الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأرسل المعظم وحسّن لأخيه المظفر غازي صاحب خلاط العصيان على أخيه الملك الأشرف فأجاب المظفر إلى ذلك، وخالف أخاه الأشرف، وكان قد اتفق مع المعظم عيسى والمظفر غازي مظفر الدين كوكبوري بن زين الدين كوجك صاحب إربل، وكان الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ منتميا إلى الأشرف فسار مظفر الدين صاحب إربل وحصر الموصل عشرة أيام، وكان نزوله على الموصل ثالث عشر جمادى الآخرة من هذه السنة ليشغل الملك الأشرف عن قصد أخيه بخلاط، ثم رحل مظفر الدين عن الموصل لحصانتها، فلم يلتفت الملك الأشرف إلى حصار الموصل وسار إلى خلاط وحاصر بها [أخاه]«1» المظفر شهاب الدين غازي فسلمت إليه مدينة خلاط، وانحصر أخوه غازي بقلعتها إلى الليل فنزل إلى أخيه الأشرف واعتذر إليه فقبل عذره وعفا عنه، وأقره على ميّافارقين، وارتجع باقي البلاد منه، وكان استيلاء الأشرف على خلاط وأخذها من أخيه في جمادى الآخرة من هذه السنة.
وفي سنة اثنتين وعشرين وست مئة
«13»
وصل جلال الدين من الهند إلى بلاده، وقد تقدم في سنة سبع عشرة وست مئة هروبه من غزنة لما قصده جنكز خان، وأنه دخل الهند «2» ، فلما كان في هذه السنة قدم من الهند إلى كرمان إلى أصفهان واستولى عليها وعلى باقي عراق العجم، وسار إلى (195) فارس وانتزعها من أخيه تيزشاه بن محمد وأعادها إلى صاحبها أتابك سعد بن دكلا صاحب فارس وصار أتابك سعد وتيزشاه أخو جلال الدين منكبرتي بن خوارزم شاه تحت حكم جلال الدين المذكور، ثم
استولى جلال الدين على خوزستان وكاتب الخليفة الإمام الناصر ثم صار حتى وصل إلى بعقوبا «1» بالقرب من بغداد، وخاف أهل بغداد منه واستعدوا للحصار، ونهبت الخوارزمية البلاد وقوي جلال الدين وعسكره ثم سار إلى قريب إربل فصالحه مظفر الدين كوكبوري ودخل في طاعته، ثم سار جلال الدين إلى أذربيجان وكرسي ملكها توريز فاستولى على توريز وهرب مظفر الدين أزبك بن البهلوان بن إلدكز صاحب أذربيجان، وكان أزبك المذكور قد قوي أمره لما قتل طغريل آخر الملوك السلجوقية ببلاد العجم، واستقل أزبك المذكور في المملكة، وكان أزبك لا يزال مشغولا بشرب الخمر وليس له التفاته إلى تدبير المملكة، فلما استولى جلال الدين على توريز هرب أزبك إلى كنجة وهي من بلاد أران قرب برذعة «2» متاخمة لبلاد الكرج (و) استقل السلطان جلال الدين بمملكة أذربيجان وكثرت عساكره، ثم جرى بين جلال الدين وبين الكرج قتال عظيم من أعظم ما يكون، فانهزمت الكرج وتبعهم الخوارزمية يقتلونهم كيف شاؤوا واتفق أنه ثبت على قاضي توريز وقوع الطلاق على أزبك ابن البهلوان من زوجته بنت السلطان طغريل آخر الملوك السلجوقية المقدم الذكر (196) فتزوج جلال الدين بها، وأرسل جيشا إلى مدينة كنجة ففتحوها وهرب منها مظفر الدين أزبك بن البهلوان إلى قلعة هناك، ثم هلك وتلاشى أمره.
وفي هذه السنة، توفي الملك الأفضل نور الدين علي بن السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب «3» وليس بيده غير سميساط فقط، وكان موته
فجأة وعمره سبع وخمسون سنة، وكان الملك الأفضل فاضلا حسن السيرة، وتجمعت فيه الفضائل والأخلاق الحسنة، وكان مع ذلك قليل الحظ، وله الأشعار الحسنة الجيدة، فمنها يعرض إلى سوء حظه قوله:(الكامل)
يا من تسوّد شعره بخضابه
…
لعساه من أهل الشبيبة يحصل
ها فاختضب بسواد حظي مرة
…
ولك الأمان بأنّه لا ينصل
ولما أخذت منه دمشق كتب إلى بعض أصحابه كتابا منه: أما أصحابنا بدمشق فلا علم لي بأحد منهم، وسبب ذلك «1» :(المنسرح)
أيّ صديق سألت عنه ففي الذّ
…
لّ وتحت الخمول في الوطن
وأيّ ضدّ سألت حالته
…
سمعت ما لا تحبّه أذني
وفي أول شوال في هذه السنة، كانت وفاة الخليفة الإمام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد «2» بن المستضيء حسن بن المستنجد يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد بن المقتدي عبد الله بن الأمير ذخيرة الدين محمد ابن القائم [ «3» عبد الله بن القادر أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر جعفر بن المكتفي علي بن المعتضد أحمد بن الأمير الموفق، قيل اسمه طلحة، وقيل:
محمد بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد هارون بن المهدي محمد ابن المنصور] عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عم النبي صلى الله عليه وسلم (197) بن عبد المطلب بن هاشم، وكان عمر الناصر نحو سبعين سنة ومدة خلافته سبع وأربعون سنة، وعمي في آخر عمره، وكان موته
بالدوسنطاريا، وكان قبيح السيرة في رعيته ظالما لهم، خرب في أيامه العراق وتفرق أهله في البلاد، وكان يتشيع وهو منصرف الهمة إلى رمي البندق، والطيور المناسيب، ويلبس سراويلات الفتوة، ومنع رمي البندق إلا من ينسب إليه فأجابه الناس إلى ذلك، إلا إنسانا واحدا يقال له: ابن السفت وهرب لذلك من بغداد إلى الشام.
وقد نسب إلى الإمام الناصر أنه هو الذي كاتب التتر وأطمعهم في البلاد بسبب ما كان بينه وبين خوارزم شاه محمد بن تكش من العداوة ليشغل خوارزم شاه بهم عن قصد العراق.
خلافة ابنه الظاهر [بأمر الله]«1» [أبي نصر]«2» محمد «3» خامس ثلاثيهم
ولما بويع [الظاهر بأمر الله]«4» بعد موت أبيه أظهر العدل، وأزال المكوس.
وأخرج المحبسين، وظهر للناس، وكان الناصر ومن قبله لا يظهرون إلا نادرا، ولم تصل مدته في الخلافة غير تسعة أشهر.