الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي رمضان، توفي المحدث الإمام أبو الحسين علي بن محمد اليونيني «1» ببعلبك شهيدا من جرح في دماغه، وثب عليه مجنون بسكين وعاش إحدى وثمانين سنة.
وفيها، جاء جراد إلى دمشق لم يسمع مثله، ترك غالب الغوطة عصيا مجردة، ويبست أشجار لا تحصى.
وفي ذي الحجة، مات مسند الديار المصرية أبو المعالي أحمد بن إسحاق الأبرقوهي «2» بعد قضاء نسكه وله أربع وثمانون سنة «3» .
سنة اثنتين وسبع مئة
«13»
في صفر، فتحت جزيرة أرواد «4» وهي بقرب انطرسوس، وحوصرت يوما، وقتل بها عدة من الفرنج نحو الألفين (385) ، ومروا على دمشق بالأسرى قريبا من خمس مئة أسير.
وفي صفر، مات قاضي القضاة بقية الأعلام محمد بن علي بن دقيق العيد «1» بالقاهرة، وله سبع وسبعون سنة.
وفي شعبان، عدّت التتار الفرات، وانجفل الناس، وخرج السلطان أيده الله بجيوشه المنصورة من مصر.
وفي «2» عاشره، كان المصاف بعرض «3» بين التتار وبين المسلمين، كان المسلمون ألفا وخمس مئة وعليهم أسندمر «4» وغرلوا العادلي وبهادر آص «5» ، وكان التتار نحو (ا) من أربعة آلاف، فانكسروا وقتل منهم خلق كثير وأسر مقدمهم، ثم دخل من المصريين خمس تقادم عليهم الشاشنكير «6» والحسام أستاذ دار، ثم دخل بعدهم ثلاثة آلاف عليهم أمير سلاح ويعقوبا «7» وأيبك
الخزندار، ثم إن عسكر حلب وحماة تقهقر من التتار، وجمعت العساكر [بمرج دمشق، ووصلت التتار إلى قارا فارتحلت العساكر]«1» إلى الجسورة واختبط الناس واختنق في باب دمشق غير واحد، وهرب الخلق، وبلغت القلوب الحناجر، ووصل السلطان إلى الغور، وامتلأت الطرقات والأزقة بأهل البرّ ومواشيهم، وغلقت الأبواب، واشتدّ الخطب، وضجّ الخلق إلى الله، وأيسوا من الحياة.
واستهل رمضان ليلة الجمعة. وتعلقت الآمال ببركة الشهر، وأصبح الناس وأخبار الجيوش معمّاة عليهم، ثم بعد الجمعة وصلت [التتار]«1» إلى المرج، وساروا إلى جهة الكسوة وبفذوا عن دمشق بكرة السبت، وغلب على الظنون أن اليوم تكون الوقعة، فابتهل الناس بالدعاء والاستعانة بالله في الأسواق والجامع، وطلعت النساء والأطفال إلى الأسطحة مكشفين الرءوس يجأرون إلى الله ويبكون ويسألون ويتذللون وهم صائمون، فثمة ساعة قبل الظهر لا يمكن أن يعبّر عنها وليس الخبر كالمعاينة، ثم بعدها حصل في النفوس سكينة وثقة بأن الله لا يردهم (386) خائبين، ونزل في الحال مطر عظيم، ثم بعد الظهر وقعت البطاقة بوصول الركاب الشريف واجتماع الجيوش المحمدية بمرج الصّفّر، ثم وقعت بطاقة تتضمن طلب الدعاء وحفظ أسوار البلد، وبعد الظهر وقع المصاف والتحم الحرب فحملت التتار على الميمنة فكسرتها واستشهد مقدمها الحسام، وثبت السلطان كعوائده ومن العصر استمر القتال والنزال حتى دخل الليل وردّت التتار من حملتها على الميمنة بغلس، وقد كلّ جدهم (؟) فتعلقوا بالجبل المانع «2» ، وطلع الضوء من بكرة الأحد والمسلمون يحدقون بالتتار فلم
تكن ضحوة إلا وقد ركن التتار إلى الفرار، وولوا الأدبار، ونزل النصر، ودقّت البشائر وزين البلد، فأين غمرة السبت من سرور يوم الأحد، فو الله ما ذقنا يوما أحلى منه ولا أمر من الذي قبله «1» .
وكان التتار نحو (ا) من خمسين ألفا عليهم قطلغ شاه «2» نائب قازان، ورجع قازان من حلب في ضيق صدر من كسرة أصحابه يوم عرض، ثم أخزاه الله بهذه الكائنة العظمى التي يرجع فيها إليه من جيوشه نحو الثلث في حفاء وجوع وذل لا يعبر عنه، وتمزقوا لبعد المسافة، وتخطفهم أهل الحصون.
ووصل السلطان والخليفة بالنصر والظفر، وساق وراء المنهزمين سلّار وقبجق إلى القريتين.
واستشهد حسام الدين لاجين الرومي أستاذ دار «3» ، وكان شيخا مهيبا مليح الشيبة من أبناء السبعين.
والأمير علاء الدين بن الجاكي «4» ، شيخ مهيب كردي من أمراء دمشق.
والأمير حسام الدين [أوليا بن]«5» قرمان.
وسنقر الشمسي الحاجب «6» .