الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
580 - " بَابُ حَرَمِ الْمَديْنَةِ
"
676 -
عَن أنَسِ رضي الله عنه:
عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ من كَذَا إلى كَذَا لا يُقْطَعُ شَجَرُهَا، ولا يُحْدَثُ فِيها حَدَث، من أحْدَثَ فيها حَدَثاً فَعَلْيهِ لَعْنَةُ اللهِ
ــ
بقعة أحَبُّ إلي أن يكون قبري بها منها" أي من المدينة رواه مالك مرسلاً (1).
580 -
" باب حرم المدينة "
676 -
معنى الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل المدينة حرماً بأمر الله تعالى له بذلك كما في حديث جابر رضي الله عنه حيث قال صلى الله عليه وسلم: " إن إبراهيم حرّم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها " أخرجه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: " من كذا إلى كذا " بيان لحدود حرم المدينة، وأنه يمتد من عير إلى ثور لما في حديث عليّ رضي الله عنه:" المدينة حرم ما بين عير إلى ثور " أخرجه الستة فأمَّا عير أو عاثر.
فهو الجبل المعروف في جنوب المدينة، وأما جبل ثور فقد قال ابن النجار: هو جبل صغير وراء أحد، يعرفه أهل المدينة، ولا ينكرونه، وقال ابن تيمية: عير جبل عند الميقات يشبه العير وهو الحمار، وقال الطبري: ثور جبل خلف أحد من شماليه صغير مدور يعرفه أهل المدينة، ومعنى كون المدينة حرماً.
أنه جعل لها حرمة وتشريفاً وتعظيماً في نفوس المسلمين ومشاعرهم، كما جعلها محرمة الصيد والشجر كمكة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:" لا يقطع شجرها " أي لا يقطع نباتها الطبيعي الذي ينبت نبته دون سقي، وعن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1) وإسناده ضعيف لإرساله. (ع).
والْمَلائِكَةِ والنَّاسِ أجمَعِينَ".
ــ
" لا يختلى خلاها، ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطها " والنفي بمعنى النهي، أي لا يجوز قطع شجرها، ولا صيد الصيد في حدودها " من أحدث فيها حدثاً " أي ابتدع فيها بدعة أو ارتكب كبيرة، وفي رواية " أو آوى محدثاً " بفتح الدال وكسرها، أي أعان على بدعة أو معصية " فعليه لعنة الله " أي غضبه وطرده من رحمته وجنته " والناس أجمعين " أي وعليه دعاء الناس باللعنة وفي رواية " لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً " أي لا يقبل الله منه فرضاً ولا نفلاً. الحديث: أخرجه الشيخان.
فقه الحديث: دل هذا الحديث: أولاً: على تحريم شجر المدينة وصيدها لقوله صلى الله عليه وسلم " المدينة حرم " وتحريم المدينة يشمل تحريم شجرها وصيدها معاً، وإذا كان لم يذكر الصيد في حديث الباب نصاً، فقد ورد في حديث علي رضي الله عنه حيث قال:" ولا يختلى خلاها، ولا ينفر صيدها " فإذا حَرُم تنفيره حرم قتله من باب أولى، وتحريم المدينة صيداً ونباتاً هو ما عليه أكثر أهل العلم وجماهير الفقهاء، وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يحرم صيد المدينة ولا نباتها الطبيعي، وأن الحرمة في حديث الباب حرمة تعظيم وتقديس وتشريف. وقال صاحب " فيض الباري ": نهيه صلى الله عليه وسلم عن قطع أشجارها كان لغرض الابقاء على زينتها وبهجتها وجمالها الطبيعي لا لأنها محرمة تحريم مكة، قالوا: والدليل على ذلك أنه لا يترتب على قطع أشجارها جزاءٌ شرعي كأشجار مكة وأنه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع الأشجار عند بناء مسجده. وفي استدلالهم بذلك نظر، فأما استدلالهم على عدم تحريمه بكونه لا يترتب عليه جزاء شرعي، فهو غير مسلم، لأن المسألة خلافية، وقد قال أحمد وفي رواية للشافعي في قول إن فيه الجزاء، وأما قطعه صلى الله عليه وسلم للأشجار عند بناء مسجده صلى الله عليه وسلم فلا دليل فيه، لأن الأشجار التي قطعها لم تكن من الأشجار الطبيعية التي يحرم