المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وفي سنة أربع وستين وخمس مئة - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٢٧

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء السابع والعشرون]

- ‌[هذا الكتاب]

- ‌منهج التحقيق

- ‌1- وصف النسخة المعتمدة

- ‌2- خطة العمل

- ‌3- الرموز المستعملة في التحقيق

- ‌وفي سنة اثنتين وأربعين [وخمس مئة

- ‌[ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة أربع وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة خمس وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ست وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثمان وأربعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وأربعين وخمس مئة

- ‌ذكر ملك نور الدين محمود دمشق

- ‌[ثم دخلت سنة خمسين وخمس مئة

- ‌سنة إحدى وخمسين وخمس مئة إلى ستين وخمس مئة

- ‌في سنة إحدى [وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي أواخر سنة أربع وخمسين وخمس مئة

- ‌(ذكر دولة بني مهدي في اليمن)

- ‌وفي سنة خمس وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ستّ وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثمان وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وخمسين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ستين وخمس مئة

- ‌سنة إحدى وستين وخمس مئة إلى سنة سبعين وخمس مئة

- ‌في سنة إحدى وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة أربع وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة خمس وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ست وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وستين وخمس مئة

- ‌وفي (59) سنة ثمان وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وستين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبعين وخمس مئة

- ‌سنة إحدى وسبعين وخمس مئة إلى سنة ثمانين وخمس مئة

- ‌في سنة إحدى وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة أربع وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة خمس وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ستّ وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثمان وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وسبعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثمانين وخمس مئة

- ‌سنة إحدى وثمانين وخمس مئة إلى سنة تسعين وخمس مئة

- ‌في سنة إحدى وثمانين وخمس مئة

- ‌ملك صلاح الدين ميّافارقين

- ‌في سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة

- ‌(فتح بيت المقدس)

- ‌وفي سنة أربع وثمانين وخمس مئة

- ‌وفي سنة خمس وثمانين وخمس مئة

- ‌وفيها، كان حصار الفرنج عكّا

- ‌وفي سنة ست وثمانين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وثمانين وخمس مئة

- ‌كان استيلاء الفرنج على عكّا

- ‌وفي سنة ثمان وثمانين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وثمانين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسعين وخمس مئة

- ‌سنة إحدى وتسعين وخمس مئة إلى سنة ست مئة

- ‌(122) في سنة إحدى وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة أربع وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة خمس وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ست وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة سبع وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثمان وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة تسع وتسعين وخمس مئة

- ‌ذكر الحوادث باليمن

- ‌وفي سنة ست مئة

- ‌سنة إحدى وست مئة إلى سنة عشر وست مئة

- ‌ي سنة إحدى وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وست مئة

- ‌وفي سنة أربع وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وست مئة

- ‌وفي سنة ست وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وست مئة

- ‌عاد السلطان الملك العادل من البلاد الشرقية إلى دمشق

- ‌وفي سنة ثمان وست مئة

- ‌وفي سنة تسع وست مئة

- ‌وفي سنة عشر وست مئة

- ‌سنة إحدى عشرة وست مئة إلى سنة عشرين وست مئة

- ‌في سنة إحدى عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتي عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة أربع عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة خمس عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة سبع عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة ثماني عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة تسع عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة عشرين وست مئة

- ‌سنة إحدى وعشرين وست مئة إلى سنة ثلاثين وست مئة

- ‌في سنة إحدى وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة أربع وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة ست وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وعشرين وست مئة

- ‌[ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة تسع وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاثين وست مئة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وست مئة إلى سنة أربعين وست مئة

- ‌في سنة إحدى وثلاثين وست مئة

- ‌[ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة أربع وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة ست وثلاثين وست مئة

- ‌وفي صفر سنة سبع وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة ثمان وثلاثين وست مئة

- ‌ودخلت سنة تسع وثلاثين وست مئة

- ‌وفي سنة أربعين وست مئة

- ‌‌‌سنة إحدى وأربعين وست مئةإلى سنة خمسين وست مئة

- ‌سنة إحدى وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وأربعين وست مئة

- ‌ثم دخلت سنة أربع وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة ست وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وأربعين وست مئة

- ‌وفي سنة ثمان وأربعين وست مئة

- ‌ ثم دخلت سنة تسع وأربعين وست مئة

- ‌ثم دخلت سنة خمسين وست مئة

- ‌سنة إحدى وخمسين وست مئة إلى سنة ستين وست مئة

- ‌في سنة إحدى وخمسين وست مئة

- ‌[ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين وست مئة

- ‌ ذكر أخبار الحفصيين ملوك تونس

- ‌وفي سنة ثلاث وخمسين وست مئة

- ‌سنة أربع وخمسين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وخمسين وست مئة

- ‌وفي سنة ست وخمسين وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وخمسين وست مئة

- ‌[ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وست مئة

- ‌فلما كان يوم الجمعة خامس محرم سنة تسع وخمسين وست مئة

- ‌المستنصر بالله أبا القاسم أحمد

- ‌وفي سنة ستين وست مئة

- ‌الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين

- ‌سنة إحدى وستين وست مئة إلى سنة سبعين وست مئة

- ‌(في سنة إحدى وستين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وستين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وستين وست مئة

- ‌وفي سنة أربع وستين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وستين وست مئة

- ‌وفي سنة ست وستين وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وستين وست مئة

- ‌وفي سنة ثمان وستين وست مئة

- ‌وفي سنة تسع وستين وست مئة

- ‌وفي سنة سبعين وست مئة

- ‌‌‌سنة إحدى وسبعين وست مئةإلى سنة ثمانين وست مئة

- ‌سنة إحدى وسبعين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وسبعين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وسبعين وست مئة

- ‌وفي سنة أربع وسبعين وست مئة

- ‌[ثم دخلت سنة خمس وسبعين وست مئة

- ‌وفي خامس المحرم من سنة ست وسبعين وست مئة

- ‌وبقي الأمر كذلك حتى دخلت سنة سبع وسبعين وست مئة

- ‌وفي سنة ثمان وسبعين وست مئة

- ‌وفي سنة تسع وسبعين وست مئة

- ‌وفي مستهل ذي الحجة خرج المنصور من مصر إلى الشام

- ‌ودخلت سنة ثمانين وست مئة

- ‌في أوائل سنة إحدى وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وثمانين وست مئة

- ‌وفي صفر سنة أربع وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة ست (361) وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة ثمان وثمانين وست مئة

- ‌وفي سنة تسع وثمانين وست مئة

- ‌ودخلت سنة تسعين وست مئة

- ‌سنة إحدى وتسعين وست مئة إلى سنة سبع مئة

- ‌وفي سنة إحدى وتسعين وست مئة

- ‌وفي سنة اثنتين وتسعين وست مئة

- ‌سنة أربع وتسعين (377) وست مئة

- ‌سنة خمس وتسعين وست مئة

- ‌سنة ست وتسعين وست مئة

- ‌سنة سبع وتسعين وست مئة

- ‌سنة ثمان وتسعين وست مئة

- ‌سنة تسع وتسعين وست مئة

- ‌سنة سبع مئة

- ‌‌‌سنة إحدى وسبع مئةإلى سنة عشر وسبع مئة

- ‌سنة إحدى وسبع مئة

- ‌خلافة المستكفي بالله أمير المؤمنين

- ‌سنة اثنتين وسبع مئة

- ‌سنة ثلاث وسبع مئة

- ‌سنة أربع وسبع مئة

- ‌سنة خمس وسبع مئة

- ‌سنة ست وسبع مئة

- ‌سنة سبع وسبع مئة

- ‌سنة ثمان وسبع مئة

- ‌سنة تسع وسبع مئة

- ‌سنة عشر وسبع مئة

- ‌‌‌سنة إحدى عشرة وسبع مئةإلى سنة عشرين وسبع مئة

- ‌سنة إحدى عشرة وسبع مئة

- ‌سنة اثنتي عشرة وسبع مئة

- ‌سنة ثلاث عشرة وسبع مئة

- ‌سنة أربع عشرة وسبع مئة

- ‌سنة خمس عشرة وسبع مئة

- ‌ودخلت سنة ست عشرة وسبع مئة

- ‌سنة سبع عشرة وسبع مئة

- ‌ودخلت سنة ثماني عشرة وسبع مئة

- ‌سنة تسع عشرة وسبع مئة

- ‌سنة عشرين وسبع مئة

- ‌سنة إحدى وعشرين وسبع مئة إلى سنة ثلاثين وسبع مئة

- ‌ودخلت سنة إحدى وعشرين وسبع مئة

- ‌ودخلت سنة اثنتين وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة أربع وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة خمس وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة ست وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة سبع وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة ثمان وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة تسع وعشرين وسبع مئة

- ‌سنة ثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وسبع مئة إلى سنة أربعين وسبع مئة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة أربع وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة خمس وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة ست وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة سبع وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة تسع وثلاثين وسبع مئة

- ‌سنة أربعين وسبع مئة

- ‌‌‌سنة إحدى وأربعين وسبع مئةإلى سنة خمسين وسبع مئة

- ‌سنة إحدى وأربعين وسبع مئة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وسبع مئة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وأربعين وسبع مئة

- ‌سنة أربع وأربعين وسبع مئة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌وفي سنة أربع وستين وخمس مئة

‌وفي سنة أربع وستين وخمس مئة

«13»

ملك نور الدين محمود قلعة جعبر وأخذها (45) من شهاب الدين مالك ابن علي بن مالك بن سالم بن مالك بن بدران العقيلي «1» ، وكانت بأيديهم من أيام السلطان ملكشاه «2» ، ولم يقدر نور الدين على أخذها إلا بعد أن أسر صاحبها المذكور بنو كلاب، وأحضروه إلى نور الدين فاجتهد به على تسليمها، فلم يفعل، فأرسل عسكرا تقدمهم فخر الدين مسعود بن [أبي]«3» علي الزعفراني «1» وردفه بعسكر آخر مع مجد الدين أبي بكر بن الداية وكان رضيع نور الدين، وحصروا قلعة جعبر فلم يظفروا فيها بشيء، ولم يزالوا على صاحبها مالك حتى سلّمها وأخذ عوضها مدينة سروج «4» مع أعمالها والملّوحة «5» من بلد حلب، وعشرين ألف دينار معجلة، وباب بزاعة.

وفيها في ربيع الأول، سار أسد الدين شير كوه بن شاذي إلى ديار مصر ومعه العساكر النورية، وسبب ذلك تمكن الفرنج من الديار المصرية وتحكمهم على المسلمين بها، حتى ملكوا بلبيس قهرا في مستهلّ صفر هذه السنة، وقتلوا كلّ من فيها، ثم ساروا من بلبيس ونزلوا على القاهرة عاشر صفر وحاصروها وأحرق

ص: 83

شاور مدينة مصر خوفا من أن يملكها الفرنج وأمر أهلها وأنقلهم إلى القاهرة فبقيت النار تعمل أربعة وخمسين يوما، فأرسل العاضد الخليفة إلى نور الدين يستغيث به، وأرسل في الكتب شعور النساء، وصانع شاور الفرنج على ألف ألف دينار يحملها إليهم، فحمل إليهم مئة ألف دينار، وسألهم أن يرحلوا عن القاهرة ليقدر على جمع المال، فرحلوا «1» ، وجهز نور الدين العسكر مع شير كوه (46) وأنفق فيهم المال وأعطى شير كوه مئتي ألف دينار سوى الخيل والدواب والأسلحة، وأرسل معه عدة أمراء منهم ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب على كره منه.

أحبّ نور الدين مسير صلاح الدين وفيه ذهاب الملك من بيته، وكره صلاح الدين المسير وفيه سعادته وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ

«2» ، ولما قرب شير كوه من مصر رحل الفرنج على أعقابهم إلى بلادهم، وكان هذا لمصر فتحا جديدا، ووصل أسد الدين شير كوه إلى القاهرة في رابع ربيع الآخر، واجتمع بالعاضد، وخلع عليه وعاد إلى خيامه بالخلعة العاضدية، وأجرى عليه وعلى عسكره الإقامات الوافرة، وشرع شاور يماطل شير كوه فيما بذله لنور الدين من تقرير المال وإفراد ثلث البلاد له، ومع ذلك [فكان]«3» شاور يركب كلّ يوم إلى أسد الدين شير كوه ويعده ويمنّيه وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً

«4» ، ثم إنّ شاور عزم على أن يعمل دعوة لشير كوه

ص: 84

وأمرائه ويقبض عليهم فمنعه ابنه الكامل «1» بن شاور من ذلك، ولما رأى عسكر نور الدين من شاور ذلك عزموا على قتله، واتفق على ذلك صلاح الدين يوسف وعزّ الدين جرديك «2» وغيرهما، وعرفوا شير كوه بذلك فنهاهم عنه، واتفق أن شاور قصد شير كوه على عادته فلم يجده في المخيم وكان قد مضى لزيارة قبر الإمام الشافعي رضي الله عنه فلقي صلاح الدين وجرديك شاورا وأعلماه برواح (47) شير كوه إلى الزيارة، فساروا جميعا إلى شير كوه، فوثب صلاح الدين وجرديك [ومن معهما]«3» على شاور ورموه عن فرسه إلى الأرض، وأمسكوه في سابع ربيع الآخر «4» هذه السنة، فهرب أصحابه عنه وأرسلوا أعلموا شير كوه يطلب منه إنقاذ رأس شاور فقتله وأنفذ رأسه إلى العاضد، ودخل عند ذلك شير كوه إلى قصر العاضد فخلع عليه [خلع الوزارة]«5» ولقبه الملك المنصور أمير الجيوش، وسار بالخلع إلى دار الوزارة وهي التي كان فيها شاور واستقرّ في الأمر، وكتب له منشور «6» بالإنشاء الفاضليّ، وكتب له بعد البسملة:

ص: 85

«من عبد الله ووليّه الإمام العاضد لدين الله أمير المؤمنين إلى السيد الأجلّ الملك المنصور سلطان الجيوش وليّ الأئمة مجير الأمة [أسد الدين] «1» أبي الحارث شير كوه العاضديّ عضّد الله به الدين، وأمتع [بطول بقائه]«2» أمير المؤمنين، وأدام قدرته، وأعلى كلمته، سلام عليك فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ونسأله أن يصلّي على محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى آله الطاهرين والأئمة المهديين وسلّم تسليما» .

ثم ذكر تفويض أمور الخلافة إليه ووصايا، وكتب العاضد بخطّه على طرة المنشور:

«هذا عهد لم يعهد لوزير بمثله، فنقلّد أمانة رآك أمير المؤمنين أهلا لحملها، [فخذ] «3» كتاب أمير المؤمنين بقوة، وأسحب ذيل الفخار، بأن اعتزت (48) خدمتك [إلى]«4» بنوة النبوة [واتخذه للفوز سبيلا]«4» » .

ومدحت الشعراء أسد الدين، ووصل إليه من الشام مديح العماد الكاتب قصيدة أولها «5» :(البسيط)

بالجدّ أدركت ما أدركت لا اللعب

كم [راحة]«6» جنيت من دوحة التّعب

يا شير كوه بن شاذي الملك دعوة من

نادى [فعرّف]«7» خير ابن لخير أب

ص: 86

جرى الملوك وما حازوا بركضهم

من المدى في العلا ما حزت بالخبب

تملّ من ملك مصر رتبة قصرت

عنها الملوك فطالت سائر الرتب

قد أمكنت أسد الدين الفريسة من

فتح البلاد فبادر نحوها وثب

وفي شير كوه وقتل شاور يقول عرقلة الدمشقي «1» : (الطويل)

لقد فاز بالملك العقيم خليفة

له شير كوه العاضديّ وزير

هو الأسد الضاري الذي حلّ خطبه

وشاور كلب للرجال عقور

بغى وطغى حتى لقد قال صحبه

على مثلها كان اللعين يدور

فلا رحم الرحمن تربة قبره

ولا زال فيها منكر ونكير

فأما الكامل بن شاور، فإنه لما قتل أبوه دخل القصر وكان آخر العهد به.

ولما لم سبق لأسد الدين شيركوه منازع أتاه أجله حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً

«2» فتوفّي يوم السبت الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع وستين وخمس مئة، وكانت ولايته شهرين وخمسة أيام «3» .

وكان شيركوه وأيوب [ابنا]«4» شاذي من بلد دوين «5» ، قال ابن الأثير:

وأصلهما (49) من الأكراد الرواديّة «6» ، فقصدا العراق وخدما بهروز «7»

ص: 87

شحنة السلجوقية ببغداد، وكان أيوب أكبر من شير كوه فجعله بهروز مستحفظا قلعة تكريت، ولما انكسر عماد الدين زنكي من عسكر الخليفة «1» ومرّ على تكريت خدمه أيوب وشير كوه، ثم إن شير كوه قتل إنسانا بتكريت فأخرجهما بهروز من تكريت فلحقا بخدمة عماد الدين زنكي فأحسن إليهما وأعطاهما إقطاعات جليلة، ولما ملك عماد الدين قلعة بعلبك جعل أيوب مستحفظا عليها فلما حاصره عسكر دمشق بعد موت زنكي سلّمها أيوب إليهم عن إقطاع كبير، وبقي أيوب من أكبر أمراء عسكر دمشق، وبقي شير كوه مع نور الدين محمود بعد قتل أبيه زنكي وأقطعه نور الدين حمص والرّحبة لما رأى من شجاعته، وزاده عليهما، وجعله مقدم عسكره، فلما أراد نور الدين ملك دمشق أمر شير كوه فكاتب أخاه أيوب فساعد نور الدين على فتح دمشق، وبقيا معه إلى أن أرسل شير كوه إلى مصر مرة بعد ما جرى حتى ملكها، وتوفّي هذه السنة على ما ذكرناه.

ولما توفي شير كوه كان معه صلاح الدين يوسف بن أخيه أيوب، وكان قد سار معه على كره، قال صلاح الدين:

أمرني نور الدين بالمسير مع عمي شير كوه، وكان قد قال شير كوه بحضرته لي: تجهز يا يوسف للمسير، فقلت: والله لو أعطيت ملك مصر ما سرت إليها، فلقد قاسيت بالإسكندرية ما لا أنساه أبدا (50) فقال لنور الدين: لا بدّ من مسيره معي فأمرني نور الدين وأنا أستقيل، وقال نور الدين: لابد من مسيرك مع

ص: 88

عمك، فشكوت الضائقة، فأعطاني ما تجهزت به فكأنما أساق إلى الموت.

ولما مات شير كوه طلب جماعة من الأمراء النورية التقدم على العسكر وولاية الوزارة العاضدية، منهم عين الدولة الياروقي «1» ، وقطب الدين المنبجي، وسيف الدين علي بن أحمد المشطوب الهكّاري «2» ، وشهاب الدين محمود الحارمي «3» خال صلاح الدين، فأرسل العاضد طلب صلاح الدين وولاه الوزارة، ولقبه الملك الناصر، فلم يطعه الأمراء المذكورون، وكان مع صلاح الدين الفقيه عيسى الهكّاري «4» ، فسعى مع المشطوب حتى أماله إلى صلاح الدين، ثم قصد الحارمي، وقال: هذا ابن أختك وعزه وملكه لك فمال إليه أيضا، ثم فعل بالباقين كذلك، فكلهم أطاع غير عين الدولة الياروقي، فإنه قال: أنا لا أخدم يوسف، وعاد إلى نور الدين بالشام، وثبت قدم صلاح الدين على أنه نائب لنور الدين.

وكان نور الدين يكاتبه بالأمير الأسفهسلار «5» ويكتب علامته على رأس

ص: 89

الكتاب تعظيما أن يكتب اسمه، وكان لا يفرده بكتاب بل: الأمير صلاح الدين وكافة الأمراء بالديار المصرية يفعلون كذا وكذا، ثم أرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أباه أيوب وأهله فأرسلهم نور الدين إليه فأعطاهم الإقطاعات بمصر، وتمكن من البلاد، وضعف أمر (51) العاضد «1» .

ولما فوّض الأمر إلى صلاح الدين تاب عن شرب الخمر، وأعرض عن أسباب اللهو، وتقمص لباس الجد، ودام على ذلك إلى أن توفاه الله عز وجل.

قال ابن الأثير في «الكامل» : رأيت أكثر ما يقع ممن ابتدئ الملك منه ينتقل إلى غير عقبه، فإنّ معاوية تغلب وملك فانتقل الملك إلى بني مروان بعده، ثم ملك السفاح من بني العباس فانتقل الملك إلى بني أخيه المنصور، ثم السامانية «2» أول من استبد بالملك منهم نصر بن أحمد «3» ، فانتقل الملك إلى عقب أخيه إسماعيل «4» ، ثم عماد الدولة ابن بويه «5» ، ملك فانتقل الملك إلى بني أخيه ركن الدولة «6» ، ثم ملك طغرلبك

ص: 90

السلجوقي «1» فانتقل الملك إلى بني أخيه جقر «2» ، ثم شير كوه ملك فانتقل الملك إلى ابن أخيه صلاح الدين، ولما قام صلاح الدين بالملك لم يبق الملك في عقبه بل انتقل إلى بني العادل أبي بكر «3» ولم يبق لأولاد صلاح الدين غير حلب، وكان سبب ذلك كثرة قتل من يتولى أولا وأخذه الملك وعيون أصحابه فيه فيحرم على عقبه ذلك «4» .

ولما استقر قدم صلاح الدين في الوزارة قتل مؤتمن الخلافة «5» وهو مقدم السودان، فاجتمعت السودان وهم حفاظ القصر في عدد كبير وجرى بينهم وبين صلاح الدين وعسكره وقعة عظيمة بين القصرين «6» ، فانهزم السودان، وقتل منهم خلق كثير، وتبعهم صلاح الدين فأجلاهم قتلا وتهجيجا، وحكم صلاح الدين على القصر، وأقام فيه بهاء الدين قراقوش الأسدي «7» وكان خصيا أبيض،

ص: 91

وبقي لا (52) يجري في القصر صغيرة ولا كبيرة إلا بأمر صلاح الدين.

وفيها، كان بين إينانج السّنجري صاحب الري وبين إلدكز حرب انتصر فيها إلدكز وملك الري وهرب إينانج وانحصر في بعض القلاع فبعث إلدكز، ورغب غلمان إينانج في الإقطاعات إن قتلوا إينانج فقتلوه «1» ولحقوا بإلدكز [فلم يف لهم وقال:] «2» ، فإن مثل هؤلاء لا ينبغي الإبقاء عليهم، فهربوا إلى البلاد، ولحقوا بخوارزم شاه «3» ، فصلب الذي تولى منهم قتل إينانج لخيانته أستاذه.

وفيها، توفي ياروق (بن) أرسلان التركماني «4» ، وكان مقدما كبيرا، وإليه تنسب الطائفة الياروقية من التركمان، وكان عظيم الخلقة، سكن بظاهر حلب، وبنى على شاطئ قويق هو وأتباعه عمائر كثيرة، وتعرف الآن بالياروقية «5» مشهورة هناك.

ص: 92