الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
5494 -
[1] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ انْطَلَقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قِبَلَ ابْنِ الصَّيَّادِ (1) حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصّبيانِ فِي أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ (2) يَوْمَئِذٍ الْحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثم قَالَ:"أتَشهدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ " فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: . . . . .
ــ
عليه، وقيل: فقد يوم الحرة، وهذا القول أصح، وكان يكتهن فيصدق أحيانًا ويكذب كثيرًا، وشاع حديثه، ويحدث أنه الدجال، وأشكل أمره ولم يبين اللَّه شيئًا من أمره، والحق أنه من الدجاجلة وليس هو المسيح الدجال، وقيل: هو الدجال المعهود، وكان فيه قرائن محتملة لذلك، فلذلك لم يصرح النبي صلى الله عليه وسلم بأحد الطرفين، واختلفت الصحابة أيضًا، وأما الاستدلال بأنه قد أسلم وحج وجاهد وولد له ولد ودخل مكة والمدينة وغير ذلك مما لا يجوز وجوده من الدجال فمما لا يتم؛ لأن ذلك إنما يكون في زمان الخروج، واستدل على كونه غير الدجال بحديث تميم الداري، وباقي أحواله ينكشف أثناء شرح الأحاديث، واللَّه أعلم.
الفصل الأول
5494 -
[1](عبد اللَّه بن عمر) قوله: (في أطم بني مغالة) الأطم بضمتين: القصر وكل حصن مبني بالحجارة، والجمع آطام وأطوم، وبنو مغالة بفتح الميم وتخفيف
(1) في نسخة: "صياد".
(2)
في نسخة: "الصياد".
أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَرَصَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: "آمَنْتُ باللَّهِ وَبِرُسُلِهِ"، ثُمَّ قَالَ لِابْنِ صيَّاد:"مَاذَا تَرَى؟ " قَالَ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئًا". . . . .
ــ
الغين المعجمة: قوم من اليهود.
وقوله: (رسول الأميين) أي: العرب، ومنطوقه حق ومفهومه باطل من قبيل ما يلقى إلى الكهان من الأباطيل.
وقوله: (فرصه النبي صلى الله عليه وسلم) بصاد مهملة، في (القاموس) (1): رص: ألزق بعضه ببعض، وضم، كرصصه، وفي بعض الروايات:(فرفضه) بفاء وضاد معجمة، أي: تركه، يعني ترك سؤاله عن الإسلام لعدم نفعه فيه، وأما قوله صلى الله عليه وسلم:(آمنت باللَّه وبرسله) رد على ابن صياد أحسن رد، فإنه لا حاجة إلى استعجال التصريح برده، فإن دعواه ظاهر البطلان، وفيه من إرخاء العنان والتبكيت ما لا يخفى، وقد صرح به ما ظهر بعد ظهور حاله أنه كاهن ومخلط عليه، وقال:(اخسأ فلن تعدو قدرك)، ثم سأله عن حاله بعد القطع ببطلان دعوى رسالته ليظهر عليه أيضًا، وقد اعترف بحقيقة حاله موافقًا لما عليه الكهان بقوله:(يأتيني صادق وكاذب)، أي: يأتي عليّ بعض الأشياء صادقًا وبعضه كاذبًا، وقد تحقق بها أنه ليس برسول، فإن الرسول لا يأتيه الكاذب، ولذا قال صلى الله عليه وسلم:(خلط عليك الأمر)، من التخليط، أي: يأتيك به شيطان مخلِّط للحق بالباطل.
وقوله: (قد خبأت لك خبيئًا) الخبء: كل شيء غائب مستور، خبأته، أي:
(1)"القاموس المحيط"(ص: 557).
وَخَبَّأَ لَه: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، فَقَالَ: هُوَ الدُّخُّ. فَقَالَ: "اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ". قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَتَأْذَنُ لي فِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ يَكُنْ هُوَ لَا تُسَلَّطْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ. . . . .
ــ
أخفيته وسترته، والخباء والخبيء والخبيئة: الشيء المخبوء، أي: المستور، والمروي في الحديث خبيئًا بوزن ضمير كما في رواية الكتاب، وخبء بوزن صعب كما في غيره، ومنه قوله تعالى:{يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ} أي: القطر {وَالْأَرْضِ} [النمل: 25]، أي: النبات، ومقصوده صلى الله عليه وسلم من ذلك أن يحريه ويمتحنه هل يعلم ذلك المضمر أو لا، ليبرز أمره أساحر أو كاهن أو ممن يأتيه جني.
(فقال: هو الدخ) بضم الدال وفتحها بمعنى الدخان، ولم يقدر على الزيادة، وتمام الآية التي أضمرها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا بهذه اللفظة الناقصة على عادة الكهان من اختطاف بعض الكلمات، وهذا إما لكونه صلى الله عليه وسلم تكلم في نفسه أو كلمه بعض أصحابه فسمعه الشيطان فألقاه إليه، وقيل: إضماره صلى الله عليه وسلم هذه الآية رمز إلى أن الدجال يقتله عيسى بجبل يقال له: جبل الدخان، فلعله أراد تعريضًا بقتله لأنه قد ظن أنه الدجال.
وقوله: (فقال: اخسأ) كلمة زجر واستهانة، يقال: خسأ الكلب كمنع: طرده خسئًا وخسوءًا، والخاسيء من الكلاب والخنازير: المبعد لا يترك أن يدنو من الناس.
وقوله: (فلن تعدو قدرك) أي: قدرك في إظهار الخبيئات ليس إلا أن تأتي بكلمة ناقصة من كلام طويل، فكيف تدعي النبوة؟ فرده صريحًا بعد امتحانه حتى لا يبقى شبهة عليه وعلى الحاضرين.
وقوله: (إن يكن هو) الضمير المستكن لابن صياد والمنفصل للدجال، أو
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِيُّ يَؤُمَّانِ النَّخْلَ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ وَهُوَ يَخْتِلُ أنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا زَمْزَمَة، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ. فَقَالَتْ: أَيْ صَافِ -وَهُوَ اسْمُهُ- هَذَا مُحَمَّد. فتَنَاهَى ابْنُ صَيَّادٍ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ". . . . .
ــ
بالعكس، وعلى كل تقدير الظاهر (إياه)، فوضع المرفوع موضع المنصوب.
وقوله: (يؤمان) أي: يقصدان.
وقوله: (وهو) أي: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، (يختل) الختل: الخداع، ختله يختله، أي: يراوده ويطلبه من حيث لا يشعر، أي: يخدع ابن صياد ويستغفله ليسمع منه شيئًا يتكلم في خلوته ويعلم الحاضرون بكهانته أو سحره.
وقوله: (زمزمة) بزائين معجمتين، وفي بعض الروايات برائين مهملتين، والمعنى واحد وهو الصوت البعيد له دوي وتتابع صوت الرعد، وهو أحسنه صوتًا وأثبته مطرًا، كذا في (القاموس)(1)، وقال الطيبي (2): هو صوت خفي لا يكاد يفهم أو لا يفهم، وروي:(رمزة) براء فزاي وبحذف الميم الثانية.
وقوله: (فتناهى ابن صياد) انتهى الشيء وتناهى: بلغ منتهاه، أي: تناهى عما كان وسكت.
وقوله: (لو تركته بين) أي: لو تركته أمه يزمزم لتبين حاله وما في ضميره.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1008).
(2)
"شرح الطيبي"(10/ 134).
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ:"إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1354، م: 2930].
5495 -
[2] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَقِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ -يَعْنِي ابْنَ صَيَّادٍ- فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ " فَقَالَ هُوَ: أتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، مَاذَا تَرَى؟ " قَالَ: أَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَرَى عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ"، قال:"وَمَا تَرَى؟ " قَالَ: أَرَى صَادِقَيْنِ وَكَاذِبًا أَوْ كَاذِبَيْنِ وَصَادِقًا. . . . .
ــ
وقوله: (ثم ذكر الدجال) ظاهر الأحاديث أنه لم يجزم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه الدجال مع احتمال ذلك، وهذا الذكر على هذا الاحتمال، ويحتمل أنه ذكر الدجال الذي يأتي من جهة رؤية بعض صفاته.
5495 -
[2](أبو سعيد الخدري) قوله: (ترى عرش إبليس على البحر) فإن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه يفتنون الناس كما سبق في أول الكتاب في (باب الوسوسة).
وقوله: (أرى صادقين وكاذبًا) أي: أرى شخصين يخبران عما هو صادق وآخر عما هو كذب.
وقوله: (أو كاذبين وصادقًا) شك من الراوي، ويحتمل أن يكون شكًا من ابن
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لُبِسَ عَلَيْهِ فَدَعُوهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2925].
5496 -
[3] وَعَنْهُ: أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ. فَقَالَ: "دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ خَالِصٌ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2928].
5497 -
[4] وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَقِيَ ابْنُ عُمَرَ ابْنَ صَيَّادٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ قَوْلًا أَغْضَبَهُ فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلأَ السِّكَّةَ. فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَدْ بَلَغَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ مَا أَرَدْتَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2932].
ــ
صياد، وهذا أدخل في اختلال أمره والتباسه وتخليطه.
وقوله: (لبس عليه) بلفظ المجهول من اللبس بالفتح بمعنى الخلط والالتباس.
5496 -
[3](وعنه) قوله: (درمكة بيضاء مسك خالص) في (القاموس)(1): الدرمك كجعفر: الدقيق الحوُّارى، والتراب الناعم، والحوارى بضم الحاء وتشديد الواو وفتح الراء: الدقيق الأبيض وهو لباب الدقيق، فقوله:(بيضاء) صفة مؤكدة ومشعر بأن التشبيه من جهة البياض، وقد يعتبر من جهة نعومتها أيضًا.
5497 -
[4](نافع) قوله: (حتى ملأ السكة) بالكسر.
وقوله: (وقد بلغها) أي: بلغ حفصة خبر إغضاب ابن عمر ابن صياد فمنعته من إغضابه، فإن الدجال إنما يخرج حين يغضب.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 845).
5498 -
[5] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ صَيَّادٍ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ لِي: مَا لَقِيتُ مِنَ النَّاسِ؟ يَزْعُمُونَ أَنِّي الدَّجَّالُ، أَلَسْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِنَّهُ لَا يُولَدُ لَهُ؟ ". وَقَدْ وُلِدَ لِي، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ:"هُوَ كَافِرٌ؟ ". وَأَنَا مُسْلِمٌ، أَوَ لَيْسَ قَدْ قَالَ:"لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا مَكَّةَ؟ " وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ. ثُمَّ قَالَ لِي فِي آخِرِ قَوْلِهِ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ مَوْلِدَهُ وَمَكَانَهُ وَأَيْنَ هُوَ وَأَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، قَالَ: فَلَبَسَنِي، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ. قَالَ: وَقِيلَ لَهُ: أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ ذَاكَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: فَقَالَ: لَوْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا كَرِهْتُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2927].
5499 -
[6] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَقِيتُهُ وَقَدْ نَفَرَتْ عَيْنُهُ،
ــ
5498 -
[5](أبو سعيد الخدري) قوله: (ما لقيت من الناس؟ ) استفهام للتعجب، أي: أيّ شيء لقيت.
وقوله: (إني لأعلم مولده. . . إلخ)، يمكن أن يكون إشارة إلى كونه دجالًا فإنه قد يؤتى مثل هذه العبارة لمعرفة النفس، وهذا وجه قول ابن عمر. (فلبسني) بالتخفيف، أي: جعلني بحيث التبس الأمر عليّ، والأصل لبس الأمر عليه يلبسه: خلطه.
وقوله: (لو عرض عليّ ما كرهت) ما نافية، أي: لو عرض عليّ صفات الدجال وأحواله كنت راضيًا، ويلزم من هذا الكلام كفره.
5499 -
[6](ابن عمر) قوله: (وقد نفرت) بالنون والفاء، في (القاموس) (1):
(1)"القاموس المحيط"(ص: 438).
فَقُلْتُ: مَتَى فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا أَرَى؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. قُلْتُ: لَا تَدْرِي وَهِيَ فِي رَأْسِكَ؟ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ خَلَقَهَا فِي عَصَاكَ، قَالَ: فَنَخَرَ كَأَشَدِّ نَخِيرِ حِمَارٍ سَمِعْتُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2932].
5500 -
[7] وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ الصَّيَّادِ الدَّجَّالُ. قُلْتُ: تَحْلِفُ بِاللَّهِ؟ قَالَ: . . . . .
ــ
نفرت العين وغيرها تنفر نفورًا: هاجت وورمت، وقال القاضي عياض في (مشارق الأنوار) (1): هذا هو الصحيح، ويروى بالقاف، ويروى فقئت وفقرت وكلاهما بمعنى، وفقرت بمعنى استخرجت، ورواه أبو عبد اللَّه المازري بقرت بالباء والقاف، والبقر: الشق والاستخراج، ويظهر من إيراد هذه الروايات في فصل الاختلاف والوهم الذي عقده في كتابه ببيان ما أخطأ فيه الناس أنها تصحيف، وقد صرح بأن الصحيح هو الأول، ولذلك قال الطيبي (2): قد ذكر القاضي وجوهًا والظاهر أنها تصحيف.
وقوله: (وهي في رأسك) فكيف لا تدري ما عرضها من الألم؟ (قال: إن شاء [اللَّهُ] خلقها) أي: العين أو وجعتها ونفرتها (في عصاك) أي: في جماد فلا تدري، فيمكن أن يكون الإنسان أيضًا لا يدري وهي فيه، وهذه حيلة وسفسطة منه، ونخر ينخر: مد الصوت في خياشيمه.
5500 -
[7](محمد بن المنكدر) قوله: (يحلف باللَّه أن ابن الصياد هو الدجال) لعل المراد أنه من الدجاجلة الذين أخبر بخروجهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا المعهود، ولكن حديث ابن عمر صريح في أن مذهبه أنه المسيح الدجال، وقيل: هذا هو مذهب
(1)"مشارق الأنوار"(2/ 22).
(2)
"شرح الطيبي"(10/ 135).