الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي سنة سبعين وخمس مئة
«13»
في أولها اجتمع على رجل من أهل الصعيد يقال له الكنز «1» جمع عظيم، وأظهر الخلاف على صلاح الدين، فأرسل إليه صلاح الدين عسكرا فقتل الكنز وجماعة معه، وانهزم الباقون.
وفي سلخ ربيع الأول ملك صلاح الدين يوسف بن أيوب مدينة دمشق وحمص وحماة، وسببه أن شمس الدين بن الداية المقيم بحلب أرسل سعد الدين كمشتكين «2» يستدعي الملك الصالح بن نور الدين من دمشق إلى حلب ليكون مقامه بها، فسار الملك الصالح مع سعد الدين إلى حلب، ولما استقر بحلب تمكن كمشتكين وقبض على شمس الدين بن الداية وإخوته، وقبض على الرئيس ابن الخشاب «3» وإخوته وهو رئيس حلب.
واستبد سعد الدين [كمشتكين]«4» بتدبير الملك الصالح فخافه ابن المقدم وغيره من أمراء دمشق، فكاتبوا صلاح الدين بن أيوب صاحب مصر، واستدعوه ليملكوه عليهم، فسار صلاح الدين (64) جريدة في سبع مئة فارس، ولم
يلبث فوصل إلى دمشق وخرج كل من بها من العسكر والتقوه وخدموه ونزل بدار والده أيوب المعروفة بدار العقيقي «1» ، وعصت عليه القلعة، وكان فيها من جهة الملك الصالح خادم اسمه ريحان فراسله صلاح الدين واستماله فسلم القلعة إليه فصعد إليها صلاح الدين وأخذ ما فيها من الأموال، ولما ثبت قدمه في دمشق استخلف بها أخاه سيف الإسلام طغتكين بن أيوب «2» .
وسار إلى حمص مستهل جمادى الأولى، وكانت حمص، وحماة، وقلعة بارين «3» ، وسلمية، وتل خالد، والرّها من بلد الجزيرة في إقطاع فخر الدين مسعود بن الزّعفراني فلما مات نور الدين لم يمكن فخر الدين مسعود المقام بحمص وحماة لسوء تدبيره مع الناس، وكانت هذه البلاد له بغير قلاعها فإن قلاعها كان فيها ولاة لنور الدين، وليس لفخر الدين معهم في القلاع حكم إلّا بارين فإن قلعتها كانت له أيضا، فنزل صلاح الدين على حمص في حادي عشر جمادى الأولى وملك المدينة، وعصت عليه القلعة فترك عليها من يضيق عليها، ورحل إلى حماة فملك مدينتها مستهل جمادى الآخرة من السنة وكان بقلعتها
الأمير عز الدين جرديك أحد المماليك النورية فامتنع في القلعة، فذكر له صلاح الدين أنه ليس له غرض سوى حفظ بلاد الملك الصالح عليه، وإنما هو نائبه وقصده من جرديك المسير إلى حلب في رسالة فاستحلفه جرديك على ذلك (65) وسار جرديك إلى حلب برسالة من صلاح الدين واستخلف في قلعة حماة أخاه، فلما وصل جرديك إلى حلب قبض عليه كمشتكين وسجنه، فلما علم أخوه بذلك سلم قلعة حماة إلى صلاح الدين فملكها، ثم سار صلاح الدين إلى حلب وحصرها وبها الملك الصالح بن نور الدين فجمع أهل حلب وقاتلوا صلاح الدين وصدوه عن حلب، وأرسل سعد الدين كمشتكين إلى سنان مقدم الإسماعيلية أموالا عظيمة ليقتلوا صلاح الدين، فأرسل سنان جماعة ليقتلوا صلاح الدين ووثبوا على صلاح الدين فقتلوا دونه، واستمر صلاح الدين محاصرا لحلب إلى مستهل رجب، ورحل عنها بسبب نزول الفرنج على حمص، ووصل صلاح الدين إلى حماة ثامن رجب وسار إلى حمص فرحل الفرنج عنها، ووصل صلاح الدين إلى حمص وحصر قلعتها وملكها في حادي عشري شعبان، ثم [سار]«1» إلى بعلبك فملكها.
ولما استقر ملك صلاح الدين لهذه البلاد أرسل الملك الصالح إلى ابن عمه سيف الدين غازي [صاحب الموصل]«2» يستنجده على صلاح الدين، فجهز جيشه صحبة أخيه مسعود بن مودود بن زنكي «3» [وجعل]«1» مقدم الجيش عز الدين محمود (ا) المعروف بسلفندار وطلب أخاه الأكبر عماد الدين زنكي بن
مودود ليسير في الصحبة فامتنع مصانعة لصلاح الدين، فسار سيف الدين غازي وحصره بسنجار، ووصل عسكر الموصل صحبة عز الدين مسعود بن مودود وسلفندار إلى حلب، وانضم (66) إليهم عسكر حلب، وساروا إلى صلاح الدين، فأرسل صلاح الدين يبذل حمص وحماة، وأن تفرد بيده دمشق، ويكون فيها نائبا للملك الصالح، فلم يجيبوه إلى ذلك، وساروا لقتاله، واقتتلوا عند قرون حماة، فانهزم عسكر الموصل وحلب، وغنم صلاح الدين وعسكره أموالهم، وتبعهم صلاح الدين حتى حصرهم بحلب وقطع صلاح الدين حينئذ خطبة الصالح بن نور الدين، وأزال اسمه عن السكة، واستبد بالسلطنة، فراسلوا صلاح الدين في الصلح على أن يكون له ما بيده من الشام، ويكون للملك الصالح ما بقي بيده منها، فصالحهم على ذلك، ورحل عن حلب في العشر الأول من شوال هذه السنة أعني سنة سبعين وخمس مئة.
وفي العشر الآخر من شوال ملك السلطان صلاح الدين بارين وأخذها من صاحبها فخر الدين مسعود بن الزّعفراني، وكان فخر الدين من أكابر الأمراء النورية.
وفيها ملك البهلوان بن إلدكز مدينة تبريز وأخذها من ابن آقسنقر الأحمد يلي.
وفيها، مات شملة التركماني «1» صاحب خوزستان وتولى ولده.
وفيها، وقع بين الخليفة وبين قطب الدين قيماز مقدم عسكر الخليفة ببغداد فتنة، فنهبت دار قيماز، وهرب إلى الحلّة ثم إلى الموصل، فلحقه في الطريق عطش شديد وهلك أكثر أصحابه، ومات هو قبل وصوله إلى الموصل، فحمل