4785 -
[3] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ". قَالَهَا ثَلَاثًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2670].
ــ
أن بعض البيان بمنزلة السحر في ميلان القلوب إليه أو في العجز عن الإتيان بمثله، وهذا النوع ممدوح إذا صرف إلى الحق، ومذموم إذا صرف إلى الباطل، فيكون على نمط قوله:(الشعر كلام حسنه حسن، وقبيحه قبيح).
4784 -
[2](أبي بن كعب) قوله: (إن من الشعر حكمة) في (القاموس)(1): الحكمة: العدل والعلم والحلم، وأحكمه: أتقنه ومنعه عن الفساد، وعن الأمر: منعه مما يريد، والفرس: جعل للجامه حكمة، والحكمة محركة: ما أحاط بحنكي الفرس من لجامه، والظاهر أن المراد هنا العلم وأحكامه كالأشعار المشتملة على الموعظة والنصيحة، وقيل: معناه إن من الشعر كلامًا نافعًا يمنع عن الجهل والسفه.
وأصل الحكمة المنع، وبها سمي اللجام، لأنها تمنع الدابة، ثم قيل: هذا يدل على أن المراد بقوله: (إن من البيان لسحرا) مدح البيان، وقد روي القرينان في حديث واحد، وقد يقال: يمكن أن يكون قوله: (وإن من الشعر حكمة) ردًّا من زعم أن الشعر كله مذموم، والبيان كله حسن، فقال: إن بعض البيان كالسحر في البطلان، وبعض الشعر كالحكمة في الحقيقة، والحق أن الكلام ذو وجهين يختلف بحسب المقاصد، كذا قالوا.
4785 -
[3](ابن مسعود) قوله: (هلك المتنطعون) في (القاموس)(2): تنطع
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1011).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 708).
4786 -
[4] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6147، م: 2256].
4787 -
[5] وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ: "هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ. . . . .
ــ
في الكلام: تعمق، وغالى، وتأنق، وفي عمله: تحذق، والنطع كعنب: ما ظهر من الغار الأعلى في الحنك، فيه آثار كالتحزيز، والحروف النطعية الطاء والدال والتاء، انتهى. وفي (شرح الأرجوزة) للجزري: سميت نطعية لخروجها من نطع الغار، أي: سقفه، والمراد المتشدقون المتكلفون في الكلام المقتصرون من الألفاظ والعبارات الهائلة المعجبة للناس من غير رعاية المعنى وملاحظة الحق رياءً وتصنعًا، وقال الطيبي (1): أراد به المتعمقين الغالين في خوضهم فيما لا يعنيهم من الكلام.
4786 -
[4](أبو هريرة) قوله: (كلمة لبيد).
وقوله: (باطل) أي: فانٍ مضمحل، وهو موافق لقوله تعالى:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26]، وقوله:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] الآيتين، وآخره: وكلُّ نَعِيمٍ لَا مَحَالَةَ زائِلُ
سوى جَنَّةِ الفردوسِ إن نعيمَها
…
سيبقى وإن الموتَ لابد نازل
4787 -
[5](عمرو بن الشريد) قوله: (أمية بن أبي الصلت) قال النووي: هو كافر، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم شعره الذي فيه حكمة، واسم أبي الصلت عبد اللَّه بن ربيعة
(1)"شرح الطيبي"(9/ 83).
شَيْءٌ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ،
ــ
ابن عوف بن عقدة بن غيرة -بكسر الغين المعجمة- ابن عوف بن قسي، وهو ثقيف، كان أمية يتعبد في الجاهلية ويؤمن بالبعث وينشد في إثباته الشعر المليح، وأدرك الإسلام ولم يسلم، ثبت في (صحيح مسلم) عن الشريد بن سويد، فذكر الحديث، ومن شعره ما رأيته منقولًا عن البغوي أنه قال: روي عن أمية أنه لما غشي إليه أفاق فقال:
كل عيش وإن تطاول دهرًا
…
صائرٌ مَرّة إلى أن يزولا
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي
…
في قلال الجبال أرعى الوعولا
إن يوم الحساب يوم عظيم
…
شاب فيه الوليد يومًا ثقيلا
قال الدميري: وذكر عن السهيلي (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع قول أمية:
لك الحمد والنعماء والفضل ربّنا
…
فلا شيءَ أعلَى منك حمدًا ومجدًا
قال: آمن شعر أمية وكفر قلبه، وهو أول من كتب باسمك اللهم، ومنه تعلمت قريش، فكانت تكتب كذلك في الجاهلية.
قال: ولتعلم أمية هذه الكلمة سبب عجيب ذكره المسعودي، وذلك أن أمية كان مصحوبًا تبدو له الجن، فخرج في عير قريش، فمرت بهم جنِّية فقتلوها، فاعترضت لهم جنّية تطلب بثأرها وقالت: قتلتم فلانة، ثم ضربت الأرض بقضيب فنفرت الإبل، فلم يقدروا عليها إلا بعد عناء شديد، فلما جمعوها جاءت فضربت ثانية فنفرتها، فلم يقدروا عليها إلى نصف الليل، ثم جاءت فنفرتها، حتى كادوا أن يهلكوا بها
(1)"التعريف والإعلام" للسهيلي (ص: 61 - 62)، و"حياة الحيوان"(2/ 243).
قَالَ: "هِيهِ"، فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ:"هِيهِ"، ثم أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ:"هِيهِ"، حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِئَة بَيتٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2255].
ــ
عطشًا وعناء، وهم في مفازة لا ماء فيها، فقالوا لأمية: هل عندك من حيلة أو غناء؟ فقال: لعلها، ثم ذهب حتى جاوز كثيبًا، فرأى ضوء نار على بُعد، فأتبعه حتى أتى على شيخ في خباء، فشكا إليه ما نزل به وبصحبه، وكان الشيخ جنيًّا، فقال: اذهب فإذا جاءتكم فقل: باسمك اللهم سبعًا، فرجع إليهم وهم قد أشرفوا على الهلكة، فلما جاءتهم الجنيّة قالوا ذلك، فقالت: تبًّا لكم، مَن علَّمكم، فذهبت وأخذوا إبلهم، وكان فيهم حرب بن أمية جد معاوية، فقتلته بعد ذلك الجن بثأر تلك الجنّية، وقالوا فيه شعرًا:
وقَبْرُ حَرْبٍ بمكانٍ قفر
…
وليس قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ قَبْرُ
ذكر هذا كله في (الكوكب المنير لشرح الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير).
وروي أنه كان أمية متدينًا متعبدًا في الجاهلية، وكان حريصًا على استعلام النبي الموعود من العرب، وكان يرجو أن يكون نفسه، فلما أخبر أنه من قريش منعه الحسد من الإيمان به صلى الله عليه وسلم.
وذكر ابن الجوزي في (كتاب الوفاء): أنه لما سمع منهم علامات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كان يقول: لئن ظهر وأنا حي لأبلِيَنَّ اللَّه في نصره عذرًا، فلما ظهر صلى الله عليه وسلم نكص على عقبيه، وقال: ما كنت لأومن برسول من غير ثقيف أبدًا، وكان هو من ثقيف. وذكر في سماع أمية علامات نبوته صلى الله عليه وسلم حكايات عجيبة، فعليك بـ (كتاب الوفاء).
وقوله: (هيه) بكسر الهاء وسكون الياء بمعنى (إيه)، و (إيه) اسم فعل، وهو بغير تنوين أمر باستزادة حديث معهود، وبه بغير معهود، و (إيهًا) بالنصب للتسكيت
4788 -
[6] وَعَنْ جُنْدُبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بَعْضِ الْمَشَاهِدِ وَقَدْ دَمِيَتْ أُصْبُعُهُ، فَقَالَ:
"هَلْ أَنْتِ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيتِ
…
وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ"
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2802، م: 1796].
ــ
والكف إذا وقف على آخر الكلمة بالتسكين، وإذا لم يوقف حرك بالكسر، وإذا نكر نون، وقال الكرماني (1):(هيه) بكسر الهاء الأولى لاستزادة حديث أو فعل، وقد تحذف الهاء الثانية، ومنه: هي يا بن الخطاب، أو هي ضمير قصة، و (هيه) استزادة لشعر أمية؛ لأنه كان تقيًّا ترهب قبل الإسلام.
4788 -
[6](جندب) قوله: (في بعض المشاهد) وهو غزوة أحد على ما قال الطيبي (2)، أصاب الحجر أصبع رجله صلى الله عليه وسلم، كذا في (سفر السعادة).
وقوله: (وفي سبيل اللَّه ما لقيت)(ما) موصولة، وهو مبتدأ خبره مقدم، وقيل: نافية، أي: ما لقيت شيئًا في سبيل اللَّه، تحقيرًا لما لقيت من الجراحة، و (دميت) على بناء الفاعل على وزن (رضيت)، وكذا (لقيت)، والتاء مكسورة فيهما، وقيل: هما بالسكون فيهما فرارًا من الوزن، ورد بأنه مع السكون أيضًا موزون من الكامل.
واختلفوا في أنه هل قاله النبي صلى الله عليه وسلم منشئًا أو متمثلًا؟ وبالثاني جزم الطبري وغيره، فقيل: هو للوليد بن الوليد، وقيل: لعبد اللَّه بن رواحة، قاله في غزوة مؤتة، وقد أصيبت
(1)"شرح الكرماني"(25/ 199).
(2)
"شرح الطيبي"(9/ 85).
4789 -
[7] وَعَنِ الْبَراءِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ: "اهْجُ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ"، وَكَانَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِحَسَّانَ:"أَجِبْ عَنِّي، اللهمَّ أيِّدْهُ بِرُوُحِ الْقُدُسِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3212، 2485].
ــ
أصبعه؛ ذكر ذلك كله السيوطي، وقيل: هذا رجز ومثله لا يعدّ شعرًا؛ وأيضًا وقع موزونًا من غير قصد، فلا يكون شعرًا، ولا يعد قائل مثله شاعرًا، وأما ما قيل: إن قوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} [يس: 69] وأمثاله مسوق لتكذيب الكفار فيما نسبوه، ولا يقال من تفوه ببيت واحد على ندر: إنه شاعر، فمحل نظر؛ لأنهم فسروا قوله تعالى:{وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] بمعنى أنه لا يتيسر ولا يتصور ولا يأتي منه الشعر قطعًا.
4789 -
[7](البراء) قوله: (لحسان) هو منصرف إن كان من الحسن، وغير منصرف إذا كان من الحس.
وقوله: (اهج) في (القاموس)(1): هجاه هجوًا: شتمه بالشعر، وفي (الصراح) (2): هجاء بالكسر والمد: نكوهيدن، خلاف المدح، وقال السيد في (شرح الكشاف): إن التهجي تعديد الحروف بأساميها، ومن المجاز يهجو فلانًا: يعد معايبه.
وقوله: (اللهم أيده بروح القدس) المراد به جبرئيل، سمي به لأنه يأتي الأنبياء بما فيه حياة القلب، والقدس بمعنى المقدس، وهو اللَّه تعالى بإضافة الروح إليه
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1234).
(2)
"الصراح"(ص: 597).
4790 -
[8] وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اهْجُوا قُرَيْشًا؛ فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2490].
4791 -
[9] وَعَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِحَسَّانَ: "إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ"، وَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"هَجَاهُمْ حَسَّان فَشَفَى وَاشْتَفَى". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2490].
ــ
للتشريف، أو القدس صفة الروح لكونه بمعنى المقدس، أو باعتبار الوصف بالمصدر، وإنما أضيف إليه تنبيهًا على زيادة الاختصاص، كقولهم: حاتم الجود، ورجل صدق.
4790 -
[8](عائشة) قوله: (من رشق النبل): (الرشق) بالفتح: الرمي بالنبل وغيره، مصدر رشقه: إذا رماه بالسهام، وبالكسر الوجه من الرمي، وإذا رمى القوم كلهم دفعة واحدة، قالوا: رمينا رشقًا، و (النبل) بفتح وسكون؛ السهام، وهي جمع لا واحد لها، وقيل: واحد، وجمعه نبال وأنبال ونبلان.
4791 -
[9](وعنها) قوله: (ما نافحت) نافحه: كافحه وخاصمه، ونافحت عن فلان: خاصمت عنه.
وقوله: (فشفى) أي: غيره، (واشتفى) أي: بنفسه، وفي (القاموس) (1): اشتفى بكذا: تشفى من غيظه، وفي (الصحاح) (2): استشفى، أي: طلب الشفاء.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1195).
(2)
"الصحاح في اللغة"(1/ 362).
4792 -
[10] وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى اغْبَرَّ بَطْنُهُ، يَقُولُ:
وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا
…
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
…
وثبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
…
إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ: "أَبَيْنَا أَبَيْنَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 4104، م: 1803].
4793 -
[11] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ. . . . . .
ــ
4792 -
[10](البراء) قوله: (فأنزلن) أمر من الإنزال بالنون الخفيفة، خطاب على طريقة الالتفات.
وقوله: (إن الأولى) على وزن العلى، أي: الذين (بغوا علينا) أي: الأحزاب أو أهل مكة.
وقوله: (إذا أرادوا فتنة) أي: ردنا إلى الكفر.
وقوله: (يرفع بها) أي: بهذه الكلمة المذكورة، يفسرها قوله:(أبينا أبينا)، (صوته) ويكررها، وفيه مشروعية الجهر بالذكر، وقالوا: هذا الرجز من عبد اللَّه بن رواحة.
4793 -
[11](أنس) قوله: (يحفرون الخندق) في (القاموس)(1): الخندق
(1)"القاموس المحيط"(ص: 812).
وهم يَقُولُونَ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايعُوا محمَّدَا
…
عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا
يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُجِيبُهُمْ:
"اللهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَةِ
…
فَاغْفِرْ للأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَةِ"
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2835، م: 1805].
4794 -
[12] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6155، م: 2257].
ــ
كجعفر: حفيرٌ حول أسوار المدن، معربُ كَنْدَة، حفروه حول المدينة في غزوة الأحزاب بالتماس سلمان الفارسي أن ذلك من عادة الفرس، فقبل ذلك منه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأمر بحفره.
4794 -
[12](أبو هريرة) قوله: (يريه) بفتح الياء وكسر الراء مضارع وَرَى، مثل وعد يعد، من الوري، على وزن الرمي، وهو داء يفسد الجوف، ومعناه قيحًا يأكل جوفه ويفسده، والمراد الشعر المذموم، وفي قوله:(يمتلئ) إشارة إلى كون الشعر مستوليًا عليه بحيث يشغله عن القرآن والذكر والعلوم الشرعية، وهو مذموم من أي شعر كان، وفي (القاموس) (1): الوري: قيح في الجوف، أو قرح شديد يُقَاء منه القيح والدم، وَرَى القَيْحُ جوفَه: أفسده.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1232).