الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
"
كتابُ اللُّقَطَةِ
"
686 - " بَابٌ إِذَا لَمْ يُوجَد صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ فهِيَ لِمَنْ وَجَدَهَا
"
786 -
عن زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فسَألهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: " اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفها سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وِإلَّا فَشَأنَكَ بِهَا "،
ــ
" كتاب اللقطة "
بفتح القاف على المشهور، وقال الخليل: بسكون القاف وهو القياس إلّا أنه غير مستعمل، وهي لغة: المال الملتقط، وشرعاً: ما وجد من مال ضائع غير ممتنع بقوته.
686 -
" باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها "
786 -
معنى الحديث: أن رجلاً وهو عقبة بن سويد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم اللقطة " أي المال الضائع " إذا وجده المسلم ماذا يصنع به؟ " فقال: اعرف عفاصها (1) ووكاءها "، أي تعرّف على جميع مميزاتها وعلاماتها من شكل الوعاء والحبل ولونهما، " ثم عرفها سنة "، أي أعلن للناس عن وجود متاع ضائع عندك لمدة سنة كاملة، ويكون ذلك في أوّل الأمر مرتين يومياً أول (2) النهار وآخره، ثم مرة واحدة في اليوم، ثم مرة في
(1) العقاص الوعاء، والوكاء الحبل.
(2)
" شرح القسطلاني على البخاري ".
قَالَ فَضَالَةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: " هِيَ لَكَ أو لأخيكَ، أو للذِّئْبِ " قَالَ فَضَالَةُ الإِبِلِ؟ قَالَ: " مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤهَا وحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ، وتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا ".
ــ
الأسبوع، وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بتعريفها لمحاولة إيصالها إلى صاحبها " فإن وجد صاحبها وإلا فشأنك بها " أي فإن حضر صاحبها خلال السنة فسلمها له، " وإلا فشأنك بها "(1) أي وإن لم يحضر صاحبها بعد سنة فتصرف فيها، وفي رواية أخرى: ثم استمتع بها، فإن جاء ربها فأدها إليه يعني فإن جاء ربها بعد السنة، وذكر علاماتها المميزة لها من شكل ولون ووعاء ونحوه، وكانت موجودة لديك بعينها فسلمها له، وادفعها إليه، وإن تصرفت فيها فعليك ضمانها، فادفع إليه قيمتها وثمنها " قال: فضالة الغنم " أي فما حكم الشاة الضائعة هل ألتقطها أيضاًً؟ " قال: لك، أو لأخيك، أو للذئب " أي فأمره صلى الله عليه وسلم ضمناً بأخذها لأنه إن لم يأخذها هو أخذها غيره من الناس، فإن لم يأخذها هو ولا غيره كانت طعاماً للذئاب والسباع. " قال: فضالة الإِبل؟ " أي فسأله عن الجمل الضائع أو الناقة الضائعة " قال: ما لك ولها؟ " وهذا استفهام إنكاري، أي لِمَ تأخذها وهي لا حاجة لها بك " معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر " أي لا داعي لأخذها أبداً، لأنها توفرت لها كل أسباب المعيشة من حذاء قوي صلب تسير عليه، وهو خفها، وسقاء ضخم تحفظ به الماء وهو بطنها ثم هذا هو العشب بين يديها، والماء موجود ترده ولو بعد أيام فتختزنه في بطنها فيرويها.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: مشروعية التقاط اللقطة واستحبابه حفظاً لمال المسلم، وصيانة له عن الضياع، وهو مذهب
(1) بالنصب أي إلزم شأنك بها، والشأن الحال، أي تصرف فيها كما أفاده القسطلاني.
أبي حنيفة والشافعي وقال مالك وأحمد: ترك التقاطها أفضل لحديث: " ضالة المسلم حرق النار " ولما يخشي، من الضمان والدين، وذهب قوم إلى أن الالتقاط واجب، وتأوّلوا حديث الوعيد بمن أخذها للانتفاع بها من أول الأمر، وهو رواية عن الشافعي، واستدل على وجوبه بقوله تعالى:(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) وولاية المؤمن للمؤمن تقتضي التقاط ماله، واختار أبو الخطاب الحنبلي أنه إذا وجدها بمضيعة وأمن نفسه عليها، فالأفضل أخذها. ثانياًً: أنه ينبغي التعرف على جميع مميزات اللقطة من شكل الوعاء والحبل ولونهما، وأن يقوم بتعريفها، والإِعلان عنها لمدة سنة وجوباً، لحديث الباب، حيث إن إمساكها دون تعريف لها وأكلها والتصرف فيها دون ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، ومعنى التعريف لها الإِعلان عنها أولاً في مكان التقاطها ثم في المجتمعات القريبة منه، ثم في المجتمعات العامة كالمساجد (1) والأسواق ونحوها، أو بتبليغ الجهات المسؤولة عنها. ثالثاً: أنه إذا حضر صاحبها قبل انقضاء السنة، وذكر العلامات المميزة لها سلّمها إليه، لقوله صلى الله عليه وسلم:" اعرف عفاصها ووكاءها " فإنه لم يأمر الملتقط بمعرفة الوعاء والحبل ونحوه إلاّ ليسأل من يزعم أنّه صاحبها عن هذا العلامات التي تميزها. رابعاً: أنه إذا لم يحضر صاحبها بعد سنة، فله أن ينتفع بها، ويتصرف فيها شريطة ضمانها لصاحبها عند حضوره، فيدفع إليه ثمنها. قال ابن قدامة (2): وترد اللقطة بمجيء صاحبها، ويضمن له بدلها إن تعذر ردها، وهو مذهب أكثر أهل العلم، وقال الشوكاني:" ذهب الجمهور (3) إلى وجوب الرد إن كانت العين موجودة، أو البدل إن كانت استهلكت " وأجاز أبو حنيفة تملكها لمن كان فقيراً. خامساً: أنه ينبغي أخذ ضالة الغنم لضعفها وعدم تمكنها من المعيشة
(1)" تيسير العلام " ج 2.
(2)
" المغني " لابن قدامة.
(3)
نيل الأوطار للشوكاني.