الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وتسعين وست مئة
«13»
وصل الأمراء قبجق وبكتمر السّلحدار وألبكي إلى خدمة غازان فأكرمهم، وقصد الشام وعلم بقتل صاحب مصر ونائبه واضطراب الأمور، فأقبل في جيش عظيم «1» وعدى الفرات، وخرج السلطان أيده الله فكان المصاف في السابع والعشرين من ربيع الأول «2» بوادي الخزندار»
على ثلاثة فراسخ من حمص، وكانت ملحمة عظيمة قتل فيها فوق عشرة آلاف من التتار، ولاحت أمارات النصر، وثبت السلطان بمماليكه ثباتا كليا، ثم انكسرت ميمنة المسلمين، وكان العدو ثلاثة أضعافهم، فتحيّز السلطان بمن ثبت معه، وساروا على ناحية البقاع، واستولى فازان وقضي الأمر.
ثم دخلت التتار دمشق، وشرعوا في المصادرة والعسف، ونهبوا الصالحية، وسبوا أهلها وتغير الخلق.
ووقع الحريق من صاحب سيس «4» والكفرة فأحرقوا جامع العقيبة وعدة أماكن، وحاصروا القلعة وعملوا المجانيق والنقوب، فأحرق أهل القلعة دار السعادة ودار الحديث [الأشرفية]«5» و [غير ذلك إلى حد]«5» العادلية [الكبيرة]«5» ،
والنورية، وخربت تلك الناحية كلها «1» ، وهرب أهلها وبقي باب البريد إصطبلا فيه الزبل نحو ذراع، ثم أذن (382) غازان وكان نازلا بالمرج «2» لجيشه في نهب دمشق، وبات الخلق في ليلة الله بهم عليم، ثم إن الله لطف وألقى في قلب غازان أن أمر الأمراء بالكف عن دمشق وصمم على ذلك، وأخذ من مثل الوجيه ابن المنجا «3» وطبقته سبعون ألفا ويلحقها من الترسيم للمغل تتمه مئة ألف، وعلى الطبقة الثانية من الرؤساء ثلاثون ألفا حتى أخذ من الفامية «4» واللحامين، فحكى الوجيه بن منجّا أن الذي حمل إلى خزانة قازان ثلاثة آلاف ألف وست مئة ألف سوى التراسيم فيكون نحو الربع من ذلك، واتصل إلى الخبيث شيخ الشيوخ «5» قريب الست مئة ألف، وأسروا من الصالحية نحو أربعة الآلاف
نسمة، وقتلوا بها نحو الثلاث مئة أكثرهم في التعذيب على المال، ودخل الباقون في جوع وعري وبرد مفرط، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فقد جرى ما لا يعبر عنه، وغلت الأسعار، وافتقر خلق، ثم ترحلت التتار من الشام بالسبي والمكاسب وقد استغنوا وجعلوا قبجق نائبهم بدمشق ومعه بكتمر السلحدار، وعجزوا عن القلعة سلمها الله بعزم متوليها الأمير علم الدين أرجواش «1» والله يرحمه، ودامت التتار بالشام نحو أربعة أشهر، ثم إن السلطان أيده الله دخل مصر بجيوشه المصرية والشامية وقد ذهب [رختهم]«2» وأثقالهم، وتلفت أكثر خيلهم وتضعضعوا كثيرا ونقصوا وتفرقوا ففتح بيوت الأموال وأنفق في الجيش نفقة ما سمع مثلها قط، كان يعطي الجندي خمسين دينارا فشرعوا في اشتراء ما يصلحهم من الخيل والعدد حتى أبيع الشيء بأضعاف أمثاله.
ثم خرجت العساكر إلى الشام مع سلّار، فبادر إلى خدمته قبجق وبكتمر وألبكي، فصفح عنهم السلطان وأعطى قبجق الشّوبك فذهب إليها، وقدم جيش دمشق ونائبها الأفرم في عاشر شعبان، ثم قدمت جيوش مصر مع سلّار والحسام أستاذ دار، وأمير سلاح «3» (383) فنزلوا بالمرج، ثم إنهم رجعوا بعد شهر.
وفيها، مات خلق من مشايخ دمشق منهم المسند شرف الدين أحمد بن هبة
الله بن عساكر «1» ، وله خمس وثمانون سنة.
وقاضي الشام إمام الدين عمر بن عبد الرحمن القزويني الشافعي «2» ، مات منجفلا بمصر، وله ست وأربعون سنة.
والأمير الكبير فخر المحدثين «3» مقدم الجيوش علم الدين سنجر الدّواداري الصالحي «4» ، وهو في عشر الثمانين.
ونائب طرابلس سيف الدين كرت المنصوري «5» استشهد بوادي الخزندار.
[وشيخ]«6» المغرب الواعظ القدوة أبو محمد عبد الله بن محمد المرجاني «7» بتونس.