الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة قولان
(1)
.
9 - مذهب الصحابي:
(و) دخل في الحد
(2)
: (مذهب الصحابي) المجتهد.
(3)
الأصح أنه حجة على غير صحابي مثله
(4)
.
= التبيين لأصول الفقه وفروعه؛ ومن جملتها مسألة ذكرها في مواضع من موطئه، وهي: أن شرع من قبلنا شرع لنا لا خلاف عند مالك فيه. وقد نص عليه في كتاب الديات على ما يأتي بيانه إن شاء الله. والنكتة المشار إليها في هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: «. . . فإن الله عز وجل يقول: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي» فهذا خطاب لموسى علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه متوجه إلينا كتوجهه إلى موسى وأمته». وما أشار إليه في كتاب الديات هو الاستدلال على القسامة بآية البقرة. (القبس: 3/ 980).
(1)
قول الشافعي في هذه المسألة واحد لم يرد في كلامه ولا في كلام الناس عن مذهبه - فيما علمت - سواه. وهو الأخذ بشرع من قبلنا بالشرطين المذكورين هنا. ذكره عنه ابن السمعاني (قواطع الأدلة: 1/ 316) فقال: «وقد أومأ إليه الشافعي في بعض كتبه» . وإمام الحرمين (البرهان: 1/ 331 ف 411) وقال: «. . . فصار صائرون إلى أنا إذا وجدنا حكما في شرع من قبلنا، ولم نر في شرعنا ناسخا له، لزمنا التعلق به. وللشافعي ميل إلى هذا، وبنى عليه أصلا من أصوله في كتاب الأطعمة، وتابعه معظم أصحابه» . كما نسبه إليه غيرهما من أعلام المذهب الشافعي (انظر البحر المحيط للزركشي: 6/ 42 - 43) وأما إذا كان المقصود بالشافعي أتباع مذهبه فإن منهم من اختار عدم الأخذ بشرع من قبلنا ويكفي أن نمثل لذلك بما اختاره ابن السمعاني نفسه في سياق ما نقلناه عنه هنا.
(2)
زاد في (ب): أيضا.
(3)
زاد في (ب): (في).
(4)
في «قول الصحابي» تفصيلات متعددة: وقد أخرج باقتصاره هنا على «الصحابي المجتهد» أمرين: أحدهما: ما لا يظهر فيه مدخل للاجتهاد إذ لا يكون إلا من قبيل -
وهو مذهب مالك
(1)
، وأحد قولي الشافعي كما نقله
= الرواية. والثاني : قول الصحابي غير المجتهد. وأخرج بقوله «على غير صحابي مثله» أمرين آخرين : أحدهما : ما اتفق عليه الصحابة، فهذا من أعلى أنواع الإجماع. والثاني : ما اختلفوا فيه، فيلزم فيه الترجيح. فلا يبقى إلا قول الصحابي إذا لم يعلم له مخالف من الصحابة أنه حجة على من بعدهم. وإذا اختلفوا على أقوال هل يجوز إحداث قول بخلاف جميعهم؟
(1)
نسب سيدي عبد الله العلوي الشنقيطي في نشر البنود على مراقي السعود (2/ 263) ونقله من لفظه الشيخ المشاط في الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة (ص 225) للإمام مالك ثلاثة أقوال في الاحتجاج بقول الصحابي. ونصه : «إن رأي الصحابي المجتهد أي مذهبه في المسألة حجة في غير حق الصحابة كالتابعي فمن بعده من المجتهدين. بمعنى أنه يجب عليه اتباعه ولا يجوز له مخالفته لقوله صلى الله عليه وسلم : «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» وهذا هو المشهور عن مالك. وقيل : إنه ليس بحجة مطلقا، وهو مروي عن مالك أيضا، كما ذكره في نشر البنود. وقيل بالتفصيل». وبحسب ما تقدم في الهامش قبل هذا متصلا به، فإنه لا يستغنى عن تفصيل القول في موضوع قول الصحابي وإلا اختلطت علينا أقوال الأئمة وتشابهت. وفيما أورده الشيخان العلوي والمشاط بعقب ما تقدم عنهما ما يدل على وجه الصواب في الموضوع. ونصه :«وعزاه الباجي لمالك وهو : أنه حجة بشرط أن لا يعلم له مخالف، لأنه حينئذ إجماع. وإن خولف فليس بحجة، لأن القول الآخر يناقضه» أي إن خولف من صحابي مثله. وتضمن المنقول عن الباجي وجهين من المعنى : أحدهما : ما يلزم فيه من وصف الاتفاق، وهو ما يعبر عنه في مسألة قول الصحابي بشرط الانتشار، وقد فسره في نشر البنود بقوله (م س ص س) :«وكونه حجة إن انتشر ليس بمنزلة الإجماع السكوتي : لأن اشتراط الانتشار لا يلزمه بلوغ الكل، ومضي مهلة النظر عادة، وتجرد السكوت عن أمارة رضى أو سخط؛ كما هو صورة السكوتي» . والثاني : ما يكون عليه الأمر في حال الاختلاف، ويدل عليه بصورة أوضح ما أورده القاضي عبد الوهاب (عن البحر المحيط : 6/ 54) عن الإمام مالك «ليس في اختلاف -
الآمدي
(1)
، وعليه أكثر
- الصحابة سعة، إنما هو خطأ أو صواب». وذكر الشيخان العلوي (2/ 264) والمشاط (ص 215 - 216) شرطا آخر، ونصه :«. . . وكذا قول الصحابي غير المجتهد ليس بحجة على الصحابي وغيره بالاتفاق، فلا يعمل بما جاء «عنه إلا ما كان رواية صريحة، أو كالصريحة، بأن كان لا مجال للاجتهاد فيه» .
(1)
قال الآمدي : (الإحكام : 4/ 201)«اتفق الكل على أن مذهب الصحابي في مسائل الاجتهاد لا يكون حجة على غيره من الصحابة المجتهدين إماما كان أو حاكما أو مفتيا. واختلفوا في كونه حجة على التابعين ومن بعدهم من المجتهدين : فذهبت الأشاعرة، والمعتزلة، والشافعي في أحد قوليه، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، والكرخي، إلى أنه ليس بحجة. وذهب مالك بن أنس، والرازي، والبردعي من أصحاب أبي حنيفة، والشافعي في قول له، وأحمد بن حنبل في رواية له، إلى أنه حجة مقدمة على القياس» . وقال السيوطي : (شرح الكوكب الساطع : 2/ 452)«. . . وهو الصحيح والجديد من قول الشافعي أنه غير حجة» . وما يسترعي الانتباه في هذا الموضوع هو أن هذا الذي ينسب للشافعي في عامة كتب الأصول من مذهبه الجديد في قول الصحابي بخلاف ما يوجد عنه في الأم. وهي مدونة مذهبه الجديد باتفاق أئمة الشافعية!! حيث قال : (الأم : 2/ 29.)«. . . إنما الحجة في : كتاب؛ أو سنة؛ أو أثر عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ أو قول عامة المسلمين لم يختلفوا فيه؛ أو قياس داخل في معنى بعض هذا» . وقال : (الأم : 8/ 28.) : «. . . قلت : هل يكون لك أن تقول إلا على أصل، أو قياس على أصل؟! قال : لا. قلت : والأصل : كتاب؛ أو سنة؛ أو قول بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أو إجماع الناس! قال : لا يكون أصل أبدا إلا واحدا من هذه الأربعة» . وقال : (الأم : 4/ 32.)«. . . قد زعمنا وزعمتم أن الأصل لا يكون أبدا إلا من كتاب الله تعالى؛ أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أو قول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أو بعضهم؛ أو أمر أجمعت عليه عوام الفقهاء في الأمصار» . وقال : (اختلاف مالك والشافعي ضمن الأم : 7/ 265.) «. . . وإنما العلم اللازم الكتاب والسنة؛ وعلى كل مسلم اتباعهما. قال : فتقول أنت ماذا؟ -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
- قلت : أقول ما كان الكتاب والسنة موجودين، فالعذر عمن سمعهما مقطوع إلا باتباعهما. فإذا لم يكن ذلك، صرنا إلى أقاويل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو واحد منهم». ثم قال :«والعلم طبقات شتى : الأولى : الكتاب والسنة، إذا ثبتت السنة؛ ثم الثانية : الإجماع، فيما ليس فيه كتاب ولا سنة؛ والثالثة : أن يقول بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم له مخالفا منهم؛ والرابعة : اختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ الخامسة : القياس على بعض الطبقات. ولا يصار إلى شيء غير الكتاب والسنة وهما موجودان، وإنما يؤخذ العلم من أعلى» . وقد تنبه إمام الحرمين إلى مناقضة ما نسب للشافعي من مذهبه الجديد في قول الصحابي مع مذهبه في جملة من المسائل الفقهية التي تقتضي القول بمذهب الصحابي. ونصه : (البرهان : 2/ 891 ف 1551)«وكان الشافعي يرى الاحتجاج بقول الصحابي قديما ثم نقل عنه أنه رجع عن ذلك. والظن أنه رجع عن الاحتجاج بقولهم فيما يوافق القياس، دون ما يخالف القياس. إذ لم يختلف قوله جديدا وقديما في تغليظ الدية بالحرمة، والأشهر الحرم. ولا مستند فيه إلا أقوال الصحابة» . وهو ما يفهم أيضا مما نقله السيوطي عن السبكي، ونصه :(شرح الكوكب الساطع : 2/ 452)«. . . واستثنى السبكي من ذلك التعبدي، فإن قوله حجة فيه لظهور أن مستنده فيه التوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم» . وقد تنبه الزركشي من خلال تتبعه لمذهب الشافعي في البحر المحيط إلى هذه المناقضة بين نصوص الشافعي وبين ما ينسب إليه في كتب الأصول فأورد النص الأخير عن الشافعي كما أوردته هنا ثم قال : «. . . هذا نصه بحروفه وقد رواه البيهقي عن شيوخه عن الأصم عن الربيع عنه. وهذا صريح منه في أن قول الصحابي عنده حجة مقدمة على القياس، كما نقله عنه إمام الحرمين. فيكون له قولان في الجديد، وأحدهما موافق للقديم. وإن كان قد غفل عن نقله أكثر الأصحاب» . فقد أوّل كل من إمام الحرمين والزركشي احتجاج الشافعي بقول الصحابي وتقديمه إياه على القياس بتأويل. فارتأى إمام الحرمين أن في الأمر تفصيلا، واتبعه السبكي في ذلك؛ وارتأى الزركشي أن له مذهبين في قوله الجديد أيضا. ولكن مجموع النصوص التي ذكرت هنا مع غيرها من عشرات النصوص الأخرى التي استند فيها الشافعي إلى أقوال الصحابة لا يساعد على واحد -
الحنفية
(1)
.
وعلى هذا، فهل يخص به عموم كتاب، أو سنة؟ [فيه خلاف]
(2)
حكاه الماوردي
(3)
- من هذين التأويلين، بل إنني لا أعلم من كلام إمام غيره في الاحتجاج بقول الصحابي أصرح ولا أوضح من كلامه. وأكتفي هنا بهذا القدر مرجئا تمام التفصيل إلى مناسبة أخرى بحول الله لأن هذا الهامش قد طال أكثر مما ينبغي.
(1)
قال السرخسي (أصول السرخسي : 2/ 105) : «فصل في تقليد الصحابي إذا قال قولا ولا يعرف له مخالف : حكى أبو عمرو بن دانيكا الطبري عن أبي سعيد البردعي رحمه الله أنه كان يقول : قول الواحد من الصحابة مقدم على القياس يترك القياس بقوله، وعلى هذا أدركنا مشايخنا. وذكر أبو بكر الرازي عن أبي الحسن الكرخي رحمه الله أنه كان يقول : أرى أبا يوسف يقول في بعض مسائله «القياس كذا إلا أني تركته للأثر» وذلك الأثر قول واحد من الصحابة. فهذه دلالة بينة من مذهبه على تقديم قول الصحابي على القياس. قال : وأما أنا فلا يعجبني هذا المذهب. وهذا الذي ذكره الكرخي عن أبي يوسف موجود في كثير من المسائل عن أصحابنا». ولينظر أيضا : كشف الأسرار : 3/ 217. وقد اختار أبو زيد الدبوسي (تقويم الأدلة : ص 256 - 259) مثل اختيار الكرخي، وأطال في الاستدلال على مذهبه. ولا يتوجه شيء مما استدل به على ما يعرف من احتجاج الأئمة المتبوعين بقول الصحابي، نظرا لما يشترطونه في موجب الأخذ به.
(2)
سقط ما بين المعقوفتين من الأصل، والمثبت من (ب).
(3)
أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي (ت 450 هـ)، فقيه شافعي، درس بالبصرة وبغداد، له تصانيف عديدة في : الفقه والأصول والحديث والتفسير والسياسة والأدب، منها : الحاوي، والإقناع في الفقه، والأحكام السلطانية، وأدب الدنيا والدين. وفيات الأعيان : 3/ 282، (البداية والنهاية : 12/ 10، شذرات الذهب : 3/ 285، الفتح المبين : 1/ 240.