الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها، مات الأمير داود بن عيسى بن محمد بن أبي هاشم «1» أمير مكة، وما زالت إمارة مكة له تارة ولأخيه مكثر تارة حتى مات.
وفي سنة تسعين وخمس مئة
«13»
قتل طغريل بن أرسلان بن طغريل بن السلطان محمد بن ملك شاه بن ألب أرسلان بن جقربك داود بن ميكائيل بن سلجوق «2» ، وكان قد حبسه قزل أرسلان بن إلدكز، وخرج طغريل من الحبس سنة ثمان وثمانين وخمس مئة، وملك همذان وغيرها، وجرى بينه وبين مظفر الدين أزبك بن محمد البهلوان (119) بن إلدكز «3» حرب، وقيل: بل هو قطلغ إينانج «4» أخو أزبك المذكور، فانهزم ابن البهلوان، ثم إن ابن البهلوان بعد هزيمته استنجد بخوارزم شاه علاء الدين تكش وخاف منه فلم يجتمع بخوارزم شاه تكش، وملك الري وذلك سنة ثمان وثمانين، وبلغ تكش أن أخاه سلطان شاه قصد خوارزم فصالح طغريل السلجوقي وعاد تكش إلى خوارزم وبقي الأمر كذلك حتى مات سلطان شاه سنة تسع وثمانين، وتسلم تكش مملكة أخيه سلطان شاه وخزانته، وولى ابنه محمد ابن تكش نيسابور، وولى ابنه الأكبر ملكشاه «5» مرو.
ولما دخلت سنة تسعين سار تكش ليحارب طغريل السلجوقي فسار طغريل إلى لقائه قبل اجتماع عسكره، والتقى العسكران بالقرب من الري وحمل طغريل بنفسه فقتل، وكان قتله في رابع وعشري ربيع الأول هذه السنة، وحمل رأس طغريل إلى تكش فأرسل إلى بغداد فنصب بهاد عدة أيام، وسار تكش فملك همذان وتلك البلاد جميعها، وسلم بعضها إلى ابن البهلوان واقطتع الباقي لمماليكه، ورجع تكش إلى خوارزم.
وهذا طغريل هو آخر من ملك بلاد العجم من السلاطين السلجوقية، وقد تقدم ذكر ابتداء دولة السلجوقية في سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة «1» وأول من ملك منهم العراق وأزال دولة بني بويه طغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق «2» ، ثم ملك بعده ألب أرسلان (120) بن جقربك داود بن ميكائيل «3» ، ثم ابنه ملكشاه بن ألب أرسلان «4» ، ثم ابنه محمود بن ملكشاه «5» ، وكان طفلا، فقام بتدبير الدولة والدته تركان خاتون، ومات محمود وهو ابن سبع سنين، وملك أخوه بركيارق بن ملكشاه «6» ، ثم أخوه محمد بن ملكشاه «7» ، ثم ابنه
محمود بن محمد «1» ، ثم ابنه داود [بن محمود]«2» بن محمد مدة يسيرة «3» ، ثم عمه طغرلبك بن محمد، ثم أخوه مسعود بن محمد، ثم ابن أخيه ملكشاه ابن محمود بن محمد أياما يسيرة، ثم أخوه محمد بن محمود، ثم بعد محمد المذكور اختلفت العساكر، وقام من بني سلجوق ثلاثة أحدهم ملكشاه بن محمود أخو محمد المذكور والثاني سليمان شاه بن محمد بن السلطان ملكشاه الأكبر وهو عم محمد المذكور والثالث أرسلان شاه بن طغريل بن محمد بن السلطان ملكشاه، وكان إلدكز مزوجا بأم أرسلان شاه المذكور فقوي عليهما سليمان شاه واستقر في همذان سنة خمس وخمسين وخمس مئة، ثم قبض سليمان شاه وقتل، وسم ملكشاه بن محمود ومات بأصفهان في سنة خمس وخمسين وخمس مئة، وانفرد أرسلان شاه بن طغريل ربيب إلدكز على السلطنة، ثم ملك [بعده]«2» ابنه طغريل بن أرسلان شاه بن طغريل في سنة [ثلاث وسبعين]«4» وخمس مئة، وجرى له ما ذكرناه حتى قتله تكش في هذه السنة أعني سنة تسعين وخمس مئة، وانقرضت به دولة السلجوقية من تلك البلاد.
وفيها، أرسل الخليفة الناصر عسكرا مع وزيره مؤيد الدين محمد بن علي المعروف بابن القصاب «5» (121) إلى خوزستان وهي بلاد شملة وأولاده من
بعده، وكان قد مات صاحبها ابن شملة واختلفت أولاده، فوصل عسكر الخليفة إلى خوزستان وملك مدينة تستر في محرم سنة إحدى وتسعين وغيرها من البلاد، وملكوا قلعة الناظر وقلعة كاكرد وقلعة لا موج وغيرها من البلاد والحصون وأنفذوا بني شملة أصحاب خوزستان إلى بغداد.
وفيها، أعني سنة تسعين استحكمت الوحشة بين الأخوين العزيز والأفضل ابني السلطان صلاح الدين، وسار العزيز في عسكر مصر وحصر أخاه الأفضل بدمشق وأرسل الأفضل إلى عمه العادل وأخيه الظاهر وابن عمه المنصور صاحب حماة يستنجدهم، فساروا إلى دمشق وأصلحوا بين الأخوين، ورجع العزيز إلى مصر ورجع كل ملك إلى بلده، وأقبل الأفضل بدمشق على الشرب وسماع الأغاني ليلا ونهارا وأشاع ندماؤه أن عمه العادل حسن له ذلك فكان يعمل بالخفية، فأفسده العادل! «فلا خير في اللذّات ما دونها ستر»
فقبل وصية عمه وتظاهر بذلك، وفوض أمر المملكة إلى وزيره ضياء الدين ابن الأثير الجزري يديرها برأيه الفاسد، ثم إن الملك الأفضل أظهر التوبة عن ذلك، وأزال المنكر، وواظب على الصلوات، وشرع في نسخ مصحف بيده.