الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
"
كتابُ الرَّهْنِ
"
701 - " بَاب الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ
"
801 -
عن أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الظَّهْرُ (1) يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كانَ مَرْهُوناً، ولَبَنُ الدَرِّ يُشْرَبُ بَنَفَقَتِهِ إِذا كَانَ مَرْهُوناً، وعلى الذي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَفَقَةُ ".
ــ
701 -
" باب الرهن مركوب ومحلوب "
الرهن لغة: الثبوت والدوام. " ماء راهن " أي راكدٌ " ونعْمة راهنة " يعني دائمة، ومن معانيه الحبس أيضاًً كما في قوله تعالى:(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) أي محبوسة في موقف الحساب حتى تسأل عن أعمالها في الدنيا.
وشرعاً: كما قال الراغب: ما يوضع وثيقة للدين، وقال ابن قدامة: الرهن في الشرع المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه، أي حتى يكون ضماناً مالياً للدين فإذا لم يسدده المدين عند حلول الأجل كان له الحق في بيع ذلك المرهون واستيفاء حقه من ثمنه، أما قبل حلول الأجل فإن الرهن يكون وديعة لديه وأمانة عنده لا يحق له التصرف فيه.
801 -
معنى الحديث: قوله صلى الله عليه وسلم: " الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً ". إلخ أي أن المرتهن له أن يركب ظهر الدابة المرهونة لديه من فرس أو جمل أو نحوه وأن يحلب البقرة والشاة وينتفع بلبنها مقابل إنفاقه عليها، وقال بعضهم: معنى قوله " يُركَب ويُشرب " أن الظهر المرهون يركبه الراهن
(1) وفي رواية: " الرهن يركب بدل الظهر ".
ويشربه. بمعنى أن الراهن هو الذي ينفق على الرَّهن أثناء رهنه، وهو الذي يركبه ويشرب لبنه. وينتفع به. والمسألة خلافية كما سيأتي.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: استدل به بعض أهل العلم على أن الرهن إذا كان له منفعة، ويحتاج إلى نفقة كالدواب المركوبة أو المحلوبة فإن على المرتهن نفقته مقابل انتفاعه به وهو مذهب أحمد وإسحاق.
وقال الجمهور: نفقة الرهن ومنفعته للراهن، فهو الذي يركبه ويشربه مقابل نفقته ولا ينتفع المرتهن بشيء كما أنه لا نفقة عليه. وأجابوا عن حديث الباب بجوابين الأول قال الشافعي: المراد بقوله: " الظهر يركب بنفقته " الخ أنه لا يمنع الراهن من ظهره ودره - أي لا يمنع من ركوبة وشرب لبنه إن كان محلوباً، قال الصنعاني: وَرُدَّ بأنه وَرَدَ بلفظ المرتهن فتعين الفاعل " الثاني: أن هذا الحديث كما أفاده ابن عبد البر ترده أصول مجتمعة وأنه منسوخ بحديث ابن عمر رضي الله عنهما " لا تحلب ماشية امرىء بغير إذنه " قال الصنعاني أما النسخ (1) فلا بد له من معرفة التاريخ ولا يحمل عليه إلا إذا تعذر الجمع ولا تعذر هنا إذ يخص عموم النهي بالمرهون. الثالث: أن هذا الحديث خالف القياس في تجويز الركوب والشرب لغير المالك بدون إذنه وتضمينه بالنفقة لا بالقيمة، وأجاب عن ذلك الصنعاني بأن الأحكام الشرعية ليست مطردة على نسق واحد، بل الأدلة تفرق بينها والشارع حكم هنا بركوب المرهون وشرب لبنه وجعله قيمة النفقة، كما حكم ببيع الحاكم عن المدين المتمرد وجعل صاع التمر عوضاً عن اللبن في المصراة. ثانياًً: أن ما لا يحتاج إلى نفقة لا يجوز الانتفاع به كالثوب والأرض، فلا يلبس الثوب المرهون مثلاً ولا ينتفع من الأرض المرهونة بزراعتها أذن له الراهن أو لم يأذن له وهو قول الجمهور.
الحديث: أخرجه أيضاًً أبو داود والترمذي وابن ماجة. والمطابقة: في كون الحديث دليلاً على الترجمة.
(1)" سبل السلام " ج 3 للصنعاني.