الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
665 - " بَاب إِذَا وَكَّلَ رجُلاً فتركَ الْوَكِيلُ شَيْئَاً فَأجَازَهُ الموَكِّلُ فهو جَائِز
"
765 -
عنْ أبِي هُرَيْرَةَْ رضي الله عنه قَالَ:
" وَكَّلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأتَانِي آتٍ، فجَعَلَ يَحثُو مِنَ الطَّعَامِ، فأخَذْتُةْ، وَقُلْتُ لأرْفَعَنَّكَ إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إنِّي مُحْتَاجٌ، وعَليَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَة شَدِيدَة، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فأصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: يا أبَا هُرَيْرَةَ ما فَعَلَ أسِيرُكَ البَارِحَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ شكا حَاجَةً شَدِيدَةً وعِيَالاً فَرحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: إِمَّا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وسَيَعُودُ، فَعَرَفْتُ أنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ
ــ
665 -
" باب إذا رجلاً فترك شيئاً فأجازه الموكل فهو جائز "(1)
765 -
معنى الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل أبا هريرة على حفظ الزكاة أو الخراج فجاءه شخص مجهول " فجعل يحثو من الطعام " أي يأخذ منه ملء كفه مرة بعد أخرى، ويفرغه في وعائه، ليذهب به، فأمسك به أبو هريرة وتهدده بشكواه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل الرجل يستعطفه، ويرجوه أن يترفق به ويتركه ويعطيه من تمر هذه الزكاة وبُرِّها، لأنه بائس مسكين فقير الحال، كثير العيال، ولولا حاجته الشديدة لما مد يده إلى هذا الطعام فرثى لحاله، وأطلقه، فلما: أصبح من تلك الليلة " قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة " يعني سأل، عن قصته مع ذلك الرجل الذي لقيه ليلة البارحة وأمسك به ثم أطلقه، ولم يكن أبو هريرة قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من
(1) هذا الحديث رواه البخاري معلقاً، فقال: وقال عثمان بن الهيثم، ولم يصرح فيه بالتحديث، وقد وصله النسائي والإسماعيلي وأبو نعيم من طرق إلى عثمان بن الهيثم. (ع).
- صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ سيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأخذْتُهُ، فَقُلْتُ: لأرْفَعَنَّكَ إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتاجٌ، وعليَّ عِيَالٌ، لا أعُودُ فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فأصْبَحْتُ فقَال لِي رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أسِيرُكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ شكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وعِيَالاً فرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: أمَا إِنَّهُ قد كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ الثالثة فجاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فأخذْتُهُ فَقُلْتُ: لأرْفَعَنَّكَ إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهذَا آخِرُ ثَلاثِ مَرَّاتٍ، إِنَّكَ تَزْعُمُ لا تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ، قَال: دَعْنِي أُعْلِّمُكَ كَلِمَاتٍ ينْفَعُكَ اللهُ بِهَا، قُلْتُ: ما هُوَ؟ قَال: إِذَا أوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ فاقرأ آيَةَ الْكُرْسِيِّ (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)
ــ
ذلك، ولكنّ الله أطلعه على ما وقع له، وأخبره به عن طريق الوحي " قال: قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته، فخليت سبيله، قال: أما إنه قد كذبك " أي كذب عليك فيما حدثك به، وأخبرك بخلاف الواقع، ثم أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيعود إليه مرة ثانية، فعاد إليه في الليلة الثانية ووقع لهما ما وقع في الليلة الأولى، ولقي أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عنه، وأخبره بأنه أطلقه، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد كذبك، فانتظره أبو هريرة في الليلة الثالثة وجاء وصنع ما صنعه في الليلة السابقة، فقبض عليه أبو هريرة وقال: لن تفلت منّي هذه المرة أبداً لأنّها ثالث مرة تأتيني فيها وفي كل مرة تقول: إنك لن تعود ولا توفي بوعدك، وهو معنى قول أبي هريرة " فجاء يحثو من الطعام فأخذته، فقلت: لأدفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه آخر ثلاث مرات، إنك تزعم لا تعود ثم تعود " عند ذلك " قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)
حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، ولا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبيلَهُ، فأصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ما فَعَلَ أسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟ قلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ زعَمَ أنَّهُ يُعَلِّمَنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبيلَهُ، قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: قَالَ لي: إِذَا أَوَيْتَ إِلى فِراشِكَ فاقْرَأْ، آية الْكُرْسِيِّ مِنْ أوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ، اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ، وَقَال لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، ولا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيءٍ علَى الْخَيْرِ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: أمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كذوب، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثَ لَيَالٍ يا أبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: لا، قَالَ: ذاكَ شَيْطَانٌ.
ــ
حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله " أي اتركني وأطلق سراحي، وأنا أعلمك هذه الكلمات النافعة، وهي أن تقرأ إذا ذهبت إلى فراش نومك قبل أن تنام آية الكرسي، فإنك إذا فعلت ذلك، وكّل الله بك ملكاً يحرسك من شر الجن والإِنس، والإِنسان والحيوان طول ليلك، فلما أصبح أبو هريرة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك " فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما إنه قد صدقك وهو كذوب " أي قد صدقك فيما حدثك به عن آية الكرسي مع أنّه يغلب عليه الكذب بطبعه، لخبثه وشره، ثم قال له: " تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال: قلت: لا، قال: ذاك شيطان " أي ذاك أحد الشياطين.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن الوكيل إذا تصرف في الشيء الذي وكل عليه، فمكن غيره من الأخذ منه، أو أقرض، وأسلف منه، بدون إذن موكله، فإن ذلك يجوز بموافقة موكله. وإجازته له، فإن