الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - حجية الإجماع السكوتي:
[وفي حجية السكوتي وكونه إجماعا حقيقة تردد].
(وفي حجية
(1)
السكوتي)، وهو أن يفتي بعض المجتهدين بحكم ويبلغ جميعهم، فيسكتون على التصريح بموافقته أو إنكاره، أقوال:
أولها: ليس بحجة ولا إجماع، * وعزي إلى الشافعي أخذا من قوله: لا ينسب للساكت
(2)
إجماع
(3)
*
(4)
.
(1)
زاد في (ب): الإجماع.
(2)
في (ب): لساكت.
(3)
وردت في تراث الشافعي ثلاثة نصوص صريحة في هذا الموضوع: أحدها قوله جماع العلم - طبعة الشيخ أحمد شاكر -: ص 90. وضمن الأم: 7/ 285): «. . . إن صمتهم عن المعارضة قد يكون عن علم بما قال، وقد يكون عن غير علم به؛ ويكون قبولا له، ويكون عن وقوف عنه؛ ويكون أكثرهم لم يسمعه». والثاني هو أشهر أقوال الشافعي في هذا الشأن، ونصه (الأم: 1/ 152، واختلاف الحديث: ص 87 - 88): «. . . فإن قال قائل: فكيف تقول؟ قلت: لا يقال لشيء من هذا إجماع، ولكن ينسب كل شيء منه إلى فاعله؛ فينسب إلى أبي بكر فعله، وإلى عمر فعله؛ وإلى علي فعله؛ ولا يقال لغيرهم ممن أخذ منهم موافقة لهم ولا مخالفة؛ ولا ينسب إلى ساكت قول قائل ولا عمل عامل؛ إنما ينسب إلى كل قوله وعمله» . والثالث قوله (اختلاف مالك والشافعي: ضمن الأم: 7/ 263/11): «. . . والصدق فيه أبدا أن لا يقول أحد شيئا لم يقله أحد أنه قاله. ولو قلت: وافقوا بعضهم، قال غيرك: بل خالفوه. قال: ولا ليس الصدق أن تقول وافقوا ولا خالفوا بالصمت. قلت هذا الصدق» ومع ذلك فقد اختلف في مذهب الشافعي في الموضوع اختلافا محيرا، وقد وقفت عند أقواله في هذا الشأن وفصلت الكلام فيها ضمن أطروحة بعنوان «مفهوم الإجماع عند الإمام الشافعي» .
(4)
سقط ما بين العلامتين من (ج).
ثانيها : أنه حجة وإجماع
(1)
، لأن سكوت العلماء في مثل ذلك يشعر بالموافقة/ [و 26] عادة.
ثالثها : أنه حجة لا إجماع، وبه قال الصيرفي (ت 330 هـ)
(2)
.
رابعها : أنه حجة بشرط الانقراض للعصر
(3)
، وبه قال البندنيجي
(4)
(ت 425 هـ)
(5)
وأبو علي الحليمي (ت 403 هـ)
(6)
.
(1)
هو المشهور عن الأكثر : قال الباجي (إحكام الفصول : ص 474 ف 505) : «وبه قال أكثر أصحابنا المالكيين كأبي تمام وغيره، والقاضي أبو الطيب وشيخنا أبو إسحاق وأكثر أصحاب الشافعي رحمة الله عليهم. وقال القاضي أبو بكر لا يجوز إجماعا؛ وبه قال داود وأخذ به شيخنا القاضي أبو جعفر السمناني» . وقال القاضي عبد الوهاب (البحر المحيط للزركشي : 4/ 495) : «هو الذي يقتضيه مذهب أصحابنا» وقال ابن برهان (م. س. ص س.) : «وإليه ذهب كافة العلماء منهم الكرخي ونص ابن السمعاني والدبوسي في التقويم» .
(2)
قال الزركشي (البحر المحيط : 4/ 498) : «وكذا رأيته في كتابه فقال : هو حجة لا يجوز الخروج عنه، ولا يجوز أن يقال إنه إجماع مطلقا، لأن الإجماع ما علمنا فيه موافقة الجماعة قرنا بعد قرن» .
(3)
المرجع السابق نفسه.
(4)
القاضي أبو علي الحسن بن عبد الله البندنيجي (ت 425 هـ) كان فقيها ورعا صالحا، له كتاب : الجامع، والذخيرة. طبقات الشيرازي : 129، تهذيب الأسماء واللغات : 2/ 261. طبقات الشافعية : 2/ 206. البداية والنهاية : 12/ 37.
(5)
قال الزركشي (البحر المحيط : 4/ 499) : «نقله الأستاذ أبو طاهر البغدادي عن الحذاق من أصحابنا، واختاره ابن القطان (. . .) واختاره البندنيجي أيضا» .
(6)
أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم المعروف بالحليمي (338 - 403 هـ)، له : المنهاج في شعب الإيمان. طبقات السبكي : 4/ 333، طبقات -
خامسها : أنه حجة، إن كانت
(1)
فتيا لا حكما، لأن الفتيا يبحث فيها عادة، فالسكوت عنها رضى بها بخلاف الحكم وعزي لابن أبي هريرة
(2)
(ت 345 هـ)
(3)
.
سادسها : أنه حجة إن كان حكما لا فتيا، لصدوره عادة بعد البحث مع العلماء، بخلاف الفتيا، وهو قول أبي إسحاق المروزي
(4)
(ت 340 هـ)
(5)
.
سابعها : أنه حجة، إن وقع في أمر يفوت استدراكه، كإباحة فرج، وإراقة دم، لأن ذلك لخطره لا يسكت عنه، إلا راض به بخلاف غيره.
= ابن هداية الله : 120. شذرات الذهب : 3/ 167.
(1)
في (ب) : كان. وزيدت التاء بآخرها في الأصل بعد كون النون مفردة، وهو أنسب لتأنيث «الفتيا» .
(2)
أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم المعروف بابن أبي هريرة (ت 345 هـ) أحد كبار الشافعية شرح مختصر المزني، وألف كتاب المسائل في الفقه. من مصادر ترجمته : طبقات الشيرازي : 92، وفيات الأعيان : 2/ 75. طبقات السبكي : 3/ 256. البداية والنهاية : 11/ 304. شذرات الذهب : 2/ 270. الفتح المبين : 1/ 193.
(3)
«حكاه عنه : الشيخ أبو إسحاق، والماوردي، والرافعي، وابن السمعاني، والآمدي، وابن الحاجب» (عن البحر المحيط : 4/ 499).
(4)
أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي (ت 340 هـ) تلميذ ابن سريج كان إماما جليلا، ألف كتبا كثيرة منها : الفصول في معرفة الأصول، وشرح مختصر المزني. من مصادر ترجمته : تهذيب الأسماء واللغات : 3/ 175. طبقات بن هداية الله : 66، الفتح المبين : 1/ 188.
(5)
«حكاه ابن القطان عن أبي إسحاق المروزي والصيرفي» (عن البحر المحيط : 4/ 500).
ثامنها : أنه حجة، إن كان الساكتون أقل من القائلين، بناء على أن مخالفة الأقل لا تضر.
تاسعها : أنه حجة فيما يدوم ويستمر وقوعه دون غيره وهو قول إمام الحرمين (ت 478 هـ)
(1)
، نقله [عنه]
(2)
البرماوي (ت 831 هـ)
(3)
.
والصحيح من هذه الأقوال : أنه حجة مطلقا، وشهره
(1)
لعل الذي استند عليه في تقرير مذهب إمام الحرمين هو قوله في البرهان (1/ 706 ف 651) : «وأنا أقول لا يتصور دوام السكوت مع تذاكر الواقعة في حكم العادة قطعا وهذه صورة يحيل العقل وقوعها فإن هؤلاء سيخوضون فيها إما بوفاق أو خلاف ما يبدون حكمه وافقوا أو خالفوا فإذن لم يتصور استمرار السكوت حتى يبنى عليه ادعاء القطع ومن عجيب الأمر أن هذا القائل أحال إدامة السكوت من غير قطع ولم يعلم أنهم لو أضمروا القطع لأبدوه ولم يسكتوا إذا تطاول الزمان» وقد نسبه إليه الزركشي في البحر المحيط (4/ 502) بناء على قوله المذكور. ونسب هذا المذهب للغزالي أيضا بناء على قوله في المنخول (1/ 319) : «والمختار أن السكوت لا يكون حجة إلا في صورتين : إحداهما سكوتهم وقد قطع بين أيديهم قاطع لا في مظنة القطع، فالدواعي تتوفر في الرد عليه. والثانية : ما يسكتون عليه مع استمرار العصر وتكرر الواقعة بحيث لا يبدي في ذلك أحد خلافا. فأما إذا حضروا مجلسا فأفتى واحد وسكت الآخرون فذلك إعراض لكون المسألة مظنونة والأدب يقتضي أن لا يعترض على القضاة والمفتين والله أعلم» .
(2)
في (ج) : عن، وهو محال. في الأصل : هنا، وهو ممكن. والمثبت من (ب) وهو الصواب.
(3)
أبو عبد الله شمس الدين محمد بن عبد الدايم بن موسى النعيمي العسقلاني البرماوي (763 - 831 هـ) فقيه أصولي شافعي نحوي، له تصانيف مفيدة منها : شرح صحيح البخاري سماه اللامع الصحيح على الجامع، ونظم ألفية في أصول الفقه وشرحها. حسن المحاضرة : 1/ 207. الفتح المبين : 3/ 29.