الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دمشق ليستولي عليها وبها أخوه نجم الدين أيوب، فأنكر عليه أيوب [ذلك]«1» ، وقال: أهلكتنا، المصلحة أن تعود إلى حلب فإن كان نور الدين حيا خدمته في هذا الوقت، وإن كان ميتا فأنا في دمشق أكفيكها، فعاد شير كوه إلى حلب مجدّدا، وجلس نور الدين في شباك يراه الناس، [فكلمهم]«2» فلما رأوه حيا تفرقوا عن أخيه أمير ميران واستقامت الأحوال.
(ذكر دولة بني مهدي في اليمن)
وفيها، استقرّ في ملك اليمن عليّ بن مهدي «3» ، وأزال ملك بني نجاح على ما قدّمنا ذكره في سنة اثنتي عشرة وأربع مئة «4» .
وعلي «5» بن مهديّ المذكور (32) من حمير من قرية يقال لها العنبرة «6»
من سواحل زبيد، كان أبوه مهديّ رجلا صالحا، ونشأ ابنه على طريقة أبيه في العزلة والتمسك بالصلاح، ثم حجّ واجتمع بالعراقيين، وتضلع من معارفهم، ثم صار واعظا، وكان فصيحا صبيحا حسن الصوت، عالما بالتفسير، غزير المحفوظات، وكان يتحدث في شيء من أحوال المستقبلات فيصدق فمالت إليه القلوب، واستفحل أمره، وصار له جموع، فقصد الجبال وأقام بها إلى سنة إحدى وأربعين وخمس مئة، ثم عاد إلى أملاكه، وكان يقول في وعظه:«أيها الناس! دنا الوقت [وأزف] «1» الأمر، كأنكم بما أقول لكم [وقد]«2» رأيتموه عيانا» ، ثم عاد إلى الجبال إلى حصن يقال له الشرف «3» ، وهو لبطن من خولان فأطاعوه وسماهم الأنصار، وسمى كلّ من صعد معه من تهامة المهاجرين، وأقام على خولان رجلا اسمه سبأ وعلى المهاجرين رجلا اسمه النويتي وسمى كلا [من]«4» الرجلين بشيخ الإسلام وجعلهما نقيبين على الطائفتين فلا يخاطبه [ولا يصل]«5» أحد [إليه]«4» غيرهما، وهما يوصلان كلامه إلى الطائفتين [وكلام الطائفتين]«6» وحوائجهما إليه «7» ، وأخذ يغادي الغارات ويراوحها على
التهائم حتى أخلى البوادي، وقطع الحرث والقوافل، ثم إنه حاصر زبيد (ا) ، واستمرّ مقيما عليها حتى [قتل]«1» فاتك بن محمد «2» آخر ملوك بني نجاح قتله عبيده، وجرى بين ابن مهدي وعبيد فاتك حروب شديدة وآخرها أنّ ابن مهديّ انتصر عليهم (33) وملك زبيد (ا) واستقرّ في دار الملك يوم الجمعة رابع عشر رجب من هذه السنة أعني سنة أربع وخمسين، وبقي ابن مهديّ في الملك شهرين وأحدا وعشرين يوما، ومات عليّ بن مهديّ في السنة التي ملك فيها [في شوال]«3» ، فملك اليمن بعده ولده مهديّ «4» ثم عبد النبيّ بن مهديّ بن عليّ بن مهديّ «5» ، وخرجت المملكة عن عبد النبيّ إلى أخيه عبد الله ثم عادت إلى عبد النبيّ واستقرّ فيها حتى سار إليه توران شاه بن أيوب من مصر في سنة تسع وستين وخمس مئة، وفتح اليمن، واستقرّ في ملكه، وأسر عبد النبيّ، وهو آخر ملوك اليمن من آل مهدي.
وكان مذهب عليّ بن مهديّ التكفير بالمعاصي، وقتل من خالف اعتقاده من أهل القبلة، واستباحة وطء سباياهم، واسترقاق ذراريهم، وكان حنفيّ الفروع، وكان أصحابه يعتقدون فيه فوق ما يعتقده الناس في الأنبياء صلوات الله عليهم، ومن مذهبه قتل من يشرب ومن يسمع الغناء.