الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5197 -
[43] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ؟ ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 2416].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
5198 -
[44] عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: "إِنَّكَ لَسْتَ بِخَيْرٍ مِنْ أَحْمَرَ وَلَا أَسْوَدَ. . . . .
ــ
(لا يوردن ذو عاهة على مصح)، كذا في (الصحاح)(1)، وفي (القاموس) (2): الصح بالضم، والصحة بالكسر، والصحاح بالفتح: ذهاب المرض، والبراءة من كل عيب، صح يصح، فهو صَحيح وصَحاح، والجمع صِحَاح وأصحّاء وصَحائح، وأصحّ فلان: صح أهله، وماشيته، وأصح اللَّه فلانًا: أزال مرضه.
5197 -
[43](ابن مسعود) قوله: (فيما أبلاه) كأنه من بلي الثوب وأبلاه، كأن الشباب في قوته كالثوب الجديد، فلما ولى الشباب وضعف البدن فكأنما بلي.
الفصل الثالث
5198 -
[44](أبو ذر) قوله: (من أحمر ولا أسود) المراد بالأحمر العجم؛ لغلبة لون الحمرة والبياض عليهم، وبالأسود العرب؛ لكون لون السواد والخضرة غالبًا فيهم.
(1)"الصحاح"(1/ 380).
(2)
"القاموس"(ص: 221).
إِلَّا أَنْ تَفْضُلَهُ بِتَقْوَى". رَوَاهُ أَحْمدُ. [حم: 5/ 158].
5199 -
[45] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا زَهِدَ عَبْدٌ فِي الدُّنْيَا إِلَّا أَنْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ، وَأَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ، وَبَصَّرَهُ عَيْبَ الدُّنْيَا وَدَاءَهَا وَدَوَاءَهَا، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِمًا إِلَى دَارِ السَّلَامِ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 10532].
ــ
وقوله: (إلا أن تفضله) من الفضل ضد النقص، وإفراد الضمير باعتبار المعنى؛ فإن المعنى: لست بخير من أحد منهم، أو المراد تفضل الأحمر أو الأسود، وفضل يفضل كنصر وعلم، وأما فضل كعلم يفضل كينصر فمركب منهما، والفضيلة: الدرجة الرفيعة في الفضل.
وقوله: (بتقوى) غير منون؛ لأنه غير منصرف، كما في قوله تعالى:{عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ} [التوبة: 109]، وأصل تقوى: وقوى بالواو، وهو مصدر كالوقاية، يقال: وقى يقي وقاية ووقوى، فأبدلت الواو تاء.
5199 -
[45](وعنه) قوله: (ما زهد عبد في الدنيا) الحديث، يريد أن الزهد في الدنيا إن كان للعلم بقبائحها وعيوبها إجمالًا من غير تحقيق، فهو يورث الكمال والتحقيق ومزيد اليقين بعيوبها وضررها وعلاج دفعه، حتى يصير القلب صافيًا سالمًا بالكل وإن كان في ابتداء الحال زهده فيها مع أدنى شوب ميل وشهوة، وهكذا شأن العمل يزيد نوره نور الإيمان، ويورث التحقيق والكشف والعيان، وإن كان في ابتداء مع شوب التقليد والنقصان، وكان شيخنا رحمة اللَّه تعالى عليه يوصي أصحابه بالتزام العمل ويقول: لا ينبغي للطالب أن يوقف عمله على حصول اليقين والإيمان التحقيقي في الأول، بل يشرع بالإيمان التقليدي الذي حصل له في الجملة في العمل، يحصل
5200 -
[46] وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَخْلَصَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلإِيمَانِ، وَجَعَلَ قَلْبَهُ سَلِيمًا، وَلِسَانَهُ صَادِقًا، وَنَفْسَهُ مُطْمَئِنَّةً، وَخَلِيقَتَهُ مُسْتَقِيمَةً، وَجَعَلَ أُذُنَهُ مُسْتَمِعَةً، وَعَيْنَهُ ناظِرَةً، فَأَمَّا الأُذُنُ فَقَمْعٌ، وَأَمَّا الْعَيْنُ فَمُقِرَّةٌ لِمَا يُوعَى الْقَلْبُ،
ــ
إن شاء اللَّه بالمداومة عليه والجد فيه مرتبة التحقيق والتفصيل، فإن الإيمان يقوى بالعمل، ويزداد العمل بالإيمان، وتتعاكس أنوارهما، وباللَّه التوفيق.
5200 -
[46](وعنه) قوله: (من أخلص اللَّه قلبه للإيمان) أي: رزقه إيمانًا خالصًا عن شوب النفاق، (وجعل قلبه سليمًا) عن جميع الذمائم والآفات، وخاليًا عن ذكر ما سواه، (ولسانه صادقًا) فيما يعبر عن أحواله ويخبر عن مقامه من غير كذب وتأويل، (ونفسه مطمئنة) مطيعة عاملة متمثلة لما أمر ونهى من غير أن يستغني بمعرفته عن العمل، (وخليقته) أي: طبيعته التي خلق عليها وجبل، (مستقيمة) واقفة على حد الاستقامة من غير زيغ وميل إلى باطل مما سوى الحق تعالى وتقدس، حافظة للمرات كما يشير إليه قوله:{بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 20](وجعل أذنه مستمعة) للقول الحق متبعةً للأحسن، وأذن قلبه متلقيةً خطابات الحق في الأحوال، (وعينه ناظرة) إلى دلائل الوحدانية، وشاهدةً لأحدية الحق تعالى، غير زائغة وطاغية بالالتفات إلى ما سواه، وقد جرى القلم في شرح هذا الحديث على طريق أهل الإشارة مع إيماء إلى ما يفيده ظاهر العبارة، وباللَّه التوفيق.
ثم أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن طريق وصول العلم إلى القلب وحفظه فيه إنما هو السمع والبصر، فالأول بقوله:(فأما الأذن فقمع) والقَمع بالفتح والكسر وكعنب: ما يوضع في فم الإناء فيصب فيه الدهن وغيره، شبه السمع في وصول القول منه إلى القلب في وعيه إياه بالقمع، والثاني بقوله:(وأما العين فمقرة لما يوعى القلب) أي: يثبت
وَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ جَعَلَ قَلْبَهُ وَاعِيًا". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 21310، شعب: 107].
ــ
ويقر في القلب ما أدركته ورأته، و (القلب) إما مرفوع فاعل (يوعى) ومفعوله محذوف، وهو ضمير راجع إلى (ما)، أي: يوعيه ويحفظه القلب، أو منصوب مفعول (يوعى) وفاعله ضمير فيه راجع إلى (ما)، أي: مقرة لما يجعل القلب وعاء له، و (يوعى) يجيء متعديًا ولازمًا، في (القاموس) (1): وعاه يعيه: حفظه، كأوعاه، وفي (الصحاح) (2):{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} [الانشقاق: 23]، أي: يضمرون في قلوبهم من التكذيب، واعتبروا تشبيه الأذن بالقمع في وصول القول إلى القلب ليعيه.
ثم ذكر فذلكة القرينتين بقوله: (وقد أفلح من جعل قلبه واعيًا) فدلائل الواحدنية إما مسموعة أو مبصرة، فالمسموعة توصلها الأسماع إلى القلب، والمبصرة توصلها الأبصار وتعيها قلوب واعية، كذا ذكروا في شرح هذا الحديث، وهو الموافق للمقصود من الحديث سباقًا وسياقًا، وقد ذكر في (مجمع البحار) (3) نقلًا عن (النهاية) في حديث:(ويل لأقماع القول، ويل للمصرين)، أنه شبه استماع من يسمع القول ولا يعيه ولا يحفظه ولا يعمل به بالأقماع لا تعي شيئًا مما يفرغ فيها، فكأنه يمرّ عليها مجازًا كما يمر الشراب في الأقماع اجتيازًا، فاعتبروا لتشبيه الاستماع بالأقماع في مرور الأقوال إليها وعدم ثبوتها فيها، وليس فيه قصة كون القلب وعاء، فتدبر.
(1)"القاموس"(ص: 1232).
(2)
"الصحاح"(2/ 286).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(4/ 326).
5201 -
[47] وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ عز وجل يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ، فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]. رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 17311].
5202 -
[48] وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ. . . . .
ــ
5201 -
[47](عقبة بن عامر) قوله: (على معاصيه) أي: مع وجود المعاصي، أي: يعطي العبد العاصي ما يحب العبد، ويحتمل أن يحمل على معنى المقابلة، كما يقال: أعطاه على عمله، يعني عمل العبد عملًا وهو معصية يكون سببًا في حصول رزق حرام.
وقوله: (فإنما هو استدراج) استدراج اللَّه تعالى العبد أنه كلما جدد خطيئة جدد له نعمة ظانًّا أنه أثرة من اللَّه وتقريب حيث يعطيه من الدنيا ما يحبه، وفاته الاستغفار وأنه يأخذ [هـ] قليلًا قليلًا ولا يباغته، وقوله تعالى:{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} [الأعراف: 182] نمهلهم ثم نأخذهم، كما يرقى الراقي درجة درجة، والاستدراج: الأخذ على غرة.
وقوله: ({فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ})[الأنعام: 44] في (القاموس)(1): أبلس: يئس وتحير، ومنه إبليس، وهو أعجمي، وفي (مجمع البحار) (2) من (النهاية): المبلس: الساكت من الحزن، والإبلاس: الحيرة.
5202 -
[48](أبو أمامة) قوله: (من أهل الصفة). . . . .
(1)"القاموس"(ص: 494).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(1/ 218).
تُوُفِّيَ وَتَرَكَ دِينَارًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كَيَّةٌ"، قَالَ: ثُمَّ تُوُفِّيَ آخَرُ فَتَرَكَ دِينَاريْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كَيَّتَانِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ والبيهقيُّ في "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 5/ 252، شعب: 3238].
5203 -
[49] وَعَنْ مُعَاوِيَةَ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى خَالِهِ. . . . .
ــ
في (القاموس)(1): كانوا أضياف الإسلام، كانوا يبيتون في صفة مسجده صلى الله عليه وسلم، وهي موضع مظلل من المسجد، وفي (مجمع البحار) (2) من (النهاية): أهل الصفة: فقراء المهاجرين، ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة [يسكنونه]، ومن الكرماني: وهو بضم صاد وتشديد فاء، وهم زهاد من الصحابة فقراء غرباء، وكانوا سبعين ويقلون حينًا ويكثرون، ومن شرح (جامع الأصول): يسكنون صفة المسجد لا مسكن لهم ولا مال ولا ولد، وكانوا متوكلين ينتظرون من يتصدق عليهم بشيء يأكلونه ويلبسونه.
وقوله: (فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كيّة) تغليظ وتشديد، وهو في الحقيقة عقاب على الدعوى الكاذبة للزهد والفقر، أشار إليه بقوله: رجل من أصحاب الصفة، وأما الآية الكريمة:{فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ} الآية [التوبة: 35]، ففي الكنز من دون إخراج الزكاة، وذلك بالاتفاق، وقد كان الأكابر من الصحابة أغنياء وما عابهم وزجرهم، وقد فضلوا على فقرائهم مع ما اختص به الفقراء من الفضائل من وجه آخر.
5203 -
[49](معاوية) قوله: (دخل على خاله) لأن هند أم معاوية كانت بنت عتبة.
(1)"القاموس"(ص: 763).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(3/ 334).
أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ يَعُودُهُ، فَبَكَى أَبُو هَاشِمٍ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا خَالُ؟ أَوَجَعٌ يُشْئِزُكَ أَمْ حِرْصٌ عَلَى الدُّنْيَا؟ قَالَ: كَلَّا وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَهِدَ إِلَيْنَا عَهْدًا لَمْ آخُذْ بِهِ، قَالَ: وَمَا ذَلِكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ خَادِمٌ وَمَرْكَبٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، وَإِنِّي أُرَانِي قَدْ جَمَعْتُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ. [حم: 15664، ت: 2327، ن: 2372، جه: 4155].
ــ
وقوله: (أبي هاشم بن عتبة) السابق ذكره برواية هذا الحديث مختصرًا في (الفصل الثاني).
وقوله: (أوجع يشئزك) على لفظ المضارع المعلوم من باب الإفعال، في (القاموس) (1): شئز كفرح شأزًا وشؤوزًا، فهو شئز، وشاز: غلظ، وارتفع، واشتد، وشئز الرجل: قلق وذعر، وفي (الصراح) (2): شأز درشت شدن جائ وبى آرامى، إشآز بى آرام كردانيدن وسخن بني آرام كردن.
وقوله: (أم حرص على الدنيا؟ ) أي: فنعطيك ما تريد منها.
وقوله: (عهد إلينا) يعني أصحابه جميعًا، وفيه تعريض، وقد كانت رواية ما سبق (عهد إليّ).
وقوله: (لم آخذ به) تواضع واقتصار على التحسر بحاله، ويمكن أنه من قبيل قوله تعالى:{وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ} [يس: 22].
وقوله: (قد جمعت) أي: أنواعًا كثيرة من المال وما اكتفيت بخادم ومركب.
(1)"القاموس"(ص: 476).
(2)
"الصراح"(ص: 226).
5204 -
[50] وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: قُلْتُ: لِأَبِي الدَّرْدَاءِ: مَا لك لَا تَطْلُبُ كَمَا يَطْلُبُ فُلَانٌ؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَؤُودًا لَا يَجُوزُهَا الْمُثْقِلُونَ"، فَأُحِبُّ أَنْ أَتَخَفَّفَ لتِلْكَ الْعَقَبَةِ.
5205 -
[51] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ مِنْ أَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ إِلَّا ابْتَلَّتْ قَدَمَاهُ؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"كَذَلِكَ صَاحِبُ الدُّنْيَا لَا يَسْلَمُ مِنَ الذُّنُوبِ". رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 9923، 9973].
5206 -
[52] وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ مُرْسَلًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أُوحِيَ إِلَيَّ أَنْ أَجْمَعَ الْمَالَ وَأَكُونَ مِنَ التَّاجِرِينَ،
ــ
5204 -
[50](أم الدرداء) قوله: (وعن أم الدرداء) زوجة أبي الدرداء، كانت من فضلاء الصحابيات.
وقوله: (ما لك لا تطلب) أي: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو الأصحاب، (فقال: إني سمعت) الظاهر أنه بكسر الهمزة، ويعيد تعليل الحكم السابق، ولا حاجة إلى تقدير اللام وفتح (أن) كما قيل، و (العقبة) بفتحتين: مرقًى صعبٌ من الجبال، وتكأدني الأمر: شق علي، وعقبة كؤود وكأداء: صعبة، كذا في (القاموس)(1).
5205 -
[51](أنس) قوله: (لا يسلم من الذنوب) صغائر أو كبائر، بل الغالب أن المراد الثاني، فإن الصغائر قلما يخلو عنها أحد.
5206 -
[52](جبير بن نفير) قوله: . . . . .
(1)"القاموس"(ص: 276).
وَلَكِنْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنْ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 98 - 99]، رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ" وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْية" عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ. [شرح السنة: 4036، حلية: 2/ 131].
5207 -
[53] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا اسْتِعْفَافًا عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَسَعْيًا عَلَى أَهْلِهِ وَتَعَطُّفًا عَلَى جَارِهِ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَجْهُهُ مِثْلُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُكَاثِرًا مُفَاخِرًا مُرَائِيًا لَقِي اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ" وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ". [شعب: 7/ 298، حلية: 3/ 109].
5208 -
[54] وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ هَذَا الْخَيْرَ خَزَائِنُ،
ــ
({وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}) أي: الموت، والمعنى: اعبده ما دمت حيًّا ولا تخل عن العبادة لحظة، وإذا كان الأمر كذلك كيف تشتغل بالدنيا وتجارتها.
5207 -
[53](أبو هريرة) قوله: (استعفافًا) الاستعفاف: طلب العفاف، والتعفف: هو الكف عن الحرام والسؤال عن الناس.
وقوله: (مرائيًا) أي: إن تصدق وأنفق في سبيل اللَّه فعله للرياء؛ لأن الرياء إنما يكون في الطاعات، فثفس المال تجري فيه المفاخرة دون المراءاة، فافهم.
5208 -
[54](سهل بن سعد) قوله: (إن هذا الخير) الخير: المال الكثير، وبه فسروا قوله تعالى:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 180]، والمراد بالخير في قوله:
لِتِلْكَ الْخَزَائِنِ مَفَاتِيحُ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لَعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ". رَوَاهُ ابْن مَاجَهْ. [جه: 238].
5209 -
[55] وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا لَمْ يُبَارَكْ لِلْعَبْدِ فِي مَالِهِ جَعَلَهُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ".
5210 -
[56] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اتَّقُوا الْحَرَامَ فِي الْبُنْيَانِ؛ فَإِنَّهُ أَسَاسُ الْخَرَابِ". رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 10234، 10237].
ــ
(مفتاحًا للخير) مقابل الشر، يريد إنفاق المال في سبيل اللَّه وفي مرضاته.
وقوله: (لتلك الخزائن مفاتح) خبر ومبتدأ، والمراد بالمفاتيح المنفقون.
5209 -
[55](علي) قوله: (جعله في الماء والطين) كناية عن البناء، وقد مرّ شرحه.
5210 -
[56](ابن عمر) قوله: (اتقوا الحرام في البنيان فإنه أساس الخراب) ذكروا في معناه وجوهًا: أحدها: احذروا إنفاق المال الحرام، فإنه أساس للخراب، أي: لخراب الدين أو البنيان، فيدل على أنه قد يجوز البناء من الحلال. وثانيها: اتقوا ارتكاب الحرام في البنيان، و (في) مثلها في قولهم؛ في البيضة عشرون رطلًا، والبيضة نفسها هذا المقدار، وعلى هذا الوجه يلزم أن يكون فعل البنيان نفسه حرامًا؛ بأن يكون موجبًا للإسراف والتبذير الحرام، أو يكون تشديدًا وتوبيخًا.
وثالثها: أن البناء أساس الخراب، فلو لم يبن لم يخرب، كما في حديث: (لدوا
5211 -
[57] وَعَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ، وَمَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ، وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 6/ 71، شعب: 10154].
5212 -
[58] وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: "الْخَمْرُ جِمَاعُ الإِثْمِ،
ــ
للموت وابنوا للخراب) (1)، وقد يختلج في صدري أن يكون معنى الحديث: لا تبنوا لأجل أن تجالسوا فيه مع الفساق، وترتكبوا الحرام والمعاصي كما يفعله أهل الفسق والعصاة، واللَّه أعلم.
5211 -
[57](عائشة) قوله: (الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له) حاصل المعنى: من اتخذ الدنيا دار إقامة فكأنه لا دار له؛ لأنه ينتقل منه بعد زمان، ومن جمع أموال الدنيا ولم ينفقه في سبيل اللَّه فكأنه لا مال له؛ لأن المال إنما يحمد للإنفاق، ويجوز أن يكون المراد دار من لا دار له في الآخرة، ومال من لا غناء له في الآخرة.
وقوله: (ولها يجمع) أي: لأجل الدنيا والإقامة والبقاء فيها، أو (لها) متعلق بـ (يجمع) واللام مزيدة لتقوية العمل، كما يقال: لزيد ضربت، أي: يجمع الدنيا، أي: متاعها، (من لا عقل له) لأنه علامة اعتقاد البقاء فيها.
5212، 5213 - [58، 59](حذيفة) قوله: (الخمر جماع الأثم) جماع الشيء: جمعه، وفي (الصراح) (2): جماع الشيء بالكسر: جمع جيزى، يقال: الخمر جماع
(1) أخرجه الأصفهاني في "العظمة"(517).
(2)
"الصراح"(ص: 309).
وَالنِّسَاءُ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ، وَحُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ"، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "أَخِّرُوا النِّسَاءَ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ". رَوَاهُ رَزِينٌ.
5213 -
[59] وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْهُ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ" عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا: "حُبُّ الدُّنْيَا (1) رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ". [شعب: 10019].
5214 -
[60] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ. . . . .
ــ
الإثم، وقول الطيبي في تفسيره (2): أي: مجمعه ومظنته، إشارة إلى أن معنى جامعية الخمر للإثم باعتبار كونه مظنة له ومحلًّا يظن فيه وجوده، لا أن من شرب الخمر جمع الآثام كلها بالفعل، بل يحتمل وجودها بعد الشرب؛ لكونها أم الخبائث، (والنساء حبائل الشيطان) جمع حبالة، والحبالة ككتابة: المصيدة، وحبل الصيد واحتبله: أخذه بها، أو نصبها له، وحبائل الموت: أسبابه، كذا في (القاموس)(3).
وقوله: (وحب الدنيا رأس كل خطيئة) أي: أصلها وموجبها؛ لأن الخطيئة والمعصية إنما ترتكب لمحبة الدنيا وشهواتها، ومحبة الآخرة لا تبعث على ارتكاب المعصية.
وقوله: (حيث أخّرهن اللَّه): (حيث) للتعليل، أي: لأن اللَّه أخرهن، أو للمكان، أي: أخروهن في مواضع أخرهن اللَّه فيها.
5214 -
[60](جابر) قوله: (إن أخوف ما أتخوف) اسم التفضيل بمعنى
(1) كذا في "المشكاة"، وفي "الشعب":"الدينار" بدل "الدنيا".
(2)
"شرح الطيبي"(9/ 321).
(3)
"القاموس"(ص: 835).
عَلَى أُمَّتِي الْهَوَى وَطُولُ الأَمَلِ، فَأَمَّا الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، وَأَمَّا طُولُ الأَمَلِ فَيُنْسِي الآخِرَةَ، وَهَذِهِ الدُّنْيَا مُرْتَحِلَةٌ ذَاهِبَةٌ، وَهَذِهِ الآخِرَةُ مُرْتَحِلَةٌ قَادِمَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تَكُونُوا بَنِي الدُّنْيَا فَافْعَلُوا؛ فَإِنَّكُمُ الْيَوْمَ فِي دَارِ الْعَمَلِ وَلَا حِسَابَ، وَأَنْتُمْ غَدًا فِي دَارِ الآخِرَةِ وَلَا عَمَلَ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 10132].
5215 -
[61] وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَةِ بَابٍ. [خ: كتاب الرقاق، باب الأمل وطوله].
ــ
المفعول بحذف الصلة، أي: أخوف مخوفاتي على أمتي، أي: ما يخاف منه، أو يكون من أخاف اسم بمعنى خوف، أي: أشد موجبات خوفي عليهم.
وقوله: (وهذه الدنيا) قد يراد باسم الإشارة للقريب التحقير والإهانة، لأن ما يكون قريبا يكون مبتذلًا مهانًا، وقد يراد التعظيم؛ لأن ما يكون عظيمًا يكون قريبًا مخطورًا بالبال حاضرًا في الذهن، ففي قوله:(هذه الدنيا) يراد التحقير، وفي (هذه الآخرة) التعظيم.
وقوله: (فإنكم اليوم في دار العمل) أي: في دار الدنيا التي هي دار العمل.
وقوله: (ولا حساب) قال الشيخ ابن حجر: بالفتح بغير تنوين، ويجوز الرفع بالتنوين، وكذا قوله:(ولا عمل).
5215 -
[61](علي) قوله: (رواه البخاري) أي: موقوفًا على علي رضي الله عنه، وحديث جابر رضي الله عنه عنه يدل على أنه مرفوع أيضًا.
5216 -
[62] وَعَنْ عَمْرٍو: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمًا فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: "أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ، يَأْكُلُ مِنْهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، أَلَا وَإِنَّ الآخِرَةَ أَجَلٌ صَادِقٌ،
ــ
5216 -
[62](عمرو) قوله: (الدنيا عرض حاضر) قال الطيبي (1): العرض ما لا يكون له ثبات، ومنه استعار المتكلمون العرض لما لا ثبات له إلا بالجوهر، انتهى.
ذكر معنى العرض بالتحريك في (القاموس)(2): ما يعرض للإنسان من مرض ونحوه، وحطام الدنيا، وما كان من مال قل أو كثر، والغنيمة والطمع، وقد ذكر من معانيه ما يقوم بغيره، لكن قيد بقوله: في اصطلاح المتكلمين، وفي (الصحاح) (3) أيضًا ذكر هذا المعنى من غير هذا القيد وقال: ومال الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر، فتعين أن المراد في الحديث هو المعنى الأخير، كما مرّ في آخر (الفصل الأول) من حديث أبي هريرة:(ليس الغني عن كثرة العرض).
و(الأجل) مدة الشيء.
وقوله: (صادق) أي: متحقق ثابت باق، ويستعمل الصدق في كل باب فيه تحقيق كما ذكر الطيبي (4)، أو المراد صدق اللَّه في الإخبار به كما في الحديث الآتي:(وعد صادق).
(1)"شرح الطيبي"(9/ 323).
(2)
"القاموس"(ص: 550).
(3)
"الصحاح"(1/ 459).
(4)
"شرح الطيبي"(9/ 323).
وَيَقْضِي فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، أَلَا وَإِنَّ الْخَيْرَ كلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ فِي الْجَنَّةِ، أَلَا وَإِنَّ الشَّرَّ كُلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ فِي النَّارِ، أَلَا فَاعْمَلُوا وَأَنْتُمْ مِنَ اللَّهِ عَلَى حَذَرٍ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَعْرُوضُونَ عَلَى أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ". رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ. [مسند الشافعي: 1/ 67].
5217 -
[63] وَعَنْ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ، يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَإِنَّ الآخِرَةَ وَعْدٌ صَادِقٌ، يَحْكُمُ فِيهَا مَلِكٌ عَادِلٌ قَادِرٌ، يُحِقُّ فِيهَا الْحَقَّ وَيُبْطِلُ الْبَاطِلَ، كُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ كُلَّ أُمٍّ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا".
ــ
وقوله: (يقضي فيها ملك قادر) أي: يميز بين البر والفاجر كما جاء في الحديث الآتي: (ملك عادل قادر).
وقوله: (بحذافيره) قد مر معناه في الحديث الثاني من حديث عبيد اللَّه بن محصن.
وقوله: (وأنتم من اللَّه على حذر) جملة حالية.
وقوله: (معروضون على أعمالكم) أي: أعمالكم معروضة عليكم، أو المعنى: أنتم محضرون على أعمالكم، أو المراد معروضون على اللَّه على ما كان لكم من الأعمال.
5217 -
[63](شداد) قوله: (فإن كل أم يتبعها ولدها) أشار بهذا الكلام إلى وجه استعارة أبناء الدنيا وأبناء الآخرة لأهلهما.
5218 -
[64] وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِلَّا وَبِجَنْبَتَيهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ يُسْمِعَانِ الْخَلَائِقَ غَيرَ الثَّقَلَيْنِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! هَلُمُّوا إِلَى رَبِّكُمْ، مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى". رَوَاهُمَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الحِليَةِ". [حلية: 1/ 264، 1/ 226].
5219 -
[65] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ قَالَ: . . . . .
ــ
5218 -
[64](أبو الدرداء) قوله: (ما طلعت الشمس) الحديث، لما كان النهار محل وصول الرزق والمعشية نبه صلى الله عليه وسلم أمته على أن يكونوا راضين بالكفاية، ولا يحرصوا حتى يقعوا في ورطة السخط ويتلهوا عن عبادة اللَّه وطاعته، وأوحي إليه صلى الله عليه وسلم أن (الملكين يناديان) حقيقة أو كناية، ويجوز أن تكون السنة الإلهية قد جرت بالأمر للملائكة وندائهم وقصد إسماعهم الخلق، وكان صلى الله عليه وسلم يسمع بنفسه الكريمة نداءهما، وإسماعهما الخلائق لا يسمعه الثقلان؛ لئلا يرتفع التكليف، وذلك كما في إصاخة كل دابة إلا الجن والإنس بنداء قيام الساعة يوم الجمعة، وعدم سماع صياح الجنازة وعذاب القبر.
فإن قلت: فإذا لم يسمع الإنسان نداء الملكين فما الفائدة فيه؟ وكيف تنبهوا بذلك؟
قلت: يكفي في ذلك إخبار النبي صلى الله عليه وسلم الأمة به، ويجوز أن يكون هذا كناية عن نصب اللَّه تعالى الدلائل على صدق هذه القضية، وهي أن (ما قل وكفى خير مما كثر وألهى)، كأن الملائكة ينادون كل يوم بذلك، ولكن الناس عنه غافلون ولا يتنبهون، واللَّه أعلم.
5219 -
[65](أبو هريرة) قوله: (يبلغ به) أي: بهذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
"إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: مَا قَدَّمَ؟ وَقَالَ بَنُو آدَمَ: مَا خَلَّفَ؟ ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 9992].
5220 -
[66] وَعَنْ مَالِكٍ: أَنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِنَّ النَّاسَ قَدْ تَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ مَا يُوعَدُونَ، وَهُمْ إِلَى الآخِرَةِ سرَاعًا يَذْهَبُونَ، وَإنَّكَ قَدِ اسْتَدْبَرْتَ الدُّنْيَا مُنْذُ كُنْتَ وَاسْتَقْبَلْتَ الآخِرَةَ، وَإِنَّ دَارًا تَسِيرُ إِلَيْهَا أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ دَارٍ تَخْرُجُ مِنْهَا. رَوَاهُ رَزِينٌ. [الزهد للبيهقي: 501].
5221 -
[67] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ"، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: "هُوَ النَّقِيُّ التَّقِيُّ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [جه: 4269، شعب: 4462].
ــ
والباء للتعدية، أي: يرفعه إليه.
5220 -
[66](مالك) قوله: (قد تطاول عليهم) أي: طال من عهد آدم إلى زمنهم مدة (ما يوعدون) به.
وقوله: (منذ كنت): (كان) تامة، أي: ولدت ووجدت.
5221 -
[67](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (كل مخموم القلب) بالخاء المعجمة، في (القاموس) (1): خم البيت والبئر: كنسها، كاختفها، والمخموم القلب: خالصه، النقي من الغل والحسد، والخمامة بالضم: الكناسة، وبناء (فعالة) بضم
(1)"القاموس"(ص: 943).
5222 -
[68] وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلَا عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: حِفْظُ أَمَانَةٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ". رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 2/ 177، شعب: 4463].
5223 -
[69] وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ قِيلَ لِلُقْمَانَ الْحَكِيمِ: مَا بَلَغَ بِكَ مَا ترى؟ يَعْنِي الْفَضْلَ، قَالَ: صِدْقُ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءُ الأَمَانَةِ، وَتَرْكُ مَا لَا يَعْنِينِي. رَوَاهُ فِي "الْمُوَطَّأ". [ط: 2/ 990].
ــ
الفاء يجيء لما ينفصل من الشيء ويطرح، كالكناسة لما انفصل بالمكنس من التراب والحشيش من البيت، والقلامة لما انفصل من الظفر بالقلم، والسباطة، ونحو ذلك.
5222 -
[68](وعنه) قوله: (ما فاتك من الدنيا): (ما) مصدرية، أي: ما ضرك فوت الدنيا، وقيل: نافية، أي: ما فاتك إذا كن حاصلة، والأول هو الأظهر، وليست بموصولة؛ لعدم الضمير، ولو كانت العبارة ما فاتك من الدنيا لكانت هي.
وقوله: (حفظ إمانة) في حقوق اللَّه والعباد، (وعفة في طعمة) بالضم، بالاجتناب عن الحرام والاقتصار على الكفاية.
5223 -
[69](مالك) قوله: (ما بلغ بك) الباء للتعدية.
وقوله: (ما لا يعنيني) صريح في أن الضمير في (يعني) لـ (ما)، وفي قوله صلى الله عليه وسلم:"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، ويحتمل أن يكون لـ (ما) أو لـ (المرء)، والظاهر في المعنى لـ (المرء)، فافهم.
5224 -
[70] وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَجِيءُ الأَعْمَالُ فَتَجِيءُ الصَّلَاةُ فَتَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَا الصَّلَاةُ، فَيَقُولُ: إِنَّكِ عَلَى خَيْرٍ، فَتَجِيءُ الصَّدَقَة فَتَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَا الصَّدَقَةُ، فَيَقُولُ: إِنَّكِ عَلَى خَيْرٍ، ثُمَّ يَجِيء الصِّيَامُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَا الصِّيَامُ، فَيَقُولُ: إِنَّكَ عَلَى خَيْرٍ، ثُمَّ تَجِيءُ الأَعْمَالُ عَلَى ذَلِكَ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّكِ عَلَى خَيْرٍ، ثُمَّ يَجِيءُ الإِسْلَامُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَنْتَ السَّلَامُ وَأَنَا الإِسْلَامُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّكَ عَلَى خَيْرٍ بِكَ الْيَوْمَ آخُذُ وَبِكَ أُعْطِي، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] ".
ــ
5224 -
[70](أبو هريرة) قوله: (تجيء الأعمال فتجيء الصلاة) الحديث، حاصل المراد من الحديث أن الأعمال فرادى تجيء شافعة لصاحبها فيردها اللَّه بلطف، حتى إذا جاء الإسلام الذي هو الأصل وجامع الأعمال كلها قبلت شفاعته، وقد جاء مبدئًا بالثناء على اللَّه تعالى، ومن آداب الشفاعة المؤثرة في قبولها الثناءُ على المشفع كما يشعر به تعليم الرب تعالى حمدًا من عنده سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم يفتح به باب الشفاعة ويشفع به كما جاء في حديث الشفاعة، ولو أريد بالإسلام هنا التسليم لأحكام اللَّه والرضا بها وترك الاختيار الذي هو أعلى مقامات السالكين، لم يبعد، بل أقرب من المعنى الأول وأدخل في قبول الشفاعة؛ لما فيه من معنى التذلل والانكسار، ثم مجيء الأعمال إما بحقائقها وصورها التي لها في ذلك العالم، فإن لكل شيء حقيقة وصورة كالظلة للإيمان، واللبن للعلم، والكبش للموت، أو يجعلها في صور حسنة كما قيل في وزنها، أو هو كناية عن اعتبارها وملاحظتها منسوبة إلى العالمين وحصول النجاة لهم بها، واللَّه أعلم.
5225 -
[71] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لَنَا سِتْرٌ فِيهِ تَمَاثِيلُ طَيْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا عَائِشَةُ حَوِّلِيهِ؛ فَإِنِّي إِذَا رَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا".
5226 -
[72] وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: عِظْنِي وَأَوْجِزْ، فَقَالَ:"إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَأَجْمِعِ الإِيَاسَ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاس".
ــ
5225 -
[71](عائشة) قوله: (فإني إذا رأيته ذكرت الدنيا) لم يعلله صلى الله عليه وسلم بحرمة التماثيل ومنعها عن دخول الملائكة، إما لأنه كان قبل النهي عنها، أو لأنها كانت دقيقة لا تبدو للناظر، أو لأنه قد لا يحرم في أمثال الوسد والفرش كما سبق في بابه، أو لينبه أهل بيته على ترك الترفه والتنعم بما هو من الدنيا حتى لا يأخذوا سترًا آخر ولو غير مصور فيه من النفاسة، وقد ورد النهي عن كسوة الجدران بالستر.
5226 -
[72](أبو أيوب الأنصاري) قوله: (فصل صلاة مودّع) أي: تارك نفسه وجميع ما سوى اللَّه تعالى، وأقبل بكلك إلى جناب الحق بتوجه تام وإخلاص كلي، ويحتمل أن يكون معناه -واللَّه أعلم- مودع حياته، أي: ظُنَّ كانت هذه آخر صلاتك، وهذا الوقت آخر عمرك، كما جاء في وصية المشايخ: ينبغي أن يكون المصلي في صلاته كأنه في آخر صلاته في عمره، فإذا كان كذلك فلا بد يحسنها ويصلي كما ينبغي.
وقوله: (تعذر) أي: تحتاج إلى الاعتذار، الظاهر أن المراد الاعتذار في الآخرة عند الرب تعالى، ويجوز أن يكون مطلقًا شاملًا التكلم بالنسبة إلى الأصحاب والخلق جميعًا، أي: لا تكلم بما فيه إثم أو إيذاء لأحد، واللَّه أعلم.
وقوله: (وأجمع الإياس مما في أيدي الناس): (أجمع) من الإجماع بمعنى
5227 -
[73] وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوصِيهِ، وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ:"يَا مُعَاذُ! إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجدِي هَذَا وَقَبْرِي"، فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعًا لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
ــ
تصميم العزم على الشيء، و (الإياس) بكسر الهمزة بمعنى اليأس، مصدر أيس، لغة في يئس، قال في (القاموس) (1): أيس إياسًا: قنط، وجاء آيَسُ يأسًا، كذا في (الصحاح)(2)، وقال الطيبي (3): الظاهر أن الإياس وقع موقع اليأس سهوًا من الكاتب؛ لأن الإياس مصدر آسه: إذا أعطاه، وليس مصدر أيس مقلوب يئس؛ لأن مصدر المقلوب يوافق الفعل الأصلي لا المقلوب، وهذا ممنوع، إذ قد جاء جبذ جبذًا في جذب جذبًا، وأيضًا يفهم من كلامهم أن أيس ليس مقلوبًا من يئس، بل لغة على حدة بمعناه، كما قيل أيضًا في جبذ إنه لغة في جذب، والحاصل أن إياسًا قد جاء في مصدر أيس سواء كان مقلوبًا أو لغة مستقلة، فتدبر.
5227 -
[73](معاذ بن جبل) قوله: (إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي) وجاء في حديث (الموطأ): فتوفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ، وما جاء على خلاف ذلك ففي صحته كلام.
وقوله: (جشعًا) قال الطيبي (4): الجشع: الجزع لفراق الإلف، وفي
(1)"القاموس"(ص: 492).
(2)
"الصحاح"(1/ 28).
(3)
"شرح الطيبي"(9/ 328).
(4)
"شرح الطيبي"(9/ 328).
ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: "إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِيَ الْمُتَّقُونَ مَنْ كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا". رَوَى الأَحَادِيث الأَرْبَعَةَ أَحْمَدُ. [حم: 2/ 362، 6/ 49، 5/ 412، 5/ 235].
5228 -
[74] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ النُّورَ إِذَا دَخَلَ الصَّدْرَ انْفَسَحَ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِتِلْكَ مِنْ عَلَمٍ يُعْرَفُ بِهِ؟ قَالَ: . . . . .
ــ
(القاموس)(1): الجشع محركة: أشد الحرص وأسوؤه، وفي (الصراح) (2): جشع غالب آمدن حرص وسخت آرزو مند شدن.
(بكى) لغاية الحرص على صحبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لأجل فراقه.
وقوله: (التفت فأقبل بوجهه نحو المدينة. . . إلخ)، يعني إذا رجعت إلى المدينة فاقتد بأولى الناس بني، وهم المتقون، وليس ذلك مخصوصًا بالمدينة بل حيث كانوا.
5228 -
[74](ابن مسعود) قوله: ({يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ}) قال البيضاوي في (تفسيره)(3): فيتَّسع له، وَيفسح فيه مَجالَه، وهو كناية عن جعل النفس قابلة للحق، مهيأة لحلوله فيها، مصفاة عما يمنعه وينافيه، وإليه أشار صلى الله عليه وسلم حين سئل عنه فقال:(نور يقذفه اللَّه سبحانه وتعالى في قلب المؤمن، فينشرح له وينفسح)، فقالوا: هل لذلك
(1)"القاموس"(ص: 654).
(2)
"الصراح"(ص: 309).
(3)
"تفسير البيضاوي"(2/ 202).
"نَعَمْ، التَّجَافِي مِنْ دَارِ الْغُرُورِ، وَالإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ، وَالإِسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ".
5229، 5230 - [75، 76] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي خَلَّادٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمُ الْعَبْدَ يُعْطَى زُهْدًا فِي الدُّنْيَا وَقِلَّةَ مَنْطِقٍ فَاقْتَرِبُوا مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ يُلَقَّى الْحِكْمَةَ". رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 10068، 4631].
* * *
ــ
أمارة، الحديث، وتخصيص الصدر لأجل أنه وعاء القلب الذي هو منبع الأنوار ومحل الأسرار.
وقوله: (التجافي من دار الغرور): (التجافي): التباعد، في (الصحاح) (1): تجافى جنبه عن الفراش: تباعد، و (دار الغرور): الدنيا، في (القاموس) (2): غره غرًّا وغرورًا وغرة، فهو مغرور: خدعه، وأطمعه بالباطل، فاغتر، وفي (الصراح) (3): غرور بالضم: فريفتن، غرور بالفتح فريبنده، ومنه قوله تعالى:{وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: 33].
5229، 5230 - [75، 76](أبو هريرة، وأبو خلاد رضي الله عنهما) قوله: (فإنه يلقى الحكمة) بضم التحتانية وفتح اللام وتشديد القاف على صيغة المجهول، أي: يؤتى،
(1)"الصحاح"(1/ 95).
(2)
"القاموس"(ص: 387).
(3)
"الصراح"(ص: 202).