الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والده حتى قتله أرتق أرسلان في سنة إحدى وست مئة واستقل بملك ماردين حتى توفي في هذه السنة. ولما مات الملك المنصور أرتق أرسلان ملك بعده ابنه الملك السعيد نجم الدين غازي حتى توفي في سنة ثلاث وخمسين وست مئة ظنا «1» . ثم ملك بعده في السنة المذكورة ابنه الملك المظفّر قرا أرسلان بن غازي، وكانت وفاة الملك المظفّر قرا أرسلان المذكور سنة إحدى وتسعين وست مئة ظنا «2» . ثم ملك بعده ولده الأكبر شمس الدين داود بن قرا أرسلان سنة وتسعة أشهر ثم توفي «3» . وملك بعده أخوه الملك المنصور نجم الدين غازي «4» في سنة ثلاث وتسعين وست مئة.
وفي سنة ثمان وثلاثين وست مئة
«13»
قبض الملك الصالح أيوب بعد استقراره في مصر على أيبك الأسمر مقدم المماليك الأشرفية (251) وعلى غيره من الأمراء والمماليك الذين قبضوا على أخيه وأودعهم الحبوس، وأخذ في إنشاء مماليكه، وشرع من هذه السنة في بناء
قلعة [الجزيرة]«1» واتخذها مسكنا له.
وفيها، نزل الحافظ أرسلان شاه بن الملك العادل بن أيوب عن قلعة جعبر وبالس وسلمهما إلى أخته ضيفة خاتون صاحبة حلب، وتسلم عوض ذلك أعزاز وبلادا معها تساوي ما نزل عنه، وكان سبب ذلك أن الملك الحافظ المذكور أصابه فالج وخشي من تغلب أولاده عليه ففعل ذلك لأنه كان ببلاد قريبة [إلى حلب]«2» لا يمكنهم التعرض إليه.
وفيها كثر عبث الخوارزمية وفسادهم بعد مفارقة الصالح أيوب البلاد الشرقية، وساروا إلى قرب حلب، فخرج إليهم عسكر حلب مع المعظم توران شاه بن صلاح الدين ووقع بينهم القتال وانهزم الحلبيون هزيمة قبيحة، وقتل منهم خلق كثير منهم الملك الصالح بن الملك الأفضل بن السلطان صلاح الدين «3» ، وأسر مقدم الجيش الملك المعظم المذكور، واستولى الخوارزميون على أثقال الحلبيين، وأسروا منهم عدة كثيرة ثم كانوا يقتلون بعضهم ليشتري غيره نفسه منهم [بماله]«4» ، فأخذوا بذلك شيئا كثيرا، ثم نزل الخوارزمية بعد ذلك على حيلان، وكثر فسادهم في بلاد حلب، وجفل أهل الحواضر والبلاد، ودخلوا حلب واستعد أهلها للحصار، وارتكبت (252) الخوارزمية من الزنا والفواحش والقتل ما ارتكبوه التتر، ثم سارت الخوارزمية إلى منبج وهجموها بالسيف يوم الخميس لتسع بقين من ربيع الأول وفعلوا من القتل والنهب مثلما تقدم ذكره، ثم رجعوا إلى بلادهم وهي حران وما معها بعد أن خربوا بلد حلب، ثم إن
الخوارزمية رحلوا من حران وقطعوا الفرات من الرقّة ووصلوا إلى الجبول «1» ثم إلى تل إعزاز ثم إلى سرمين ثم إلى المعرة وهم ينهبون ما يجدونه، فإن الناس جفلوا من بين أيديهم، وكان قد وصل الملك المنصور إبراهيم صاحب حمص ومعه عسكر من عسكر الصالح إسماعيل المستولي على حمص نجدة للحلبيين، فاجتمع الحلبيون مع صاحب حمص المذكور وقصدوا الخوارزمية، واستمرت الخوارزمية على ما هم عليه من النهب حتى نزلوا على شيزر، ونزل عسكر حلب على تل السلطان ثم رحلت الخوارزمية إلى جهة حماة، ولم يتعرضوا إلى نهب لانتماء صاحبها الملك المظفّر إلى الملك الصالح أيوب، ثم سارت الخوارزمية إلى سلميّة ثم إلى الرصافة طالبين الرقّة، وسار عسكر حلب من تل السلطان إليهم ولحقهم العرب فأرمت الخوارزمية ما كان معهم من الكسب وسيبوا الأسارى، ووصلت الخوارزمية إلى الفرات في أواخر شعبان هذه السنة، ولحقهم عسكر حلب وصاحب حمص إبراهيم قاطع صفّين فعمل لهم الخوارزمية ستائر ووقع القتال بينهم إلى الليل (253) ، فقطع الخوارزمية الفرات وساروا إلى حران، فسار عسكر حلب إلى البيرة وقطع الفرات منها وقصدوا الخوارزمية واتقعوا قريب الرّها لسبع بقين من رمضان هذه السنة فولى الخوارزمية [منهزمين]«2» وركب صاحب حمص وعسكر حلب أقفيتهم يقتلون ويأسرون إلى أن حال الليل بينهم، ثم سار عسكر حلب إلى حران فاستولوا عليها وهرب الخوارزمية إلى بلد عانة، وبادر بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل إلى نصيبين ودارا وكانتا للخوارزمية [فاستولى عليهما]«3» وخلص من كان بهما من الأسارى وكان منهم الملك
المعظم توران شاه بن السلطان صلاح الدين أسيرا في بلدة دارا «1» من حين أسروه من كسرة الحلبيين فحمله بدر الدين لؤلؤ إلى الموصل وقدم له ثيابا وتحفا وبعث به إلى عسكر حلب فاستولى عسكر حلب [على]«2» الرقّة والرّها وسروج ورأس عين وما مع ذلك، واستولى المنصور إبراهيم صاحب حمص على بلد الخابور، ثم سار عسكر حلب ووصل إليه نجدة من الروم وحاصروا الملك المعظم بن الملك الصالح أيوب بآمد وتسلموها منه وتركوا له حصن كيفا وقلعة الهيثم «3» ولم يزل ذلك [بيده]«2» مدة حتى توفي أبوه الصالح أيوب بمصر، وسار إليها المعظم وبقي ولده الملك الموحد عبد الله بن المعظم توران شاه بن الصالح أيوب «4» مالكا لحصن كيفا إلى أيام التتر وطالت مدته بها.
وفي هذه السنة (254) كان هلاك الملك الجواد يونس بن مودود بن الملك العادل «5» ، وصورة ما جرى له أنه كان قد استولى بعد ملك دمشق على سنجار وعانة، فباع عانة من الخليفة المستنصر بمال تسلمه منه، وسار لؤلؤ صاحب الموصل وحاصر سنجار والملك الجواد غائب عنها واستولى عليها ولم يبق بيد الجواد شيء من البلاد، فسار على البرية إلى غزة وأرسل إلى الملك الصالح أيوب صاحب مصر يسأله في المسير إليه فلم يجبه إلى ذلك، فسار الجواد ودخل عكّا وأقام مع الفرنج، فأرسل الصالح إسماعيل صاحب دمشق وبذل مالا للفرنج
وتسلم الجواد منهم، واعتقله ثم خنقه.
وفيها ولى الملك الصالح أيوب الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام «1» القضاء بمصر والوجه القبلي «2» ، وكان الشيخ عز الدين بدمشق فلما قوي خوف الصالح إسماعيل صاحب دمشق من ابن أخيه الصالح أيوب سلم الصالح أيوب صفد والشّقيف للفرنج ليعضدوه ويكونوا معه على ابن أخيه الصالح أيوب، فعظم ذلك على المسلمين، وأكثر الشيخ عز الدين بن عبد السلام التشنيع على الصالح إسماعيل بسبب ذلك، وكذلك جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب «3» ، ثم خافا من الصالح إسماعيل فسار الشيخ عز الدين إلى مصر وتولى القضاء بها كرها، وسار جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب إلى الكرك فأقام عند صاحبها الناصر داود ونظم له (255) مقدمته «الكافية في النحو» «4» ، ثم سافر ابن الحاجب إلى الديار المصرية.