الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي سنة سبع وخمسين وست مئة
«13»
سار عز الدين كيكاوس وركن الدين قليج أرسلان ابنا كيخسرو بن كيقباذ إلى خدمة هولاكو وأقاما معه مدة، ثم عادا إلى بلادهما.
وفي هذه السنة، توفي بدر الدين لؤلؤ «1» صاحب الموصل، ولقبه الملك الرحيم، وكان عمره قد جاوز ثمانين سنة، ولما مات ملك بعده ولده الملك الصالح «2» الموصل، وملك سنجار ولده الآخر علاء الدين «3» ، وكان بدر الدين قد صانع هولاكو ودخل تحت طاعته، وحمل إليه الأموال، ووصل إلى خدمة هولاكو بعد أخذ هولاكو بغداد ببلاد أذربيجان، وكان صحب لؤلؤا الشريف العلوي ابن صلايا، فقيل إن لؤلؤا سعى به إلى هولاكو فقتل الشريف المذكور «4» ، ولما عاد لؤلؤ إلى الموصل لم يطل مقامه بها حتى مات، وطالت أيامه في ملك الموصل فإنه كان القائم بأمور أستاذه أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن زنكي ابن آقسنقر، وقام بتدبير ولده الملك القاهر، ولما توفي الملك القاهر في سنة خمس عشرة وست مئة انفرد لؤلؤ بالمملكة، وأقام ولدي القاهر الصغيرين واحدا بعد آخر، واستبد بملك الموصل وبلادها ثلاثا وأربعين سنة تقريبا، ولم يزل في ملكه
سعيدا لم تطرقه آفة، ولم يختل لملكه نظام.
وفي هذه السنة لما جرى من البحرية ما ذكرناه من كسر عسكر الناصر يوسف، سار الناصر المذكور عن دمشق (299) بنفسه وعساكره، وسار في صحبته الملك المنصور صاحب حماة بعسكره إلى جهة الكرك على بركة زيزاء «1»
محاصرا للملك المغيث صاحب الكرك بسبب حمايته للبحرية، ووصل إلى الملك الناصر رسل المغيث صاحب الكرك والقطببة بنت الملك الأفضل قطب الدين بن الملك العادل «2» يتضرعون إلى الناصر ويطلبون رضاه عن الملك المغيث فلم يجب إلى ذلك إلا بشرط أن المغيث يقبض على من عنده من البحرية، فأجاب المغيث إلى ذلك، وعلم بالحال ركن الدين بيبرس البندقداري فهرب في جماعة من البحرية إلى الناصر يوسف فأحسن إليه، وقبض المغيث على من عنده من البحرية ومن جملتهم سنقر الأشقر «3» وسكز «4» وبرامق «4» وأرسلهم على الجمال إلى الملك الناصر فبعث بهم إلى حلب فاعتقلوا بها، واستقر الصلح بين الناصر وبين المغيث صاحب الكرك، وكان مدة مقام الناصر يوسف بالعساكر على بركة زيزاء ما يزيد على شهرين بقليل، ثم عاد إلى دمشق وأعطى للملك المنصور صاحب
حماة دستورا فعاد إلى بلده.
وفي أواخر سنة سبع وخمسين في أوائل ذي الحجة قبض سيف الدين قطز على ابن أستاذه الملك المنصور نور الدين علي بن المعزّ أيبك وخلعه من السلطنة، وكان علم الدين الغتمي وسيف الدين بهادر وهما من كبار المعزية غائبين في رمي البندق، وانتهز قطز الفرصة في غيبتهما وفعل ذلك، ولما حضر الغتمي وبهادر المذكوران قبض عليهما أيضا، واستقر قطز في ملك الديار المصرية، وتلقب بالملك المظفر (300) وكان رسول صاحب الشام وهو كمال الدين بن العديم قد قدم إلى مصر في أيام المنصور علي بن المعز مستنجدا على التتر، واتفق خلع علي المذكور وولاية قطز بحضور كمال الدين بن العديم.
ولما استقر قطز في السلطنة أعاد جواب الملك الناصر أنه ينجده ولا يقعد عن نصرته، وعاد ابن العديم بذلك.
وفي هذه السنة، قصد هولاكو البلاد التي بشرقي الفرات، ونازل حران وملكها واستولى على البلاد الجزرية، وأرسل ولده شموط بن هولاكو إلى الشام، فوصل إلى ظاهر حلب في العشر الأخير من ذي الحجة هذه السنة، وكان الحاكم بحلب الملك المعظم توران شاه بن السلطان صلاح الدين نائبا عن ابن ابن أخيه الملك الناصر «1» ، فخرج عسكر حلب لقتالهم وخرج المعظم ولم يكن من رأيه الخروج وأكمن لهم التتر في الباب المعروف بباب الله وتقاتلوا عند بانقوسا «2»
فاندفع التتر قدامهم إلى أن خرجوا عن البلد، ثم عادوا إليها وهرب المسلمون