الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
650 - " بَابُ بيعِ التَّصَاوِيرِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رُوحٌ، ومَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ
"
750 -
عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
أنَّهُ أتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ
ــ
بحبٍ خالص من نوعه كيلاً (1) ومنها المخاضرة: وهي بيع الثمار قبل أن يظهر صلاحها، وقد تقدم، ومنها الملامسة: وهو أن يبيعه الشيء إذا لمسه بيده دون مشاهدته والمنابذة: وهي أن يقول له أي ثوب نبذته إليّ فقد اشتريته بكذا، والمزابنة: وقد تقدم شرحها.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على تحريم هذه البيوع المذكورة وبطلانها أما المخاضرة فهي بيع الحبوب والثمار قبل أن يبدو صلاحها، وهو بيع محرم وباطل، وقد تقدم شرحه في الباب السابق، كما ترجم له البخاري. أما المحاقلة فهي عند الجمهور بيع الحنطة والشعير في سنبله، والفول في غلافه بحب من نوعه كيلاً، وقال مالك: هي كراء الأرض ببعض ما ينبت منها. أما الملامسة والمنابذة فقد تقدم شرحهما في شرح الحديث على حسب قول الجمهور فيهما. الحديث: أخرجه البخاري.
650 -
" باب بيع التصاوير التي ليس فيها روح وما يكره من ذلك "
750 -
معنى الحديث: أن رجلاً قال لابن عباس رضي الله عنهما: إنني أعمل في رسم الصور الحيوانية من ذوات الأرواح وأبيعها وأعيش من
(1) وذلك كأن يبيع الشعير في سنبله بعشرين صاعاً من الشعير الجاف. قال الصنعاني: والعلة في النهي عن ذلك هو الربا لعدم العلم بالتساوي. اهـ. وهي العلة أيضاًً في تحريم المزابنة.
يَدِي، وإِنِّي أصْنَعُ هَذِه التَّصَاوِيرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لا أحَدِّثُكَ إلَّا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُهُ يَقُولُ:" مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيها الرُّوحَ، وليْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أبَداً " فَرَبا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً، واصْفَرَّ وَجهُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنْ أبيْتَ إلَّا أن تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كلِّ شَيءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ.
ــ
كسبها، وأنفق على عيالي منها، فهل يجوز ذلك؟ فقال له ابن عباس رضي الله عنهما: إنني لا أريد أن أجيبك على سؤالك هذا إلاّ بحديث سمعته بنفسي من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: " من صوّر صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ في الروح، وليس بنافخ " أي من رسم هذه الصور الحيوانية لذوات الأرواح، فإن الله تعالى سيعذبه يوم القيامة عذاباً شديداً طويلاً حتى ينفخ فيها الروح، وهذا أمر لا يقدر عليه، ولا يتمكن منه، فيطول عذابه إذن، " فربا الرجل ربوة شديدة واصفر " أي فلما سمع الرجل هذا الوعيد الشديد الذي يترتب على تصوير الصور الحيوانية فزع فزعاً شديداً حتى اصفرّ لونه من شدة الخوف:" فقال: ويحك إن أبيت إلاّ أن تصنع فعليك هذا الشجر " أي فلما رأى ابن عباس ما أصاب هذا الرجل من الفزع والخوف الشديد من هذا الوعيد، وأدرك الحرج الذي وقع فيه، وأن الرجل بين أمرين أحلاهما مر، أشفق عليه، ورثا لحاله، وعبر عن ذلك بقوله:" ويحك " فهي كلمة ترحم وعطف وإشفاق، ثم أشار عليه بعمل من جنس مهنته لا إثم فيه، فقال: إذا كنت لا بد لك من التصوير، ولا غنى لك عنه، لأنه مهنتك التي لا غنى لك عنها في حياتك، وصنعتك التي لا بد لك منها، ولا تعرف غيرها، وتجارتك التي تتعيش منها، فإن في إمكانك أن ترسم الصور النباتية والطبيعية كالأشجار والأزهار والجبال والأنهار، وتتكسسب منها، ولا يكون عليك في