المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٨

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(25) كتاب الآداب

- ‌1 - باب السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الاستئذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب المصافحة والمعانقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب القيام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب العطاس والتثاؤب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب الضحك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الأسامي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب البيان والشعر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الوعد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب المزاح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌13 - باب المفاخرة والعصبية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب البر والصلة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الحب في اللَّه ومن اللَّه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب ما ينهى عنه من التهاجر والتقاطع واتباع العورات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الحذر والتأني فى الأمور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب الظلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(26) كتاب الرقاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب فضل الفقراء وما كان من عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْل الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الأمل والحرص

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب التوكل والصبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الرياء والسمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب البكاء والخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب تغير الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الإنذار والتحذير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(27) كتاب الفتن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الملاحم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب أشراط الساعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب قصة ابن صياد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌5 - باب نزول عيسى عليه السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب قرب الساعة وأن من مات فقد قامت قيامته

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟ ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2958].

5170 -

[16] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِن الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6446، م: 1051].

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

5171 -

[17] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ،

ــ

(فأمضيت) في (القاموس)(1): أمضاه: أنفذه، وقيل: معناه أمضيته من الإفناء والإبلاء وأبقيته للآخرة.

5170 -

[16](أبو هريرة) قوله: (عن كثرة العرض) و (العرض) محركة: متاع الدنيا وحطامها نقدًا كان أو غيره، وجمعه أعراض، قيل: كأنه من العرض المقابل للجوهر، وهو لا يبقى زمانين عند الأشاعرة، وبالسكون ما سوى النقدين، وجمعه عروض، وفي (الصراح) (2): عرض بالسكون: رخت وهرجه زر وسيم باشد، عرض بالتحريك: مال دنيا، أعراض جماعت، ويفهم من (القاموس)(3) أن ما هو بمعنى ما سوى النقدين قد يحرك.

الفصل الثاني

5171 -

[17](أبو هريرة) قوله: (هؤلاء الكلمات) في (المصابيح): (هذه

(1)"القاموس"(ص: 1225).

(2)

"الصراح"(ص: 280).

(3)

"القاموس"(ص: 595).

ص: 410

أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ؟ " قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّه، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَعَدَّ خَمْسًا فَقَالَ: "اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [حم: 2/ 310، ت: 2305].

ــ

الكلمات).

وقوله: (أو يعلم) يدل على أن الأصل أن تعمل، فإنه المقصد الأصلي من العلم، وإن وقع التقصير في العمل فثواب التعليم باق، فلا ينبغي أن تخلو عنهما، فإن جمعا فهو الأتم والأكمل، وقال الطيبي (1):(أو) بمعنى الواو.

وقوله: (اتق المحارم تكن أعبد الناس) فإن قلت: العبادة على قسمين: امتثالية واجتنابية، فما معنى هذه العبارة؟ قلت: هي تنبيه على الاهتمام بشأن الاجتناب، يعني أن العبادة الامتثالية إنما تتم وتكمل بالاجتناب عن المحارم، فمن لم يستقص في الامتثاليات النوافل والمندوبات، ولكنه يتق المحارم، ويجتنب عنها، ويبالغ في ذلك، فهو أعبد من الذي يستقصي في الامتثال ويقصر في الاجتناب، هكذا قال المشايخ.

وقوله: (تكن مؤمنًا) إشارة إلى قوله: (حتى يأمن جاره).

وقوله: (تكن مسلمًا) يؤخذ من الحديث أن الإسلام والإيمان واحد مع ما ورد: (ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

وقوله: (ولا تكثر الضحك) في (القاموس)(2): ضحك ضحكًا بالفتح وبالكسر

(1)"شرح الطيبي"(9/ 297).

(2)

"القاموس"(ص: 872).

ص: 411

5172 -

[18] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِنْ لَا تَفْعَلْ مَلأْتُ يَدَكَ شُغُلًا وَلَمْ أسُدَّ فَقْرَكَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْن مَاجَهْ. [حم: 2/ 358، جه: 4107].

5173 -

[19] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: ذُكِرَ رَجُلٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بعِبَادَةٍ وَاجْتِهَادٍ، وَذُكِرَ آخَرُ بِرِعَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا تَعْدِلْ بِالرِّعَةِ"، يَعْنِي الْوَرَعَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2519].

ــ

وبكسرتين وككتف، ولعل المراد به القهقهة، والعلة الغفلة؛ فإن حياة القلب في ذكر اللَّه.

5172 -

[18](وعنه) قوله: (أملأ صدرك) أي: باطنك بالرضا عني فأغنيك عن الناس.

وقوله: (ملأت يدك) أي: ظاهرك بالمال وتشتغل، وكنت مشتغلًا به فقيرًا إليه، فالغنى إنما هو بالقلب لا بالمال، وذلك ثمرة القصد والتقوى، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} الآية [الطلاق: 2].

5173 -

[19](جابر) قوله: (برعة): (الرعة) بكسر الراء وفتح العين: الورع والتقوى، مصدر ورع يرع، من باب ضرب يضرب، كالعدة من وعد يعد.

وقوله: (لا تعدل) يروى على وجهين: بلفظ نهي المخاطب المعلوم، وفي بعض نسخ (المصابيح):(لا تعدل بالرعة شيئًا)، ونفي المضارع المجهول المذكر.

والتقوى والورع أعلاهما الاقتصار على الضرورة، وهي لقمة يسد بها الجوع، وخرقة يستر بها العورة، وحفرة ينفي بها الحر والبرد، وذلك لأخص الخواص، ثم الاقتصار على المباح وذلك للخواص، ثم الكف عن المحارم مع ارتكاب الشبهات،

ص: 412

5174 -

[20] وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ: . . . . .

ــ

وهذا لأوساط عوام المؤمنين، والرجل إذا جاوز الضرورة وقع في المباحات، وإذا اتسع في المباحات وقع في الشبهات والمكروهات، وإذا وقع فيها ولم يكف عنها وقع في المحرمات، وإذا انهمك فيها كاد أن يقع في الكفر، نعوذ باللَّه منه ومما يفضي إليه.

ولقد وضع شيخ شيخنا علي المتقي رحمة اللَّه عليه في بعض رسائله جدولًا لتصوير هذه المراتب، فيه خمس بيوت، أثبت في البيت الأول الضرورة، وفي الثانية المباح، وفي الثالثة المكروه، وفي الرابعة الحرام، وفي الخامسة الكفر بهذه الصورة:

الضرورة

المباح

المكروه

الحرام

الكفر

أقول: هذه مراتب التنزل، وفي مقابلتها مدارج الترقي، وهي الفرائض والواجبات والسنن والمستحبات والاستقامة، وباللَّه التوفيق.

فإن قلت: الأنبياء صلوات اللَّه عليهم أخص أخص الخواص وكانوا لا يكتفون بحد الضرورة؟ قلت: هم معصومون من الوقوع في المعصية، وفعلهم للتشريع والتعليم لئلا تقع الأمة في ضيق وحرج.

5174 -

[20](عمرو بن ميمون) قوله: (الأودي) بهمزة مفتوحة وسكون واو وبدال مهملة، منسوب إلى أود بن صعب.

ص: 413

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتكَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُرْسلًا.

5175 -

[21] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا يَنْتَظِرُ أَحَدُكُمْ إِلَّا غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفْنِدًا،

ــ

وقوله: (اغتنم) من الغنيمة، وهو الفيء، وهو المال الذي يحصل من حرب الكفار، وقد يجيء بمعنى الفوز بالشيء بلا مشقة، واغتنمه: عدَّه غنيمة.

5175 -

[21](أبو هريرة) قوله: (ما ينتظر أحدكم إلا. . . إلخ)، يعني لما لم يغتنم الفرصة ولم يعبد اللَّه عند الفراغ عن الشواغل فكأنه ينتظر هذه الأمور الشاغلة عن العبادات، وإذا لم يعبد عند قوة البدن وقلة الشواغل كيف يعبد معها؟

وقوله: (إلا غنى مطغيًا) في (القاموس)(1): طَغِي، طَغيًا وطغيانًا بالضم والكسر: جاوز القدر، وارتفع، وغلا في الكفر، وأسرف في المعاصي والظلم، وفي (الصراح) (2): طغيان: از حد در كَذشتن، طاغي نعت منه.

(أو فقرًا منسيًا) أي: يجعل صاحبه مشغولًا مدهوشًا، فينسيه الطاعةَ من الجوع والعري وهمِّ القوت، (أو مرضًا مفسدًا) أي: للبدن لشدته، أو الدين للضعف والكسل الحاصل به. (أو هرمًا مفندًا) بالتخفيف من الإفناد، أي: الموقع في الفند، و (الهرم) محركة: أقصى الكبر وشدة الشيخوخة، هرم كفرح، فهو هرم بكسر الراء، وفي

(1)"القاموس"(ص: 1200).

(2)

"الصراح"(ص: 572).

ص: 414

أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوِ الدَّجَّالَ،

ــ

(القاموس)(1): الفند بالتحريك: الخَرَفُ، وإنكار العقل لهرمٍ أو مرض، والخطأ في القول والرأي، والكذب كالإفناد، ولا تقل: عجوز مفندة؛ لأنها لم تكن ذات رأي أبدًا، وفنَّده تفنيدًا: كذّبه، وعجَّزه، وخطَّأ رأيه، كأفنده، وفي (الصراح) (2): فند: دروغ وسست رأي، إفناد: دروغ كَفتن وخرف شدن، انتهى.

والظاهر أن المراد في الحديث معنى الخرافة وضعف الرأي، فلا حاجة إلى اعتبار تشبيههم بالكاذب، كما نقل الطيبي (3): قالوا للشيخ إذا هرم: قد أفند؛ لأنه يتكلم بالمحرف من الكلام عن سنن الصحة، فشبه بالكاذب في تحريفه، وكذا قوله: الفند في الأصل: الكذب، وأفند: تكلم بالفند، ليس على ما ينبغي، فافهم.

وقوله: (أو موتًا مجهزًا) بالتخفيف أيضًا، في (القاموس) (4): جهز على الجريح، كمنع، وأجهز: أثبت قتله، وأسرعه، وتمّم عليه، وموت مُجْهِز وجهيز: سريع، وفرس جهيز، وفي (الصراح) (5): إجهاز خسته را كشتن، يقال: أجهزه وعليه، فرس جهيز: أسب سخت دونده، والمراد الموت بغتة بحيث لا يقدر على التوبة.

وقوله: (أو الدجال) أي: أو ما ينتظر إلا الدجال، لما ذكر صلى الله عليه وسلم الشواغل المانعة عن العبادة والثبات على الإسلام، وذكر منها الأحوال من الغنى والفقر، والمرض والموت، ذكر الدجال الذي يكون في آخر الزمان؛ فإنه أيضًا بلاء شاغل مزلزل للإنسان

(1)"القاموس"(ص: 292).

(2)

"الصراح"(ص: 142).

(3)

"شرح الطيبي"(9/ 299).

(4)

"القاموس"(ص: 470).

(5)

"الصراح"(ص: 223).

ص: 415

فَالدَّجَّالُ شَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةَ، وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ (1). [ت: 2306].

5176 -

[22] وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ،

ــ

عن الاستقامة، وقال: إنه (شر غائب ينتظر) فقوله: (ينتظر) صفة لـ (غائب)، و (شر) مضاف إليه، أي: شر الأشياء الغائبة التي ينتظر وجودها، ثم ذكر آخر الأواخر -وهي الساعة-، وقال:(والساعة أدهى وأمر) و (أدهى) أفعل تفضيل، من دهته الداهية، والداهية: أمر فظيع لا يهتدى لزواله، و (أمرّ) أيضًا أفعل، من مرّ يمرّ مرارة، ضد الحلاوة.

5176 -

[22](وعنه) قوله: (وما والاه) ذكروا في توجيهه ثلاثة أوجه:

إحداها: أن (والاه) من الولي بمعنى المحبة، والمستكن في (والاه) للَّه والبارز لـ (ما)، والمراد بما والاه اللَّه ما أحبه اللَّه من القرب والطاعات.

وثانيها: أنه من الولي بمعنى القرب، والضمير المستكن لـ (الذكر) والبارز لـ (ما)، أو على العكس، أي: ما قاربه وشابهه، والمراد به ذكر خير، يعني من غير ذكر اللَّه.

وثالثها: أنه من الموالاة بمعنى المتابعة، والمستكن والبارز لـ (الذكر)، أي: ما تابع الذكر ولازمه، وكان من مقتضيات الذكر اتباع أمره ونهيه تعالى، وهذه الوجوه كلها إنما تتم إذا أريد بالذكر ذكر اسمه سبحانه، وأما إذا أريد به ما يشمل كل عمل خير يعمل بنية التقرب، فالطاعات والعبادات كلها داخلة في الذكر، فيمكن أن يراد

(1) لم أجده في "سنن النسائي" لا في "الصغرى" ولا في "الكبرى"، بل أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(7) واللفظ له.

ص: 416

وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 2322، جه: 4112].

5177 -

[23] وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةً". رَوَاهُ أَحْمدُ التِّرْمِذِيُّ ابْن مَاجَهْ. [ت: 2320، جه: 4110].

5178 -

[24] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [ت: 2328، شعب: 9906].

ــ

بما والاه الأسباب التي تتولى أمر الذكر وتعين عليه من كفاف المعيشة والضروريات الأخر، أو يكون المراد الذاكرين، والتعبير بـ (ما) لإرادة الصفة، كما يقال في تفسير أمثال قوله تعالى:{وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: 5]، {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 3]، أو لأنها أعم تستعمل على ذوي العقل وغيرهم كما قال ابن الحاجب، فافهم.

وقوله: (وعالم أو متعلم) هكذا في أكثر الروايات، والظاهر النصب كما في (سنن ابن ماجه) مع إبدال الواو بـ (أو) مكررة؛ لأنه عطف على (ذكر اللَّه)، وهو منصوب على الاستثناء من الكلام الموجب، وقد يرفع (إلا ذكر اللَّه) أيضًا بناءً على المعنى أي: لا يحمد إلا ذكر اللَّه وعالم أو متعلم.

5177 -

[23](سهل بن سعد) قوله: (ما سقى كافرًا منها شربة) في نسخ (المصابيح): (شربة ماء).

5178 -

[24](ابن مسعود) قوله: (لا تتخذوا الضيعة) بالفتح: حرفه الرجل وصناعته وتجارته، والمراد النهي عن التوغل في اتخاذها فتلهوا [بها] عن ذكر اللَّه،

ص: 417

5179 -

[25] وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرتهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، فآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى". رَوَاهُ أَحْمدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 19697، شعب: 9854].

5180 -

[26] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لُعِنَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَلُعِنَ عَبْدُ الدِّرْهَم". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2375].

ــ

وفي (مجمع البحار)(1): هي البساتين والمزرعة والقرية؛ لأن في أخذها يحصل الحرص على طلب الزيادة، يقال: رجل مضيع: كثير الضيعة، وفي الحديث:(عافسنا الأزواج والضيعات) أي: المعايش، وهذا فيمن يكتسب التوكل، ويمنعه التلبس بالأسباب عن شهود المسبب، فعليه بترك الأسباب حتى يستقيم في مقام التوكل، وبعد حصوله لا تشغله الأسباب ولا تلهيه، وكلا المعنيين يحتمل قوله سبحانه:{رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ} [النور: 37]، أي: ليس لهم تجارة ولا بيع حتى تلهياه، أو لا تلهيانه مع وجودهما، والثاني هو الموافق لقوله:{وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} [النور: 37]، فافهم.

5179 -

[25](أبو موسى) قوله: (من أحب دنياه أضر بآخرته) لأنه إذا أحب الدنيا انهمك في التفكر في تحصيلها، وأولع بذكرها، وتوغل في تحصيلها، فما تفرغ للتفكر في أمر الآخرة وتحصيلها وذكرها، وكذلك العكس.

5180 -

[26](أبو هريرة) قوله: (لعن عبد الدينار، ولعن عبد الدرهم) مضى شرحه في (الفصل الأول) مع تبديل (تعس) بـ (لعن)، وهو أشد، والتخصيص بالدينار

(1)"مجمع بحار الأنوار"(3/ 428).

ص: 418

5181 -

[27] وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارِمِيُّ. [ت: 2377، دي: 2772].

5182 -

[28] وَعَنْ خَبَّابٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا أَنْفَقَ مُؤْمِنٌ مِنْ نَفَقَةٍ إِلَّا أُجِرَ فِيهَا إِلَّا نَفَقَتَهُ فِي هَذَا التُّرَابِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 2483، جه: 4163].

ــ

والدرهم لأنهما الأصل في أموال الدنيا وحطامها، وقد ورد أنهما عِجل هذه وصنمها.

5181 -

[27](كعب بن مالك) قوله: (وعن كعب بن مالك عن أبيه) هكذا في أكثر نسخ (المشكاة)، والصواب: عن ابن كعب بن مالك كما وقع في أصل الترمذي، أو عن كعب بن مالك بدون (عن أبيه)، وما وقع في الكتاب يقتضي إسلام أبيه مالك ولم يصح، وروي في (الجامع الصغير)(1) للسيوطي عن كعب بن مالك بدون (عن أبيه)، ولا ينافي ذلك أن يكون عن أبيه.

وقوله: (بأفسد) أفعل تفضيل من الإفساد، وقد جوزه بعض النحاة، أو هو مؤول بأشد إفسادًا، والمراد بـ (الشرف) الجاه، و (لدينه) متعلق بـ (أفسد) في معنى أصل الفعل، يعني أن حب المال والجاه مفسد للدين أو مهلك له أشد الإفساد؛ لأنه يفضي إلى البخل والحرص والتكبر والطغيان.

5182 -

[28](خباب) قوله: (ما أنفق مؤمن من نفقة) أي: في مصارف معايشه وحوائجه.

وقوله: (إلا نفقته) بالنصب، إذ المنفي صار موجبًا بالانتقاص، والمعنى: لا أجر

(1)"الجامع الصغير"(10557).

ص: 419

5183 -

[29] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "النَّفَقَةُ كُلُّهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا الْبِنَاءَ، فَلَا خَيْرَ فِيهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 2482].

5184 -

[30] وَعَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا وَنَحْنُ مَعَهُ، فَرَأَي قُبَّةً مُشْرِفَةً فَقَالَ:"مَا هَذِهِ؟ " قَالَ أَصْحَابُهُ: هَذِهِ لِفُلَانٍ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَكَتَ وَحَمَلَهَا فِي نَفْسِهِ، حَتَّى لَمَّا (1) جَاءَ صَاحِبُهَا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي النَّاسِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ،

ــ

لمن يصرف ماله في بناء البيوت والقصور من غير حاجة فخرًا واستعلاءً، لا ما فيه حاجة، ولا بقاع الخير من المساجد والمدارس والرباطات.

5183 -

[29](أنس) قوله: (إلا البناء) الحديث مطلق، ولا بد من تقييده بما لم يكن حاجة أو غرض ديني كما يأتي في الحديث الآتي.

5184 -

[30](وعنه) قوله: (فرأى قبّة)(القبة): بناء مدور، في (الصراح) (2): قبة بالضم: بنا كرد برآورده، وقد يطلق على الخيم.

وقوله: (وحملها) أي: أضمر تلك الفعلة غضبًا عليه، أو الضمير للكراهة المفهومة من المقام، أو للقبة، أو للكلمة التي قال أصحابه.

وقوله: (فأعرض عنه) جواب لـ (ما) بالفاء على القلة، أو عطف على جواب مقدر، أي: كرهه فأعرض عنه، كذا في (مجمع البحار)(3).

(1) كذا في النسخة الهندية و"المرقاة"، وفي "سنن أبي داود":"إذا" بدل "لما".

(2)

"الصراح"(ص: 48).

(3)

"مجمع بحار الأنوار"(1/ 564).

ص: 420

صَنعَ ذَلِكَ مِرَارًا، حَتَّى عَرَفَ الرَّجُلُ الغضبَ فِيهِ وَالإِعْرَاضَ عَنْهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لأُنْكِرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: خَرَجَ فَرَأَى قُبَّتَكَ، فَرَجَعَ الرَّجُلُ إِلَى قُبَّتِهِ فَهَدَمَهَا حَتَّى سَوَّاهَا بِالأَرْضِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ يَرَهَا، قَالَ:"مَا فَعَلَتِ الْقُبَّةُ؟ " قَالُوا: شَكَا إِلَيْنَا صَاحِبُهَا إِعْرَاضَكَ فَأَخْبَرْنَاهُ فَهَدَمَهَا. فَقَالَ: "أَمَا إِنَّ كَلَّ بِنَاءٍ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إِلَّا مَا لَا إِلَّا مَا لَا" يَعْنِي مَا لَا بُدَّ مِنْهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 5237].

5185 -

[31] وَعَنْ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ خَادِمٌ وَمَرْكَبٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. . . . .

ــ

وقوله: (إني لأنكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) في (القاموس)(1): أنكره واستنكره وتناكره: جهله، والمنكر: ضد المعروف، أي: لا أعرف منه صلى الله عليه وسلم عادته المعهودة من حسن التوجه والإقبال، وأرى ما لم أعهده من الغضب والكراهة.

وقوله: (ما فعلت القبة؟ ) أي: إلى ما صار حالها وما شأنها لا يرى أثرها، وصحح في أكثر النسخ بصيغة المعلوم، وهي العبارة المشهورة، وقد يصحح في بعضها بالمعلوم والمجهول معًا.

وقوله: (يعني ما لا بد منه) فحذف اسم (لا) وخبرها معًا.

5185 -

[31](أبو هاشم) قوله: (وعن أبي هاشم بن عتبة) بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف.

(1)"القاموس"(ص: 453).

ص: 421

وَفِي بَعْضِ نُسَخِ "الْمَصَابِيحِ": عَنْ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَدٍ بِالدَّالِ بَدَلَ التَّاءِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ. [حم: 15664، ت: 2327، ن: 2372، جه: 4155].

5186 -

[32] وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ لِابْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سِوَى هَذِهِ الْخِصَالِ: بَيْتٌ يَسْكُنُهُ، وَثَوْبٌ يُوَارِي بِهِ عَوْرتَهُ، وَجِلْفُ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2341].

ــ

وقوله: (ابن عتبد بالدال بدل التاء) هذه العبارة تفيد أنه (عتبد) على وزن (عتبة) بالدال مكان التاء، وهكذا هو مكتوب في النسخ المصححة المعتمد عليها، وفي بعضها كتب (عتيد) بالتاء والياء التحتانية والدال، قيل: الصواب (عبيد) تصغير (عبد) كما هو واقع في أكثر نسخ (المصابيح)، وهو محرف أيضًا، والصواب عتبة.

5186 -

[32](عثمان) قوله: (في سوى هذه الخصال) أي: هذه الأمور، أو المراد بناء البيت ولبس الثوب وأكل الخبز، و (سوى) وقع اسمًا مجرورًا على مذهب الكوفيين.

وقوله: (وجلف الخبز): (الجلف) بكسر الجيم وسكون اللام: الغليظ اليابس من الخبز [أو هو الخبز] غير المأدوم، أو حرف الخبز، والظرف، والوعاء، كذا في (القاموس)(1)، وإذا كان بمعنى الظرف، فالمراد به المظروف، وقد يروى (جلف) بفتح اللام جمع (جلفة) بسكونها، وهي كسرة من الخبز اليابس القفار.

وقوله: (والماء) عطف على (جلف).

(1)"القاموس"(ص: 735).

ص: 422

5187 -

[33] وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ، قَالَ:"ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (1) وَابْن مَاجَهْ. [4102].

5188 -

[34] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَامَ عَلَى حَصِيرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَسَدهِ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَبْسُطَ لَكَ وَنَعْمَلَ، فَقَالَ:"مَا لِي وَلِلدُّنْيَا؟ وَمَا أَنَا وَالدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْن مَاجَهْ. [حم: 3709، ت: 2377، جه: 4109].

5189 -

[35] وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَغْبَطُ أَوْلِيَائِي. . . . .

ــ

5187 -

[33](سهل بن سعد) قوله: (ازهد في الدنيا) زهد فيه كمنع وسمع وكرم ضد رغب.

5188 -

[34](ابن مسعود) قوله: (لو أمرتنا أن نبسط لك ونعمل) أي: لو أذنت لنا أن نبسط لك فراشًا لينًا ونعمل وجوه التنعم.

وقوله: (ما لي وللدنيا): (ما) نافية، أي: ليس لي نسبة ومحبة مع الدنيا ولا للدنيا معي، أو استفهامية، وقيل: اللام في (للدنيا) زائدة والواو بمعنى (مع).

وقوله: (إلا كراكب) وجه التشبيه قلة المكث وسرعة الرحيل.

5189 -

[35](أبو أمامة) قوله: (أغبط أوليائي) أي: أحق أن يغبط به ويتمنى

(1) لم أعثر عليه في "سنن الترمذي".

ص: 423

عِنْدِي لَمُؤْمِنٌ خَفِيفُ الْحَاذِ ذُو حَظٍّ مِنَ الصَّلَاةِ، أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَأَطَاعَهُ فِي السِّرِّ، وَكَانَ غَامِضًا فِي النَّاسِ لَا يُشَارُ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ،

ــ

مثل حاله.

وقوله: (لمؤمن) دخول اللام في خبر المبتدأ جائز على مذهب الزجاج، والأصل أن يدخل على المبتدأ أو خبر (إن)، وهذا الحديث يصلح متمسكًا به، وأما التمسك بقوله تعالى:{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ} [طه: 63] بارتكاب حذف ضمير الشأن وجعل {لَسَاحِرَانِ} خبر {هَذَانِ} لا يتم؛ لجواز أن يكون {لَسَاحِرَانِ} خبر {إِنْ} على لغة من لم يعرب اسم الإشارة، وقيل: اللام في الخبر زائدة، أو المبتدأ محذوف، أي: لهو مؤمن، وهذا تكلف.

وقوله: (خفيف الحاذ) في (القاموس)(1): حاذ المتن: موضع اللِّبْدِ منه، وقال: الحاذ: الظهر، وخفيف الحاذ: قليل المال والعيال، وفي (الصراح) (2): خفيف الحاذ، أي: خفيف الظهر، وأما تفسير الحاذ بالمال فلعله بيان للمراد منه، وأما أنه معناه لغة فلا يظهر من كتب اللغة، واللَّه أعلم.

وقوله: (ذو حظ من الصلاة) أي: حظ عظيم منها لقلة الشواغل.

وقوله: (أحسن عبادة ربه) تعميم بعد تخصيص، أو المراد بالعبادة هو الصلاة، (وأطاعه في السر) تفسير الأحسن، وإشارة إلى أن الأحسن والأكمل من العبادة ما يكون سرًّا، وأن هذا الرجل لما كان قليل العيال راضيًا بالكفاف من الرزق لم يخرج إلى الناس كما أشار إليه بقوله:(وكان غامضًا) أي: خاملًا في الناس، ولم يخالطهم حتى

(1)"القاموس"(ص: 314).

(2)

"الصراح"(ص: 154).

ص: 424

وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا فَصَبَرَ عَلَى ذَلِكَ"، ثُمَّ نقَدَ بِيَدِهِ فَقَالَ: "عُجِّلَتْ مَنِيَّتُهُ، قَلَّتْ بَوَاكِيهِ، قَلَّ تُراثُه". رَوَاهُ أَحْمدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْن مَاجَهْ. [حم: 5/ 252، ت: 2347، جه: 1147].

5190 -

[36] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبًا، فَقُلْتُ: لَا يَا رَبِّ، وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمًا وَأَجُوعُ يَوْمًا، فَإِذَا جُعْتُ تضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ،

ــ

يعلن عبادته ويرائيهم بها.

وقوله: (ثم نقد بيده) قال في (النهاية)(1): هو من نقدت الشيء بأصبعي، أنقده واحدًا واحدًا، نقد الدراهم، ونقد الطائر الحب ينقده: إذا كان يلقطه واحدًا واحدًا، وهو مثل النقر بالراء، ويروى به أيضًا.

وقال التُّورِبِشْتِي (2): أريد به ضرب الأنملة على الأنملة، أو ضربها على الأرض كالمتقلل للشيء، أي: يقل عمره وعدد النساء التي تبكين عليه ومبلغ ميراثه، انتهى.

وقيل: الضرب على هذه الهيئة فعل المتعجب من الشيء، ولعل المراد بتعجيل منيته رفعه من عالم الزور والفتن، ونقله إلى جوار القدس؛ رحمةً من اللَّه الكريم، وقيل: المراد أنه يسلم روحه سريعًا بقلة تعلقه بالدنيا وغلبة شوقه إلى الآخرة، وقيل: أراد قلة مؤنة مماته كما قلّت مؤنة حياته.

5190 -

[36](وعنه) قوله: (عرض عليّ ربي ليجعل لي بطحاء مكة) البطحاء

(1)"النهاية في غريب الحديث والأثر"(5/ 103).

(2)

"كتاب الميسر"(3/ 1105).

ص: 425

وَإِذَا شَبِعَتُ حَمِدْتُكَ وَشَكَرْتُكَ". رَوَاهُ أَحْمدُ وَالتِّرْمِذِيُّ. [حم: 5/ 252، ت: 2347].

5191 -

[37] وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنٍ مِحْصَنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ،

ــ

والأبطح: مسيل واسع فيه دقاق الحصى، ومكة المعظمة في الأصل واد بين الجبلين، وأيضًا بطحاء اسم موضع منها على جانب حراء، وجعلها ذهبًا إما بجعل حصاه ذهبًا، أو ملأ مسيله بالذهب، فالأول أظهر، وجاء في بعض الروايات: جعل جبالها ذهبًا.

5191 -

[37](عبيد اللَّه) قوله: (وعن عبيد اللَّه) بلفظ التصغير (ابن محصن) بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الصاد المهملتين آخره نون.

وقوله: (في سربه) في (القاموس)(1): بكسر السين وفتحها، وبهما يروى، والكسر أقوى، وفي (القاموس) (2): السرب بفتح السين: الطريق والوجهة والصدر، وبالكسر: الطريق والبال والقلب والنفس، وهذه المعاني كلها مناسبة للمقام، وقال التُّورِبِشْتِي (3): أبى بعضهم إلا (السرب) بفتحتين بمعنى البيت، ولم يذكر فيه رواية، ولو سلم له قوله -أن يطلق السرب على كل بيت- كان قوله هذا جريًّا بأن يكون أقوى الأقاويل، إلا أن السرب بفتحتين يقال للبيت الذي هو في الأرض، انتهى.

وفي (القاموس)(4): السرب بالتحريك: جحر الوحشي، والحفير تحت

(1) قوله: "في القاموس" كذا في الأصل، وهو سبق قلم.

(2)

"القاموس"(ص: (102).

(3)

"كتاب الميسر"(3/ 1106).

(4)

"القاموس"(ص: 102).

ص: 426

عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 2346].

5192 -

[38] وَعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ طَعَامٌ وَثُلُثٌ شَرَابٌ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْن مَاجَهْ. [ت: 2380، جه: 3349].

5193 -

[39] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلًا يتجَشَّأُ فَقَالَ: . . . . .

ــ

الأرض.

وقوله: (فكأنما حيزت) أي: جمعت، بلفظ المجهول، من حاز يحوز حوزًا، أو الحوز الجمع وضم الشيء، كالحيازة والاحتياز، و (الحذافير) جمع حذفور كعصفور، أي: كأنما أعطي الدنيا بأسرها.

5192 -

[38](المقدام) قوله: (بحسب ابن آدم) الباء زائدة، أي: كفاه، و (الأكلات) بضمتين جمع أكلة بضم وسكون: اللقمة.

وقوله: (وإن كان لا محالة) أي: كان لا بد من أن يملأ بطنه، وقد ذكر الإمام الغزالي من فوائد الجوع -ونقله الطيبي (1) عنه- ما فيه تذكرة لأولي الألباب.

5193 -

[39](ابن عمر) قوله: (سمع رجلًا يتجشأ) في (القاموس)(2):

(1) انظر: "شرح الطيبي"(9/ 310).

(2)

"القاموس"(ص: 47).

ص: 427

"أَقْصِرْ مِنْ جُشَائِكَ، فَإِنَّ أَطْوَلَ النَّاسِ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَطْوَلُهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا". رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ. [شرح السنة: 4049، ت: 3478].

ــ

التجشؤ: تنفس المعدة، كالتجشئة، والاسم كهمزة، وفي (الصراح) (1): تجشوء آروغ دادن، تجشئة مثلثة جشأة مثل همزة، اسم جشاء بالمد مثلثة، وفي بعض الحواشي: الجشاء: صوت مع ريح يخرج من الحلق عند الشبع، وتجشأ: تكلف في ذلك، انتهى.

ولعل صيغة التفعل هنا للكمال والمبالغة كما قيل في التوحد والتفرد وأمثالهما عند إطلاقهما على اللَّه عز وجل.

و(أقصر) من الإقصار، أقصر وتقاصر: انتهى، وعنه: عجز، كذا في (القاموس)(2)، والمقصود من قوله:(أقصر من جشائك) النهي عن الشبع الجالب للجشاء؛ لأن الجشاء ربما لا يكون للعبد فيه اختيار، والرجل الذي تجشأ عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هو أبو جحيفة وهب بن عبد اللَّه السوائي، يعدّ في صغار الصحابة، لم يبلغ الحلم في زمنه صلى الله عليه وسلم، وقيل: كان من شيعة علي رضي الله عنه، وكان يقول له: وهب اللَّه ووهب الخير، روي عنه أنه قال: أكلت ثريدة برٍّ مع لحم، وأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا أتجشأ، فقال:(أقصر من جشائك) الحديث، وروي أنه لم يأكل ملء بطنه بعد ذلك حتى فارق الدنيا.

(1)"الصراح"(ص: 5).

(2)

"القاموس"(ص: 431).

ص: 428

5194 -

[40] وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2427].

5195 -

[41] وَعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُجَاءُ بِابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ بَذَجٌ، فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَي اللَّهِ، فَيَقُولُ لَهُ: أَعْطَيْتُكَ وَخَوَّلْتُكَ وَأَنْعَمْتُ عَلَيْكَ فَمَا صَنَعْتَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّ! . . . . .

ــ

5194 -

[40](كعب بن عياض) قوله: (إن لكل أمة فتنة) في (القاموس)(1): الفتنة بالكسر: الخبرة، وفي (الصراح) (2): فتنة: آزمائش.

وقوله: (وفتنة أمتي المال) أي: أكثرها وأغلبها؛ لأنه فتح لهم من الأموال والخزائن ما لم يقع لغيرهم.

5195 -

[41](أنس) قوله: (كأنه بذج) في (القاموس)(3): البذج محركة: ولد الضأن، كالعتود من أولاد المعز، والجمع بذجان بالكسر.

وقوله: (وخولتك) تفسير لقوله: (أعطيتك)، والخول محركة: ما أعطاك اللَّه من النعم والعبيد والإماء وغيرهم من الحاشية، للواحد والجمع والذكر والأنثى، ويقال للواحد: خائل، كذا في (القاموس)(4)، وفي (الصراح) (5): تحويل دادن

(1)"القاموس"(ص: 1125).

(2)

"الصراح"(ص: 522).

(3)

"القاموس"(ص: 178).

(4)

"القاموس"(ص: 916).

(5)

"الصراح"(ص: 422).

ص: 429

جَمَعْتُهُ وَثَمَّرْتُهُ وَتَرَكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ، فَارْجِعْنِي آتِكَ بِهِ كلِّهِ، فَيَقُولُ لَهُ: أَرِنِي مَا قَدَّمْتَ، فَيَقُولُ: رَبِّ جَمَعْتُهُ وَثَمَّرْتُهُ وَتَرَكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ فَارْجِعْنِي آتِكَ بِهِ كلِّهِ، فَإِذَا عَبْدٌ لَمْ يُقَدِّمْ خَيْرًا، فَيُمْضَى بِهِ إِلَى النَّارِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ. [ت: 2336].

5196 -

[42] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ جِسْمَكَ؟ وَنُرَوِّكَ مِنَ المَاءِ الْبَارِدِ؟ ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3358].

ــ

وملك كردانيدن جيزء را، يقال: خوله اللَّه الشيء، أي: أعطاه إياه.

وقوله: (وثمرته) ثمر الرجل: تمول، ومال ثمر ككتف ومثمور: كثير، ثمر الرجل ماله: نماه وكثره.

وقوله: (ما كان): (ما) مصدرية، و (كان) تامة، والمضاف محذوف، أي: أكثر أحوال وجوده، فإن لوجود المال أحوالًا من القلة والكثرة، هذا ما تخيلت في تصحيح هذا التركيب.

وقوله: (فإذا عبد) الفاء فصيحة، و (إذا) للمفاجأة، والمبتدأ محذوف، أي: ظهر من حاله أنه عبد خاسر.

وقوله: (فيمضى) بفتح الضاد وقد يكسر.

5196 -

[42](أبو هريرة) قوله: (إن أوّل ما يسأل): (ما) مصدرية، فيكون في تأويل المصدر، وخبره (أن يقال) كذلك.

وقوله: (ألم نصح جسمك): (أصح) جاء لازمًا ومتعديًا، وفي الحديث:

ص: 430