الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
528 - " بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ
"
619 -
عَنْ جُبَيْرِ بْن مُطْعِم رضي الله عنه قَالَ:
" أضْلَلْتُ بَعِيراً، فَذَهَبْت أطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَرَأيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَاقِفَاً بِعَرَفَةَ، فَقُلْتُ: هَذَا وَاللهِ مِنَ الْخمْسِ فما شَأنُة هَا هُنَا ".
ــ
الوقوف بمسجد نمرة يجزىء مع الكراهة (1). ثانياًًً: أن من دخل عرفة قبل الصلاة فقد خالف سنة النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأن السنة في ذلك اليوم أن تؤدّى الصلاة ببطن عرنة، ثم يعجل بعد ذلك بالرواح إلى الموقف في عرفة، لقوله:" إن كنت تريد السنة فاقصر الخطبة وعجل بالوقوف " وفي حديث جابر الطويل " حتى إذا زاغت الشمس أمر صلى الله عليه وسلم بالقصواء فرحلت له، فركب حتى أتى بطن الوادي، فخطب الناس -إلى أن قال- ثم أذن بلال، ثم أقام، فصلّى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئاً ثم ركب القصواء حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات (بفتح أوَّلِهِ وثانِيه وثالِثه) وهي الأحجار المغروسة في أسفل جبل الرحمة " ومعنى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم: لم يذهب إلى عرفة إلاّ بعد الصلاة، إذن فهذا هو السنة. والمطابقة: في قوله: " الرواح إن كنت تريد السنة ".
528 -
" باب الوقوف بعرفة "
619 -
معنى الحديث: يقول جبير رضي الله عنه: " أضللت بعيراً لي فذهبت أطلبه يوم عرفة " أي أضعت بعيري في الجاهلية فذهبت أبحث عنه يوم عرفة، حتى وصلت إلى عرفات " فرأيت النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم واقفاً بعرفة " كسائر القبائل العربية الأخرى غير قريش وما شابهها. " فقلت: هذا والله من الحمس " وهم قريش وكنانة وجديلة حموا بذلك لتحمسهم في دينهم، ومحمد صلى الله عليه وسلم منهم لأنه قرشي. " فما شأنه ها هنا " أي فما باله يقف ها
(1) وعند غيرهم لا يجزىء.
هنا (1) في عرفات وهو من الحمس، والحصر إنما يقفون بمزدلفة ولا يتجاوزونها إلى عرفة، لئلا يخرجوا عن حدود الحرم، قال الحافظ (2): والمعتمد أن هذه القصة كانت في الجاهلية عن قبل الإِسلام وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد حج في ذلك العهد، فخرج جبير يبحث عن بعيره الضائع، فلقيه مصادفة في عرفة، فتعجب لذلك واستنكره، لما رواه اسحاق عن نافع بن جبير بن مطعم قال: كانت قريش إنما تدفع من المزدلفة، ويقولون: نحن الحمس، فلا نخرج من الحرم، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية يقف مع الناس بعرفة على حمل له ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة، فيقف معهم، ويدفع إذا دفعوا وفي رواية: فلما أسلمت علمت أن الله وفقه لذلك.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: مشروعية الوقوف بعرفة، وهو رُكن من أركان الحج لا يتم الحج إلاّ به، ولا يجزىء ولا يصح إلّا بفعله إجماعاً لما رواه عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، فجاء نفر من أهل نجد فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ قال: " الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جَمْع - بفتح الجيم وسكون الميم. فقد تم حجه " أخرجه أبو داود وابن ماجة (3). أي فمن وقف على أرض عرفة ليلة العاشر من ذي الحجة فقد أدرك الحج وأدرك الوقوف بعرفة.
وقد اختلفوا في وقت الوقوف بعرفة، فقال الجمهور: وقت الوقوف بعرفة هو ما بين الزوال، زوال الشمس يوم عرفة وطلوع فجر يوم النحر. وقال أحمد (4): وقت الوقوف بعرفة ما بين فجر يوم عرفة وفجر يوم النحر. واتفق الجمهور " الحنفية والحنابلة والشافعية " على أن من وقف في أي جزء من هذا
(1)" إرشاد الساري " للقسطلاني ج 3.
(2)
" فتح الباري " ج 3.
(3)
" شرح المقدسي على عمدة الفقه ".
(4)
" تكملة المنهل العذب على سنن أبي داود " ج 2.
الوقت من ليل أو نهار فقد أدّى هذا الركن، وحجه صحيح. إلاّ أنهم قالوا: يجب عليه الوقوف بعرفة إلى الليل ليجمع بين الليل والنهار، فإن النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة حتى غابت الشمس - كما في حديث جابر، فإن دفع قبل الغروب فعليه دم لقول ابن عباس:" من ترك نُسكاً عليه دم "(1). ومشهور مذهب الشافعي أن مدَّ الوقوف إلى الليل سنة فقط ولا دم على من دفع قبل الغروب. وإن لم يعد إليها بعده، لما في الخبر الصحيح " من أَتى عرفة قبل الفجر ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه " ولو لزمه دم لكان حجه ناقصاً، وإنما (2) يسن له " الدم " خروجاً من خلاف من أوجبه. وقالت المالكية: لا يتحقق هذا الركن إلاّ بالوقوف جزءاً من الليل بعد الغروب، فإن مشهور مذهب مالك أنه لا بد من الوقوف جزءاً من الليل، فلو فاته بطل حجه ولا يكفي الوقوف نهاراً فقط، لقول ابن عمر:" من لم يقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج " أخرجه مالك (3)، ولهذا قال في " القوانين الفقهية " (4):" لا يدفع من عرفة إلاّ بعد غروب الشمس فإن دفع قبل الغروب فعليه العود ليلاً وإلّا بطل حجه. وأجاب الجمهور بأن مراد ابن عمر أن الحج يفوت بعدكم الوقوف بعرفة في وقته قبل طلوع فجر يوم النحر لا أنه يفوته بعدم الوقوف ليلاً لأنه أراد بذلك بيان آخر وقت الوقوف، لقول النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " من شهد صلاتنا ووقف معنا حتى ندفع، ووقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه وقضى نسكه " قال: الترمذي حديث
(1)" شرح عمدة الفقه " للمقدسي.
(2)
" تكملة المنهل العذب " ج 2.
(3)
أيضاًً " تكملة المنهل العذب ".
(4)
" القوانين الفقهية " لابن جُزَيّ.