المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثالث: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٨

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(25) كتاب الآداب

- ‌1 - باب السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الاستئذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب المصافحة والمعانقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب القيام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب العطاس والتثاؤب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب الضحك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الأسامي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب البيان والشعر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الوعد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب المزاح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌13 - باب المفاخرة والعصبية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب البر والصلة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الحب في اللَّه ومن اللَّه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب ما ينهى عنه من التهاجر والتقاطع واتباع العورات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الحذر والتأني فى الأمور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب الظلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(26) كتاب الرقاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب فضل الفقراء وما كان من عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْل الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الأمل والحرص

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب التوكل والصبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الرياء والسمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب البكاء والخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب تغير الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الإنذار والتحذير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(27) كتاب الفتن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الملاحم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب أشراط الساعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب قصة ابن صياد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌5 - باب نزول عيسى عليه السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب قرب الساعة وأن من مات فقد قامت قيامته

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

الفصل: ‌ الفصل الثالث:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

4859 -

[48] عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مُدِحَ الْفَاسِقُ غَضِبَ الرَّبُّ تَعَالَى وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 4544].

4860 -

[49] وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 5/ 252].

4861 -

[50] وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ" عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. [شعب: 4469].

ــ

الفصل الثالث

4859 -

[48](أنس) قوله: (واهتزَّ له العرش) يحتمل أن يكون على ظاهره، ويحتمل أن يكون كناية عن وقوع هذا الأمر العظيم، وقد ورد: اهتزاز العرش بموت سعد بن معاذ على القول بأن ذلك لمصيبته، وظاهر الحديث مطلق في التحذير عن مدح الفاسق، وقيل: هذا إذا مدح على وجه عام، ولو مدح بوجه خاص فيه كالسخاوة والتواضع فجائز.

4860، 4861 - [49، 50](أبو أمامة) قوله: (إلا الخيانة والكذب) إما أن يكون المراد اجتماعهما، والإشكال باق بعد؛ إذ ربما يكون المؤمن اجتمعتا فيه، أو المراد المبالغة في نفي هاتين الصفتين عن المؤمن، والأظهر أن الغرض الأصلي النهي عنهما، أي: لا ينبغي أن يتصف المؤمن بهما ويجتهد في إزالتهما؛ لأنه محل الصدق وحامل أمانة اللَّه.

ص: 167

4862 -

[51] وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمِ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا؟ قَالَ: "نَعَمْ"، فَقيل لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا؟ قَالَ: "نَعَمْ"، فَقِيلَ لَهُ (1): أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟ قَالَ: "لَا". رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ" مُرْسَلًا. [ط: 2/ 19، شعب: 4472].

4863 -

[52] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَتَمَثَّلُ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، فَيَأْتِي الْقَوْمَ فَيُحَدِّثُهُمْ بِالْحَدِيثِ مِنَ الْكَذِبِ، فَيَتَفَرَّقُونَ فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ: سَمِعْتُ رَجُلًا أَعْرِفُ وَجْهَهُ وَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ يُحَدِّثُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [مق: 1/ 12].

ــ

4862 -

[51](صفوان) قوله: (قال: لا) مبالغة في نفي الكذب عن المؤمن مع ما في صيغة الكذاب من المبالغة.

4863 -

[52](ابن مسعود) قوله: (إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل) ظاهر سياق الحديث يدل على أن المراد شيطان الجن، فيدل على أن الشيطان يقدر على الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث إن كان المراد بالحديث الحديث النبوي، وإن لم يقدر على التمثل بصورته الكريمة، وبينهما فرق؛ لأن الكذب فعل اختياري يتعلق بكل ما يشاء، ولا يلزم نقص بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم، بخلاف التمثل بالصورة؛ فإنه تحقق بحقيقته صلى الله عليه وسلم وتصرف فيها، وهو يستلزم النقص.

وهذا نظير ما قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم لو أحيا ميتًا بإعجازه فكذبه لم يضر ذلك بصدقه؛ لأنه فاعل مختار مثل سائر الكفار، وقد ظهرت المعجزة الدالة على صدقه، بخلاف

(1)"له" سقط في نسخة.

ص: 168

4864 -

[53] وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ فَوَجَدْتُهُ فِي الْمَسْجِدِ مُحْتَبِيًا بِكِسَاءٍ أَسْوَدَ وَحْدَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ (1) مَا هَذِهِ الْوَحْدَةُ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ وَالْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ،

ــ

ما [لو] أنطق جمادًا بالمعجزة فتكلم بتكذيبه فإنه يضر، فافهم.

والأولى أن يراد أحاديث الناس لا حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل -واللَّه أعلم- أن يكون المراد شيطان الإنس يجيء في صورة رجل صالح ثقة فيحدث بالكذب، هذا ما يخطر ببالي في شرح الحديث، ولا أدري ما قال الشراح فيه، والظاهر أن النووي قد تكلم في (شرح مسلم) فيه، وليس الكتاب حاضرًا حتى يعلم ما قال، واللَّه أعلم.

وبالجملة المقصود من الحديث التنبيه على الاحتياط والتحري في سماع الحديث وتحمله بمعرفة حال راويه والوثوق بصدقه، حتى لا يحدث بكل ما سمع من كل من سمع منه، ولا يدخل تحت قوله:(كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع)، ثم إن المؤلف لم يورد الحديث مرفوعًا إلا أنه حكم لا يعرف إلا بسماع من النبي صلى الله عليه وسلم إن كان المراد شيطان الجن، فيكون في حكم المرفوع كما تقرر في محله.

4864 -

[53](عمران) قوله: (عمران بن حِطّان) بحاء مهملة مكسورة وبطاء مهملة مشددة آخره نون.

وقوله: (والجليس الصالح خير من الوحدة) يعني أنه لم يكن في ذلك من أصحابه الخلص الذين يعتمد على خيريتهم حاضرًا في المجلس، وقد كان يجالسهم

(1) في نسخة: "يا با ذر".

ص: 169

وَإِمْلَاءُ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ السُّكُوتِ، وَالْسُّكُوتُ خَيْرٌ مِنْ إِملاءِ الشَّرِّ".

4865 -

[54] وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَقَامُ الرَّجُلِ بِالصَّمْتِ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً".

4866 -

[55] وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى أَنْ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، قَالَ:"أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ أَزْيَنُ لِأَمْرِكَ كُلِّهِ"، قُلْتُ: زِدْنِي،

ــ

في وقت آخر، فلا يقال: إنه كيف يقول هذا في زمانه مع كثرة وجود الصحابة وقد أصابه رضي الله عنه من بعض بني أمية في زمن عثمان رضي الله عنه ما أوحشه ونفره من الصحبة، فخرج من المدينة، وأخذ منزلًا خارجه وتوفي هناك، كما جاء في الأخبار، واللَّه أعلم.

وقوله: (وإملاء الخير) أي: إلقاؤه والتحديث به من أمليت الكتاب وأمللته.

4865 -

[54](عمران بن حصين) قوله: (مقام الرجل بالصمت) أي: مرتبته ومنزلته (أفضل من عبادة ستين سنة) أي: قد يكون كذلك؛ بأن يكون في الصمت مشغولًا بالفكر ومستغرقًا في الذكر الخفي، وتخصيص عدد الستين موكول إلى علم الشارع، وقد يروى:(من عبادة سنتين).

4866 -

[55](أبو ذر) قوله: (أوصيك) في (القاموس)(1): أوصاه ووصّاه توصية: عهد إليه.

وقوله: (قلت: زدني) أي: في الإيضاح والبيان بذكر بعض تفاصيل التقوى، وإلا

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1232).

ص: 170

قَالَ: "عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْانِ وَذِكْرِ اللَّهِ عز وجل، فَإِنَّهُ ذِكْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ، ونُورٌ لَكَ فِي الأَرْضِ"، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: "عَلَيْكَ بِطُولِ الصَّمْتِ؛ . . . . .

ــ

فالكل مندرج في التقوى، ولو أريد الزيادة في الإيصاء بأن يكرره وإن كان الموصى به راجعًا إلى أمر واحد فلا إشكال، وفي الكرات الأخر يصح إرادة الزيادة في الإيصاء وفي الموصى به.

وقوله: (وذكر اللَّه) في (القاموس)(1): الذكر ضد النسيان، وهو فعل القلب أصالة، ونفي تسميته ذكرًا كما وقع في كلام بعض الفقهاء مكابرة صريحة.

نعم ما يترتب على فعل اللسان من الثواب ومما يتعلق بلفظه لا يكون إلا بالذكر اللساني، وكل فعل خير يقصد فيه التقرب إلى اللَّه فهو ذكر، فلو حمل على هذا المعنى لكان تعميمًا بعد تخصيص، وقد جاء في الحديث:(أفضل الذكر لا إله إلا اللَّه)، وإن حمل على هذا المعنى بناء على أن المطلق ينصرف إلى الكامل يكون من قبيل عطف الخبر على الكل لزيادة شرفه وعظمته.

وقوله: (فإنه) أي: الذكر، أو كل واحد من القرآن والذكر (ذكر لك في السماء) يذكرك الملائكة بالدعاء والاستغفار، ويذكرك اللَّه سبحانه تعالى في الملأ الأعلى إن ذكرته في ملأ، وفي نفسه إن ذكرته في نفسك كما جاء في الحديث.

وقوله: (ونور لك في الأرض) أي: في هذا العالم السفلي بظهور نور المعرفة واليقين والاهتداء وهداية الناس.

وقوله: (عليك بطول الصمت) أي: مع التفكر في آلاء اللَّه.

(1) انظر: "جمهرة اللغة"(2/ 694).

ص: 171

فَإِنَّهُ مَطْرَدَة لِلشَّيْطَانِ، وَعَوْن لَكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ"، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: "إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضِّحْكِ؛ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ، وَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ"، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: "قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا"، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: "لَا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ"، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: "لِيَحْجُزْكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْلَمُ مِنْ نَفْسِكَ".

4867 -

[56] وَعَنْ أَنَسٍ عَنْ (1) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ (2) أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَصْلَتَيْنِ هُمَا أَخَفُّ عَلَى الظَّهْرِ،

ــ

وقوله: (فإنه مطردة) فإنه إذا ذكر اللَّه خنس الشيطان، وأيضًا أنه يمنع عن الوقوع فيما لا يعني وفيما يضر في الدين من الكلام.

وقوله: (وعون لك على أمر دينك) وهو السلامة عن آفات اللسان، وتنور القلب بنور الذكر الخفي، وحصول المعارف الإلهية.

وقوله: (فإنه) أي: الضحك الكثير (يميت القلب) بسبب طريان ظلمة الغفلة والقساوة وانطفاء نور العلم والمعرفة، وفيه حياة القلب.

وقوله: (ويذهب بنور الوجه) وهو لمعان نور القلب من سيماء الوجه، ولا بد إذا مات القلب أظلم الوجه، فإن وضاءة الوجه ونضارة الجسد بالحياة حسًّا ومعنًى.

وقوله: (ما تعلم من نفسك) أي: من العيوب، إشارة إلى أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ومع ذلك لا يرى عيوب الناس ولا يزكي نفسه، وينبغي أن يرى نفسه أصغر وأحقر وأنقص من الكل، فافهم.

4867 -

[56](أنس) قوله: (هما أخف على الظهر) حملهما والعمل بهما،

(1) في نسخة: "أنّ".

(2)

في نسخة: "يا با ذر".

ص: 172

وَأَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ؟ " قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: "طُولُ الصَّمْتِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا عَمِلَ الْخَلَائِقُ بِمِثْلِهِمَا".

4868 -

[57] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يَلْعَنُ بَعْضَ رَقِيقِهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ:"لَعَّانِينَ وَصِدِّيقِينَ؛ كَلَّا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ"، فَأَعْتَقَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ بَعْضَ رَقِيقِهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: لَا أَعُودُ. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ الأَحَادِيثَ الْخَمْسَةَ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 4639، 3926، 4592، 4591، 4791].

4869 -

[58] وَعَنْ أَسْلَمَ قَالَ: إنَّ عُمَرَ دَخَلَ يَوْمًا عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ يَجْبِذُ لِسَانَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَهْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ. رَوَاهُ مَالِكٌ. [ط: 2/ 988].

ــ

ولما كان الظهر له دخل في الحمل كنى به عن العمل.

وقوله: (ما عمل الخلائق بمثلهما) الباء زائدة؛ فإن قلت: حسن الخلق ليس بعمل؟ قلت: المراد تحسينه، والمعاملة مع الناس على الوجه الحسن.

4868 -

[57](عائشة) قوله: (لعانين وصدّيقين) أي: هل رأيت جامعين بين الصديقية واللعن؟ المؤمن لا يكون لعانًا، خصوصًا الصديق.

4869 -

[57](أسلم) قوله: (وهو يجبذ) أي: يجذب لسانه، ولعل مقصوده رضي الله عنه إظهار الزجر والقهر على اللسان، وإلا كيف يمكن إخراجه؟ وكيف يجوز ذلك شرعًا؟ والجبذ: الجذب.

قال في (القاموس)(1): وليست مقلوبة بل لغة صحيحة، ووهم الجوهري وغيره.

(1)"القاموس"(ص: 313).

ص: 173

4870 -

[59] وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنُ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ".

4871، 4872 - [60، 61] وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ إِذَا رُؤُوا ذُكِرَ اللَّهُ، وَشِرَارُ عِبَادِ اللَّهِ الْمَشَّاؤُونَ بِالنَّمِيمَةِ، وَالْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، الْبَاغُونَ الْبُرَاءَ. . . . .

ــ

وقال الطيبي (1): الجبذ لغة في الجذب، وقيل: مقلوب منه.

4870 -

[59](عبادة بن الصامت) قوله: (أضمن لكم الجنة) مبالغة وتأكيد في الوعد، وقد سبق، ووعد اللَّه سبحانه بدخول المؤمنين الجنة خصوصًا الجامعين لهذه الصفات، ووعد اللَّه لا يُخلف.

4871، 4872 - [60، 61](عبد الرحمن) قوله: (غنم) بفتح المعجمة وسكون النون.

وقوله: (إذا رؤوا ذكر اللَّه) لظهور سيماء العبادة في وجوههم، وتذكير حالهم ومشاهدتها نعم اللَّه وألطافه التي أفاض عليهم وخصهم بها، أو المراد أن رؤيتهم كذكر اللَّه تعالى، والنظر إليهم عبادة.

وقوله: (الباغون) أي: الطالبون، و (البراء) مفعول أوّل، جمع بريء كعجيب وعجاب، ويستوي فيه الواحد والمجموع، وقد يجمع على برآء على وزن فقهاء، وهذا

(1)"شرح الطيبي"(9/ 123).

ص: 174

الْعَنَتَ". رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَان". [حم: 4/ 227، شعب: 6282].

4873 -

[62] وَعَنِ ابْنِ عبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلَيْنِ صَلَّيَا صَلَاةَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ وَكَانَا صَائِمَيْنِ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ قَالَ:"أَعِيدُوا وُضُوءَكُمَا وَصَلَاتَكُمَا، وامْضِيَا فِي صَومِكُمَا، وَاقْضِيَا يَوْمًا آخَرَ"، قَالَا: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "اغْتَبْتُمْ فُلَانًا".

ــ

أنسب بالمقام، لكن المصحح في النسخ على وزن عجاب، و (العنت) بفتحتين: الفساد، والإثم، والهلاك، ودخول المشقة على الإنسان، كذا في (القاموس)(1)، وهو مفعول ثان.

4873 -

[62](ابن عباس) قوله: (أعيدوا وضوءكما) هكذا وجدنا في النسخ، والظاهر (أعيدا) بالتثنية كما في قرينته، وقد وقع لفظ الجمع في قوله:(اغتبتم) فعلم منه أن يصح في الاثنين إيراد صيغة الجمع والتثنية.

وظاهر الحديث يدل على أن الغيبة تنقض الوضوء وتفسد الصوم، وقالوا: هو وارد على سبيل التغليظ والتشديد، ولم يذهب إليه أحد من العلماء، وقال في (إحياء العلوم) (2): إن الغيبة مفسدة للصوم على مذهب سفيان الثوري، ونقل عن الإمام أحمد أنه قال: لو فسد الصوم بالغيبة أيّنا يتم له الصوم، وقد يستأنس بقوله:(امضيا في صومكما) أنه لا يفسد، والقضاء للاحتياط، نعم قد يمضي في الصوم مع عدم صحته، كما في المرأة حاضت في نهار رمضان تمسك يومها.

(1)"القاموس"(ص: 157).

(2)

"إحياء علوم الدين"(1/ 234).

ص: 175

4874، 4875 - [63، 64] وَعَن أَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْغِيبَةُ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَيْفَ الْغِيبَةُ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا؟ قَالَ: "إنَّ الرَّجُلَ لَيَزْنِي فَيَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ -وَفِي رِوَايَةٍ: "فَيَتُوبُ فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ"- وَإِنَّ صَاحِبَ الْغِيبَةِ لَا يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَغْفِرَهَا لَهُ صَاحِبُهُ".

4876 -

[65] وَفِي رِوَايَةِ أَنَسٍ قَالَ: "صَاحِبُ الزِّنَا يَتُوبُ، وَصَاحِبُ الْغِيبَةِ لَيْسَ لَهُ تَوْبَةٌ". رَوَى الْبَيْهَقِيُّ الأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 6353، 6315، 6316].

4877 -

[66] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ كَفَّارَةِ الْغِيبَةِ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِمَنِ اغْتَبْتَهُ، تَقُولُ: . . . . .

ــ

4874، 4875، 4876 - [63، 64، 65](أبو سعيد، وجابر، وأنس) قوله: (صاحب الغيبة ليس له توبة) بالمعنى المذكور في الرواية الأولى، أو المراد أنه لا يبالي بها فلا يتوب، بل ربما يقع في ورطة الاستخفاف والاستحلال فيكون أمرها أشد، فعلم من هذا أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم:(الغيية أشد من الزنا) أي: من بعض الوجوه، لا أن إثمه أشد من إثم الزنا، واللَّه أعلم.

4877 -

[66](أنس) قوله: (يقول: اللهم اغفر لنا وله) بتقديم الاستغفار لنفسه كما هو المعهود في الاستغفار، والأصل في كفارة الغيبة أن يستحل من المغتاب إن أمكن، والأولى أن لا يعين الغيبة؛ لما في التعيين من تجديد الإيذاء، وإلا ندم واستغفر، والاستغفار للمغتاب أيضًا كفارة، فعلم منه معنى (من) التبعيضية في قوله:(إن من كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته).

ص: 176