المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وست مئة - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٢٧

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء السابع والعشرون]

- ‌[هذا الكتاب]

- ‌منهج التحقيق

- ‌1- وصف النسخة المعتمدة

- ‌2- خطة العمل

- ‌3- الرموز المستعملة في التحقيق

- ‌وفي سنة اثنتين وأربعين [وخمس مئة

- ‌[ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة أربع وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة خمس وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ست وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثمان وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وأربعين وخمس مئة

- ‌ذكر ملك نور الدين محمود دمشق

- ‌[ثم دخلت سنة خمسين وخمس مئة

- ‌سنة إحدى وخمسين وخمس مئة إلى ستين وخمس مئة

- ‌في سنة إحدى [وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي أواخر سنة أربع وخمسين وخمس مئة

- ‌(ذكر دولة بني مهدي في اليمن)

- ‌وفي سنة خمس وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ستّ وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثمان وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ستين وخمس مئة

- ‌سنة إحدى وستين وخمس مئة إلى سنة سبعين وخمس مئة

- ‌في سنة إحدى وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة أربع وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة خمس وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ست وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وستين وخمس مئة

- ‌وفي (59) سنة ثمان وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبعين وخمس مئة

- ‌سنة إحدى وسبعين وخمس مئة إلى سنة ثمانين وخمس مئة

- ‌في سنة إحدى وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة أربع وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة خمس وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ستّ وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثمان وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثمانين وخمس مئة

- ‌سنة إحدى وثمانين وخمس مئة إلى سنة تسعين وخمس مئة

- ‌في سنة إحدى وثمانين وخمس مئة

- ‌ملك صلاح الدين ميّافارقين

- ‌في سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة

- ‌(فتح بيت المقدس)

- ‌وفي سنة أربع وثمانين وخمس مئة

- ‌وفي سنة خمس وثمانين وخمس مئة

- ‌وفيها، كان حصار الفرنج عكّا

- ‌وفي سنة ست وثمانين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وثمانين وخمس مئة

- ‌كان استيلاء الفرنج على عكّا

- ‌وفي سنة ثمان وثمانين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وثمانين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسعين وخمس مئة

- ‌سنة إحدى وتسعين وخمس مئة إلى سنة ست مئة

- ‌(122) في سنة إحدى وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة أربع وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة خمس وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ست وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثمان وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وتسعين وخمس مئة

- ‌ذكر الحوادث باليمن

- ‌وفي سنة ست مئة

- ‌سنة إحدى وست مئة إلى سنة عشر وست مئة

- ‌ي سنة إحدى وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وست مئة

- ‌وفي سنة أربع وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وست مئة

- ‌وفي سنة ست وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وست مئة

- ‌عاد السلطان الملك العادل من البلاد الشرقية إلى دمشق

- ‌وفي سنة ثمان وست مئة

- ‌وفي سنة تسع وست مئة

- ‌وفي سنة عشر وست مئة

- ‌سنة إحدى عشرة وست مئة إلى سنة عشرين وست مئة

- ‌في سنة إحدى عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتي عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة أربع عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة خمس عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة سبع عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة ثماني عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة تسع عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة عشرين وست مئة

- ‌سنة إحدى وعشرين وست مئة إلى سنة ثلاثين وست مئة

- ‌في سنة إحدى وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة أربع وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة ست وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وعشرين وست مئة

- ‌[ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة تسع وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاثين وست مئة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وست مئة إلى سنة أربعين وست مئة

- ‌في سنة إحدى وثلاثين وست مئة

- ‌[ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة أربع وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة ست وثلاثين وست مئة

- ‌وفي صفر سنة سبع وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة ثمان وثلاثين وست مئة

- ‌ودخلت سنة تسع وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة أربعين وست مئة

- ‌‌‌سنة إحدى وأربعين وست مئةإلى سنة خمسين وست مئة

- ‌سنة إحدى وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وأربعين وست مئة

- ‌ثم دخلت سنة أربع وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة ست وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة ثمان وأربعين وست مئة

- ‌ ثم دخلت سنة تسع وأربعين وست مئة

- ‌ثم دخلت سنة خمسين وست مئة

- ‌سنة إحدى وخمسين وست مئة إلى سنة ستين وست مئة

- ‌في سنة إحدى وخمسين وست مئة

- ‌[ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين وست مئة

- ‌ ذكر أخبار الحفصيين ملوك تونس

- ‌وفي سنة ثلاث وخمسين وست مئة

- ‌سنة أربع وخمسين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وخمسين وست مئة

- ‌وفي سنة ست وخمسين وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وخمسين وست مئة

- ‌[ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وست مئة

- ‌فلما كان يوم الجمعة خامس محرم سنة تسع وخمسين وست مئة

- ‌المستنصر بالله أبا القاسم أحمد

- ‌وفي سنة ستين وست مئة

- ‌الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين

- ‌سنة إحدى وستين وست مئة إلى سنة سبعين وست مئة

- ‌(في سنة إحدى وستين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وستين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وستين وست مئة

- ‌وفي سنة أربع وستين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وستين وست مئة

- ‌وفي سنة ست وستين وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وستين وست مئة

- ‌وفي سنة ثمان وستين وست مئة

- ‌وفي سنة تسع وستين وست مئة

- ‌وفي سنة سبعين وست مئة

- ‌‌‌سنة إحدى وسبعين وست مئةإلى سنة ثمانين وست مئة

- ‌سنة إحدى وسبعين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وسبعين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وسبعين وست مئة

- ‌وفي سنة أربع وسبعين وست مئة

- ‌[ثم دخلت سنة خمس وسبعين وست مئة

- ‌وفي خامس المحرم من سنة ست وسبعين وست مئة

- ‌وبقي الأمر كذلك حتى دخلت سنة سبع وسبعين وست مئة

- ‌وفي سنة ثمان وسبعين وست مئة

- ‌وفي سنة تسع وسبعين وست مئة

- ‌وفي مستهل ذي الحجة خرج المنصور من مصر إلى الشام

- ‌ودخلت سنة ثمانين وست مئة

- ‌في أوائل سنة إحدى وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وثمانين وست مئة

- ‌وفي صفر سنة أربع وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة ست (361) وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة ثمان وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة تسع وثمانين وست مئة

- ‌ودخلت سنة تسعين وست مئة

- ‌سنة إحدى وتسعين وست مئة إلى سنة سبع مئة

- ‌وفي سنة إحدى وتسعين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وتسعين وست مئة

- ‌سنة أربع وتسعين (377) وست مئة

- ‌سنة خمس وتسعين وست مئة

- ‌سنة ست وتسعين وست مئة

- ‌سنة سبع وتسعين وست مئة

- ‌سنة ثمان وتسعين وست مئة

- ‌سنة تسع وتسعين وست مئة

- ‌سنة سبع مئة

- ‌‌‌سنة إحدى وسبع مئةإلى سنة عشر وسبع مئة

- ‌سنة إحدى وسبع مئة

- ‌خلافة المستكفي بالله أمير المؤمنين

- ‌سنة اثنتين وسبع مئة

- ‌سنة ثلاث وسبع مئة

- ‌سنة أربع وسبع مئة

- ‌سنة خمس وسبع مئة

- ‌سنة ست وسبع مئة

- ‌سنة سبع وسبع مئة

- ‌سنة ثمان وسبع مئة

- ‌سنة تسع وسبع مئة

- ‌سنة عشر وسبع مئة

- ‌‌‌سنة إحدى عشرة وسبع مئةإلى سنة عشرين وسبع مئة

- ‌سنة إحدى عشرة وسبع مئة

- ‌سنة اثنتي عشرة وسبع مئة

- ‌سنة ثلاث عشرة وسبع مئة

- ‌سنة أربع عشرة وسبع مئة

- ‌سنة خمس عشرة وسبع مئة

- ‌ودخلت سنة ست عشرة وسبع مئة

- ‌سنة سبع عشرة وسبع مئة

- ‌ودخلت سنة ثماني عشرة وسبع مئة

- ‌سنة تسع عشرة وسبع مئة

- ‌سنة عشرين وسبع مئة

- ‌سنة إحدى وعشرين وسبع مئة إلى سنة ثلاثين وسبع مئة

- ‌ودخلت سنة إحدى وعشرين وسبع مئة

- ‌ودخلت سنة اثنتين وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة أربع وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة خمس وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة ست وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة سبع وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة ثمان وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة تسع وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة ثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وسبع مئة إلى سنة أربعين وسبع مئة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة أربع وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة خمس وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة ست وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة سبع وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة تسع وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة أربعين وسبع مئة

- ‌‌‌سنة إحدى وأربعين وسبع مئةإلى سنة خمسين وسبع مئة

- ‌سنة إحدى وأربعين وسبع مئة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وسبع مئة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وأربعين وسبع مئة

- ‌سنة أربع وأربعين وسبع مئة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌[ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وست مئة

طالبين المدينة والتتر يقتلون [فيهم]«1» حتى دخلوا البلد، واختنق في أبواب البلد جماعة من المسلمين، ثم رحل التتر إلى أعزاز فتسلموها بالأمان.

‌[ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وست مئة

«13» ] «2»

ولما بلغ الناصر يوسف صاحب الشام قصد التتر حلب برز من دمشق إلى برزة «3» في أواخر السنة [الماضية]«2» ، وجفل الناس من بين يدي التتر، وسار الملك المنصور صاحب حماة إلى دمشق ونزل مع الناصر ببرزة وكان هناك مع الناصر يوسف بيبرس البندقداري من حين هرب من الكرك والتجأ إلى الناصر، واجتمع عند الناصر (301) على برزة أمم عظيمة من العساكر والجفال.

[ولما دخلت هذه السنة والملك الناصر على برزة بلغه]«4» أن جماعة من مماليكه قد عزموا على اغتياله والفتك به، فهرب من الدّهليز إلى قلعة دمشق وبلغ مماليكه [الذين]«2» قصدوا [ذلك]«2» علمه بهم فهربوا على حميّة إلى غزّة، وكذلك سار بيبرس البندقداري إلى غزّة، وأشاع المماليك الناصرية أنهم لم يقصدوا قتل الملك الناصر وإنما كان قصدهم أن يقبضوا عليه ويسلطنوا أخاه الملك الظاهر غازي بن العزيز محمد بن الظاهر غازي بن السلطان صلاح الدين «5» لشهامته.

ص: 375

ولما جرى ذلك هرب الملك الظاهر المذكور خوفا من أخيه الملك الناصر، وكان الظاهر المذكور شقيق الناصر وأمهما [أم ولد]«1» تركية ووصل الملك الظاهر إلى غزّة واجتمع عليه من بها من العسكر وأقاموه سلطانا، ولما جرى ذلك كاتب بيبرس البندقداري الملك المظفر قطز صاحب مصر، فبذل له الأمان ووعده [الوعود الجميلة]«1» ، ففارق بيبرس البندقداري الشاميين وسار إلى مصر في جماعة من أصحابه، فأقبل عليه الملك المظفر قطز وأنزله في دار الوزارة وأقطعه قليوب وأعمالها.

وفي سنة ثمان وخمسين في يوم الأحد تاسع صفر، كان استيلاء التتر على حلب، وسببه أن هولاكو عبر الفرات بجموعه ونازل حلب وأرسل هولاكو إلى الملك المعظم توران شاه نائب السلطنة بحلب يقول له: إنكم تضعفون عن لقاء المغل، ونحن قصدنا الملك الناصر والعساكر فاجعلوا لنا عندكم بحلب شحنّة، وبالقلعة (302) شحنّة ونحن نتوجه إلى العسكر، [فإن كانت الكسرة على الإسلام كانت البلاد لنا، وتكونوا قد حقنتم دماء المسلمين]«2» ، وإن كانت الكسرة علينا كنتم مخيرين في الشّحنتين إن شئتم طردتموهما وإن شئتم قتلتموهما، فلم يجب المعظم إلى ذلك، وقال: ليس لكم عندنا إلا السيف، وكان رسول هولاكو إليهم في ذلك صاحب أرزن الروم فتعجب من الجواب، وتألم من هلاك أهل حلب بسبب ذلك.

وأحاط التتر بحلب ثاني صفر، وهجموا التوامين في غد ذلك اليوم، وقتل من المسلمين جماعة كثيرة، وممن قتل أسد الدين بن الملك الزاهر بن صلاح

ص: 376

الدين «1» ، واشتد (ت) مضايقة التتر للبلد، وهجموه من عند حمام حمدان في ذيل قلعة الشريف يوم الأحد تاسع صفر وبذلوا السيف في المسلمين، وصعد إلى القلعة خلق عظيم، ودام القتل والنهب من نهار الأحد المذكور إلى الجمعة رابع عشر صفر المذكور، فأمر هولاكو برفع السيف، ونودي بالأمان، ولم يسلم من أهل حلب إلا من التجأ إلى دار شهاب الدين بن عمرون «2» ، ودار نجم الدين أخي مردكين، ودار البازياد، ودار علم الدين قيصر الموصلي، والخانقاه التي فيها زين الدين الصوفي، وكنيسة اليهود، وذلك لفرمانات كانت بأيديهم، وقيل إنه سلم بهذه الأماكن [خمسون]«3» ألف نفس، ونازل التتر القلعة، وحاصروها وبها المعظم ومن التجأ إليها من العسكر، واستمر الحصار عليها إلى أن (كان)[ما سنذكره]«4» ، وكان قد تأخر بحماة الطواشي مرشد لما سار صاحب حماة (303) إلى دمشق، فلما بلغ أهل حماة فتح حلب توجه الطواشي مرشد من حماة إلى الملك المنصور صاحب حماة إلى دمشق، ووصل كبراء حماة إلى حلب ومعهم مفاتيح حماة وحملوها إلى هولاكو، وطلبوا منه الأمان لأهل حماة وشحنة يكون عندهم، فأمنهم هولاكو وأرسل إلى حماة شحنة رجلا أعجميا كان يدّعي أنه من ذرية خالد بن الوليد يقال له خسرو شاه، فسار إلى حماة وتولاها وأمن الناس، وكان بقلعة حماة مجاهد الدين قايماز أمير جندار فسلم القلعة إليه ودخل في طاعة التتر.

ص: 377

ولما بلغ الملك الناصر بدمشق أخذ حلب رحل من دمشق وبمن معه من العساكر إلى الديار المصرية وفي صحبته الملك المنصور صاحب حماة وأقام بنابلس أياما ورحل عنها ونزلها الأمير مجير الدين بن أبي زكرى «1» والأمير علي ابن شجاع «2» ومعهما جماعة من العسكر، ثم سار الملك الناصر إلى غزّة فانضم إليه مماليكه الذين كانوا أرادوا قتله، وكذلك اصطلح معه أخوه المظفر غازي، وانضم إليه خلق عظيم، ووصل التتر إلى نابلس وكبسوا العسكر الذي بها وقتلوا الأمير مجير الدين والأمير علي بن شجاع وكانا أميرين جليلين فاضلين، وكان البحرية قد قبضوا عليهما واعتقلوهما بالكرك، وأفرج عنهما المغيث لما وقع الصلح بينه وبين الناصر.

ولما بلغ الملك الناصر وهو بغزّة ما جرى من كبسة التتر لنابلس رحل من غزّة (304) إلى العريش، وسير القاضي برهان الدين [الخضر]«3» رسولا إلى الملك المظفر يطلب منه المعاضدة، ثم سار الملك الناصر والمنصور صاحب حماة والعسكر ووصلوا إلى قطيا فجرى فيها فتنة بين التركمان والأكراد الشّهرزوريّة ووقع نهب في الجفّال وخاف الملك الناصر أن يدخل مصر فيقبض عليه، فتأخر في قطيا ورحلت العساكر والملك المنصور صاحب حماة إلى مصر، وتأخر مع

ص: 378

الملك الناصر جماعة يسيرة منهم أخوه الظاهر والملك الصالح شير كوه صاحب حمص، وشهاب الدين القيمري، ثم سار الملك الناصر بمن تأخر معه إلى تيه بني إسرائيل، ولما وصلت العساكر إلى مصر التقاهم الملك المظفر قطز بالصالحية وطيّب قلوبهم، وأرسل إلى الملك المنصور صاحب حماة سنجقا والتقاه ملتقى حسنا وطيّب قلبه ودخل القاهرة.

وأما التتر، فإنهم استولوا على دمشق وعلى سائر الشام إلى غزّة واستقرت شحانيهم بهذه البلاد.

وأما قلعة حلب فوثب جماعة من أهلها في مدة الحصار على صفي الدين بن طرزة رئيس حلب، وعلى نجم الدين محمد بن عبد العزيز بن القاضي نجم الدين بن أبي عصرون فقتلوهما لأنهم اتهموهما بمواطأة التتر، ودام الحصار على القلعة نحو شهرين، ثم سلمت بالأمان في يوم الاثنين الحادي عشر من ربيع الأول هذه السنة.

ولما نزل أهلها بالأمان، وكان فيها جماعة من البحرية الذين (305) حبسهم الملك الناصر منهم سكز وبرامق وسنقر الأشقر فسلمهم هولاكو وباقي الترك إلى رجل مع التتر يقال له سلطان حق وهو من أكابر القفجاق هرب من التتر لما غلبت على القفجاق إلى حلب فأكرمه الملك الناصر فلم تطب له تلك البلاد وعاد إلى التتر، وأما العوام والغرباء فنزلوا إلى أماكن الحمى التي قدمنا ذكرها «1» ، وأمر هولاكو أن يمضي كل من سلم إلى داره وملكه وأن لا يعارض، وجعل النائب عماد الدين القزويني، ووصل إلى هولاكو على حلب الملك الأشرف صاحب حمص [موسى]«2» بن إبراهيم بن شير كوه، وكان قد انفرد الأشرف المذكور عن

ص: 379

المسلمين لما توجه الناصر يوسف إلى جهة مصر، ووصل إلى هولاكو بحلب فأكرمه هولاكو وأعاد عليه حمص، وكان قد أخذها منه الناصر صاحب حلب في سنة ست وأربعين وست مئة وعوضه عنها تل باشر كما تقدم ذكره «1»

فعادت إليه في هذه السنة واستقر ملكه بها.

وقدم أيضا على هولاكو وهو نازل على حلب محيي الدين بن الزكي «2» من دمشق ومعه مفاتيحها، فأقبل عليه هولاكو وخلع عليه وولاه قضاء الشام، ولما عاد ابن الزكيّ المذكور إلى دمشق لبس خلعة هولاكو فكانت مذهبة وجمع الفقهاء وغيرهم من أكابر دمشق وقرأ عليهم تقليد هولاكو واستقر في القضاء.

ثم رحل هولاكو إلى حارم وطلب تسلمها، فامتنعوا أن يسلموها لغير فخر الدين «3» والي قلعة حلب فاحضره هولاكو (306) فسلموها إليه فغضب هولاكو [من ذلك]«4» وقتل أهل حارم عن آخرهم، وسبى النساء ثم رحل بعد ذلك وعاد إلى الشرق، وأمر عماد الدين القزويني «3» بالرحيل إلى بغداد فسار إليها وجعل مكانه بحلب رجلا أعجميا وأمر هولاكو بخراب أسوار قلعة حلب وإخراب أسوار المدينة فخربت عن آخرها، وأعطى هولاكو الأشرف موسى صاحب حمص الدستور ففارقه ووصل إلى حماة فنزل بدار المبارز «5» وأخذ في

ص: 380

خراب سور حماة بتقدم هولاكو، إليه فخربت أسوارها واحترقت زردخاناتها وبيعت [الكتب]«1» التي في دار السلطنة بقلعة حماة بأبخس الأثمان.

وأما أسوار مدينة حماة فلم تخرب لأنه كان بحماة رجل يقال له إبراهيم ابن الفرنجية «2» ضامن الجهة المفردة بذل لخسرو شاه جملة كثيرة من المال، وقال:

الفرنج قريب منا بحصن الأكراد ومتى خربت أسوار المدينة [لا]«1» يقدر أهلها على المقام فيها فأخذ منه المال ولم يتعرض لخراب أسوار المدينة، وكان قد أمر هولاكو الملك الأشرف صاحب حمص بخراب قلعة حمص [أيضا]«3» فلم يخرب منها إلا شيئا قليلا لأنها مدينته.

وأما دمشق فإنهم لما ملكوا المدينة بالأمان لم يتعرضوا إلى قتل ولا نهب، وعصت عليهم قلعة دمشق فحاصرها التتر وجرى على أهل دمشق شدة عظيمة من عصيان القلعة، وضايقوا القلعة وأقاموا عليها المناجيق، ثم تسلموها بالأمان في منتصف جمادى الأولى من هذه السنة (307) ونهبوا جميع ما فيها، وجدّوا في خراب أسوار القلعة وإعدام ما بها من الزردخانات والآلات، ثم توجهوا إلى بعلبك ونازلوا قلعتها.

وفي هذه السنة، استولى التتر على ميّافارقين وقد تقدم ذكر نزولهم عليها في سنة ست وخمسين «4» ودام الحصار عليهم حتى فنيت أزوادهم وفني أهلها

ص: 381

بالوباء وبالقتل، وصاحبها الملك الكامل محمد بن المظفر غازي بن العادل أبي بكر بن أيوب [مصابر ثابت]«1» ، وضعف من عنده عن القتال فاستولى عليها التتر وقتلوا صاحبها الملك الكامل المذكور «2» وحملوا رأسه على رمح وطيف به في البلاد، ومروا به على حلب وحماة ووصلوا به إلى دمشق في سابع عشري جمادى الأولى، فطافوا به دمشق بالمغاني والطبول، وعلق الرأس المذكور في شبكة بسور باب الفراديس إلى أن عادت دمشق إلى المسلمين فدفن بمشهد الحسين داخل باب الفراديس وفيه يقول الشيخ شهاب الدين أبو شامة رحمه الله أبياتا منها «3» :(الخفيف)

ابن غازي غزا وجاهد قوما

أثخنوا في العراق والمشرقين

طاهرا عاليا ومات شهيدا

بعد صبر عليهم عامين

لم يشنه إذ طيف بالرأس منه

وله أسوة برأس الحسين

ثم واروا في مسجد الرأس ذا

ك الرأس واستعجبوا من الحالتين

وأما الملك الناصر يوسف فإنه لما انفرد عن العسكر من قطيا وسار (308) إلى تيه بني إسرائيل بقي متعجبا إلى أين يتوجه، وعزم على التوجه إلى الحجاز وكان له طبردار كردي اسمه حسين «4» فحسن له المضي إلى التتر وقصد هولاكو، فاغتر بقوله ونزل ببركة زيزاء، وسار حسين الكردي إلى كتبغا نائب هولاكو وعرفه بموضع الناصر، فأرسل كتبغا إليه وقبض عليه، وأحضره إلى عجلون

ص: 382

وكانت بعد عاصية فأمرهم الملك الناصر بتسليمها فسلمت إليهم فهدموها، وكنا قد ذكرنا حصار التتر لبعلبك فتسلموها قبل تسليم عجلون وخربوا قلعتها أيضا.

وكان بالصّبيبة صاحبها الملك السعيد بن الملك العزيز بن العادل «1» فسلّم الصّبيبة إليهم، وصار الملك السعيد معهم وأعلن بالفسق والفجور وسفك دماء المسلمين.

وأما الملك الناصر يوسف فإن كتبغا بعث به إلى هولاكو فوصل إلى دمشق ثم إلى حماة وبها الملك الأشرف صاحب حمص فخرج إلى لقائه هو وخسرو شاه النائب بحماة ثم سار إلى حلب فلما عاينها الملك الناصر وما حل بها وبأهلها بكى وتألم وأنشد: (الطويل)

يعزّ علينا أن نرى ربعكم يبلى

وكانت به آيات حسنكم تتلى

ثم سار إلى الأردو فأقبل عليه هولاكو ووعده برده إلى مملكته.

وفي خامس عشر شعبان، أخرج التتر من الاعتقال نقيب قلعة دمشق وواليها «2» وضربوا أعناقهما بداريّا واشتهر عند أهل دمشق خروج العسكر من مصر (309) لقتال التتر فأوقعوا بالنصارى وكان قد استطالوا على المسلمين

ص: 383

بدق النواقيس وإدخال الخمر إلى الجامع فنهبهم المسلمون في سابع عشري رمضان، وأخربوا كنيسة مريم، وكانت كنيسة عظيمة، وكانت كنيسة مريم في جانب دمشق الذي فتحه خالد بن الوليد بالسيف فبقيت بيد المسلمين، وكان ملاصق الجامع كنيسة وهي من الجانب الذي فتحه أبو عبيدة بن الجراح بالأمان فبقيت بأيدي النصارى، فلما ولي الوليد بن عبد الملك الخلافة خرب الكنيسة الملاصقة للجامع وأضافها إليه ولم يعوض النصارى عنها، فلما ولي عمر بن عبد العزيز عوضهم كنيسة مريم عن تلك الكنيسة، فعمروها عمارة عظيمة، وبقيت كذلك حتى خربها المسلمون في التاريخ المذكور.

وفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان هذه السنة، كانت هزيمة التتر على عين جالوت وذلك لما اجتمعت العساكر الإسلامية بمصر عزم الملك المظفر قطز مملوك المعز أيبك على الخروج إلى الشام لقتال التتر، وسار من مصر بالعساكر الإسلامية وصحبته الملك المنصور محمد صاحب حماة وأخوه الأفضل علي وكان مسيره من الديار المصرية في أوائل رمضان من هذه السنة، ولما بلغ كتبغا [سير العساكر الإسلامية إليه صحبة الملك المظفر قطز]«1» سار بجموعه والتقى الجمعان في اليوم المذكور، فانهزمت التتر هزيمة قبيحة، وأخذتهم سيوف المسلمين وقتل مقدمهم كتبغا واستؤسر ابنه وتعلق من (310) سلم من التتر برءوس الجبال وتبعهم المسلمون فأفنوهم، وهرب من سلم إلى الشرق، وجرد قطز ركن الدين بيبرس البندقداري في أثرهم فتبعهم إلى أطراف البلاد، وكان أيضا في صحبة التتر الملك الأشرف موسى صاحب حمص ففارقهم وطلب [الأمان]«1» من المظفر قطز فأمنه، ووصل إليه فأكرمه وأقره على ما بيده وهو

ص: 384

حمص ومضافاتها، وأما الملك [السعيد]«1» صاحب الصّبيبة فإنه أمسك أسيرا وأحضر إلى بين يدي المظفر قطز فأمر بضرب عنقه بسبب ما كان اعتمده من سفك الدماء والفسق «2» .

ولما انقضى أمر المصاف أحسن المظفر قطز إلى الملك المنصور صاحب حماة وأقره على حماة وبارين، وأعاد إليه المعرة وكانت في يد الحلبيين من حين استولوا عليها في سنة خمس وثلاثين وست مئة «3» وأخذ سلميّة منه وأعطاها لأمير العرب «4» ، وأتم الملك المظفر السير بالعساكر وصحبته الملك المنصور صاحب حماة حتى دخل دمشق وتضاعف شكر المسلمين لله تعالى على هذا النصر العظيم، فإن القلوب كانت يئست من النصر على التتر لاستيلائهم على معظم بلاد المسلمين، ولأنهم ما قصدوا إقليما إلا فتحوه، ولا عسكرا إلا هزموه، فابتهجت الرعايا بالنصرة عليهم وبقدوم الملك المظفر قطز إلى الشام، وفي يوم دخوله دمشق أمر بشنق جماعة منتسبين إلى التتر فشنقوا، وكان من جملتهم حسين الكردي «5» طبردار الملك الناصر يوسف وهو الذي أوقع الناصر (311) في أيدي التتر، وفي هذه النصرة وقدوم قطز إلى الشام يقول بعض الشعراء «6» :

(الخفيف)

هلك الكفر في الشام جميعا

واستجدّ الإسلام بعد دحوضه

ص: 385

[بالمليك]«1» المظفّر الملك الأروع

سيف الإسلام عند نهوضه

ملك جاءنا بحزم وعزم

فاعتززنا بسمره وببيضه

أوجب الله شكر ذاك علينا

دائما مثل واجبات فروضه

ثم أعطى قطز لصاحب حماة الدستور فقدم الملك المنصور قدامه مملوكه ونائبه مبارز الدين آقوش المنصوري إلى حماة، ثم سار الملك المنصور وأخوه الأفضل ووصلا إلى حماة، ولما استقر الملك المنصور بحماة قبض على جماعة كانوا مع التتر واعتقلهم، وهنأ الشيخ شرف الدين شيخ الشيوخ للملك المنصور بهذا النصر العظيم وبعودة المعرة بقصيدة منها:(الكامل)

رعت العدا فضمنت ثلّ عروشها

ولقيتها فأخذت تلّ جيوشها

نازلت أملاك التتار فأنزلت

عن فحلها قسرا وعن إكديشها

فغدا لسيفك [في رقاب كماتها]«2»

حصد المناجل في يبيس حشيشها

فقت الملوك ببذل ما تحويه إذ

ختمت خزائنها على منقوشها

وطويت عن مصر فسيح مراحل

ما بين بركتها وبين عريشها

حتى حفظت على العباد بلادها

من رومها الأقصى إلى أحبوشها

فرشت حماة لوطء نعلك خدّها

فوطئت عين الشمس من مفروشها

(312)

وضربت سكّتها التي أخلصتها

عما يشوب النقد من مغشوشها

وكذا المعرة إذ ملكت قيادها

دهشت سرورا صار في مدهوشها

طربت برجعتها إليك كأنما

شربت «3» بخمرة كأسها أو حيشها

لا زلت تنعش بالنوال فقيرها

وتنال أقصى الأجر من منعوشها

ص: 386

وكان خسرو شاه قد سافر من حماة إلى جهة الشرق لما بلغه كسرة التتر ثم جهز الملك المظفر قطز عسكرا إلى حلب لحفظها، ورتب شمس الدين آقوش البرلي العزيزي «1» أميرا بالسواحل وغزّة، ورتب معه جماعة من العزيزية، وكان البرلي المذكور من مماليك الملك العزيز صاحب حلب وسار في جملة العزيزية مع ولده الملك الناصر إلى قتال المصريين، وخامر البرلي وجماعة من العزيزية على ابن أستاذهم الملك الناصر، وصاروا مع أيبك التركماني صاحب مصر، ثم إن المذكورين قصدوا اغتيال المعز أيبك المذكور، فعلم بهم فقبض على بعضهم وهرب بعضهم، وكان البرلي المذكور من جملة من سلم وهرب إلى الشام، فلما وصل إلى الملك الناصر اعتقله بقلعة عجلون، فلما توجه الملك الناصر بالعساكر إلى الغور مندفعا من بين يدي التتر أخرج البرلي المذكور من حبس عجلون وطيب خاطره، فلما هرب الملك الناصر من قطيا دخل شمس الدين البرلي إلى مصر مع باقي العساكر، فأحسن إليه قطز وولاه الآن السواحل وغزة، ثم إن الملك المظفر قطز فوض السلطنة بدمشق إلى الأمير علم الدين سنجر الحلبي وهو الذي (313) كان أتابك علي بن المعز أيبك، وفوض نيابة السلطنة بحلب إلى الملك السعيد بن بدر الدين لؤلؤ «2» صاحب الموصل، وكان المذكور قد وصل إلى الملك الناصر يوسف صاحب الشام ودخل مع العساكر إلى مصر وصار مع المظفر قطز ففوض إليه نيابة السلطنة بحلب، وكان سببه أن الملك الصالح بن لؤلؤ [أخاه]«3» قد صار صاحب الموصل بعد أبيه فولاه حلب ليكاتبه أخوه بأخبار التتر، ولما استقر السعيد المذكور في نيابة حلب سار سيرة رديئة، وكان دأبه

ص: 387

التحيل على [أخذ]«1» أموال الرعية، ولما قرر الملك المظفر قطز المذكور الشام على ما شرحناه سار من دمشق إلى جهة الديار المصرية.

وكان قد اتفق بيبرس البندقداري الصالحي مع أنص «2» مملوك نجم الدين الرومي الصالحي «2» والهاروني «3» وعلم الدين صغن أغلي «2» على قتل المظفر قطز، وساروا معه يتوقعون الفرصة فلما صار قطز إلى القصير بطرف الرّمل وبينه وبين الصالحية مرحلة وقد سبق الدّهليز والعسكر إلى الصالحية فبينا قطز يسير إذ قامت أرنب بين يديه فساق عليها وساق هؤلاء المذكورون معه، فلما أبعدوا تقدم إليه أنص وشفع عند الملك المظفر في إنسان فأجابه إلى ذلك، فأهوى ليقبل يده وقبض عليها، فحمل عليه بيبرس البندقداري حينئذ وضربه بالسيف واجتمعوا عليه ورموه عن فرسه وقتلوه بالنشاب وذلك في سابع عشر ذي القعدة من هذه السنة، فكانت (314) مدة ملكه أحد عشر شهرا وثلاثة عشر يوما «4» ، وساق بيبرس وأصحابه بعد قتله حتى وصلوا إلى الصالحية، ولما وصل بيبرس المذكور هو والجماعة [قاتلو]«5» المظفر قطز إلى الدّهليز وكان عند الدّهليز نائب السلطنة فارس الدين آقطاي المستعرب وهو الذي صار أتابكا لعلي ابن المعز أيبك بعد الحلبي، فلما تسلطن قطز أقره على نيابة السلطنة، فلما وصل بيبرس البندقداري سألهم آقطاي وقال: من قتله منكم؟ فقال بيبرس: أنا، فقال:

يا خوند! اجلس في مرتبة السلطنة فجلس، واستدعيت العساكر للتحليف فحلفوا له في اليوم الذي قتل فيه قطز واستقر بيبرس في السلطنة وتلقب بالملك

ص: 388

[القاهر ثم بعد ذلك غير لقبه وتلقب]«1» بالظاهر لأنه بلغه أن القاهر لقب غير مبارك ما لقب به أحد فطالت مدته، وكان الملك الظاهر المذكور قد سأل من قطز النيابة بحلب فلم يجبه إليها ليكون ما قدره الله تعالى.

ولما حلف الناس للملك الظاهر بالصالحية ساق في جماعة من أصحابه، وسبق العسكر إلى قلعة الجبل ففتحت له ودخلها واستقرت قدمه في المملكة، وكانت قد زينت مصر والقاهرة لقدوم قطز فاستمرت الزينة لسلطنة بيبرس في سابع عشر ذي القعدة.

وفي العشر الآخر من ذي القعدة، شرع الأمير علم الدين سنجر الحلبي نائب السلطنة بدمشق في عمارة قلعة دمشق وجمع لها الصناع وكبراء الدولة والناس وعملوا فيها حتى عملت النساء فيها، وكان عند الناس (315) بذلك سرور عظيم.

وفي العشر الأول [من ذي الحجة]«2» من هذه السنة، أعني سنة ثمان وخمسين جمع سنجر الحلبي الناس وحلفهم لنفسه بالسلطنة، فأجابه الناس إلى ذلك وحلفوا له، ولم يتأخر عنه أحد ولقب نفسه بالملك المجاهد، وخطب له بالسلطنة وضربت السكّة باسمه، وكاتب الملك المنصور صاحب حماة فلم يجبه، وقال صاحب حماة: أنا مع من يملك مصر كائنا من كان، وقد ذكرنا أن [الملك السعيد]«3» بن لؤلؤ صاحب الموصل كان قد أساء السيرة في حلب فأبغضه العسكر وبلغ الملك السعيد عود التتر إلى الشام وأنه قد وصل أولهم إلى البيرة فجهز إلى جهتهم جماعة قليلة من العسكر، وقدم عليهم سابق الدين أمير

ص: 389

مجلس الناصري «1» فأشار عليه كبراء العزيزية والناصرية بأن هذا ما هو مصلحة وأن هؤلاء قليلون فيحصل الطمع بسببهم في البلاد، فلم يلتفت إلى ذلك وأصر على مسيرهم، فسار سابق الدين أمير مجلس بمن معه حتى قاربوا البيرة فوقع عليهم التتر فهرب منهم ودخل البيرة بعد أن قتل غالب من كان معه فازداد غيظ الأمراء على الملك السعيد بسبب ذلك فاجتمعوا وقبضوا عليه ونهبوا وطاقه، وكان قد برز إلى الباب المعروف بباب الله.

ولما استولوا على خزانته لم يجدوا فيها مالا طائلا فهددوه بالعذاب إن لم يقر لهم بماله، فنبش من تحت أشجار بباب الله خمسين ألف دينار مصرية ففرقت في الأمراء، وحمل الملك السعيد المذكور (316) إلى الشّغر وبكاس معتقلا، ثم [لما]«2» اندفع العسكر من بين التتر [أفرجوا عنه]«2» ، ولما جرى ذلك اتفقت الأمراء العزيزية والناصرية وقدموا عليهم الأمير حسام الدين الجو كندار [العزيزي «3» ، ثم سارت التتر إلى حلب فاندفع حسام الدين الجوكندار]«2»

بعسكره بين أيديهم إلى جهة حماة، ووصل التتر إلى حلب في أواخر هذه السنة وملكوها وأخرجوا أهلها إلى قرنبيا وهي مقر الأنبياء «4» فاختصرها العوام (إلى قرنبيا) ، ولما اجتمعوا في قرنبيا بذل التتر فيهم السيف فقتل أكثرهم وسلم القليل منهم، ووصل حسام الدين الجوكندار ومن معه إلى حماة فضيفه الملك

ص: 390