الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
4925 -
[15] عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ،
ــ
كان عطاؤك حرامًا عليهم، ونارًا في بطونهم، وقيل: من أسففت الوشم، وهو أن يغرز الجلد بإبرة، ثم تحشى الْمَغَارِز كُحلًا، فالمعنى تجعل وجوههم كلون الرماد، وفي الحديث: أتي برجل فقيل: إنه سرق، فكأنما أسف وجهه صلى الله عليه وسلم، أي: لأجل إظهار سرقته وعدم سترها والإغضاء عنها؛ لأنه شارع لا بد أن يحكم بقطع يده، فالمناسب على المسلمين ستر عيوب الناس ودرء الحدود مهما أمكن.
الفصل الثاني
4925 -
[15](ثوبان) قوله: (لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر) القدر: عبارة عما قضاه اللَّه وحكم به من الأمور، وهو مصدر قدر يقدر، وقد سبق تحقيق معناه في أول الكتاب، ومعنى رد الدعاء القدر سببيته له بجعل اللَّه، وذلك أيضًا تقدير، كالأدوية الطبية للشفاء، والأعمال لدخول الجنة والنار، وسائر أسباب العالم، فالأمور التي قدر اللَّه دفعها بالدعاء لا يردها إلا الدعاء، ونقل الطيبي (1) عن أبي حاتم السجستاني: أن دوام المرء على الدعاء يطيب له ورود القضاء ويسهله عليه، فكأنما رده، ويختلج في صدري أنه يمكن أن يكون المراد المبالغة في تأثير الدعاء ومدحه وفضله بأنه لا يرد القضاء والقدر شيء، ولو رده شيء لكان هو الدعاء، على وتيرة قوله صلى الله عليه وسلم:(لو سابق الأقدار شيء لسبقته العين)، واللَّه أعلم. وكذا قوله:(ولا يزيد في العمر إلا البر) قد سبقت له توجيهات أيضًا.
(1)"شرح الطيبي"(9/ 157).
وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. [جه: 95].
ــ
وأما قوله: (وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) فأوله بعضهم بأن المراد رزق الآخرة، وهو ثوابها، وبعضهم حملوه على رزق الدنيا من المال والصحة، ثم استشكلوا ذلك لما يشاهد من حال الكفار والفساق في كثرة الأموال ووجود الصحة أكثر مما للصلحاء من المؤمنين، وأجابوا بأن المراد حرمان صفاء الوقت، وطيب العيش، وفراغ البال في الرزق الحاصل للمتقين بموجب قوله تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97] بخلاف أهل الفسق والفجور؛ فإن في عيشهم كدرة من جهة هَمّ الدنيا وتعلق القلب بتحصيلها وحفظها، والحزن على خوف فواتها كما أشار إليه قوله سبحانه وتعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124]، وإن كان مؤمنًا فكر في سوء عاقبة الذنب، وتكدر في صفاء رزقه وطيب عيشه.
وقيل: إن هذا مخصوص ببعض المذنبين من المسلمين ممن أراد اللَّه تعالى أن يدخله الجنة بلا عذاب يلحقه بذنبه في الآخرة، فيعاقبه بذنبه في الدنيا، بأن يصيبه عقيب ذنب ارتكبه فقر أو مرض أو ضيق أو غير ذلك، ثم يلهمه أن هذا بشؤم ذنبه، فيتنبه ويتوب عنه، أو من أراد اللَّه أن يرفع درجته في الآخرة فيعذبه بسبب ذنبه، فيصفيه من الذنوب في الدنيا.
والحاصل أن المؤمن إذا أذنب عاقبه اللَّه بحرمان الرزق، وهو عناية ولطف خفي من اللَّه في حقه؛ ليمحص ذنوبه ويرفع درجاته، وأما من لم يعنه ولم يلطف به فيتركه وذنوبه، وفيه مكر واستدراج منه تعالى، وقد كنت يومًا في خدمة شيخي وسيدي الشيخ موسى الحسني الجيلاني رحمة اللَّه عليه، فاتفق ذكر حديث:(الصُّبْحَة (1) تمنع
(1) وهي النوم أول النهار؛ لأنه وقت الذكر، ثم وقت طلب الكسب. "النهاية"(3/ 7).
4926 -
[16] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِيهَا قِرَاءَةً فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، كَذَلِكُمُ الْبِرُّ، كَذَلِكُمُ الْبِرُّ"، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِأُمِّهِ. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ"، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: "نِمْتُ فَرَأَيْتُنِيْ فِي الْجَنَّةِ" بَدْلَ "دَخَلْتُ الْجَنَّةَ". [شرح السنة: 3418، شعب: 7467].
ــ
الرزق) (1)، فقلت: يا سيدي كيف هذا وقد نرى أكثر أبناء الزمان مبتلى بهذه الخطيئة وهم مرزوقون أكثر من غيرهم؟ فسكت الشيخ وأطرق مليًّا، ثم رفع رأسه وقال: يا هذا! يعلم من ذلك أن أصل الإيمان قلع من أراضي قلوبهم؛ لأن هذه الأجزية والعقوبات إنما هي في شأن المؤمنين لينتهوا ويكفوا عن سيئاتهم، وأما الكافرون فمتروكون على ما هم عليه لعدم توقع انتباههم؛ لأنه طبع على قلوبهم، كالمريض الذي يرجى شفاؤه يحمى ويمنع من تناول ما يضره، وأما المريض الذي لم يبق له رجاء وتوقع في شفائه، فيترك على ما هو عليه، يتناول ما شاء؛ لليأس عن عوده إلى الشفاء، كذلك هؤلاء لم يبق فيهم إيمان وعود، فتركوا على ما هم عليهم، نسأل اللَّه العافية، ونعوذ باللَّه من غضب اللَّه.
4926 -
[16](عائشة) قوله: (كذلكم البر) إشارة إلى ما ذكر من الدرجة العليا، أي: مثل ذلك جزاء البر، أي: بر الوالدين، والبر يستعمل في بر الوالدين كالصلة في صلة الأرحام كما قلنا، وهذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم بدليل خطاب الجمع، إذ لو كان قول الملائكة لقيل ذلك خطابًا له صلى الله عليه وسلم، ولما كان هنا محل أن يقال: إن البر يشترك فيه كثير من الناس قال: (وكان أبر الناس بأمه) والزيادة في (أبر) إضافية على
(1) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4402).
4927 -
[17] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رِضَا الربِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسُخْطُ الرَّبِّ فِي سُخْطِ الْوَالِدِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 1899].
4928 -
[18] وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَقَالَ: إَنَّ لِي امْرَأَةً وَإِنّ أُمِّي تَأْمُرُنِي بِطَلَاقِهَا؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَحَافِظْ عَلَى الْبَابِ أَوْ ضَيِّعْ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه. [ت: 1900، جه: 3663].
ــ
ما هو المتعارف في مثل هذه العبارة، ويمكن أن تكون حقيقية، ولم يكن أحد مثله في البر، علم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي، واللَّه أعلم.
4927 -
[17](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (رضا الرب في رضا الوالد) وكذلك الوالدة بطريق الأولى لزيادة حقها، وقيل: الوالد هنا صيغة النسبة، فيشمل الأم، وتخصيص ذكر اسم الرب بالذكر من أسمائه تعالى أنسب هنا؛ لوجود معنى التربية في الوالد.
وقوله: (وسخط الرب) السخط بالضم وكعنق وجبل: ضد الرضا، وسخط كفرح، كذا في (القاموس)(1)، وفي (النهاية) (2): السخط بالفتح والضم: الكراهة للشيء وعدم الرضا به، والرواية بفتحتين.
4928 -
[18](أبو الدرداء) قوله: (الوالد أوسط أبواب الجنة) أي: خيرها وأفضلها، أي: أن للجنة أبوابًا وأحسنها دخولًا أوسطها، وإن سبب دخول الجنة من
(1)"القاموس المحيط"(ص: 617).
(2)
"النهاية"(2/ 350).
4929 -
[19] وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: "أُمَّكَ" قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمَّكَ" قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمَّكَ" قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أَبَاكَ، ثُمَّ الأَقْرَبَ فَالأَقْرَبَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [ت: 1897، د: 5139].
4930 -
[20] وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: أَنَا اللَّهُ، وَأَنَا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا مِنِ اسْمِي، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 1694].
ــ
ذلك الباب هو محافظة حقوق الوالدين ورضاهما عنك، ولا بد من حمل الوالد على صيغة النسبة؛ لأن الكلام هنا في الأم قصدًا، ويبعد ذكرها تبعًا كما في الحديث السابق.
4929 -
[19](بهز بن حكيم) قوله: (وعن بهز) بفتح الموحدة وسكون الهاء في آخره زاي.
وقوله: (من أبر) على صيغة المتكلم، و (من) مفعوله المقدم، وهذا مثل الحديث المذكور في أول الباب، و (أمك) هنا منصوب قطعًا على المفعولية.
4930 -
[20](عبد الرحمن بن عوف) قوله: (بتتّه) البت: القطع، ومنه تأكيد الفعل بقولهم: البتة مصدرًا مؤكدًا لغيره، مثل قولهم: زيد قائم الحق، اعلم أني سمعت أحدًا من أهل العلم ينقل عن أستاذه أنه قال: إن قول الناس: افعل هذا الأمر البتة ينبغي أن يقرأ إما بالتاء مخففًا بفك الإدغام أو بدونها مدغمًا، أما مع التاء مشددًا فخطأ، انتهى.
فقلت له: لم لا يجوز أن يكون مع التاء مدغمًا، بأن تكون التاء للوحدة التي
4931 -
[21] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ قَاطِعُ الرَّحِمِ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 759].
4932 -
[22] وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَحْرَى أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْبَغْي وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [ت: 2511، د: 4902].
4933 -
[23] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنَّانٌ، وَلَا عَاقٌّ،
ــ
تلحق المصادر مثل الضربة والجلسة على أن فك الإدغام في مثله شاذ، فسكت، فتدبر.
4931 -
[21](عبد اللَّه بن أبي أوفى) قوله: (لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع الرحم) وهذا مثل ما يروى أنه قد ينزل البلاء على قوم فيهم تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقوله تعالى:{مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45] على تأويل، وذلك للمجاورة، أي: قد يكون كذلك لأجل عدم منعهم إياه من ذلك، ويمكن أن يراد قوم يبعثون على القطع ويرضون به، واللَّه أعلم، وجاء في لفظ الطبراني:(الملائكة) بدل (الرحمة).
4932 -
[22](أبو بكرة) قوله: (من البغي وقطيعة الرحم) لما فيهما من إيذاء الخلق وتضييع حقهم أفحش من غيرهما من الذنوب، وفي قوله:(أحرى) إشارة إلى استحقاق أهلهما هذا الجزاء عقلًا.
4933 -
[23](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (منان) يحتمل أن يكون من المنة،
وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ. [ن: 5672، دي: 2138].
4934 -
[24] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِم مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ،
ــ
أي: يمن على أولي الأرحام بما يعطيهم ويؤذيهم بذلك، أو الذي ينقص من حق ذوي الأرحام، ويجيء المن بمعنى النقص، والتخصيص بقرينة ذكره مع العاق، وقيل: هو من المن بمعنى القطع، أي: قاطع الرحم، ويحتمل أن يكون المراد من يمن على الناس عمومًا كما هو الظاهر المتبادر، ويدخل قاطع الرحم في العاق؛ فإن العقوق قد يطلق في الأقربين من غير الأبوين كما ذكره الطيبي (1) في أول الباب، فافهم.
وقوله: (ولا مدمن خمر) أي: من يداوم على شرب الخمر ويعتاد به، من أدمن الشيء: أدامه.
4934 -
[24](أبو هريرة) قوله: (ما تصلون به) أي: نسبًا تعرفون به أقاربكم الذين تجب صلتهم، فتعلموا أسماء آبائكم وأجدادكم وأعمامكم وأخوالكم وسائر أقاربكم؛ لتعرفوهم فتصلوهم.
وقوله: (فإن صلة الرحم محبة) قال الطيبي (2): هو مفعلة من الحب كالمظنة من الظن، انتهى. فيكون بكسر الحاء كالمظنة بكسر الظاء، أي: منشأ الحب وسببه ومكانه.
وقوله: (مثراة) بفتح الميم وسكون المثلثة من الثروة، وهي كثرة المال، في
(1)"شرح الطيبي"(9/ 145).
(2)
"شرح الطيبي"(9/ 160).
مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 1979].
4935 -
[25] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ أُمِّ؟ " قَالَ: لَا، قَالَ:"وَهَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:"فَبَرَّهَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 1968].
4936 -
[26] وَعَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ بَقِيَ مِنْ. . . . .
ــ
(القاموس)(1): هذا مثراة للمال، أي: مكثرة له، و (منسأة) أيضًا بفتح الميم وسكون النون وفتح السين وفتح الهمزة، من النسأ، وهو التأخير، أي: بسبب تأخير الأجل، وقد مرّ.
4935 -
[25](ابن عمر) قوله: (فهل لي من توبة) الظاهر أن المراد بالتوبة هنا توبة اللَّه عليه ورجوعه بالرحمة، فافهم.
وقوله: (فبرها) بفتح الباء والراء على صيغة الأمر من بر يبر كسمع يسمع.
4936 -
[26](أبو أسيد) قوله: (وعن أبي أسيد) بلفظ التصغير وقد مر. وقوله: (من بني سلمة) بكسر اللام، بطن من الأنصار، وليس في العرب سلمة غيرهم، كذا في (القاموس)(2).
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1165).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 1035).
برِّ أَبَوَيِّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِم الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 5142، جه: 3664].
4937 -
[27] وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لَحْمًا بِالْحِعِرَّانَةِ إِذْ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ حَتَّى دَنَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَنْ هِيَ؟ فَقَالُوا: هِيَ أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. [د: 5144].
ــ
وقوله: (صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما) ظاهر العبارة أنها صفة للرحم، أي: الرحم التي اختصت لأجلهما كأولاد الأب والأم، فإنها آكد من صلة أولاد الأجداد والجدات، والطيبي (1) جعلها صفة الصلة، أي: الصلة الموصوفة بأنها خالصة لحقهما ورضاهما لا لأمر آخر، أي: لا ينبغي أن يخدم بطلب منزلة عندهما إلا من حيث إن رضا اللَّه في رضا الوالدين، كطاعة اللَّه لا يريد بها إلا رضاه تعالى ولا يريد غيره.
4937 -
[27](أبو الطفيل) قوله: (الجعرانة) بكسر الجيم والعين المهملة وتشديد الراء، وقد تسكن العين وتخفف الراء: موضع معروف على مرحلة من مكة، أقام بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بضعة عشر يومًا لتقسيم غنائم حنين، واعتمر منها، والقصة مشهورة.
(1)"شرح الطيبي"(9/ 161).