الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي سنة اثنتين وتسعين وست مئة
«13»
[في جمادى الأولى]«1» [أرسل]«2» الأشرف أحضر المظفر صاحب حماة وعمه الأفضل على خيل البريد، فتوجها وعندهما خوف عظيم بسبب ذلك، ووصلا إلى قلعة الجبل في اليوم الثامن [من خروجهما من حماة]«1» فشملتهما الصدقات السلطانية، وأمر بهما فأدخلا إلى الحمام بقلعة الجبل، وخلع عليهما ملابس كثيرة غير ثياب الطريق، وأقاما في الخدمة أياما، ثم خرج السلطان على الهجن إلى جهة الكرك وسارت (375) العساكر على الطريق إلى دمشق، وأركب صاحب حماة وعمه الهجن ورسم لهما بكفايتهما، وسارا «3» في خدمته إلى الكرك ولاقتهما تقادمهما إلى بركة زيزاء فقبلها السلطان وأنعم عليهما، ودخل دمشق ثم سار منها على البرية متصيدا، ووصل إلى الفرقلس وهو جفار في طريق حمص من الشرق ونزل عليه وحضر إلى الخدمة هناك مهنّا ابن عيسى «4» أمير العرب و [أخواه]«5» محمد وفضل وولده موسى «6» فقبض السلطان على الجميع وأرسلهم إلى مصر، [فحبسوا]«7» بقلعة الجبل «8» ووصل السلطان إلى القصب وأعطى صاحب حماة الدستور فحضر إلى بلده، وأما عمه
الأفضل فإنه كان قد حصل له تشويش لما كان السلطان بجليجل «1» وما حولها، وأرسل إلى السلطان تقدمة ثانية ولم يقدر على الحضور بسبب مرضه، فأحضرت والسلطان نازل على القصب فقبلها، وارتحل عائدا إلى مصر فوصل إليها في رجب.
وفي هذه السنة [بعد وصول السلطان إلى مصر، كان]«2» قد [أخّر]«3» بعض العسكر المصري على حمص فتقدم إليهم وإلى صاحب حماة وعمه بالمسير إلى حلب والمقام بها لما في ذلك من إرهاب العدو فسارت إليها، وكان خروج المظفر وعمه من حماة يوم الجمعة خامس عشري شعبان [ودخلوا حلب يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شعبان]«4» الموافق لرابع شهر آب، وأقاموا بها [إلى أوائل ذي القعدة]«4» هذه السنة أعني سنة اثنتين وتسعين وست مئة «5» .
سنة «6» ثلاث وتسعين وست مئة «13»
في ثاني المحرم، فتكوا بالسلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل بن
قلاون «1» بترّوجة «2» وهو يتصيد ليس معه سيف ولا معه أحد سوى أمير شكّار فتعامل نائبه بيدرا ولاجين فشد [عليه]«3» بيدرا وأفصله لاجين ثم سموا بيدرا الملك القاهر، وأقبلوا به ليملّكوه فحمل عليه كتبغا «4» بالخاصكية فقتلوه من الغد «5» ، واختفى لاجين وقراسنقر وجماعة (376) ، وحلفوا لمولانا السلطان الملك الناصر ناصر الدين خلد الله (ملكه) وهو ابن تسع سنين، وأهلك الوزير ابن السّلعوس تحت الضرب «6» ، وقتل الشّجاعي وكان قد عزم على أن يتملك فلم يتم له «7» وعمل نائبه السلطان أيده الله تعالى زين الدين كتبغا، وركب في دست السلطنة، وزينت البلاد، ثم بعد أشهر ظهر حسام الدين لاجين وشفع فيه كتبغا، فأنعم عليه السلطان وأعطاه خبز «8» بكتوت العلائي «9» .
وكانت دولة الأشرف ثلاث سنين وشهرين «10» ، وعاش أزيد من ثلاثين سنة
بقليل، وكان بديع الجمال، تام الشكل، ضخما، مهيبا، مستدير اللحية، كامل الشجاعة، عالي الهمة، يملأ العين، ويرجف القلب، خضعت له الملوك، ودانت له الأمم.
وكان بيدرا من أكبر دولة السلطان الملك المنصور ومن أعز الناس على أستاذه، ثم اتخذه الأشرف الشهيد نائبه فكافأه، وكان بيدرا يرجع في الجملة إلى دين وعدل، عاش نيفا وثلاثين سنة.
وكان الشّجاعي طويلا، تام الهيبة، أبيض، أسود اللحية، مهيبا وقورا، فيه عسف وجبروت، وعنده خبرة بالأمور (و) فطنة، عمل (في) نيابة دمشق، ودخل طلبه [من]«1» غزاة قلعة الروم وهو في تجمل عظيم لا ينبغي أن يكون إلا لسلطان.
وفيها مات (كيختو) بن أبغا بن هولاكو طاغية التتار، تسلطن بعد موت أرغون سنة تسعين «2» ، ومالت طائفة إلى [بيدوا]«3» ابن أخيه ما هو ابن أخيه بل نسيب له بعيد «4» فملكوه ووقع الخلف بينهم، ثم قوي بايد واوقاد الجيوش، فالتقى الجمعان فقتل كيختو واستقل [بيدوا]«3» بالممالك، فخرج عليه نائب خراسان غازان بن أرغون وجمع الجيوش فطلب الملك «5» .