الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ابنه]«1» [أندرو نيكوس]«2» وتلقب بالدوكس.
وفيها، كاتب الحكام بقلعة الكختا قراسنقر نائب السلطنة بحلب، وسلموا الكختا إليه، فجهز قراسنقر عسكرا وتسلموها، وقرر فيها نواب السلطنة وحصنها وصارت من أعظم الثغور الإسلامية نفعا.
وفي رجب، قدم السلطان إلى دمشق، وكان السيل العظيم في العشر الأول من شعبان والسلطان قلاوون بدمشق، فأخذ السيل ما مرّ به من العمارات والآلات ما لا يحصى، فتوجه السلطان بعد ذلك إلى الديار المصرية وذهب للعسكر النازلين على جوانب بردى من الخيل والخيم والجمال والرجال ما لا يحصى.
وفي سنة ثلاث وثمانين وست مئة
«13»
[سار السلطان الملك المنصور قلاوون إلى دمشق وحضر الملك المنصور صاحب حماة إلى خدمته إلى دمشق ثم عاد كل منهما إلى مقر ملكه]«3» .
(و)[في هذه السنة في شوال]«3» توفي الملك المنصور أبو المعالي محمد «4» ابن الملك المظفر محمود بن الملك المنصور محمد بن الملك المظفر تقي الدين عمر ابن شاهنشاه بن أيوب «5» صاحب حماة، رحمه الله تعالى.
ابتدأ به المرض في أوائل شعبان بعد عوده من خدمة السلطان من دمشق، وكان مرضه حمّى صفراوية داخل العروق، ثم صلح مزاجه بعض الصلاح، فأشار الأطباء بدخول الحمام فدخلها فعاوده المرض، فأحضر الأطباء من دمشق واشتد به ذات الجنب وعالجه الأطباء فلم يفد شيئا، وفي مدة مرضه عتق مماليكه وتاب توبة نصوحة (كذا) ، وكتب إلى السلطان الملك المنصور في إقرار ابنه الملك المظفر محمود «1» في مملكته على قاعدته، واشتدّ مرضه حتى توفي بكرة حادي عشر شوال من هذه السنة.
وكانت ولادته في الساعة الخامسة من يوم الخميس لليلتين بقيتا من ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وست مئة (355) فيكون عمره إحدى وخمسين سنة وستة أشهر و [أربعة عشر يوما]«2» ، وملك حماة يوم السبت ثامن جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وست مئة، وهو (اليوم) الذي توفي فيه والده الملك المظفر محمود فتكون مدة ملكه إحدى وأربعين سنة وخمسة أشهر وأربعة أيام، وكان أكبر أمانيه أن يعيش حتى يسمع جوابه من السلطان فيما سأله من إقرار حماة على ولده الملك المظفر محمود، فاتفق وفاته قبل وصول الجواب، وكان قد أرسل في ذلك على البريد مملوكه سنقر «3» أمير آخور، فوصل بالجواب بعد موت الملك المنصور بستة أيام، ونسخة الجواب من السلطان بعد البسملة:
«المملوك قلاوون أعزّ الله أنصار المقام العالي المولوي السلطاني الملكي
المنصوري الناصري ولا عدمه الأنام، ولا فقدته السيوف والأقلام، وحماه من ذي داء وعود عواد وإلمام [آلام]«1» ، المملوك يجدد الخدمة التي كان يود تجديدها شفاها، ويصف ما عنده من الآلام ولما ألم بمزاجه حتى أنه لم يكد يفتح بحديث فاها، ولما وقفت على كتاب المولى المتضمن مرض الجسد المحروس وما انتهى إليه الحال كادت القلوب تنشق والنفوس تذوب حزنا والرجاء من الله (أن) يتداركه بلطفه وأن يمنّ بعافيته التي رفع [في مسألتها]«2» يديه، وبسط بها [كفيه]«3» ، وهو يرجو من كرم الله تعالى معاجلة الشفاء، ومداركة العافية الموردة بعد الكدّ مورد الصفاء، والله تعالى يفسح في عمر المولى ويهبه العمر الطويل.
وأما الإشارة الكريمة إلى ما ذكره من الحقوق التي يوجبها الإقرار، والعهود التي أمنت بدورها من الأسرار، نحن بحمد الله فعندنا تلك العهود ملحوظة، وتلك المودات محفوظة، فالمولى يعيش قرير العين فما تمّ إلا ما يسرّه من إقامة ولده مقامه ولا يحول ولا يزول، ولا يرى على ذلك ذلة ولا ذهول، ويكون المولى طيب النفس، مستديم الأنس، بصدق العهد القديم، وبكل ما يؤثر من خير مقيم» .
ولما وصل الكتاب اجتمع لقراءته الملك الأفضل والملك المظفر وعلم الدين سنجر المعروف بأبي خرص «4» (356) وقرئ عليهم، فتضاعف سرورهم بذلك.
وكان الملك المنصور صاحب حماة المذكور ذكيا فطنا محبوب الصورة، وكان
له قبول عظيم عند ملوك الترك، وكان حليما إلى الغاية، يتجاوز عما يكره [ويكتمه]«1» ولا يفضح قائله، من ذلك أن الظاهر بيبرس قدم مرة إلى حماة ونزل بالدار المعروفة الآن بدار المبارز، فرفع إليه أهل حماة عدة قصص يشكون على الملك المنصور، فأمر الملك الظاهر دواداره سيف الدين بلبان الرومي «2» أن يجمع القصص فلا يقرأها، ويضعها في منديل ويحملها إلى الملك المنصور صاحب حماة، فحملها الدّوادار المذكور وأعطاها للملك المنصور، وقال إنه والله لم يطلع السلطان الملك الظاهر على قصة منها، وقد حملتها إليك، فتضاعف دعاء الملك المنصور لصدقات الملك الظاهر وأخذ القصص، فقال بعض الجماعة:
سوف نرى من تكلم ما لا ينبغي ما يلقى، وتكلموا بمثل ذلك، فأمر الملك المنصور بإحضار نار، وحرق جميع تلك القصص، ولم يقف على شيء منها لئلا يتغير خاطره على رافعيها، وله مثل ذلك كثير، رحمه الله.
ولما بلغ السلطان الملك المنصور قلاوون وفاة الملك المنصور صاحب حماة قرر ابنه الملك المظفر محمود [افي]«3» ملك حماة على قاعدة والده، وأرسل إلى عمه الأفضل وإلى أولاده التشاريف ومكاتبة إلى الملك المظفر بذلك، ووصلت التشاريف ولبست في العشر الأخير من شوال في هذه السنة، وكانت نسخة الكتاب بعد البسملة:
«المملوك قلاوون الصالحي أعزّ الله نصرة المقام العالي المولوي السلطاني الملكي المظفري التّقوي ونزع عنه لباس اليأس، وألبسه حلل السعد المجلوّة على
أعين الناس، وهو يخدم خدمة مولى قد تبجست عيونه، وتأسست مبانيه وتيابست ظنونه، وحلت رهونه، وحلت ديونه، وأثمرت غصونه، وزهت أفنانه وفنونه» ، ومنها:
«وقد سيرنا المجلس السامي «1» جمال الدنيا آقوش الموصلي (357) الحاجب «2» ، وأصحبناه [من]«3» الملبوس الشريف ما يغير به لباس الحزن، ويتجلى في مطالعة ضياء وجهه الحسن، وتنجلي بذلك غيوم تلك الهموم، وأرسلنا أيضا صحبته ما يلبسه هو وذووه كما يبدو البدر بين النجوم» ، وآخر الكتاب:«كتب في عشري شوال سنة ثلاث وثمانين وستّ مئة» .
وكان وقع الاتفاق عند موت الملك المنصور على إرسال علم الدين سنجر أبي خرص الحموي لأجل هذا المهم، فلاقى سنجر المذكور جمال الدين الموصلي بالخلع في أثناء الطريق فاستمر أبو خرص واصلا إلى الأبواب العالية وتلقاه السلطان بالقبول وأعاده بكل ما يجب، وقال: نحن واصلون إلى الشام ونفعل مع الملك المظفر فوق ما في نفسه، فعاد سنجر أبو خرص إلى حماة [ومعه]«4» هذا الجواب.