الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
659 - " بَابُ ما يُعْطَى في الرُّقْيةِ
"
ــ
أشد العقوبة، فكيف بمن كان الله خصمه ولهذا قال:" ومن كنت خصمه خصمته " كما في بعض الروايات " لأنه العزيز القهار المنتقم الجبار إذا أخذ الظالم لم يفلته " أمّا هؤلاء الثلاثة فأولهم: رجل عاهد عهداً وحلف بالله على الوفاء به، ثم غدر بالرجل الذي عاهده، وخانه ونقض العهد الذي بينه وبينه. والثاني: رجل اغتصب رجلاً حراً أو جحد عتقهُ له، ثم باعه وأكل ثمنه، قال الخطابي: يقع ذلك بأمرين (1) إمّا أن يعتقه ثم يكتم ذلك أو يجحده، وإمّا بأن يستخدمه كرهاً بعد العتق، وإنما كان الله خصمه كما قال ابن الجوزي، لأن الحر عبد لله، فمن جنى عليه فخصمه سيده. والثالث: رجل استخدم غيره في عمل له مقابل أجر معين، فاستوفى منه عمله، ومنعه أجرته. الحديث: أخرجه البخاري وأحمد وابن ماجة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: ما ترجم في البخاري وهو إثم من منع أجر الأجير، وأنه كبيرة من الكبائر، ولولا أنه كبيرة لما ترتب عليه هذا الوعد الشديد. ثانياًًً: أن هذه الجرائم الثلاثة المذكورة كلها كبائر. والمطابقة: في قوله: " ورجل استأجر أجيراً ".
659 -
" باب ما يعطى في الرقية "
والمراد بهذا الباب ذكر الأحاديث الدالة على جواز أخذ الأجرة على الرقية وهي كما أفاده العيني " كل كلام استشفي به من مرض أو خوف أو شيطان أو نحوه، والمراد بها الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية المأثورة كما يدل عليه حديث الباب.
(1)" فتح الباري " ج 4.
759 -
عنْ أَبي سَعِيدٍ الْخدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أصحَاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، في سَفْرَةٍ سافَروهَا، حتى نَزَلوا على حٍّي من أحْيَاءِ العَرَبِ، فاسْتَضَافوفمْ، فَأبَوْا أنْ يضَيِّفوهُمْ، فَلدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ، فَسعَوْا لَه بِكلِّ شَيءٍ لا يَنْفَعه شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لو أتَيْتمْ هؤلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلوا، لَعَلَّة أنْ يكونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيءٌ فأَتوْهُمْ، فَقالُوا: يَا أيُّهَا الرَّهْط إِنَّ سَيِّدَنَا لدِغَ وسعَيْنَا لَة بِكلِّ شَيْءٍ لا يَنْفَعه، فهلْ عِنْدَ أحَدٍ مِنْكُم مِنْ شَيْءٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعْم واللهِ إِني لأرْقِي، ولكِنْ واللهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكمْ فَلَمْ تضَيِّفُونَا، فما أنَا بِرَاق لَكمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جعْلاً، فصَالَحوهم عَلى قَطِيع من الغَنَمِ، فانْطَلَقَ يَتْفُل
ــ
759 -
معنى الحديث: أن جماعة من الصحابة منهم أبو سعيد رضي الله عنه مروا أثناء سفرهم على قبيلة، فسألوهم الضيافة المعتادة، فامتنعوا عن ضيافتهم لشدة بخلهم، فبينما هم في ديارهم، إذا برئيس القبيلة تلسعه عقرب فيتسمم جسمه وتشتد عليه آلامه، فيحاولون علاجه بشتى الوسائل، فيفشلون في ذلك، فيلجؤون إلى هؤلاء الجماعة من الصحابة فيسألونهم معالجة رئيسهم إن كان لديهم شيء ينفعه ويخلصه مما هو فيه، ويشفيه من آلامه الشديدة، التي تكاد تقضي عليه، فقال أحدهم: أنا أعالجه بالرقية بشرط أن تعطونا أجرة على علاجه، لأنكم بخلتم علينا بالضيافة، فاتفقوا معه على قطيع من الغنم يدفع إليهم مقابل علاجهم لمريضهم، فذهب إلى المريض، وأخذ يتفل عليه، ويرقيه بفاتحة الكتاب، أي يتفل عليه من ريقه مصحوباً بالقراءة. قال أبو سعيد:" فكأنما نشط من عقال " أي فشفي المريض في الحال، وانقطعت آلامه فوراً كأنما كان مربوطاً بحبل وأطلق منه، فأعطوهم قطيعاً من الغنم
عَلَيْهِ وَيَقْرأ: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَال، فانْطَلَقَ يَمْشِي وما بِهِ قَلَبَة، قَالَ: فَأوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمْ الذي صَالَحُوهُم عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فقَالَ الَّذِى رَقَى: لا تَفْعَلُوا حتَّى نَأتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم، فَنَذْكُرَ لَهُ الذي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يأمُرُنَا، فَقَدِمُوا علَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ:" وَمَا يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقِيّة؟ " ثم قَالَ: "قد أصَبْتُمْ اقسِمُوا واضْرِبُوا لي مَعَكُمْ سَهْماً، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ".
ــ
الذي تعاقدوا معهم عليه، فقال بعض الصحابة، نقسم هذا القطيع بيننا، ونأكله، فقال أبو سعيد: لا تتصرفوا فيه حتى نصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونخبره بما وقع لنا، ونسأله عن حكمه، ونفعل ما يأمرنا به. فلما قدموا إليه، أخبروه بالقصة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" وما يدريك أنها رقية " أي أن الفاتحة رقية عظيمة وشفاء من الأدواء والأسقام، ولكن كيف عرفت هذا، وفي رواية الدارقطني:" وما علمك أنّها رقية " قال: " حق ألقي في روعي " أي فراسة وإلهام من الله تعالى ألقى في قلبي فأحسست به إحساساً داخلياً وعملت بمقتضاه. وهذا توفيق من الله تعالى، حيث ألقى إليه في قلبه بهذا الإلهام الرباني الصادق، فجاء موافقاً للواقع، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم له:" قد أصبتم " أي قد وفقتم فيما ألهِمْتُم به وفي علاجكم لهذا الرجل اللديغ حيث كنتم سبباً في نجاته، ثم أمرهم أن يقسموا تلك الأغنام، وشاركهم فيها. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي والترمذي. والمطابقة: في إقراره صلى الله عليه وسلم لهم على أخذ الأجرة على الرقية
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: مشروعية الرقية الصحيحة، وثبوت نفعها بإذن الله تعالى، لأن أبا سعيد قال: "والله إني