الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها، سار المنصور من الديار المصرية إلى غزّة، وكان التتر قد وصلوا إلى حلب فعاثوا ثم عادوا، فعاد السلطان إلى مصر في جمادى الآخرة.
وفيها، استأذن بلبان الطّبّاخي «1» أحد مماليك المنصور وكان نائبا بحصن الأكراد في الإغارة على بلد المرقب لما كان اعتمده أهلها من الفساد عند وصول التتر إلى حلب فأذن له في ذلك، فجمع الطّبّاخي عساكر الحصون وسار (349) إلى المرقب فاتفق هروب المسلمين ونزول الفرنج من المرقب، فقتلوا وأسروا من المسلمين جماعة.
وفي مستهل ذي الحجة خرج المنصور من مصر إلى الشام
.
ودخلت سنة ثمانين وست مئة
«13»
والسلطان بالروحاء «2» وأقام هناك مدة، وسار إلى بيسان فقبض على جماعة من الظاهرية وأعدم منهم جماعة، ثم سار السلطان ودخل إلى دمشق وأرسل عسكرا إلى شيزر وهي لسنقر الأشقر وجرى بينهم مناوشة، ثم ترددت الرسل بين السلطان وبين سنقر، واحتاج السلطان إلى مصالحته لقوة أخبار التتر ووقع بينهما الصلح على أن يسلّم شيزر إلى السلطان ويتسلم سنقر الشّغر وبكاس وكانتا قد ارتجعتا منه، فتسلم نواب السلطان شيزر وتسلم سنقر الشّغر وبكاس وحلفا على
ذلك.
وفيها، استقر الصلح بين المنصور وبين خضر بن الظاهر [بيبرس صاحب الكرك]«1» .
وفي هذه السنة في شهر رجب، كانت الوقعة العظيمة بين المسلمين وبين التتر بظاهر حمص، وذلك أن أبغا بن هولاكو حشد وجمع وسار طالب الشام، ثم انفرد أبغا المذكور عنهم وسار إلى الرحبة وسير جيوشه [وجموعه]«1» إلى الشام، وقدم [عليها]«2» أخاه منكوتمر «3» فسار إلى حمص، وسار المنصور بالجيوش الإسلامية من دمشق إلى جهة حمص، وأرسل إلى سنقر يستدعيه بمن عنده من الأمراء والعسكر بحكم ما استقر بينهما من الصلح واليمين، فسار سنقر من صهيون (350) ، فلما وصل السلطان إلى ظاهر حمص [وصل]«4» إليه المنصور صاحب حماة بعسكره، ثم وصل سنقر بعسكره، ورتب السلطان العساكر ميمنة وميسرة، والتقى الفريقان بظاهر حمص في الساعة الرابعة من يوم الخميس رابع عشر رجب الفرد، وأنزل الله نصره على القلب والميمنة فهزموا من كان قبالتهم من التتر، وركبوا أقفيتهم يقتلون ويأسرون، وكان منكوتمر قبالة القلب فانهزم، وأما ميسرة المسلمين فإنهم انكشفوا عن مواقعهم وتم ببعضهم الهزيمة إلى دمشق، وساق التتر إثر المنهزمين حتى وصلوا إلى تحت حمص ووقعوا في السوقية وغلمان العسكر والعوام وقتلوا منهم خلقا كثيرا، ثم علموا بنصرة
المسلمين وهزيمة جيشهم فولوا منهزمين على أعقابهم، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، وكانت عدة التتر نحو ثمانين [ألفا]«1» منهم خمسون ألفا من المغل والباقي مجمعة من أجناس مختلفة.
ولما وصل خبر هذه الكسرة إلى أبغا وهو على الرحبة يحاصرها رحل عنها على عقبه منهزما.
وكتب بهذا الفتح العظيم إلى البلاد الإسلامية فزينت لذلك، ثم إن المنصور أعطى الدستور للعساكر الشمالية فرجع المنصور محمد صاحب حماة إلى بلده، وسنقر إلى صهيون، وسار عسكر حلب إليها، وعاد السلطان إلى دمشق والأسرى والرءوس بين يديه، وسار إلى الديار المصرية كذلك مؤيدا منصورا.
فلما استقر بالديار المصرية (351) قدمت إليه هدية صاحب اليمن الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر بن علي بن رسول، وطلب أمانا من السلطان، فقبل السلطان هديته وكانت من طرائف اليمن، وكتب السلطان له أمانا وأرسله وهدية من أسلاب التتر وخيلهم، وعادت رسله بذلك مكرمين.
وفيها، مات منكوتمر بجزيرة ابن عمر مكمودا عقب كسرته على حمص، وكان موته من يمنة هذا الفتح العظيم.