الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إربل أخاه مظفر الدين كوكبوري بن زين الدين علي كوجك، وأضاف إليه شهرزور وأعمالها، وارتجع ما كان بيد المظفر وهو حران والرّها، وسار مظفر الدين إلى إربل وملكها.
(101)
وفيها، استولى الخليفة الناصر على حديثة عانة «1» بعد أن حصرها مدة.
وفيها، [أقطع] «2» السلطان ما كان بيد مظفر الدين وهو حران والرّها وسميساط «3» [والموزر] «4» الملك المظفر تقي الدين عمر زيادة على ما بيده وهو: ميّافارقين ومن الشام حماة والمعرة وسلمية ومنبج وقلعة نجم «5» وجبلة واللاذقية وبلاطنس ومكرابيك.
وفي سنة سبع وثمانين وخمس مئة
«13»
كان استيلاء الفرنج على عكّا
واستمر حصار الفرنج لعكّا إلى هذه السنة وكانوا قد أحاطوا بها من البحر إلى البحر، وحفروا عليهم خندقا فلم يتمكن السلطان من الوصول إليهم وكانوا محاصرين لعكّا وهم كالمحصورين من خارج بالسلطان، واشتد حصارهم لعكّا وطال، وضعف من بها عن حفظ البلد، وعجز السلطان صلاح الدين عن دفع
العدو عنهم، فخرج الأمير سيف الدين علي بن أحمد المشطوب وطلب الأمان من الفرنج على مال وأسرى يقومون به للفرنج فأجابوهم إلى ذلك، وصعدت أعلام الفرنج على عكّا يوم الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة وقت الظهر، واستولوا على البلد بما فيه، وحبسوا المسلمين في أماكن من البلد، وقالوا إنما نحبسهم ليقوموا بالمال والأسرى وصليب الصلبوت، وكتبوا إلى السلطان صلاح الدين بذلك فحصل ما أمكن تحصيله من ذلك، وطلب إطلاق المسلمين، فلم يجيبوا إلى ذلك (102) فعلم منهم الغدر واستمر أسرى المسلمين بها، ثم قتل الفرنج من المسلمين جماعة كثيرة واستمروا بالباقين في الأسر، وبعد استيلاء الفرنج على عكّا وتقرير أمرها رحلوا عنها مستهل شعبان نحو قيساريّة والمسلمون يسايرونهم ويتحفظون منهم، ثم ساروا من قيساريّة إلى أرسوف «1» ووقع بينهم وبين المسلمين مصاف أزالوا المسلمين عن مواقفهم، ووصلوا إلى سوق المسلمين فقتلوا خلقا كثيرا أكثرهم من السّوقة، ثم سار الفرنج إلى يافا وقد أخلاها المسلمون فملكوها، ثم رأى السلطان تخريب عسقلان مصلحة لئلا يحصل لها ما حصل لعكّا، فسار إليها وأخلاها ورتب الحجارين في تفليق أسوارها وتخريبها، فدكّها إلى الأرض، فلما فرغ من تخريب عسقلان رحل عنها ثاني شهر رمضان إلى الرملة فخرب حصنها وخرب كنيسة لد، ثم سار إلى القدس وقرر أموره وعاد إلى مخيمه بالنطرون ثامن رمضان.
ثم تراسل الفرنج والسلطان في الصلح على أن يتزوج الملك العادل أخو السلطان بأخت ملك الانكتار «2» ، ويكون للملك العادل القدس ولامرأته عكّا،
فحضر القسيسون وأنكروا عليها ذلك إلا أن ينتصر الملك العادل فلم يتفق بينهم حال، ثم رحل الفرنج من يافا إلى الرملة ثامن ذي القعدة، وبقي كل يوم يقع بينهم وبين المسلمين مناوشات، ولقوا من ذلك شدة شديدة (103) ، وأقبل الشتاء وحالت الأوحال بينهم.
ولما رأى السلطان ذلك وقد ضجرت العساكر أعطاهم الدستور وسار إلى القدس لتسع بقين من ذي القعدة، ونزل داخل البلد واستراحوا مما كانوا فيه، وأخذ السلطان في تعمير القدس وتحصينه وأمر العسكر بنقل الحجارة وكان السلطان ينقل الحجارة بنفسه على فرسه ليقتدي به العسكر فكان يجتمع عند العمالين في اليوم الواحد ما يكفيهم [لعدة]«1» أيام.
وفيها، كانت وفاة الملك المظفر تقي الدين عمر «2» .
كان تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب قد سار إلى البلاد المرتجعة من كوكبوري التي زاده إياها عمه السلطان من وراء الفرات، وهي حران وغيرها، فامتدت عين الملك المظفر إلى بلاد مجاورة، واستولى على السويداء «3»
وحاني «4» واتقع مع بكتمر صاحب أخلاط فكسره وحصره في أخلاط وتملك معظم البلاد، ثم رحل عنها ونازل ملازكرد وهي لبكتمر وضايقها، وكان في صحبته ولده الملك المنصور محمد «5» فعرض للملك المظفر مرض شديد وتزايد
به حتى توفي يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان هذه السنة، فأخفى ولده المنصور وفاته، ورحل عن ملازكرد، ووصل به إلى حماة ودفنه بظاهرها، وبنى إلى جانب التربة مدرسة وهو مشهور هناك.
وكان المظفر شجاعا شديد البأس، ركنا (104) عظيما من أركان بيت أيوب، وكان عنده فضل وأدب وله شعر حسن، واتفق أن في ليلة الجمعة التي توفي فيها الملك المظفر توفي حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين «1» وأمه ست الشام بنت أيوب «2» أخت السلطان فأصيب السلطان في تاريخ واحد بابن أخيه وابن أخته.
ولما مات الملك المظفر راسل ابنه الملك المنصور السلطان صلاح الدين واشترط شروطا نسبه السلطان فيها إلى العصيان فكاد أمره أن يضطرب بالكلية، فراسل الملك المنصور الملك العادل [أخا]«3» السلطان في استعطاف خاطر السلطان، فما برح الملك العادل بأخيه السلطان يراجعه ويشفع في الملك المنصور حتى أجابه وقرر للملك المنصور حماة وسلمية والمعرة وقلعة نجم ومنبج، واسترجع منه البلاد الشرقية وأقطعها أخاه الملك العادل بعد أن شرط السلطان على الملك العادل أن ينزل عن كل ما له من الإقطاع بالشام خلا الكرك والشّوبك والصّلت والبلقاء ونصف خاصّه، بمصر وأن يكون عليه في كل سنة خمسة آلاف «4»
غرارة تحمل من الصّلت والبلقاء إلى القدس، ولما استقر ذلك سار الملك العادل إلى البلاد الشرقية وقرر أمورها، وعاد إلى خدمة السلطان في آخر جمادى الآخرة من السنة القابلة أعني سنة ثمان وثمانين.
ولما قدم الملك العادل (105) على السلطان كان الملك المنصور صاحب حماة صحبته، فلما رأى السلطان الملك المنصور بن تقي الدين نهض واعتنقه وغشيه البكاء [وأكرمه]«1» وأنزله في مقدمة عسكره.
وفيها، في شعبان قتل قزل أرسلان عثمان بن إلدكز «2» ، ملك أذربيجان وهمذان والري وأصفهان بعد أخيه محمد البهلوان، وكان قد قوي عليه السلطان طغريل السلجوقي وهزم عسكر بغداد كما تقدم ذكره «3» ، ثم إن قزل أرسلان تغلب واعتقل طغريل بن أرسلان شاه في بعض البلاد، وسار قزل أرسلان بعد ذلك إلى أصبهان وتعصب على الشفعوية وأخذ جماعة من أعيانهم فصلبهم وعاد إلى همذان، وخطب لنفسه بالسلطنة، ودخل لينام على فراشه وتفرق عنه أصحابه، فدخل عليه من قتله على فراشه، ولم يعرف من قتله.
وفيها قدم معز الدين قيصر شاه بن قليج أرسلان «4» صاحب بلاد الروم إلى السلطان صلاح الدين، وسببه أن والده فرق مملكته على أولاده، وأعطى ولده هذا ملطية ثم تغلب بعض إخوته على أبيه قليج أرسلان وألزمه بأخذ ملطية من أخيه المذكور «5» فخاف من ذلك، وسار إلى السلطان مستجيرا فأكرمه السلطان