الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو من مماليك المظفر غازي صاحب ميّافارقين إلى بغداد بتقدمة جليلة، وسعى في تعطيل خلعة الناصر صاحب الشام، فبقي الخليفة متحيرا ثم إنه أحضر سكينا من اليشم كبيرة وقال الخليفة لوزيره: أعط هذه السكين لرسول صاحب الشام علامة مني أن له عندي خلعة في وقت (289) آخر، وأما في هذا الوقت فلا يمكنني، فأخذ كمال الدين بن العديم السكين وعاد إلى الناصر يوسف بغير خلعة.
وفيها، جرى للناصر داود مع الخليفة ما صورته: أنه لما أقام ببغداد بعد وصوله مع الحجاج واستشفاعه بالنبي صلى الله عليه وسلم في رد وديعته أرسل الخليفة المستعصم من حاسب الناصر المذكور فيما وصله في ترداده إلى بغداد من المضيف اللحم والخبز والحطب والعليق والتّبن وغير ذلك وثمّن عليه بأغلى الأثمان وأرسل إليه شيئا نزرا وألزمه أن يكتب خطه بقبض وديعته، وأنه ما بقي يستحق عند الخليفة شيئا فكتب خطه بذلك كرها وسار عن بغداد وأقام مع العرب، ثم أرسل إليه الناصر يوسف صاحب الشام فحلف له وطيب قلبه فقدم الناصر داود دمشق ونزل بالصالحية.
وفيها، في يوم الأحد ثالث شوال توفي سيف الدين طغريل «1» مملوك الملك المظفر [محمود صاحب حماة]«2» .
وفي سنة خمس وخمسين وست مئة
«13»
قتل المعزّ التركماني الجاشنكير الصالحي «3» ، قتلته امرأته شجر الدّر التي
كانت امرأة أستاذه الملك الصالح أيوب، وهي التي خطب لها بالسلطنة بديار مصر، وكان سبب ذلك أنه بلغها أن المعز قد خطب بنت بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ويريد الدخول بها، فقتلته في الحمام بعد عوده من لعب الكرة في النهار المذكور، وكان الذي قتله سنجر الجوجري مملوك الطواشي محسن والخدام «1»
حسبما اتفقت (290) معهم، وأرسلت في تلك الليلة إصبع المعزّ وخاتمه إلى الأمير عز الدين الحلبي الكبير «2» وطلبت منه أن يقوم بالأمر فلم يجسر على ذلك، ولما ظهر الخبر أراد مماليك المعزّ قتل شجر الدّر فحماها المماليك الصالحية واتفقت الكلمة على إقامة نور الدين بن المعزّ ولقبوه الملك المنصور «3» وعمره حينئذ خمس عشرة سنة، ونقلت شجر الدّر من دار السلطنة إلى البرج الأحمر، وصلبوا الخدام الذين اتفقوا معها على قتل المعزّ وهرب سنجر الجوجري ثم ظفروا به وصلبوه واحتيط على الصاحب بهاء الدين علي بن حنّا «4» لكونه وزير شجر الدّر، وأخذ خطه بستين ألف دينار.
وفي يوم الجمعة عاشر ربيع الآخر هذه السنة، اتفقت مماليك المعز مثل سيف
الدين قطز وسنجر الغتمي وبهادر وقبضوا على علم الدين سنجر الحلبي «1» وكان قد صار أتابكا للملك المنصور علي بن المعزّ ورتبوا في الأتابكية آقطاي المستعرب الصالحي «2» .
وفي سادس ربيع الآخر من هذه السنة، قتلت شجر الدّر «3» وألقيت خارج البرج فحملت إلى تربة كانت قد عملتها فدفنت فيها، وكانت تركية الجنس، وقيل: أرمنية، وكانت مع الملك الصالح في الاعتقال بالكرك، وولدت منه ولدا أسمه خليل مات صغيرا، وبعد ذلك بأيام خنق شرف الدين الفائزي.
وفي هذه السنة، نقل إلى الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز صاحب الشام أن البحرية يريدون أن يمسكوا به، فاستوحش منهم خاطره، وتقدم إليهم بالانبراح عن دمشق، فساروا إلى (291) غزة وانتموا إلى الملك المغيث فتح الدين عمر بن العادل أبي بكر بن الكامل وانزعج أهل مصر لقدوم البحرية إلى غزة، وبرزوا إلى العباسة، ووصل من البحرية جماعة مقفزين إلى القاهرة ومنهم عز الدين الأفرم «4» فأكرموهم وأفرجوا عن أملاك الأفرم، ولما فارق البحرية الناصر صاحب الشام أرسل عسكرا في إثرهم فكبس البحرية ذلك العسكر ونالوا منه، ثم إن عسكر الناصرية بعد الكبسة كسر البحرية فانهزموا إلى البلقاء، وإلى زغر «5» ملتجئين إلى المغيث صاحب الكرك، فأنفق فيهم المغيث أموالا جليلة
وأطمعوه في ملك مصر فجهزهم بما احتاجوه، وسارت البحرية وعسكر المغيث بكرة السبت منتصف (ذي) القعدة من هذه السنة، فانهزم عسكر المغيث والبحرية وفيهم بيبرس البندقداري المسمى بعد ذلك بالملك الظاهر إلى جهة الكرك.
وفيها، وصل من الخليفة المستعصم الخلعة والطوق والتقليد إلى الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز على يد الشيخ نجم الدين البادرائي فقال في ذلك الشهاب الوفائي «1» :(الكامل)
يا أيها المولى الذي أضحى الورى
…
من فعله في نعمة ومزيد
إني عهدتك في العلوم مقلدا
…
فعجبت كيف أتيت بالتقليد
وفيها، استجار الناصر داود بنجم الدين البادرائي في أن يتوجه صحبته (292) إلى بغداد فأخذه صحبته وتوصل الناصر يوسف صاحب دمشق إلى منعه من ذلك فلم يتهيأ له ذلك، وسار الناصر داود مع البادرائي إلى قرقيسياء فأخره البادرائي ليشاور عليه فأقام الناصر داود بقرقيسياء ينتظر الإذن له في القدوم إلى بغداد فلم يؤذن له، وطال مقامه فسار إلى البرية وقصد تيه بني إسرائيل وأقام مع عرب تلك البلاد.
وفيها، أو التي قبلها ظهرت نار الحرة عند مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان لها بالليل ضوء عظيم يظهر من مسافة بعيدة جدا «2» ، ولعلها النار التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة، فقال «3» :