الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إن خوارزم شاه محمد (ا) لما خلا شره من [جهة]«1» خراسان عبر النهر إلى الخطا، وكان وراء الخطا في حدود الصين التتر «2» ، وكان ملكهم حينئذ اسمه كشلي خان «3» ، وكان بينه وبين الخطا عداوة مستحكمة، فأرسل كشلي خان إلى خوارزم شاه أن يكون معه على الخطا، وأرسل ملك الخطا يسأل خوارزم شاه أن يكون معه على التتر، فأجابهما خوارزم شاه بالمغلظة وانتظر ما يكون منهما، فاتقع كشلي خان والخطا فانهزمت الخطا، فمال عليهم خوارزم شاه وفتك فيهم، وكذلك فعل كشلي خان بهم، وانقرضت الخطا، ولم يبق منهم إلا من اعتصم بالجبال، أو استسلم وصار في عسكر خوارزم شاه.
وفي سنة خمس وست مئة
«13»
توجه الملك الأشرف موسى بن العادل من دمشق راجعا إلى بلاده الشرقية، ولما وصل إلى حلب تلقاه صاحبها الملك الظاهر وأنزله بالقلعة، وبالغ في إكرامه، وقام للأشرف ولجميع عساكره بجميع ما يحتاجون إليه من الطعام والشراب والعلوفات، وكان يحمل إليه في كل يوم خلعة كاملة، وهي غلالة وقباء
وسراويل وكمة وفروة وسيف وحصان ومنطقة ومنديل وسكين ودلكش وخمس خلع لأصحابه، وأقام على ذلك خمسة و [عشرين]«1» يوما، وقدم له (157) مئة ألف درهم، ومئة بقجة مع مئة مملوك.
منها عشر بقج في كل واحدة منها ثلاثة أثواب أطلس و [ثوبان]«2»
خطائي «3» وعلى كل بقجة جلد قندس كبير «4» .
ومنها عشر في كل بقجة منها عشرة ثياب عتّابي «5» خوارزمي وعلى [كل]«1» بقجة جلد قندس كبير.
ومنها عشر في كل بقجة منها خمسة ثياب عتّابي [بغدادي]«1» وموصلي وعليها [عشرة]«6» جلود قندس صغار.
ومنها عشرون في كل بقجة خمس قطع من دبيقي «7» وسوسي «8» .
ومنها أربعون في كل بقجة منها خمسة أقبية وخمسة كمام.
وحمل إليه خمسة حصن عربية بعدتها وعشرين إكديشا، وأربعة قطر بغال، وخمس بغلات فائقات بالسروج واللّجم المكفتة [وقطارين من الجمال]«1» ، وخلع على أصحابه مئة وخمسين خلعة وقاد [إلى]«1» أكثرهم بغلات وأكاديش، ثم سار الملك الأشرف إلى بلاده.
وفيها، أمر الملك الظاهر صاحب حلب بإجراء القناة من حيلان «2» إلى حلب، وغرم على ذلك أموالا كثيرة، وبقي الماء يجري في البلد.
وفيها، وصل غياث الدين كيخسرو بن قليج أرسلان السلجوقي صاحب بلاد الروم إلى مرعش لقصد بلاد ابن لاون الأرمني، فأرسل إليه الملك الظاهر نجدة، فدخل كيخسرو إلى بلاد ابن لاون وعاث فيها ونهب وفتح حصنا يعرف بفرقوس.
وفيها قتل معز الدين سنجرشاه «3» بن سيف الدين غازي بن مودود بن عماد الدين زنكي بن آقسنقر صاحب جزيرة ابن عمر (158) ، وقد تقدم ذكر ولايته سنة ست وسبعين وخمس مئة «4» ، قتله ابنه غازي «5» .
وكان سنجر شاه ظالما قبيح السيرة جدا، لا يمتنع من قبيح يفعله من القتل وقطع الألسنة والأنوف وحلق اللحى، وتعدى ظلمه إلى أولاده وحريمه، فبعث
ابنيه محمودا «1» ومودودا «2» إلى قلعة فحبسهما فيها، وبعث ابنه غازي المذكور فحبسه في دار المدينة وضيق عليه وكان بتلك الدار هوام كثيرة، فاصطاد غازي [منها]«3» حيّة وأرسلها إلى أبيه في منديل لعله يرق عليه، فلم يزده ذلك إلا قسوة فأعمل غازي الحيلة حتى يهرب، وكان واحد يخدمه فقرر معه أن يسافر ويظهر أنه غازي بن معز الدين سنجر شاه ليأمنه أبوه، فمضى ذلك الإنسان إلى الموصل فأعطي شيئا وسافر منها، فاتصل ذلك بسنجر شاه فاطمأن، وتوصل ابنه غازي حتى دخل دار أبيه واختفى عند بعض سراري أبيه، وعلم به جماعة منهم، وكتموا ذلك عن سنجر شاه لبغضهم فيه، واتفق أن سنجر شاه شرب يوما بظاهر البلد، وشرع يقترح على المغنين الأشعار الفائقة الفراقية وهو يبكي، ودخل داره سكران إلى عند الحظية التي ابنه مختبئ عندها، ثم قام سنجر شاه ودخل الخلاء، فهجم عليه ابنه غازي فضربه أربع عشرة ضربة بالسكين، ثم ذبحه وتركه ملقى، ودخل غازي الحمام وقعد يلعب مع الجواري، فلو أحضر الجند واستحلفهم في (159) ذلك الوقت لتمّ أمره وملك البلاد، ولكنه سكر «4»
واطمأن، فخرج بعض الخدم وأعلم أستاذ داره، فجمع الناس وهجم على غازي وقتله، وحلف العسكر لأخيه محمود بن سنجر شاه ولقب معز الدين بلقب أبيه [ووصل معز الدين محمود بن سنجر شاه بن زنكي]«5» فاستقر ملكه بالجزيرة وقبض على جواري أبيه فأغرقهن في دجلة، ثم قبض على أخيه مودود.