الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما عند الشرفاء العباسيين السلمانيين في درج نسبهم الثابت فقالوا: هو أحمد بن أبي علي بن أبي بكر بن أحمد بن الإمام المسترشد «1» .
ولما أثبت الملك الظاهر نسب المذكور تركه في برج محترزا عليه، وأشرك له في الدعاء في الخطبة حسب لا غير.
وفيها، جهز الملك المنصور صاحب حماة شيخ الشيوخ شرف الدين الأنصاري رسولا إلى الملك الظاهر، ووصل شيخ الشيوخ المذكور فوجد الملك الظاهر عاتبا على صاحب حماة لانشغاله عن مصالح المسلمين باللهو، وأنكر الملك الظاهر على شرف الدين ذلك، ثم انصلح خاطره وحمله ما طيّب به قلب صاحبه الملك المنصور، ثم عاد إلى حماة.
سنة إحدى وستين وست مئة إلى سنة سبعين وست مئة
(في سنة إحدى وستين وست مئة
«13» )
في حادي عشر ربيع الآخر منها، سار الظاهر بيبرس من الديار المصرية إلى الشام فلاقته والدة المغيث عمر صاحب الكرك بغزّة وتوثقت لابنها المغيث من الظاهر بالأمان وأحسن إليها ثم توجهت إلى الكرك وتوجه صحبتها شرف [الدين]«2» الجاكي المهمندار برسم حمل الإقامات في الطرق (326) برسم المغيث، ثم سار الظاهر من غزّة ووصل إلى الطور في ثاني عشر جمادى الأولى
من هذه السنة، ووصل إليه الأشرف موسى صاحب حمص في نصف الشهر المذكور فأحسن إليه الظاهر وأكرمه.
وفيها، كان قتل المغيث فتح الدين عمر بن العادل بن الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب «1» وسببه أنه كان في قلب الظاهر بيبرس منه غيظ عظيم لأمور كانت بينهما، قيل: إن المغيث المذكور أكره امرأة الظاهر لما قبض المغيث على البحرية وأرسلهم إلى الناصر يوسف صاحب الشام وهرب الظاهر المذكور وبقيت زوجته بالكرك والله أعلم بحقيقة ذلك، ولم يزل الظاهر يجتهد على حضور المغيث وحلف لوالدته على غزّة، وكان عند المغيث شخص يقال له الأمجد، وكان يبعثه في الرسلية إلى الظاهر، فكان الظاهر يبالغ في إكرامه وتقريبه فاغتر الأمجد بذلك، وما زال الأمجد على مخدومه المغيث حتى أحضره إلى الظاهر، فحكى شرف الدين بن مزهر «2» وكان ناظرا خزانة المغيث، قال:
لما عزم المغيث على التوجه إلى خدمة الملك الظاهر لم يكن قد بقي في خزانته شيء من المال غير القماش «3» ، وكان لوالدته حواصل في البلاد فبعناها بأربعة وعشرين ألف درهم، واشترينا باثني عشر ألفا خلعا من دمشق وجعلنا في صناديق الخزانة الاثني عشر [ألفا]«4» الأخرى، ونزل المغيث من الكرك وأنا والأمجد وجماعة من أصحابه في خدمته، قال: وشرعت البريدية (327) تصل إلى المغيث في كل يوم بمكاتبات الظاهر ويرسل صحبتهم مثل غزلان ونحوها
والمغيث يخلع عليهم حتى نفد ما كان بالخزانة من الخلع، ومن جملة ما كتب إليه في بعض المكاتبات أن المملوك ينشد في قدوم مولانا:(الطويل)
خليليّ هل أبصرتما أو سمعتما
…
بأكرم من مولى يمشي إلى عبد «1»
قال: وكان الخوف في قلب المغيث من الظاهر شديدا، قال ابن مزهر:
ففاتحني في شيء من ذلك بالليل، فقلت له: احلف لي أنك ما تقول للأمجد ما أقول لك حتى أنصحك، فحلف لي، فقلت له: اخرج الساعة من تحت الخيام واركب حجرتك النجيلة ولا يصبح لك الصباح إلا وأنت قد وصلت إلى الكرك فتعصى فيه وما تفكر في أحد، قال ابن مزهر: فغافلني وتحدث مع الأمجد في شيء من هذا، فقال له الأمجد: إياك من ذلك، وسار المغيث حتى وصل إلى بيسان، فركب الظاهر بعساكره والتقاه في يوم السبت سابع وعشري جمادى الأولى من هذه السنة، فلما شاهد المغيث الظاهر ترجل فمنعه الظاهر وأركبه وساق إلى جانبه وقد تغير وجه الظاهر، فلما قارب الدّهليز أفرد الملك المغيث عنه وأنزله في دهليز وقبض عليه وأرسله معتقلا إلى مصر وكان آخر العهد به، قيل إنه حمل إلى امرأة الظاهر بقلعة الجبل فأمرت جواريها فقتلنه بالقباقيب، ثم قبض الظاهر على جميع أصحاب المغيث ومن جملتهم ابن مزهر المذكور، ثم بعد ذلك أفرج عنهم «2» .
ولما التقى الظاهر المغيث (328) وقبض عليه أحضر الفقهاء والقضاة وأوقفهم على مكاتبات من التتر إلى المغيث المذكور وأجوبة عما كتب إليهم يطمعهم في ملك مصر والشام، وكتب بذلك مشروح وأثبت على الحكام،
وكان للمغيث ولد يقال له العزيز «1» فأعطاه الظاهر إقطاعا بديار مصر وأحسن إليه، ثم جهز الظاهر بدر الدين البيسرى الشمسي «2» وعز الدين أستاذ دار «3» إلى الكرك فتسلماها في يوم الخميس الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة إحدى وستين، وسار الظاهر إلى الكرك ورتب أمورها، ثم عاد إلى الديار المصرية فوصل إليها في سابع عشر رجب «4» .
وفي هذه السنة أرسل الظاهر عسكرا هدموا كنيسة الناصرة وهي أكبر مواطن عبادة النصارى لأن منها خرج دين النصرانية وأغاروا على عكّا وبلادها فغنموا وعادوا.
ثم ركب الظاهر وكان نازلا على الطّور بنفسه وجماعته، وأغار ثانيا على عكّا، وهدم برجا كان خارج البلد.
ولما وصل الظاهر إلى مصر قبض على الرشيدي «5» في رجب، ثم قبض ثاني يوم على الدمياطي وسنقر.
وفي هذه السنة، توفي الأشرف موسى صاحب حمص بن المنصور إبراهيم بن المجاهد شير كوه بن محمد بن شير كوه «6» .