الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
532 - " بَابُ صَلَاةِ الْفَجْرِ في الْمُزْدَلِفَةِ
(1) "
624 -
عنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه:
أَنَّهُ قَدِمَ جَمْعَاً فَصَلَّى الصَّلَاَتيْنِ، كُلَّ صَلَاةٍ وَحْدَهَا بأذانٍ وِإقَامة، والْعَشَاءُ بَيْنَهُمَا، ثم صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ قَائِلٌ يَقُولُ: طَلَعَ الْفَجْرُ وقائِلٌ يَقُولُ: لَمْ يَطْلَع الْفَجْرُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنّ
ــ
الباب القادم فراجعه هناك. ثالثاً: قال العيني: استدل بحديث أسماء قوم على جواز الرمي قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر للذين يتقدمون قبل الناس، وهو قول عطاء وطاووس بن كيسان وسعيد بن جبير والشافعي، وقال عياض: مذهب الشافعي رمي الجمرة من نصف الليل، ومذهب مالك أن الرمي يحل بطلوع الفجر، ومذهب الثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وأحمد أنها لا ترمى إلاّ بعد طلوع الشمس (2) فإن رموها قبل ذلك أجزأهم وأساءوا.
532 -
" باب صلاة الفجر في المزدلفة "
624 -
معنى الحديث: يحدثنا عبد الرحمن بن يزيد " عن عبد الله " ابن مسعود رضي الله عنه " أنه قدم جمعاً "(بفتح الجيم وسكون الميم) اسم لمزدلفة سميت به لاجتماع الناس فيها، أي أنه وصل إلى مزدلفة، فنزل بها " فصلى الصلاتين " أي المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، " كل صلاة وحدها بأذان وإقامة " أي كل واحدة منهما بأذان وإقامة مستقلة " والعَشاء بينها " أي وتناول رضي الله عنه طعام العشاء بينهما، " ثم صلى الفجر حين طلع الفجر قائل يقول: طلع الفجر، وقائل يقول: لم يطلع " أي صلّى الفجر
(1) في نسخ: باب متى يصلي الفجر بجمع.
(2)
" شرح العيني على البخاري " ج 10.
هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا في هَذَا الْمَكَانِ الْمَغْرِبَ والْعِشَاءَ، فلا يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعَاً حَتَّى يُعْتِمُوا وَصَلَاةَ الْفَجْرِ هَذِهِ السَّاعَةَ، ثمَّ وَقَفَ حتَّى أسْفَرَ، ثُمَّ قَالَ: لو أنَّ أمِيرَ الْمُؤمِنِينَ أفَاضَ الآنَ أصَابَ السُّنَّةَ، فما أدْرِي أقَوْلُهُ: كَانَ أسْرَعَ أمْ دَفْعُ عُثْمَانَ رضي الله عنه؟ فلم يَزَلْ يُلبي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ".
ــ
في وقت الغلس (1) حتى أن الناس - من شدة الظلام اختلفوا في طلوع الفجر وعدمه " ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب (2) والعشاء " أي أن المغرب والعشاء غيرتا عن وقتهما، وذلك بتأخير المغرب إلى وقت العشاء " وصلاة الفجر هذه الساعة " أي بعد طلوع الفجر مباشرة، وقبل ظهوره للعامة لشدة الظلام، " ثم وقف حتى أسفر، ثم قال: لو أن أمير المؤمنين " عثمان رضي الله عنه " أفاض الآن أصاب السنة " أي لو نزل الآن في وقت الإِسفار وقبل طلوع الشمس إلى مني لوافق سنة النبي صلى الله عليه وسلم، قال الراوى " فما أدري أقوله كان أسرع أم دفع عثمان " أي فبادر عثمان رضي الله عنه بالنزول حتى كأن نزوله سبق قول ابن مسعود رضي الله عنه. الحديث: أخرجه أيضاًً أحمد.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: مشروعية المبيت في مزدلفة، والوقوف بها إلى الإِسفار، وهو واجب عند أحمد وأبي حنيفة (3)
(1) عند أول طلوع الفجر ولا زالت ظلمة الليل موجودة منتشرة في الجو.
(2)
منصوب على أنه عطف بيان للصلاتين.
تنبيه: قوله: " فلا يقدم " بفتح الذال. " حتى يعتموا " بضم الياء من الإعتام وهو الدخول في وقت العشاء الآخر، كما أفاده العيني.
(3)
" شرح العيني " ج 10 و" تكملة المنهل العذب " ج 2.
والثوري يجب الدم على من تركه، وقال مالك: المبيت بمزدلفة سنة لا واجب، والواجب النزول بها بقدر حط الرحال وصلاة العشاءين، وتناول شيء من الأكل والشرب فيها، فإذا لم ينزل بها فعليه دم. وقالت الشافعية: الواجب هو الحصول بها لحظة أو المرور بها وإن لم يمكث بها بعد نصف الليل (1)، وقضاء بقية الليل بها سنة فقط. ثانياًًً: أنه يسن الجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة جمع تأخير، وقد اختلفوا في الأذان والإِقامة لهما، فقال أبو حنيفة: يجمع بينهما بأذان واحد وإقامة واحدة، لقول ابن عمر:" جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة " أخرجه مسلم، وقال الشافعي في الجديد وأحمد في رواية: يقام لهما إقامتين ولا يؤذن لهما، لما جاء في حديث أسامة رضي الله عنه " أنه صلى الله عليه وسلم لما جاء المزدلفة نزل فتوضأ، فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئاً " أخرجه البخاري وأبو داود ومالك في " الموطأ " وقال مالك: يجمع بينهما بأذانين وإقامتين، لحديث الباب، والله أعلم. ثالثاً: أداء صلاة الفجر بالمزدلفة في وقت الغلس، وأنه يسن التبكير بها أوّل الوقت، وهو متفق عليه، وهذا ما ترجم له البخاري. والمطابقة: في قوله: " صلى الفجر حين طلع الفجر - وقائل يقول: لم يطلع ".
…
(1)" الفقه الإسلامي وأدلته " للدكتور وهبة الزحيلي ج 3.