الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
5053 -
[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6133، م: 2998].
ــ
وترك الاستعجال، يقال: تأنى في الأمر واستأنى: تثبت وتوقف، وانتظر، وأنِيَ كرضي: تأخر وأبطأ، كأنَّى تأنية، وآنيته إيناء، والاسم أناة كقناة، كالأَنى بمعنى الحلم والوقار، والحلم عدم الاستعجال والتراخي في الأمور حتى ينظر في مصالحه وعواقبه، وقد يجيء الحلم بمعنى تأخير مكافأة الظالم، وهو فرد منه.
الفصل الأول
5053 -
[1](أبو هريرة) قوله: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) في (القاموس)(1): لدغته العقرب والحية، كمنع، لَدغًا وتَلداغًا، فهو مَلدُوغ ولَديغ. والجحر بتقديم الجيم على الحاء: كل شيء يحتفره الهوام والسباع لأنفسها، كالْجُحْران، وجَحَرَ الضبُّ، كمنع: دخله، وفي رواية:(لا يلسع)، وللسع: اللدغ. وفي (النهاية)(2): يروى بضم الآخر وكسره خبرًا ونهيًا، هذا يصلح لأمر الدنيا والآخرة، يريد أنه ليس من شيم المؤمن الحازم الغضوب للَّه، الذاب عن دين اللَّه أن ينخدع من مثل هذا الغادر المتمرد، ويحلم مرة بعد أخرى، بل ينتقم للَّه وينتقم من عدو الدين، فقال الكرماني: هو على النهي بكسر غين، وورد هذا الحديث حين أسر النبي صلى الله عليه وسلم أبا عزة الشاعر يوم بدر، فمنّ عليه وعاهده أن لا يحرض عليه، ولا يهجوه، فلحق قومه، ثم رجع إلى التحريض والهجاء، ثم أسره يوم أحد، فسأله المنّ فقال له، وفي رواية: فأمر بضرب عنقه، وروي أنه
(1)"القاموس المحيط"(ص: 726).
(2)
انظر: "النهاية"(4/ 248).
5054 -
[2] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: "إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمُ والأَنَاةُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 17].
ــ
سئل عن عمر فقيل: كان كالطير الحذر الذي يرى أنه في كل طريق شركا يأخذه.
5054 -
[2](ابن عباس) قوله: (لأشج عبد القيس) بالإضافة، وفى نسخة بالفتح على أنه غير منصرف، فيكون عبد القيس بدلًا منه على حذف مضاف، أي: وافد عبد القيس، كذا في بعض الحواشي، واسمه المنذر كان في وفد عبد القيس وقائدهم ورئيسهم، وعبد القيس قبيلته، روي أن الوفد لما وصلوا المدينة، بادروا النبي صلى الله عليه وسلم، وأقام الأشج عند رحالهم، فجمعها وعقل ناقته، ولبس أحسن ثيابه، ثم أقبل عليه، وروي: أن الوفد أسقطوا أنفسهم عن المراكب، وخروا على الأرض، وأظهروا من آثار الشوق والوجد، وأما الأشج فنزل واغتسل ولبس الثياب، ودخل المسجد وصلى الركعتين، ثم جاء في حضرته صلى الله عليه وسلم، فأحبه وأثنى عليه وقال:(إن فيك لخصلتين يحبهما اللَّه) ورسوله: (الحلم والأناة) وقد عرف معناهما، وفى (أسد الغابة) (1) في ترجمته: الحلم والحياء، وفي رواية ابن ماجه (2) عن أبي سعيد (الحلم والتؤدة)، كذا في (جمع الجوامع)(3) للسيوطي، والكل متقارب في المعنى، وأيضًا روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم:(تبايعون على أنفسكم وقومكم) فقال الأشج: يا رسول اللَّه! إنك لم تزاول الرجل عن شيء أشد من دينه، نبايعك على أنفسنا، وترسل أحدًا يدعوهم، فمن اتبعنا كان منا، ومن أبى قاتلناه، فوصفه بالحلم والعقل والتثبت والوقار، وعلى هذا يظهر المقابلة بين الحلم والأناة بلا تكلف.
(1)"أسد الغابة"(1/ 247).
(2)
أخرجه ابن ماجه في "سننه"(4187).
(3)
"جمع الجوامع أو الجامع الكبير" للسيوطي (1/ 26642).