المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ج - الشرط الثاني في التكليف: استطاعة المكلف: - مفتاح الوصول إلى علم الأصول في شرح خلاصة الأصول

[محمد الطيب الفاسي]

فهرس الكتاب

- ‌ التعريف بالمصنف والشارح

- ‌البيئات الثلاث للمصنف والشارح

- ‌الأولى: عصر المصنف والشارح:

- ‌الثانية: الزاوية الفاسية:

- ‌أولا: مفهوم الزاوية:

- ‌ثانيا: الزوايا المغربية في القرن الحادي عشر:

- ‌ثالثا: الزوايا الفاسية:

- ‌رابعا: ملامح من أحوال مشايخ الزوايا الفاسية:

- ‌خامسا: ملامح من سلوك مشايخ الزاوية الفاسية:

- ‌سادسا: المدرسة العلمية بزاوية الشيخ عبد القادر الفاسي:

- ‌الثالثة: الأسرة الفاسية:

- ‌2 - المصنف: الشيخ عبد القادر الفاسي

- ‌تقديم:

- ‌أ - الاسم والنسب واللقب والحلى:

- ‌ب - ولادته ونشأته ودراسته بالقصر الكبير:

- ‌ج - إجازاته العامة عن شيوخه الثلاثة:

- ‌د - بقية شيوخه وما أخذه عن كل واحد منهم:

- ‌هـ - بقية أطوار حياته:

- ‌و - من أخباره وأخلاقه:

- ‌ز - دروسه وتلاميذه:

- ‌ح - آثار الشيخ عبد القادر:

- ‌ظ - وفاته وكرامته:

- ‌3 - الشيخ محمد الطيب الفاسي:

- ‌حياته ومكانته:

- ‌آثاره العلمية:

- ‌كلمة في التعريف بكتاب مفتاح الوصول

- ‌1 - ظاهرة التلخيص في العلوم الشرعية:

- ‌2 - ملخصات أصول الفقه:

- ‌3 - الخلاصة الحالية:

- ‌4 - شرح الخلاصة:

- ‌ورقة وصفية لعملية التحقيق

- ‌1 - النسخ المعتمدة في التحقيق:

- ‌2 - منهج التحقيق:

- ‌أ - تصحيح النص:

- ‌ب - توثيق النصوص:

- ‌ج - تيسير تناول النص:

- ‌اصطلاحات التحقيق:

- ‌أولا: اصطلاحات التوثيق

- ‌ثانيا: اصطلاحات التحديد

- ‌ثالثا: اصطلاحات الإحالات

- ‌تقديم الكتاب:

- ‌غايته وموضوعه وتسميته

- ‌مقدمةمبادئ أصول الفقه

- ‌1 - لقب «أصول الفقه»:

- ‌2 - مبادئ أصول الفقه:

- ‌3 - تحليل حد أصول الفقه:

- ‌4 - أبحاث في حد أصول الفقه:

- ‌5 - تحليل حد الفقه ومناقشته:

- ‌القسم الأول الحكم الشرعي

- ‌الفصل الأول:مصطلحات الحكم الشرعي

- ‌1 - تعريف الحكم:

- ‌أ - تحليل تعريف الحكم:

- ‌ب - مناقشة تعريف الحكم:

- ‌2 - خطاب التكليف:

- ‌أ - معنى خطاب التكليف:

- ‌ب - الشرط الأول في التكليف: علم المكلف:

- ‌ج - الشرط الثاني في التكليف: استطاعة المكلف:

- ‌3 - خطاب الوضع وأقسامه:

- ‌أ - معنى خطاب الوضع:

- ‌ب - أقسام خطاب الوضع:

- ‌الأول: السبب:

- ‌الثاني: الشرط:

- ‌الثالث: المانع:

- ‌الرابع والخامس: الصحة والفساد:

- ‌4 - أقسام خطاب التكليف:

- ‌الأول: (هو الإيجاب)

- ‌والثاني: التحريم

- ‌والثالث: الندب

- ‌والرابع: (الإباحة)

- ‌والخامس: (الكراهة)

- ‌والسادس: (خلاف الأولى)

- ‌5 - تعريف الرخصة والعزيمة:

- ‌أ - تعريف الرخصة:

- ‌ب - تعريف العزيمة:

- ‌ج - مناقشة في تعريف الرخصة والعزيمة:

- ‌6 - الخطاب:

- ‌أ - تعريف الخطاب:

- ‌ب - خطاب المعدوم:

- ‌7 - عبارات أخرى عن أقسام الحكم التكليفي:

- ‌أ - الفرض والواجب:

- ‌ب - عبارات عن المندوب:

- ‌8 - تعريف الأداء والقضاء والإعادة:

- ‌أ - تعريف الأداء:

- ‌ب - تعريف القضاء:

- ‌ج - تعريف الإعادة:

- ‌9 - تعريف الواجب المضيق والواجب الموسع:

- ‌أ - تعريف الواجب المضيق:

- ‌ب - تعريف الواجب الموسع:

- ‌10 - المطلوب العيني والمطلوب الكفائي:

- ‌أ - المطلوب العيني:

- ‌ب - المطلوب الكفائي:

- ‌11 - الواجب بالتبع وبالقصد، والواجب المعين والمخير:

- ‌أ - الواجب بالتبع والواجب بالقصد:

- ‌ب - الواجب المعين والواجب المخير:

- ‌الفصل الثانيقواعد الحكم الشرعي

- ‌1 - قاعدة:[وجوب الشيء يستلزم حرمة نقيضه]

- ‌2 - قاعدة:[يجوز التكليف بالمحال مطلقا]:

- ‌3 - قاعدة:[ولا يشترط في التكليف حصول الشرط الشرعي.وعليه: هل يصح تكليف الكافر بالفروع

- ‌4 - قاعدة:[لا تكليف إلا بفعل]

- ‌5 - قاعدة:[يصح التكليف مع علم انتفاء شرط الوقوع]

- ‌6 - قاعدة:[ويعلم التكليف قبل دخول الوقت، وإن لم يعلم وجود الشرط فيه]

- ‌القسم الثاني الكتاب وطرق دلالته على الأحكام

- ‌[الأصل الأول: الكتاب]

- ‌1 - تعريف الكتاب:

- ‌2 - تعريف اللغة:

- ‌3 - الوضع:

- ‌أ - تعريف الوضع:

- ‌ب - الموضوع:

- ‌ج - الواضع:

- ‌4 - تقسيمات اللفظ:

- ‌أ - انقسام اللفظ: الإفراد والتركيب:

- ‌ب - انقسام المفرد:

- ‌ج - انقسام الاسم:

- ‌د - انقسام الكلي:

- ‌هـ - انقسام الجزئي:

- ‌و- انقسام العلم:

- ‌5 - علاقة اللفظ بالمعنى:

- ‌أ - التباين:

- ‌ب - الانفراد:

- ‌ج - الترادف:

- ‌د - الاشتراك:

- ‌6 - الحقيقة والمجاز:

- ‌7 - اللفظ المستعمل واللفظ المهمل:

- ‌8 - الكلام وأقسامه:

- ‌أ - تعريف الكلام:

- ‌ب - الاستفهام:

- ‌ج - الأمر والنهي:

- ‌د - التنبيه والإنشاء:

- ‌هـ - الخبر:

- ‌9 - المنطوق والمفهوم:

- ‌أ - تعريف المنطوق والمفهوم:

- ‌ب - تقسيمات المنطوق:

- ‌المنطوق الصريح: مطابقة وتضمن:

- ‌المنطوق غير الصريح: اقتضاء وإيماء وإشارة:

- ‌الفرق بين دلالة الإشارة ودلالة الالتزام:

- ‌ج - دلالة المفهوم:

- ‌اختلاف المثبتين للمفهوم:

- ‌1).1) مفهوم الموافقة:

- ‌2) مفهوم المخالفة:

- ‌1 - أحدها: (صفة)

- ‌2 - (وشرط)

- ‌3).3 -(وغاية):

- ‌4 - (وعدد):

- ‌5 - (وحصر) بإنما ونحوها

- ‌6 - (واستثناء)

- ‌7 و 8 - (و) ظرف: وهو (زمان ومكان)

- ‌9 - (ولقب):

- ‌10 - (وعلة)

- ‌10 - العموم والخصوص:

- ‌أ - تعريف العام:

- ‌ب - طرق إفادة العموم:

- ‌1) اللغة:

- ‌2) العرف:

- ‌3) العقل:

- ‌ج - دلالة العموم:

- ‌1) العموم من عوارض الألفاظ:

- ‌2) مدلول العام كلية لا كلي ولا كل:

- ‌3) دلالة العام قطعية أم ظنية

- ‌4) لازم دلالة العموم:

- ‌د - التخصيص:

- ‌1) معنى التخصيص:

- ‌2) منتهى ما يجوز من التخصيص:

- ‌هـ - دلالة العام المخصوص:

- ‌و- دلالة العام الذي أريد به الخصوص:

- ‌ز - المخصص:

- ‌1) معنى المخصص:

- ‌2) المخصص المتصل:

- ‌3) المخصص المنفصل:

- ‌11 - المطلق والمقيد:

- ‌أ - تعريف المطلق:

- ‌ب - الفرق بين المطلق والنكرة في سياق الإثبات:

- ‌ج - تعريف المقيد:

- ‌12 - مراتب الدلالة:

- ‌أ - النص:

- ‌ب - الظاهر:

- ‌ج - التأويل:

- ‌1) تعريف التأويل:

- ‌2) التأويل: صحيح وفاسد ولعب:

- ‌3) التأويل الصحيح: قريب وبعيد:

- ‌د - المجمل:

- ‌هـ - البيان:

- ‌13 - النسخ:

- ‌أ - تعريف النسخ:

- ‌ب - أنواع النسخ:

- ‌القسم الثالث بقية الأدلة

- ‌الأصل الثاني(1):السنة

- ‌‌‌1 - تعريف السنة

- ‌1 - تعريف السنة

- ‌2 - السنة التقريرية:

- ‌3).3 -السنة الفعلية:

- ‌أ - الأصل في السنة الفعلية:

- ‌ب - فعله الجبلي صلى الله عليه وسلم:

- ‌ج - الفعل الخاص به صلى الله عليه وسلم:

- ‌د - فعله المبين صلى الله عليه وسلم:

- ‌هـ - فعله المتكرر صلى الله عليه وسلم:

- ‌4 - ما سوى الأنواع المتقدمة:

- ‌2 - أنواع العلم بالأخبار:

- ‌أ - الخبر المقطوع بكذبه أو بصدقه:

- ‌1) الخبر المقطوع بكذبه:

- ‌2) الخبر المقطوع بصدقه، ومنه المتواتر:

- ‌ب - الخبر المظنون الصدق:

- ‌1) تعريفه:

- ‌2) من أنواعه: الخبر المستفيض:

- ‌3) هل يفيد خبر الواحد العلم

- ‌4) حكم العمل بخبر الواحد:

- ‌الأصل الثالثالإجماع

- ‌1 - تعريف الإجماع:

- ‌2 - مستند الإجماع:

- ‌3 - حجية الإجماع وحكمه:

- ‌4 - حجية الإجماع السكوتي:

- ‌5 - التمسك بأقل ما قيل:

- ‌الأصل الرابعالقياس

- ‌1 - تعريف القياس وتحديد أركانه:

- ‌2 - الركن الأول:الأصل، وشروطه

- ‌الشرط الأول: ثبوت حكمه:

- ‌الشرط الثاني: أن لا يكون منسوخا:

- ‌الشرط الثالث: أن لا يكون مخصوصا:

- ‌الشرط الرابع: أن يكون معقول المعنى:

- ‌الشرط الخامس: أن يكون مما له نظائر:

- ‌الشرط السادس: أن لا يكون فرعا عن أصل آخر:

- ‌الشرط السابع: أن لا يكون مركبا:

- ‌3 - الركن الثاني:العلةشروطها، ومسالكها

- ‌أ - تعريف العلة:

- ‌ب - شروط العلة:

- ‌الشرط الأول: الاطراد:

- ‌الشرط الثاني: الانعكاس:

- ‌الشرط الثالث: التعدية:

- ‌الشرط الرابع: تعليل الوجودي بالوجودي:

- ‌الشرط الخامس: تعليل العدمي بالعدمي:

- ‌الشرط السادس: تعليل الوجودي بالعدمي:

- ‌الشرط السابع: تعليل العدمي بالوجودي:

- ‌الشرط الثامن: وجود المقتضي:

- ‌ج - مسالك العلة:

- ‌المسلك الأول: النص:

- ‌1) النص الصريح:

- ‌2) الإيماء ومراتبه:

- ‌أحدها:

- ‌(و) ثانيها: (الاستنطاق):

- ‌(و) ثالثها:

- ‌(و) رابعها:

- ‌المسلك الثاني: الإجماع:

- ‌المسلك الثالث: المناسبة أو الإخالة أو تخريج المناط:

- ‌1) المناسب المؤثر:

- ‌2) المناسب الملائم:

- ‌3) المناسب الغريب:

- ‌4) المناسب المرسل:

- ‌المسلك الرابع: الدوران:

- ‌المسلك الخامس: الشبه:

- ‌المسلك السادس: الطرد:

- ‌4 - الركن الثالث:الفرع، وشروطه:

- ‌الشرط الأول:[وشرطه: وجود العلة فيه بتمامها]

- ‌الشرط الثاني:[وأن لا يتقدم حكمه على الأصل]

- ‌الشرط الثالث:[وأن لا يباينه في الأحكام، كالبيع مع النكاح]

- ‌الشرط الرابع:[وأن لا يكون منصوصا بعموم أو خصوص]

- ‌5 - الركن الرابع:الحكم، وشرطه

- ‌الأصل الخامسالاستدلال

- ‌1]1 -تعريف الاستدلال:

- ‌2 - القياس المنطقي:

- ‌أ - القياس الاقتراني:

- ‌ب - القياس الاستثنائي:

- ‌3 - الاستقراء:

- ‌أ - الاستقراء التام:

- ‌ب - الاستقراء الناقص:

- ‌4 - القياس في معنى الأصل، أو نفي الفارق:

- ‌5 - التلازم، أو قياس الدلالة:

- ‌6 - وجود السبب، أو المانع، أو فقد الشرط:

- ‌7 - الاستصحاب:

- ‌8 - شرع من قبلنا:

- ‌9 - مذهب الصحابي:

- ‌1).10 -الاستحسان:

- ‌11 - المصالح المرسلة:

- ‌ختم الكتاب:

- ‌مراجع التقديم والتحقيق

- ‌1 - القرآن العظيم وعلومه وتفسيره

- ‌2 - كتب السنة المشرفة وعلومها وشروحها:

- ‌3 - أصول الفقه:

- ‌4 - الفقه:

- ‌5 - العقائد والفرق:

- ‌6 - اللغة والنحو والأدبيات والموسوعات:

- ‌7 - السيرة والتاريخ والتراجم والفهرسات:

الفصل: ‌ج - الشرط الثاني في التكليف: استطاعة المكلف:

قلت: يجاب بأنه ينتفي بانتفاء ثمرته، أو بأن الكلام مفرع على أن التكليف إنما يتوجه حال المباشرة على الأصح.

فإن قيل: فلم كلفتموه بقضاء ما فاته زمن غفلته، وضمان ما أتلفه إذ ذاك بعد يقظته؟

قلنا: وجوب أداء البدل، وقضاء الفائت، تعلق به

(1)

بأمر جديد بعد اليقظة. نعم ذمته معمورة حال الغفلة لوجود السبب، وذلك من قبيل خطاب الوضع.

فإن قيل: قوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى}

(2)

يقتضي التكليف حال السكر، والسكران ممن

(3)

لا يفهم أصلا

(4)

.

قلنا: يؤول إما بأنه نهي عن السكر عند إرادة الصلاة لا العكس، أو بصرفه للثمل، وسمي الثمل سكرا، لأنه يؤول [إليه]

(5)

غالبا.

وأما الاستدلال على منع تكليف الغافل بأنه لو صح، لصح تكليف البهائم، فإنما يتم إذا لم يكن للتكليف شرط آخر غير الفهم.

‌ج - الشرط الثاني في التكليف: استطاعة المكلف:

(و) شرطه أيضا: أي: شرط صحته، أي: التكليف باعتبار تعلقه

(1)

سقطت (به) من (ب) و (ج).

(2)

النساء: الآية (43).

(3)

في (ج): من.

(4)

في (ب): قطعا.

(5)

سقطت من الأصل، والمثبت من (ب).

ص: 108

/ [ظ 5] التنجيزي أيضا : (استطاعته) لذلك، أي : قدرته التي هي صفة يخلقها الله تعالى عند قصد اكتساب الفعل بعد سلامة الأسباب والآلات.

- فخرج الملجأ، وهو من لا مندوحة له عما ألجئ إليه. كالملقى من شاهق على شخص يقتله، لا مندوحة له عن الوقوع عليه، القاتل له. فلا تكليف عليه بالملجأ إليه وهو الوقوع لوجوبه، ولا بنقيضه

(1)

وهو عدم الوقوع لامتناعه. ولا قدرة له على واحد من الواجب والممتنع.

وقيل : يجوز تكليف الغافل، والملجأ، قياسا على جواز التكليف بما لا يطاق. كحمل الواحد الصخرة العظيمة.

وردّ : بأن تكليف الغافل والملجأ من التكليف المحال، وهو ما يرجع الخلل فيه إلى المأمور. وحمل الواحد الصخرة العظيمة، من التكليف بالمحال، والخلل فيه يرجع

(2)

للمأمور به.

- وأما المكره

(3)

: وهو من لا مندوحة له إلا الصبر على ما أكره به :

فقال أصحابنا : يجوز تكليفه بعين ما أكره عليه، وبنقيضه. وذلك أن الفعل ممكن، والفاعل متمكن، بأن يأتي به، أو بنقيضه، صابرا على ما أكره به.

(1)

سقطت الباء من الأصل : (نقيضه).

(2)

في (ب) و (ج) : راجع.

(3)

يشترك المكره والملجأ في أصل الإكراه، ويفترقان في كون الإلجاء «لا يبقى للشخص معه قدرة ولا اختيار» (التمهيد للإسنوي : ص 120)؛ والإكراه «لا يتحقق على مذاهب المحققين إلا مع تصور اقتدار المكره» (التلخيص لإمام الحرمين : 1/ 140).

ص: 109

وزعم المعتزلة : صحته في النقيض دون العين، لأن الفعل للإكراه لا يحصل الامتثال به

(1)

.

(1)

نبه ابن برهان على أن نسبة هذا المذهب للمعتزلة خطأ في النقل عنهم. وأرجع أصل الخطإ إلى أن «العلماء رأوا في كتبهم أن الملجأ ليس بمخاطب، فظنوا أن المكره والملجأ واحد» (عن البحر المحيط : 1/ 359). وقد عرف القاضي عبد الجبار التكليف بأنه «إعلام الغير في أن له، أن يفعل أو أن لا يفعل، نفعا أو دفع ضر، مع مشقة تلحقه في ذلك، على حد لا يبلغ الحال به حد الإلجاء» (شرح الأصول الخمسة : ص 510). فمذهبهم في التكليف إخراج الملجإ عن أن يكون مكلفا لا المكره. ومقتضى مذهبهم في المدح والذم والثواب والعقاب لا يحتمل شيئا مما نسب إليهم في هذا الموضوع قطعا. وقد أنكر الزركشي (البحر المحيط : 1/ 360) أن يكون في الأمر خطأ ما في النقل مستدلا بمكانة من نسب إليهم هذا المذهب من العلماء الفحول. واستدلاله مردود عليه بمثله وهو أن ابن برهان الذي أنكر نسبة هذا المذهب للمعتزلة هو نفسه من فحول العلماء. وقد نقل ذلك عنه في كتابه - كما تقدم - كما نقل هو نفسه إنكار نسبة هذا المذهب للمعتزلة من قبل جماعة من المحققين حيث قال : «وما نقلوه عن المعتزلة قد نازع فيه جماعة منهم إلكيا الطبري» . (البحر المحيط : 1/ 359). ومن العلماء الفحول الذين أنكروا نسبة هذا المذهب للمعتزلة إمام الحرمين حيث قال في البرهان (1/ 107) تعليقا على رد القاضي الباقلاني عليهم : «. . . وقد ألزمهم القاضي رحمه الله إثم المكره على القتل، فإنه منهي عنه آثم به لو أقدم عليه. وهذه هفوة عظيمة؛ فإنهم لا يمنعون النهي عن الشيء مع الحمل عليه؛ فإن ذلك أشد في المحنة واقتضاء الثواب، وإنما الذي منعوه الاضطرار إلى فعل مع الأمر به» وهو نفس ما ذكره ابن برهان من تعليل الخطإ في النقل فإن «الاضطرار» و «الإلجاء» بمعنى واحد. وما أسهبت في بيان مذهب المعتزلة في هذا الموضوع إلا لما لا حظته من إطلاق نسبة المعتزلة لهذا المذهب عند المحدثين من الأصوليين كما عند الشارح هنا؛ ونظرا لما في البحوث الأصولية المعاصرة من التجني الواضح على المعتزلة في هذا الموضوع وذلك بتحميل نصوصهم ما لا تحتمل : فقد -

ص: 110

وألزمهم القاضي

(1)

:

(2)

المكره على القتل، بأنه منهي عنه إجماعا، وبيان الإلزام، أن يقال لهم : إذا كنتم تعلمون

(3)

أن للمكره قدرة على النقيض، حيث قلتم بجواز تكليفه به، فمن الواضح على أصلكم، أن القادر على الشيء، قادر على ضده، فإذا كان المكره قادرا على ترك القتل

(4)

، فهو قادر على الفعل المكره على عينه، وهو القتل مثلا.

وقال السيوطي (ت 911 هـ)

(5)

: «والمختار عندي :

- خصص الدكتور علي الضويحي في أطروحته المنشورة بعنوان «آراء المعتزلة الأصولية» لمذهب المعتزلة في هذا الموضوع مبحثا خاصا، أشار فيه إلى أن في كتاب المعتمد ما يدل على المذهب المذكور هنا (هـ 1، ص 296) كما أتى بنصوص من «متشابه القرآن» (ص 296) ومن «المغني» (ص 299) للقاضي عبد الجبار. وأورد محققا كتاب التلخيص لإمام الحرمين (1/ 141) ثلاثة نصوص من «شرح الأصول الخمسة» للقاضي عبد الجبار يستدلان بها على نسبة هذا المذهب للمعتزلة. وليس في نص واحد من جميع ما ذكر أدنى دلالة على هذا المذهب.

(1)

هو القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني (ت 403 هـ). وقد نسب إليه الاستدلال الآتي إمام الحرمين في البرهان كما أوردته في الهامش السابق.

(2)

زاد في (ج) هنا : أن.

(3)

في (ب) : تسلمون.

(4)

في (ب) و (د) : الترك للقتل.

(5)

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين السيوطي الشافعي (849 - 911 هـ/1445 - 1505 م) أحد أكابر العلماء، وصاحب تصانيف كثيرة في المنقول والمعقول. وقد حاول أحمد إقبال الشرقاوي احصاءها في كتابه - مكتبة الجلال السيوطي - وكذلك، أحمد الخازندار، ومحمد إبراهيم الشيباني في كتابهما : دليل مخطوطات السيوطي، ترجم لنفسه في حسن المحاضرة : 1/ 155، -

ص: 111

تفصيل ثالث

(1)

، وهو أن يقال :

ما لا يباح بالإكراه : كالقتل، والزنا، واللواط، فهو فيه مكلف بالترك.

وما أبيح به

(2)

، ووجب : فهو فيه مكلف بالفعل، كإتلاف مال الغير.

وما أبيح به ولم يجب : فهو غير مكلف فيه

(3)

بفعل ولا ترك، / [و 6] كشرب الخمر، والتلفظ بكلمة الكفر»

(4)

.

- وانظر كذلك : شذرات الذهب : 8/ 51. الفتح المبين : 3/ 65. 11

(1)

وعن القاضي عبد الجبار تفصيل آخر جاء ذكره في موضعين من «شرح الأصول الخمسة» : أحدهما : في تقسيم المناكير (ص 145)، والآخر : في تقسيم القبائح (ص 330). وأقتصر هنا على ما جاء في الأول منهما فإنهما متقاربان : «ثم إنه رحمه الله قسم المناكير أيضا قسمين : أحدهما : يتغير حاله بالإكراه، وهو الذي يكون ضرره عائدا عليه فقط. والثاني : لا يتغير حاله بالإكراه، وهو الذي يتعدى ضرره إلى الغير. أما ما يتغير حاله بالإكراه، نحو من أكل الميتة وشرب الخمر والتلفظ بكلمة الكفر، فإن ذلك يجوز عند الإكراه؛ إلا كلمة الكفر فإنه لا يجوز له أن يعتقد مضمونه، بل ينوي أنك أنت الذي تكرهني على قولي الله ثالث ثلاثة مثلا. وأما ما لا يتغير حاله بالإكراه، فكقتل المسلم والقذف، فذلك لا يجوز، اللهم إلا أن يكون في المال فحينئذ يجوز إتلاف مال الغير بشرط الضمان» .

(2)

سقطت (به) من (ب).

(3)

في (ب) و (ج) : (به) عوض (فيه).

(4)

الكوكب الساطع في نظم جمع الجوامع : 1/ 24. ولكن جاء فيه «والمختار عنده» والضمير فيه عائد على ابن السبكي. وجاء فيه أيضا في القسم الثاني من هذا التفصيل «وما أبيح به ويجب» . والمثبت هنا على وفق ما في نسخة خزانة القرويين من الكوكب الساطع (ص 14). وهو الصحيح أيضا في النظر لمن تأمله. فالحاصل أن المخالفة في هذين الموضعين من أخطاء طبعة الكوكب الساطع التي ينبغي أن تستدرك.

ص: 112