الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
460 - " بَابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طيِّبٍ
"
539 -
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمرَةٍْ مِنْ كَسْب طيَبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إلَّا الطيَبَ، فَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بيمينه، ثُمَّ يُرَبيهَا لِصَاحِبهَا، كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ ".
ــ
هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وإنما قرأ هذه الآية ليستدل بها على ما قال.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: إثم مانع الزكاة والوعيد الشديد المترتب على ذلك، وأن منع الزكاة كبيرة من الكبائر، وإلا لما ترتب عليه هذا الوعيد. ثانياًً: أن العبد إذا لم يشكر النعمة، ويؤدي حق الله فيها تكون نقمة ووبالاً عليه يوم القيامة، وتتمثل له في أبشع الصور التي تؤلمه وتؤذيه. والمطابقة: في قوله: " من أتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته مُثِّل يوم القيامة شجاعاً أقرع
…
إلخ ". الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود.
460 -
" باب الصدقة من كسب طيب "
539 -
معنى الحديث: يقول أبو هريرة رضي الله عنه: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تصدق بعدل (1) تمرة من كسب طيب "، أي بمقدار تمرة من مال حلال اكتسبه عن طريق مشروع بصفة مشروعة، وحصل عليه بوسيلة مشروعة من تجارة؛ أو صناعة؛ أو زراعة؛ أو وظيفة، " ولا يقبل الله إلاّ الطيب "، وهي جملة معترضة بين الشرط وجوابه " معناها " ولا يقبل الله صدقة إلَّا إذا كانت خالصة لله تعالى وكانت من مال حلال "فإن الله
(1) قوله: " بعَدْلِ " بفتح العين، وعَدْل الشيء ما يساويه قدراً وحجماً.
يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها"، أي فإن الله يتقبل الصدقة الطيبة بيمينه، كما يتقبل الأشياء الشريفة الكريمة، ثم " يربيها " أي ينميها، ويضاعف ثوابها لصاحبها " كما يربي أحدكم فلوه " (بفتح الفاء وضم اللام وفتح الواو المشددة)، وهو المهر، أي الصغير من الخيل، أي وما يزال الله عز وجل يضاعف ثواب الصدقة، ويكبر حجمها " حتى تكون مثل الجبل "، أي حتى تكون الصدقة عند وضعها في الميزان يوم القيامة مثل الجبل صورة وحجماً وثقلاً. والحاصل أنّ من تصدق بصدقة قليلة خالصة من الرياء والسمعة من مال حلال، فإن الله يكبر صورتها، ويضاعف ثوابها، ويثقل وزنها في ميزانه يوم القيامة، حتى تكون كالجبل الضخم في صورتها ووزنها.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن الصدقة لا تقبل عند الله تعالى إلاّ إذا كانت طيبة. ومعنى كونها طيبة، أن يتوفر فيها شرطان:
الأول: أن تكون خالصة لله تعالى ليس فيها رياء، ولا سمعة. والثاني: أن تكون من مال حلال. أما إذا كانت رياءً فإنها ترد على صاحبها لقول الله تعالى كما في الحديث القدسي " أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك في معي غيري -أي راءى فيه غيري- تركته وشركه ". وكذلك الصدقة من الحرام لا تقبل، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب:" ولا يقبل الله إلا الطيب " وقوله في حديث آخر: " لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول " أي ولا يقبل صدقة من مال حرام. ثانياًً: أن الصدقة، لا تُقَوَّمُ بحجمها، وإنما تقوم بإخلاص صاحبها، وبالمال الذي خرجت منه، حلالاً كان أو حراماً. فإذا توفر فيها الجوهر الطيب، وهو المال الحلال، والنية الخالصة، كان لها حجم ووزن في ميزان الله وإن كانت قليلة. ثالثاً: أن الأعمال الصالحة تحول يوم القيامة إلى أجرام مادية لها صورة وحجم ووزن، فتوضع في ميزان العبد، وتوزن في كفه حسناته. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قوله صلى الله عليه وسلم: " ولا يقبل الله إلاّ الطيب ".