الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي سنة ثمان وأربعين وخمس مئة
«13»
في المحرم انهزم السلطان سنجر «1» من الأتراك الغزّ، وهم طائفة من مسلمي الترك كانوا بما وراء النهر فلما ملكهم الخطا أخرجوهم منه، فقصدوا خراسان، وأقاموا بنواحي بلخ مدة طويلة، ثم عنّ للأمير قماج «2» مقطع بلخ أن يخرجهم من [بلاده]«3» [فامتنعوا]«4» فسار إليهم في عشرة آلاف فارس، فحضر إليه كبراء الغزّ وسألوه أن يكفّ عنهم ويتركهم في مراعيهم و [يعطوه]«5» من كلّ بيت مئتي درهم، فلم يجبهم إلى ذلك، وأصرّ على إخراجهم أو قتالهم فقاتلوه وهزموه وتبعوه يقتلون ويأسرون ثم عاثوا في البلاد، فاسترقّوا النساء والأطفال وخربوا المدارس، وقتلوا الفقهاء، فسار قماج إلى السلطان سنجر منهزما، وأعلمه بالحال، فسار إليهم سنجر في عساكره وهم نحو مئة ألف فارس، فأرسل الغزّ يعتذرون إليه مما وقع، وبذلوا له بذلا كثيرا ليكفّ عنهم فلم يجبهم وقصدهم ووقعت بينهم حرب شديد (ة) فانهزم عسكر سنجر وتبعهم الغزّ يقتلون ويأسرون فقتل علاء الدين قماج وأسر السلطان سنجر، وأسر معه جماعة من الأمراء فضربوا أعناقهم، وأما سنجر فإنهم لما أسروه اجتمع رؤساء الغزّ وقبلوا
الأرض بين يديه، وقالوا: نحن عبيدك، ولا نخرج عن (18) طاعتك وبقي معهم كذلك ثلاثة أشهر، ودخلوا معه إلى مرو وهي كرسيّ ملك خراسان فطلبها منه بختيار رئيس من رؤساء الغزّ إقطاعا فقال سنجر: هذه دار الملك ولا يجوز أن تكون إقطاعا لأحد، فضحكوا منه وحبق له بختيار بفمه، فلما رأى سنجر ذلك نزل عن سرير الملك ودخل خانقاه «1» مرو وتاب من الملك.
واستولى الغزّ على البلاد فنهبوا نيسابور، وقتلوا الكبار والصغار، وقتلوا القضاة والعلماء [والصلحاء]«2» الذين بتلك البلاد، فقتلوا الحسين بن محمد الأرسابندي «3» ، والقاضي عليّ بن مسعود «3» ، والشيخ محيي الدين محمد بن يحيى «4» الفقيه الشافعيّ الذي لم يكن في زمانه مثله، كان رحلة الناس من الشرق والغرب، وغيرهم من الأئمة والفضلاء، ولم يسلم شيء من خراسان من النهب غير هراة ودهستان لحصانتهما.
ولما كان من هزيمة سنجر وأسره ما كان اجتمع عسكره على مملوكه أي به «5» ولقبه المؤيد، واستولى المؤيد على نيسابور، وطوس، ونسا، وأبيورد، وشهرستان، والدامغان، وأزاح الغزّ عنها، وأحسن السيرة في الناس، وكذلك استولى في
السنة المذكورة على الريّ مملوك لسنجر اسمه اينانج»
، وهادى الملوك، واستقرت قدمه، وعظم شأنه.
وفيها، قتل العادل بن السّلّار «2» وزير الظافر العلويّ، قتله ربيبه عباس بن أبي الفتوح (19) الصنهاجيّ بإشارة أسامة بن منقذ، وكان العادل قد تزوج أم عباس المذكور وأحسن تربيته، فجازاه بقتله، وولي مكانه، وكانت الوزارة في مصر لمن غلب.
وفيها، كان بين عبد المؤمن ملك الغرب وبين العرب حرب شديد (ة) انتصر [فيها]«3» عبد المؤمن «4» .
وفيها، مات رجّار الفرنجي «5» ملك صقلّية بالخوانيق وعمره نحو ثمانين سنة وملكه [عشرون]«6» سنة، وملك بعده ابنه غليالم.
وفيها، في رجب توفي بغزنة بهرام شاه بن مسعود السبكتكينيّ «7» صاحب غزنة، وقام بالملك بعده ولده نظام الدين خسرو شاه، وكانت مدة ملك بهرام نحو