الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6490، 2963].
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَ: "انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ".
*
الْفَصْل الثَّانِي:
5243 -
[13] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ الْجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِ مِئَةِ عَامٍ؛ نِصْفِ يَوْمٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2354].
5244 -
[14] وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: . . . . .
ــ
الرواية الثانية -وهي قوله: (انظروا) - ابتداء كلام، وليس داخلةً تحت الشرط، والمراد انظروا إلى من هو أسفل منكم في الأمور الدنيوية، وأما في الدينية فينبغي أن تنظروا إلى من هو أعلى منكم.
وقوله: (أن لا تزدروا) أي: لئلا تزدروا، من الازدراء، وهو الاحتقار، وأصل تزدروا تزتريوا قلبت التاء دالًا للقاعدة المقررة في باب الافتعال إذا كان فاؤه ياء، ثم نقلت ضمة الياء إلى الراء، ثم حذفت لالتقاء الساكنين.
الفصل الثاني
5243 -
[13](أبو هريرة) قوله: (يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمس مئة عام) قد سبق في حديث عبد اللَّه بن عمرو تقدم الفقراء على الأغنياء بأربعين عامًا، وسبق وجه التوفيق بين الحديثين.
5244، 5245 - [14، 15](أنس) قوله: . . . . .
"اللهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ" فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا، يَا عَائِشَةُ لَا تَرُدِّي الْمِسْكِينَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، يَا عَائِشَةُ أَحِبِّي الْمَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُقَرِّبُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [ت: 2352، شعب: 1380].
5245 -
[15] وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ إِلَى قَوْلِهِ: "زُمْرَةِ الْمَسَاكينِ". [جه: 4126].
5246 -
[16] وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ابْغُونِي فِي ضُعَفَائِكُمْ؛ . . . . .
ــ
(إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم) قد يتوهم منه أن الفقراء الذين ليسوا بأنبياء يتقدمون على الأغنياء من الأنبياء أيضًا، ولعل غرضه صلى الله عليه وسلم مجرد إظهار فضل الفقراء وشرفهم، وطلب تقدمه على الأنبياء وخوف تأخره لو كان غنيًّا عن الأنبياء الذين هم فقراء، لا خوف تأخره عن الفقراء الذين ليسوا بأنبياء، فافهم.
وقوله: (لا تردي المسكين) إنما أفرده لأن المراد المسكين الوارد عليها للسؤال، وجمع في قوله:(أحبي المساكين) لأن محبة المساكين قاطبة مأمور بها السائلين منهم وغير السائلين.
5246 -
[16](أبو الدرداء) قوله: (ابغوني في ضعفائكم) من بغى يبغي كضرب يفحرب، بغيته أبغيه بُغاء وبُغًى وبُغية بضمهن، وبِغية بالكسر: طلبته، كابتغيته واستبغيته، كذا في (القاموس)(1)، فالمعنى: اطلبوني في ضعفائكم، أي: فقرائكم، أي: في حفظ
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1137).
فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ -أَوْ تُنْصَرُونَ- بِضُعَفَائِكُمْ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2594].
ــ
حقوقهم وجبر قلويهم تجدوني عندهم؛ فإني معهم بالقلب كما في الحديث القدسي: (أنا عند المنكسرة قلوبهم لأجلي)، أو اطلبوا رضائي في رضاء ضعفائكم، وقد ذكر الشارحون أن (ابغوني) بهمزة وصلٍ كـ (ارم) وقطعٍ كـ (أعل)، أما الوصل فقد عرفت معناه، وأما القطع فلا يخلو عن خفاء، فإن الإبغاء الحمل على المطلب والإعانة على الطلب، قال في (الصراح) (1): ابغاء بر طلب داشتن وياري كردن در طلب، وبمعنى الطلب له، في (القاموس) (2): أبغاه الشيء: طلبه له أو أعانه على طلبه، انتهى.
وقال الكرماني: أبغيتك الشيء: أعنتك على طلبه، وقد تفسر بمعنى الإعطاء في حديث أبغني خبيبًا، أي: أعطني، كذا في (مجمع البحار)(3)، وقد ضبطوا بهمزة الوصل والقطع في حديث (أبغني أحجارًا)، فالوصل بمعنى اطلب لي بحذف الصلة، والقطع بمعنى أعن على المطلب، وروي أبغ لي، وأما فيما نحن فيه فلا يخلو عن شيء، إذ بهذا المعنى يجيء متعديًا إلى مفعولين كما ذكرنا، وأيضًا لا يظهر معنى احملوني على المطلب، أو أعينوني على المطلب، أو أعطوني في ضعفائكم أن يكون المفعول الثاني محذوفًا، أي: ابغوني الحق في ضعفائكم، أي: احملوني على طلب الحق، أو أعينوني عليه، أو أعطونيه، ولا يخلو عن شيء، فتدبر، واللَّه أعلم.
وقوله: (فإنما ترزقون أو تنصرون) كلمة (أو) للشك أو للتنويع، أو (أو) بمعنى الواو، وهذا أنسب بحديث مصعب بن سعد، كذا في بعض الحواشي.
(1)"الصراح"(ص: 544).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 1137).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(9/ 207).
5247 -
[17] وَعَنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّة". [شرح السنة: 4062].
5248 -
[18] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَغْبِطَنَّ فَاجِرًا بِنِعْمَةٍ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا هُوَ لَاقٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، إِنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ قَاتِلًا لَا يَمُوتُ". يَعْنِي النَّارَ. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السّنة". [شرح السنة: 14/ 295].
5249 -
[19] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَسَنَتُهُ، وَإِذَا فَارَقَ الدُّنْيَا فَارَقَ السِّجْنَ وَالسَّنَةَ". . . . .
ــ
5247 -
[17](أمية بن خالد) قوله: (ابن أسيد) بفتح الهمزة وكسر السين.
وقوله: (كان يستفتح بصعاليك المهاجرين) الصعلوك كعصفور: الفقير، وتصعلك: افتقر، وتصعلكت الإبل: طرحت أوبارها، صعلكه: أفقره، كذا في (القاموس)(1)، (الاستفتاح): الاستنصار والافتتاح، وفي تفسير قوله تعالى:{وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ} [البقرة: 89]، أي: يستنصرون على المشركين، ويقولون: اللهم انصرنا بنبي آخر الزمان المنعوت في التوراة، فكذلك كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم انصرنا بفقراء المهاجرين، ويمكن أن يكون بمعنى الافتتاح، أي: كان يفتتح بهم في الإحسان، كذا في الحواشي، والوجه هو الأول.
5248 -
[18](أبو هريرة) قوله: (فإن له قاتلًا) أي: معذبًا شديدًا (لا يموت) أي: لا يفنى.
5249 -
[19](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (الدنيا سجن المؤمن وسنته) أي:
(1)"القاموس المحيط"(ص: 851).
رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 4106].
5250 -
[20] وَعَن قَتَادَة بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ. [الزهد لأحمد: 58، ت: 2037].
5251 -
[21] وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ: يَكْرَهُ الْمَوْتَ. . . . .
ــ
قحطه، أي: هو في شدة ومحنة في الدنيا بالنسبة إلى ما أعدّ له في الآخرة، أو يمنع نفسه من شهوات الدنيا وملاذها، ويفهم بالقياس إليه معنى ما ورد في حديث آخر:(وجنة الكافر).
5250 -
[20](أبو الدرداء) قوله: (حماه الدنيا) في (القاموس)(1): حمى المريض ما يضره: منعه إياه، فاحتمى وتحمى: امتنع، و (يظل) بفتح الياء والظاء مضارع (ظل) من الأفعال الناقصة بمعنى صار، وهي زائدة هنا.
وقوله: (يحمي سقيمه الماء) أي: لزاد به (2)، كالمستسقي يعني السقيم الذي يضره الماء، وفيه إشارة إلى حرص أهل الدنيا وشرههم كالمستسقي لا يصبر عن الماء ولا يرتوي.
5251 -
[21](محمود) قوله: (عن محمود بن لبيد) اختلف في صحبته، وأثبت له الصحبة البخاري، وهو الصحيح.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1149).
(2)
كذا في الأصل، والظاهر:"لئلا يزيد".
وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 5/ 427].
5252 -
[22] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ، قَالَ:"انْظُرْ مَا تَقُولُ"، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ:"إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافًا، لَلْفَقْرُ أَسْرعُ إِلَى مَنْ يُحِبُّنِي مِنَ السَّيْلِ إِلَى مُنْتَهَاهُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ (1). [ت: 2350].
5253 -
[23] وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ (2) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ أُخِفْتُ. . . . .
ــ
وقوله: (من الفتنة) هي الوقوع في الشرك والمعاصي والابتلاء، كالإكراه من الجورة ونحو ذلك.
5252 -
[22](عبد اللَّه بن مغفل) قوله: (فأعدّ للفقر تجفافًا) بالكسر: آلة للحرب يلبسه الفرس والإنسان ليقيه في الحرب، وجفف الفرس: ألبسه إياه، كذا في (القاموس)(3)، ويقال بالفارسية: بركستوان، كنى به عن الصبر، و (السيل): الماء الكثير السائل، كذا في (القاموس)(4)، (إلى منتهاه) أي: لا بد من وصول الفقر إليه.
5253 -
[23](أنس) قوله: (لقد أخفت) ماضي مجهول من أخاف.
(1) في نسخة: "حسن غريب".
(2)
سقط في نسخة.
(3)
"القاموس المحيط"(ص: 717).
(4)
"القاموس المحيط"(ص: 916).
فِي اللَّهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ وَمَا لِي وَلبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَالٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقَالَ: وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ: حِينَ خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَارِبًا مِنْ مَكَّةَ وَمَعَهُ بِلَالٌ، إِنَّمَا كَانَ مَعَ بِلَالٍ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَحْمِلُ تحتَ إِبْطِهِ. [ت: 2472].
ــ
وقوله: (في اللَّه) أي: لأجل إظهار دين اللَّه، (وما يخاف أحد) على صيغة المجهول أيضًا، وهي جملة حالية، أي: خوفت في دين اللَّه وحدي، وما معي أحد يشاركني، وكنت وحيدًا في ابتداء إظهار الدين، وكذا معنى قوله:(ولقد أوذيت في اللَّه وما يؤذى أحد) أي: لم يوافقني أحد في تحمل الأذى، كذا قال الطيبي (1)، ويجوز أن يكون معناه: ما يخاف أحد مثل ما أخفت، وما يؤذى مثل ما أوذيت، كما يدل عليه حديث:(ما أوذي نبي مثل ما أوذيت)، وذلك لعلو درجته وكمال صدقه وغاية حرصه على الهداية، وإيذاء كل أحد إنما يكون على حسب قدره وحاله، فافهم.
وقوله: (ثلاثون من بين ليلة ويوم) قيل: هي تأكيد للشمول، أي: ثلاثون يومًا وليلة متواترات لا ينقص منها شيء، يعني لو قال: ثلاثون يومًا وليلة لم يكن نصًّا في التواتر، وزيادة قوله:(من بين) يقيد الشمول والتواتر، كذا قالوا، فتدبر.
وقوله: (يأكله ذو كبد) أي: حيوان، أعم من الإنسان، و (الإبط) بكسرتين وكسر وسكون، ["إلا شيء"] أي: شيء قليل.
وقوله: (ومعنى هذا الحديث) أي: محمله حال النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج ومعه بلال،
(1)"شرح الطيبي"(9/ 339).
5254 -
[24] وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم الْجُوعَ، فَرَفَعْنَا عَنْ بُطُونَنَا عَنْ حَجَرٍ حَجَرٍ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَطْنِهِ عَنْ حَجَرَيْنِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 2371].
ــ
وأفاد بقوله: (ومعه بلال) أن الخروج غير الهجرة إلى المدينة؛ لأنه لم يكن معه بلال فيها، فلعل المراد خروجه صلى الله عليه وسلم هاربًا من مكة في ابتداء أمره إلى الطائف إلى عبد كلال -بضم الكاف مخففًا- رئيس أهل الطائف؛ ليحميه من كفار مكة حتى يؤدي رسالة ربه، فسلط على النبي صلى الله عليه وسلم صبيانه فرموه بالحجارة حتى أدموا كعبيه صلى الله عليه وسلم، وكان معه زيد بن حارثة فعطش عطشًا شديدًا، فأرسل إليه سحابة ماطرة، فنزل جبرئيل عليه السلام بملك الجبال ليأذن له في هلاكهم، فقال صلى الله عليه وسلم:"لا، فإني أرجو أن يخرج من أصلابهم من يذكر اللَّه بالتوحيد"، وفيه قصة، والمذكور فيها وجود زيد بن حارثة معه صلى الله عليه وسلم لا بلال، واللَّه أعلم.
5254 -
[24](أبو طلحة) قوله: (فرفعنا عن بطوننا عن حجر حجر) قال بعض الشارحين: (عن حجر حجر) متعلق بـ (رفعنا عن بطوننا)؛ فإن قيل: تعلق حرفي جرٍّ بمعنى واحد بعامل واحد لا يجوز، قلنا: ذلك إذا كانا في مرتبة واحدة، أما تعلق الثاني بعد تعلق الأول وتقييده به فجائز، وقيل: إنه بدل اشتمال بإعادة الجار، والضمير محذوف، تقديره: حجر مشدود علينا؛ بأن يحمل التنكير على النوع، ويجوز أن يكون صفة مصدر محذوف، أي: كشفنا عن بطوننا كشفًا ناشئًا عن حجر حجر، أي: متعدد لكل واحد حجر، وشد الحجر على البطن يفيد تقوية الصلب، ويمنع عن النفخ، ويعين على القيام والمشي.
(1) في نسخة: "النبي".
5255 -
[25] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ أَصَابَهُمْ جُوعٌ، فَأَعْطَاهُمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَمْرَةً تَمْرَةً. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2474].
5256 -
[26] وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، مَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ، وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا فَضَّلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ، وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ، فَأَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْهُ، لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2512].
وَذُكَرَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: "أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ صَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ (1) " فِي بَابٍ بَعْدَ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ.
ــ
5255 -
[25](أبو هريرة) قوله: (أصابهم) أي: الصحابة أو أهل الصفة في سفر أو حضر، واللَّه أعلم.
وقوله: (فأعطاهم تمرةً تمرةً) لضيق كان حينئذ، ويحتمل أنهم كانوا قد شبعوا بذلك معجزة صلى الله عليه وسلم.
5256 -
[26](عمرو بن شعيب) قوله: (فاقتدى به) فصبر على طاعة اللَّه.
وقوله: (فأسف) أي: حزن، في (القاموس) (2): الأسف: أشد الحزن، انتهى. وأسف عليه يجيء بمعنى غضب، ولا يناسب هنا؛ لأن الغضب لا يكون على ما فات
(1) زاد بعده في نسخة: "بالنور التام".
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 712).