الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
601 - " بَابٌ إِذَا جَامَعَ في رَمَضَانَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيءٌ فتصُدِّقَ عَلَيْهِ فَلْيُكَفِّره
"
697 -
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
"بَينَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ
ــ
أن يتم بقية نهاره، ولا يفسد صومه، ولا يوجب عليه ذلك الأكل أو الشرب إثماً ولا قضاءً، فقد روي عن أبي هريرة أنه نسي صيام أول يوم من رمضان فأصاب طعاماً قال: فذَكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتم صيامك، فإن الله أطعمك وسقاك ولا قضاء عليك " أخرجه الدارقطني، إلاّ أن أحد رواته وهو الحكم بن عبد الله ضعيف الحديث. وإنما لم يترتب على الناسي شيء لأنه أكل وشرب دون إرادته واختياره، وهو معنى قوله: " أطعمه الله وسقاه ".
نسب الإِطعام والإِسقاء إلى الله تعالى، لأن العبد لم يكن له اختيار لنسيانه، فلا يعد إفطاره جناية على صومه. الحديث: أخرجه الستة.
فقه الحديث: استدال به الجمهور على أن من أكل أو شرب ناسياً لا يفسد صومه ولا يلزمه قضاء لقوله صلى الله عليه وسلم: " فليتم صومه "، ولا تلزمه كفارة من باب أولى، وقال مالك: يفسد صومه ويلزمه القضاء، ولا إثم عليه ولا كفارة، وحمل المالكية حديث الباب على إسقاط الإثم والمؤاخذة عليه دون القضاء (1)، ولكن قد جاء التصريح بإسقاط القضاء في حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من أفطر في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة " ذكره الحافظ في " الفتح " وقال فيه: أقل درجات هذا الحديث بهذه الزيادة أن يكون حسناً فيصلح للاحتجاج به. والمطابقة: في قوله: " فليتم صومه ".
601 -
" باب إذا جامع في رمضان "
697 -
معنى الحديث: أنه بينما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في
(1) فقالوا: من أفطر ناسياً فعليه القضاء ولا إثم عليه ولا كفارة، ومن أفطر عامداً فقد أثم وعليه القضاء والكفارة.
اللهِ هَلَكْتُ، قَالَ:" مَا لَكَ؟ " قَالَ: وَقَعْتُ على امْرَأتِي وأنَا صَائِم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تَعْتِقُهَا؟ " قَالَ: لا، قَالَ:" فَهَلْ تَسْتَطِيْعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتتَابِعَيْنِ؟ " قالَ: لا، قَالَ:" فَهَلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينَاً؟ " قَالَ: لا، فَمَكَثَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فبينا نَحْنُ على ذَلِكَ أُتِيَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بعَرَقٍ فيهِ تَمْرٌ، والعَرَقُ المِكْتَلُ، قَالَ:" أينَ السَّائِلُ؟ " فَقَالَ: أنا، قَالَ:" خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ " فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَعَلَى أفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللهِ، فَواللهِ مَا بَيْنَ لابتَيْهَا -يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ- أهلُ بَيْتٍ أفقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيتي، فَضَحِكَ النبي صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنيابُهُ، ثُمَّ قَالَ أطعِمْهُ أهلَكَ ".
ــ
مجلسه فوجئوا برجل يدخل عليهم وهو سلمان بن صخر البياضي جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن فعلة وقع فيها فقال: هلكت يا رسول الله، أي وقعت في المعصية التي تؤدّي إلى الهلاك، فسأله صلى الله عليه وسلم عما وقع له، فأجاب بأنه جامع أهله في رمضان، وفي مرسل ابن المسيب عن سعيد بن منصور أصبت امرأتي ظهراً في رمضان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" هل تملك رقبة " عبداً أو أمة فتعتقه فيكون كفارة لك، أو هل لديك من المال ما تشتري الرقبة فتعتقها قال: لا، " قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين " أي متواليين " قال: لا " وفي رواية للبخاري " قال: لا أقدر " وفي رواية ابن اسحاق: " وهل لقيت ما لقيت إلاّ من الصيام " " قال فهل تجد إطعام ستين مسكيناً، قال: لا " وهكذا ذكر له النبي صلى الله عليه وسلم أنواع الكفارة الثلاثة فأجاب بأنه لا يقدر على شيء منها، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالجلوس عنده، لينظر في أمره فبينما هو عنده جاء إلى النبي رجل من الأنصار بعرق قال: والعرق المكتل أي الزنبيل
الكبير، فسأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال له: خذ هذا المكتل من التمر، فتصدق به على ستين مسكيناً يكون كفارة لك، " فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي " أي ليس هناك داخل حدود المدينة التي بين الحرتين من هو أفقر من أهل بيتي، فأنا أولى بهذه الصدقة من غيري، " فضحك النبي صلى الله عليه وسلم " من حال هذا الرجل الذي جاءه خائفاً على نفسه راغباً في فدائها، فلما وجد الرخصة طمع أن يأكل ما أُعطيه من الكفارة " ثم قال: أطعمه " أهلك " فأذن له أن يأكل كفارته وأن يتصدق بها نفسه. الحديث: أخرجه الستة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: وجوب الكفارة على من جامع في رمضان عامداً وهو قول عامة إلّا ما حكي عن الشعبي وابن جبير والنخعي أن عليه القضاء، أما المجامع ناسياً فلا يفطر ولا كفارة عليه عند الجمهور لمفهوم حديث الباب، وقال أحمد: يفطر وعليه الكفارة، وقال مالك: يفطر وعليه القضاء. والحديث حجة لمن خصص الكفارة بالجماع عمداً لقول السائل " هلكت " أي عصيت الله ولا معصية في النسيان.
واختلفوا في المرأة، فقال مالك وأبو حنيفة عليها القضاء والكفارة، وعن الشافعي قولان وعن أحمد روايتان. ثانياًًً: أن الكفارة تكون بأحد الأنواع الثلاثة على الترتيب وجوباً وهو مذهب الجمهور، خلافاً لمالك وأحمد في رواية، ولا تسقط بالإعسار وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة خلافاً للجمهور والحديث حجة على عدم سقوطها، فإن تكرر الجماع في يوم واحد فالكفارة واحدة إجماعاً وإذا تكرر في يومين أو أيّام فلكل يوم كفارة. ثالثاً: أن من أنواع الكفارة إطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مد (1) عند المالكية والشافعية، وقال أحمد: مدٌّ من بُرّ أو نصف صاع من تمر أو شعير وقالت
(1)" المنهل العذب " ج 10.