الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"، وَقَالَا: لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 2448، شعب: 7832].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
5116 -
[13] عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا تَجَرَّعَ عَبْدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ يَكْظِمُهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 1/ 327].
5117 -
[14] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [فصلت: 34]. قَالَ: الصَّبْرُ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَالْعَفْوُ عِنْدَ الإِسَاءَةِ،
ــ
رغب فيه رغبًا، ويضم، ورغبة: أراده، والرغب بالضم وبضمتين: كثرة الأكل، وشدة النَّهَم، فعله ككرم، انتهى. والمراد الرغبة في الدنيا والإكثار منها.
الفصل الثالث
5116 -
[13](ابن عمر) قوله: (ما تجرّع عبد أفضل عند اللَّه عز وجل من جرعة غيظ يكظمها) في (القاموس)(1): الجرعة مثلثة من الماء: حسوة منه، أو بالضم والفتح: الاسم، من جَرِعَ الماء، كسمع ومنع: بلعه، وبالضم: ما اجترعتَ، والغيظ: الغضب أو أشده، أو سورته وأوله، وتغيضت الهاجرة: اشتدت، والكظم: رده وحبسه، والضمير في (يكظمها) لـ (الجرعة)؛ لأن الإضافة في (جرعة غيظ) للبيان، فالجرعة هي الغيظ، فافهم.
5117 -
[14](ابن عباس) قوله: ({ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}) آخر الآية: {فَإِذَا
(1)"القاموس المحيط"(ص: 643، 653).
فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمَهُمُ اللَّهُ، وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ قَرِيبٌ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا. [خت: 6/ 128].
5118 -
[15] وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيم عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْغَضَبَ لَيُفْسِدُ الإِيمَانَ كَمَا يُفْسِدُ الصَّبِرُ الْعَسَلَ".
ــ
الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34]، قال صاحب "الكشاف" (1): يعني أنّ الحسنة والسيئة متفاوتتان في أنفسهما، فخذ الحسنة التي هي أحسن من أختها إذا اعترضتك حسنتان فادفع بها السيئة التي ترد عليك من بعض أعدائك، ومثال ذلك: رجل أساء إليك إساءة، فالحسنة أن تعفو عنه، والتي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته إليك، مثل أن يذمك فتمدحه، ويقتل ولدك فتفتدي ولده من يد عدوه، فإنك إذا فعلت ذلك انقلب عدوك المشاقّ مثل الولي الحميم، انتهى.
هذا الذي ذكره أخذه من لفظة {أَحسَنُ} اعتبارًا لتفضيله بالنسبة إلى الحسنة، ويجوز اعتباره بالنسبة إلى جزائه بمثله، ففي الحديث اقتصر على أدنى المراتب؛ إشارة إلى أنه إن لم يتيسر الإحسان فلا بد من الصبر والعفو، وهذا مثل ما قالوا: إن الوظيفة في البلايا هي الشكر؛ نظرًا إلى الألطاف الخفية التي في ضمنها، وإن لم يتيسر فلا أقل من أن يصبر.
5118 -
[15](بهز بن حكيم) قوله: (كما يفسد الصبر العسل) الصبر ككتف، ولا يسكن إلا في ضرورة الشعر: عصارة شجر مرٍّ.
(1)"الكشاف"(6/ 159).
5119 -
[16] وَعَنْ عُمَرَ قَالَ -وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ-: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! تَوَاضَعُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ، فَهُوَ فِي نَفْسِهِ صَغِيرٌ وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ عَظِيمٌ، وَمَنْ تَكَبَّرَ وَضَعَهُ اللَّهُ، فَهُوَ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ صَغِيرٌ وَفِي نَفْسِهِ كَبِيرٌ، حَتَّى لَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِمْ مِنْ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيْرٍ".
5120 -
[17] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عليه السلام: يَا رَبِّ! مَنْ أَعَزُّ عِبَادِكَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: مَنْ إِذَا قَدَرَ غَفَرَ".
5121 -
[18] وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ خَزَنَ لِسَانَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ عَذَابَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
ــ
5119 -
[16](عمر) قوله: (فهو في نفسه صغير وفي أعين الناس كبير) فكان المراد من الدعاء المأثور -وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعلني في عيني صغيرًا، وفي أعين الناس كبيرًا"- طلب التواضع.
5120 -
[17](أبو هريرة) قوله: (من إذا قدر غفر) هذا أيضًا اقتصار على الأدنى؛ فإن الإحسان على الإساءة متعذر جدًّا لا يأتي إلا ممن شاء اللَّه، والعفو والمغفرة أيضًا إحسان.
5121 -
[18](أنس) قوله: (من خزن لسانه) أي: حفظ لسانه من عورات الناس بقرينة قوله: (ستر اللَّه عورته)، في (القاموس) (1): خزن المال: أحرزه، والخزانة
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1099).
وَمَنِ اعْتَذَرَ إِلَى اللَّهِ قَبِلَ اللَّهُ عُذْرَهُ".
5122 -
[19] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ثَلَاثٌ مُنجِيَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، فَأَمَّا الْمُنْجيَاتُ: فَتَقْوَى اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَوْلُ بِالْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالسُّخْطِ، وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَهَوًى مُتَّبَع، وَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَهِيَ أَشَدُّهُنَّ". رَوَى الْبَيْهَقِيُّ الأَحَادِيثَ الْخَمْسَةَ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 7941، 790، 7974، 7958، 6965].
* * *
ــ
بالكسر فعل الخازن، ومكان الخزن، ولا يفتح، والمخزن كمقعد، والقلب، والخزّان كشداد: اللسان، كالخازن، وفي (الصحاح) (1): خزنت السر وأخزنته، أي: كتمته.
5122 -
[19](أبو هريرة) قوله: (والقصد في الغنى والفقر) أي: الاجتناب عن التبذير والتقتير، أو المراد التوسط في اختيار الغنى والفقر؛ فإن الكفاف أفضل منهما.
وقوله: (فهوى متبع) أي: يتبعه الرجل ويطيعه، فأما إذا لم يتبعه فلا يضر، وهو المراد بقوله:(حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)، و (الشح) مثلثة: البخل والحرص، وقد مر تحقيق معناه في موضع آخر.
وقوله: (وهي أشدهن) أي: هذه الخصلة الأخيرة -وهي (إعجاب المرء بنفسه) - أشد هلاكًا وضررًا.
(1)"الصحاح"(1/ 171).