الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سيواس، وطرد عنها ذا النون بن الدانشمند.
وفيها، سار صلاح الدين من مصر إلى الكرك وحصرها، وكان قد واعد نور الدين أن يجتمعا على الكرك فخاف صلاح الدين من الاجتماع بنور الدين، وكان نور الدين قد وصل إلى الرقيم وهو بالغرب من الكرك، فرحل صلاح (الدين) عن الكرك عائدا إلى مصر، وأرسل تحفا إلى نور الدين واعتذر أن أباه مرض وهو يخشى موته فتذهب مصر، فقبل نور الدين عذره في الظاهر، وعلم المقصود في الباطن.
ولما وصل (61) صلاح الدين إلى مصر وجد أباه نجم الدين أيوب بن شاذي قد مات، وكان سبب موته أنه ركب بمصر فنفرت به فرسه، فوقع وحمل إلى قصره فبقي أياما ومات في السابع والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة «1»
وفي سنة تسع وستين وخمس مئة
«13»
ملك توران شاه اليمن، وكان صلاح الدين وأهله خائفين من نور الدين فاتفق رأيهم على تحصيل مملكة غير مصر بحيث إن قصدهم نور الدين قاتلوه، فإن هزمهم التجأوا إلى تلك المملكة، فجهز صلاح الدين أخاه شمس الدولة توران شاه بن أيوب إلى النّوبة فلم تعجبه بلادها، ثم سيره في هذه السنة بعسكره إلى اليمن «2» ، وكان صاحب اليمن حينئذ عبد النبي المقدم ذكره في سنة أربع وخمسين وخمس مئة، فجهز توران شاه ووصل اليمن وجرى بينه وبين
عبد النبي قتال، فانتصر توران شاه وهزم عبد النبي، وهجم زبيد (ا) وملكها، وأسر عبد النبي، ثم قصد عدن وكان صاحبها اسمه ياسر «1» فخرج لقتال توران
شاه فهزمه توران شاه، وهجم عدن وملكها وأسر ياسر (ا) واستولى توران شاه على بلاد اليمن، واستقرت في ملك صلاح الدين، واستولى على أموال عظيمة من عبد النبي، وكذلك من عدن.
وفيها، في رمضان صلب صلاح الدين جماعة من أعيان المصريين، فإنهم قصدوا الوثوب عليه وإعادة الدولة العلوية، فعلم بهم وصلبهم عن آخرهم، فمنهم عبد الصمد الكاتب، والقاضي (62) العويرس، وداعي الدعاة، وعمارة بن علي اليمني «1» .
وفي هذه السنة توفي الملك العادل نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي ابن آقسنقر صاحب الشام وديار الجزيرة وغير ذلك يوم الأربعاء حادي عشر شوال بعلة الخوانيق بقلعة دمشق المحروسة، وكان نور الدين قد شرع بتجهيز الدخول إلى مصر وأخذها من صلاح الدين وكان يريد أن يخلي ابن أخيه سيف الدين غازي [بن مودود]«2» بالشام، ويسير هو بنفسه إلى مصر فأتاه أمر الله الذي لا يرد، وكان نور الدين أسمر طويل القامة، ليس له لحية إلا في حنكه، حسن الصورة، وكان قد اتسع ملكه جدا وخطب له بالحرمين واليمن لما ملكها توران شاه بن أيوب، وكذلك كان يخطب له بمصر، وكان مولد نور الدين سنة إحدى عشرة وخمس مئة، وطبق الأرض ذكره بحسن السيرة والعدل «3» ، وكان من الزهد والعبادة على قدر عظيم، وكان يصلي غالب الليل كما قيل:(الكامل)
جمع الشجاعة والخشوع لربّه
…
ما أحسن المحراب في المحراب
وكان عارفا بالفقه على مذهب أبي حنيفة وليس عنده تعصب، وهو الذي بنى أسوار مدن الشام مثل دمشق وحماة وحمص وشيزر وبعلبك وغيرها لما تهدمت بالزلازل، وبنى المدارس الكثيرة الحنفية والشافعية، ولا يحتمل هذا «المختصر» »
ذكر فضائله.
ولما توفي نور الدين قام (63) ابنه الملك الصالح إسماعيل «2» بالملك بعده وعمره إحدى عشرة سنة، وحلف له العسكر بدمشق وأقام بها، وأطاعه صلاح الدين بمصر وخطب له بها، وضربت له السكة، وكان المتولي لتدبير دولته الأمير شمس الدين محمد بن عبد الملك المعروف بابن المقدم «3» ، ولما مات نور الدين وتولى ولده الملك الصالح سار سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود صاحب الموصل وملك جميع البلاد الجزرية.