الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة
«13» ] «1»
وفيها، ملك الفرنج المهدية بأفريقية.
كان قد حصل بأفريقية غلاء شديد حتى أكل الناس بعضهم بعضا، ودام من سنة سبع وثلاثين وخمس مئة إلى هذه السنة، ففارق الناس القرى، ودخل أكثرهم إلى جزيرة صقلّية، فاغتنم رجّار «2» الفرنجيّ صاحب «5» صقلّية هذه الفرصة، وجهز أصطولا نحو مئتين وخمسين [شينة]«3» مملوءة رجالا وسلاحا، واسم مقدمهم جرج «4» وساروا من صقلّية إلى جزيرة قوصرة، وهي ما بين المهدية وصقلّية، وساروا منها وأشرفوا على المهدية [ثاني صفر]«5» هذه السنة، وكان في المهدية الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعزّ بن باديس الصنهاجي «6»
صاحب أفريقيّة، فجمع كبار البلد، واستشارهم، فرأوا ضعف حالهم، وقلة
المؤونة عندهم، فاتفق رأي الأمير حسن على إخلاء المهدية، فخرج منها، وأخذ ما خف حمله، وخرج أهل المدينة على وجوههم بأهليهم وأولادهم، وبقي الأصطول في البحر يمنعه الريح من الوصول إلى المهدية، ثم دخلوا المهدية بعد مضيّ ثلثيّ النهار المذكور بغير مانع ولا مدافع، ولم يكن قد بقي من المسلمين بالمهدية ممن عزم على الخروج أحد، ودخل جرج مقدم الفرنج إلى قصر الأمير حسن فوجده على حاله لم يعدم منه إلا ما خف حمله، ووجد فيه جماعة من حظايا الحسن والذخائر مملوءة من الذخائر النفيسة من كلّ شيء غريب، وسار الأمير حسن بأمواله وأولاده إلى بعض أمراء العرب «1» ممن كان يحسن إليه، وأقام عنده، وأراد الحسن السير إلى الخليفة الحافظ العلوي «2» صاحب مصر، فلم يقدر على ذلك لخوف الطرق فسار إلى ملك بجاية يحيى بن العزيز «3» من بني حمّاد، فوكّل يحيى المذكور على الحسن وعلى أولاده من يمنعهم من التصرف، ولم يجتمع يحيى بهم، وأنزلهم في جزائر بني مزغنّان «4» ، وبقي حسن كذلك حتى ملك عبد المؤمن بن علي بجاية في سنة سبع وأربعين وخمس مئة، وأخذها هي وجميع ممالك بني حمّاد، فحضر الأمير حسن عنده فأحسن إليه عبد المؤمن وأكرمه، واستمر في خدمة عبد المؤمن إلى أن ملك عبد المؤمن المهدية فأقام
حسن فيها، وأمر عبد المؤمن الوالي الذي ولاه على المهدية أن يقتدي برأي الأمير حسن ويرجع إلى قوله، وكان عدة من ملك من بني باديس «1» [من]«2» زيري ابن مناد إلى الحسن تسعة ملوك.
وكانت ولايتهم في سنة إحدى وستين وثلاث مئة «3» ، وانقضت في سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
ثم إن جرج بذل الأمان لأهل المهدية، وأرسل وراءهم بذلك، وكانوا قد أشرفوا على الهلاك من الجوع، فتراجعوا إلى المهدية.
وفيها، سار ملك الألمان «4» ، والألمان بلادهم وراء بلاد القسطنطينية حتى وصل إلى الشام في جمع عظيم ونزل دمشق وحصرها، وصاحبها مجير الدين أبق
ابن جمال الدين محمد بن بوري، والحكم وتدبير المملكة لمعين الدين أنر «1» مملوك جدّه طغتكين «2» ، وفي سادس [ربيع الأول] »
زحفوا على دمشق، ونزل ملك الألمان بالميدان الأخضر «4» ، وأرسل أنر إلى سيف الدين غازي صاحب الموصل يستنجده، فسار بعسكره وسار معه (7) أخوه نور الدين محمود ونزلوا على حمص، ففتّ ذلك في أعضاد الفرنج، وأرسل أنر إلى فرنج الشام يبذل لهم قلعة بانياس فتخلّوا عن ملك الألمان، وأشاروا عليه بالرحيل، وخوفوه من إمداد المسلمين فرحل عن دمشق إلى بلاده، وسلّم أنر قلعة بانياس إلى الفرنج حسبما شرّطه لهم.
وفيها، كان بين نور الدين محمود وبين الفرنج مصافّ بأرض يغرى «5» من العمق، فانهزم الفرنج، وقتل منهم جماعة، وأسر جماعة، وأرسل من الأسرى والغنيمة إلى أخيه سيف الدين غازي صاحب الموصل.
وفيها، ملك الفرنج من الأندلس مدينة طرطوشة «6» وجميع قلاعها، وحصون